أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2016
3351
التاريخ: 11-4-2016
3336
التاريخ: 15-04-2015
9021
التاريخ: 11-4-2016
3323
|
بدأت ردود الفعل على مقتل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) بالظهور مع دخول سبايا أهل البيت ( عليهم السّلام ) إلى الكوفة . فبالرغم من القمع والإرهاب اللذين مارسهما ابن زياد مع كلّ من كان يبدي أدنى معارضة ليزيد ، فإنّ أصواتا بدأت ترتفع محتجّة على الظلم السائد .
فعندما صعد ابن زياد المنبر وأثنى على يزيد وحزبه وأساء إلى الحسين ( عليه السّلام ) وأهل بيت الرسالة « قام إليه عبد اللّه بن عفيف الأزدي وقال له : يا عدوّ اللّه إنّ الكذّاب أنت وأبوك والذي ولّاك وأبوه يا بن مرجانة ، تقتل أولاد النبيّين وتقوم على المنبر مقام الصدّيقين ؟ !
فقال ابن زياد : عليّ به ، فأخذته الجلاوزة فنادى بشعار الأزد ، فاجتمع منهم سبعمائة فانتزعوه من الجلاوزة ، فلمّا كان الليل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه وصلبه »[1] ، ومع أنّ هذه المواجهة انتهت لصالح ابن زياد لكنّها كانت مقدّمة لاعتراضات أخرى .
وظهرت في الشام أيضا بوادر السخط والاستياء ، الأمر الذي جعل يزيد ينحو باللائمة في قتل الحسين ( عليه السّلام ) على ابن زياد ، إلّا أنّ أشدّ ردود الفعل كانت تلك التي برزت في الحجاز ، فقد انتقل عبد اللّه بن الزبير إلى مكة في الأيّام الأولى من حكومة يزيد ، واتّخذها قاعدة لمعارضته للشام ، وقام بتوظيف فاجعة كربلاء للتنديد بنظام يزيد ، وألقى خطابا وصف فيه العراقيّين بعدم الوفاء ، وأثنى على الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) ووصفه بالتقوى والعبادة .
وفي المدينة ألقى الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) خطابا في أهلها لدى عودته من الشام والعراق ، يقول المؤرّخون : إنّ الإمام ( عليه السّلام ) جمع الناس خارج المدينة قبل دخوله إليها ، وخطب فيهم قائلا :
« الحمد للّه ربّ العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة .
أيّها القوم ، إنّ اللّه - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد اللّه الحسين ( عليه السّلام ) وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة .
أيّها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟ ! أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله ؟ ! أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها ؟ ! فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ولجج البحار والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون .
يا أيّها الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله ؟ ! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟ ! أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ ؟ !
أيّها الناس ، أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين وشاسعين عن الأمصار ، كأنّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، إن هذا إلّا اختلاق .
واللّه ، لو أنّ النبيّ تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظعها وأمرّها وأفدحها ! فعند اللّه نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا ، فإنّه عزيز ذو انتقام »[2].
لقد جسّد هذا الخطاب - على قصره - واقعة كربلاء على حقيقتها مركّزا على المظلومية التي لحقت بأهل البيت ( عليهم السّلام ) في قتل الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) من جانب ، وأسر أهل بيته من جانب آخر ، بالإضافة إلى المظلومية التي لحقتهم بعد واقعة الطفّ ، إذ حملت رؤوس الشهداء بما فيهم سيّدهم الحسين ( عليه السّلام ) فوق الأسنّة من بلد إلى بلد .
وعقّب الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) - بلمحة سريعة ومعبّرة ومؤثّرة - واصفا ما لقيه آل البيت من السبي والتشريد والتعامل السيّء والمهين ، وهم أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ، وهم قادة أهل الإيمان وأبواب الخير والرحمة والهداية .
وأنهى الإمام خطابه بوصف في منتهى الدقّة عن عظمة الجرائم التي ارتكبها جيش السلطة الأموية في حقّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، فإن الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) لو كان يأمر هؤلاء بالتمثيل بأهل البيت وتعذيبهم ؛ لما كانوا يزيدون على ما فعلوا ، فكيف بهم وقد نهاهم عن التمثيل حتى بالكلب العقور ؟ ! وكيف يمكن توجيه كلّ ما فعلوه وقد أوصاهم النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بحفظه في عترته ، ولم يطالبهم بأجر للرسالة سوى المودّة في قرباه ؟ !
فالإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) حاول في خطابه هذا تكريس مظلومية أهل البيت لاستنهاض الروح الثورية في أهل المدينة ، وتحريك الوعي النهضوي ضدّ الظلم والجبروت الأموي والطغيان السفياني .
ولم تكن الأوضاع هادئة في المدينة في هذه السنة التي كانت تحت إدارة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وأوضح شاهد على اضطراب الأوضاع في المدينة هو استبدال ثلاثة ولاة خلال عامين ، واستبدل يزيد الوليد بن عتبة بعثمان بن محمد بن أبي سفيان[3].
وأراد عثمان أن يدلّل على كفاءته في إدارة المدينة ويكسب رضا وجوهها عن يزيد وعنه فأرسل وفدا من أبناء المهاجرين والأنصار إلى دمشق ، ليشاهدوا الخليفة الشابّ عن كثب وينالوا نصيبهم من هداياه ، إلّا أن الوفد رأى في سلوك يزيد ما يشين ويقبح .
ولما رجعوا إلى المدينة أظهروا شتم يزيد وعيبه ، وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويضرب بالطنابير ، وتعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسمر عنده الحراب - وهم اللصوص - وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه .
وقال عبد اللّه بن حنظلة : لو لم أجد إلّا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم ، وقد أعطاني وأكرمني وما قبلت عطاءه إلّا لأتقوّى به .
فخلعه الناس وبايعوا عبد اللّه بن حنظلة الغسيل على خلع يزيد وولّوه عليهم[4].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|