التهديدات البيئية للأمن

تواجه الولايات المتحدة مجموعة من التحديات البيئية التي من شأنها أن تؤثر مباشرة في الاستقرار الإقليمي ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في المستقبل المنظور. وتشمل هذه التحديات مكافحة الإرهاب والتغير المناخي والأمن الغذائي وندرة مياه الشرب. وهذه لا يستبعد بعضها بعضا، بل غالبا ما يؤثر بعضها في بعض؛ وهي نفسها تتأثر بتوجهات مثل العولمة والنمو السكاني والتمدن والأمراض.

مكافحة الإرهاب : كانت الحرب العالمية على الإرهاب سبب وجود إدارة جورج بوش الابن، ولطالما تم اعتبارها قضية الأمن القومي الرئيسية للولايات المتحدة، عدا كونها الأساس المنطقي الكثير من قرارات السياسة الخارجية. فالاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، التي وضعها مجلس الأمن القومي، كان لها أربعة أهداف منها التقليل من الظروف الأساسية التي يسعى الإرهابيون لاستغلالها (2003 National Security Council). وقد تم توسيع هذا الهدف لاحقا ليشمل مفهوم مكافحة الدعم الأيديولوجي للإرهاب. وفي كثير من الدول النامية، كان السبب الأساسي الكامن وراء الإرهاب هو الفقر الناتج غالبا من التدهور البيئي والاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية. وتقدم رئيسة جمهورية الفلبين السابقة غلوريا ارويو، الأسباب المقنعة لاتباع نهج متوازن حيال الإرهاب والذي يؤكد الحاجة لمعالجة الظروف الكامنة التي تغذي الإرهاب: «علينا مكافحة الفقر في الأمكنة التي يمكنهم فيها تجنيد مؤيديهم» (27 :2005 Green). وهذه الظاهرة لا تقتصر على جنوب شرقي آسيا. ففي شمال القوقاز، حيث نسبة البطالة في بعض الجمهوريات تصل إلى 80٪، والناتج المحلي الإجمالي لكل نسمة يساوي نصف ما هو عليه في روسيا، بالإضافة إلى الفقر والقضايا الاجتماعية الاقتصادية الأخرى، هي التي تدفع بالجماهير إلى الانضمام إلى المنظمات المتمردة التي ترتبط بجماعات إرهابية اسلاموية دولية. وبحسب أليكسي مالاشينكو من مركز كارنيجي بموسكو فإن " الإسلام الأصولي هو شكل من أشكال الاحتجاج الاجتماعي" (4 :2005 Buckley).

تتحدى المشكلات البيئية الحكومات، وتجعل من الصعب عليها تلبية المطالب الأمنية البشرية الملقاة على عاتق النظام السياسي. وتسعى جماعات لاستغلال ذلك لمصلحتها. فحاس وحزب الله اكتسبا قوتها على الحدود الإسرائيلية من خلال توفير الخدمات الأساسية للناس " بتقديم ما لا تقدمه الحكومات، اكتسب هؤلاء المتمردون شرعيتهم، فقد جعلوا هؤلاء الناس يتكيفون نفسية، وأوجدوا منطقة يمكنهم العمل بأمان انطلاقة منها " (2 :2005 Gregson). وبناء عليه، فإن التنمية المستدامة هي مفتاح الشرعية الحكومية في البلدان النامية. وعندما تصيب مشكلات كنقص المياه العذبة وانتشار الأمراض والكوارث الطبيعية أو التي يتسبب بها الإنسان أو نقص الغذاء، مجموعة من السكان، فإن الشرعية الحكومية تصبح مهددة وتصبح الفرصة سانحة أمام الأيديولوجية المتطرفة. وتتزايد أهمية هذه القضايا في معظم العالم الإسلامي، امتدادا من شمال أفريقيا إلى جنوب شرقي آسيا. وضمن هذا الهلال الإسلامي تتوافر معظم احتياطيات النفط التقليدية في العالم، بالإضافة إلى وجود ثلاث دول نووية.