البيئة والأمن والصراع

إن حالة الصراع الذي تشعله دوافع بيئية ليست جديدة، فقد قدم الباحثون أدلة دامغة تشير إلى دور الإجهاد البيئي في تصعيد الحرب في الصين القديمة واندثار حضارات المايا وأناسازي والأكاديين Gibbons 1993; Abate 1994; Diamond 2005; Mays) (2007 .Zhang et al ;2007. ويبدو أن الأمثلة الحديثة في تشياباس (المكسيك) ورواندا والصومال ودارفور تدل على أن الرابط بين الإجهاد البيئي والصراع العنيف هو واقع قائم، وأن شبح التغير البيئي المعاصر وشح الموارد قد يؤدي إلى تفاقم الصراع العنيف .(Homer-Dixon 1999; Schwartz and Randall 2003) لا يشعل الإجهاد البيئي وحده بالضرورة صراعة عنيفة، وتشير الأدلة إلى أنه يفعل ذلك عندما يكون مقرونة بحكومة ضعيفة وتفتت اجتماعي، مما يؤدي إلى تصعيد العنف، وعادة ما يقوم ذلك على انقسامات عرقية كامنة. والتوزيع المكاني للإجهاد البيئي المعاصر واسع الانتشار ولكنه ليس متماثلا. إلا أن التوجهات المعاصرة تشير إلى أن العنف الناجم عن دوافع بيئية يتركز في دول العالم النامي أو المناطق الأخرى ذات التفتت الاجتماعي والانقسام الطبقي الحاد Homer-Dixon 1999; Gleditsch, Nordis, and Salehyan) (2007. والدول النامية هي الأكثر عرضة للصراعات العنيفة ذات الأسباب البيئية لأنها تتميز بزيادة الاعتماد على البيئة في إنتاجيتها الاقتصادية والتركيز العالي لزراعة الكفاف فيها، ولأنها أظهرت ضعف الحكومة خلال العقد الماضي;1999 Homer-Dixon .Galgano 2007

تعتبر الحكومة الضعيفة مشكلة أساسية في العالم النامي، فقد ارتفع عدد الدول الآيلة إلى الفشل منذ عام 1990. وأجرى البنك الدوليKaufmann, Kraay, and Mastruzzi) (2003 دراسة للسيادة الفعالة من خلال رصد ستة معايير أساسية في وسيلة لقياس  مستوى الحكم. وتشير نتائجها إلى أنه من أصل 187 دولة تمت دراستها، أظهرت 92 دولة مستويات كبيرة من انعدام الاستقرار السياسي، ويمكن تصنيفها دولا آيلة إلى الفشل. وفي فئة الفاعلية الحكومية، أظهرت 75 دولة مستويات كبيرة من انعدام الفاعلية، ومنها 20 دولة دلت على انخفاض مثير للقلق في سيطرة الحكومة منذ عام 1998 ,Kaufmann) (2003 Kraay, and Mastruzzi. ويظهر الجدول (5-1) العلاقات بين الحكومة والبيئة والاستقرار، ويبين الدول الخمس عشرة ذات الحكومات الأقل فاعلية والخمس عشرة دولة ذات الحكومات الأكثر فاعلية، موضحا الانقسام العالمي في الحكم. کما شهدت الدول المبينة أسماؤها بالخط العريض في الجدول عنف على خلفية بيئية خلال العقد الماضي. ويشير الجدول إلى الدول التي شهدت مؤخرا عنفا ذا مضمون بيئي كبير. ومن المفيد أن نلاحظ العلاقة بين الحكومة والعنف والمؤشرات البيئية الرئيسية.

تعد المنطقة غير الخاضعة للحكم مشكلة؛ لأن هذه الأمكنة ذات مساحات واسعة خارجة عن سيطرة الحكومة الفعالة، ومن ثم، يمكن أن تتأثر بشدة بالكوارث الإنسانية والإجهاد البيئي والصراع العرقي؛ لأنها تفتقر في العادة إلى المؤسسات الفعالة والموارد المالية والمادية لحماية السكان من تأثير الإجهاد البيئي (2007 Galgano). وبالنتيجة، يؤدي هذا إلى زيادة تعقيد المشكلة أمام قادة الحكومة ومديري المؤسسات غير الحكومية والهيئات الحكومية عندما تحاول تطوير استراتيجيات الإغاثة، وبخاصة أنه لا يوجد إطار فعال الفهم طبيعة الصراع وأسسه البيئية (2001 deMenocal).