توضيح مفردات حديث قاعدة « لا ضرر ولا ضرار » (معنى الضرر والضرار والفرق بينهما ) |
2787
11:40 صباحاً
التاريخ: 12-7-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2022
3402
التاريخ: 5-7-2022
1660
التاريخ: 5-6-2020
1782
التاريخ: 2024-08-10
361
|
اشتمل الحديث على كلمة «ضرر» و «ضرار»، و لا بدّ من توضيح المقصود منهما.
أمّا الضرر فقد ذكر غير واحد أنّه النقص في المال أو البدن أو العرض.
وقد يقيد ذلك بما إذا كان النقص موجبا لوقوع الشخص في الضيق والشدّة؛ فالتاجر الذي يملك الملايين إذا ضاع منه بعض الدنانير لا يصدق عليه انّه تضرر، بخلاف ذلك في الفقير.
والمناسب عدم تخصيص الضرر بالنقص في أحد الامور الثلاثة المتقدمة، بل تعميمه للنقص في الحق أيضا؛ فمن كان له حق عقلائي وشرعي في قضية معيّنة فالمنع من ممارسته لحقه المذكور ضرر أيضا.
فمثلا من حق الشخص ان يعيش في داره حرّا، والحيلولة دون ممارسة حقه- كما حال سمرة دون إعمال الأنصاري حقّه هذا في داره- ضرر.
ومن حق كل إنسان ممارسة أي عمل شرعي كالتصدير والاستيراد ونحو ذلك من الأعمال، والحيلولة دون ذلك ضرر فيما إذا لم يشكّل ذلك خطرا من ناحية اخرى.
وأمّا مثل حق الطباعة و النشر و التأليف و حقّ الاختراع، و أمثال ذلك من الحقوق المتداولة في يومنا هذا فهي لو ثبت كونها حقوقا عقلائية وشرعية لأمكن ان تعدّ طباعة الغير للكتاب تضييعا لحق دار النشر و الطباعة، و من ثمّ يلزم أن يكون ذلك محرما، إلّا انّ كون هذه حقوقا عقلائية و شرعية لأصحابها أوّل الكلام، فان كل دار نشر لديها جهاز خاص بالطباعة لنفسها، و لها حقّ التصرف في جهازها و أوراقها و الأدوات الخاصة بها، و الحيلولة دون ممارسة حقّها هذا هو الذي يعدّ ضررا، و إذا مارست حقها هذا لم يعد ذلك اضرارا بدار النشر التي احتفظت بهذا الحق لنفسها، فانّ هذا الحق الذي احتفظت به لنفسها ليس حقا في نظر الشرع و العقلاء؛ و أي حق يتولد بمجرد الكتابة على صفحة الغلاف: ان حقوق الطبع محفوظة لدار النشر؟!! و هل يحتمل ان طبعه للكتاب قبل غيره و مسارعته إلى ذلك يولّد له حقا؟! (١) ان ذلك مضحك.
وبالجملة نحن نسلّم ان بعض هذه أو كلها لو ثبت كونها حقوقا عقلائية و شرعية فالتجاوز عليها ضرر، إلّا ان الكلام في كونها حقوقا.
والمهم في النتيجة التي نريد الخروج بها هي: ان الضرر لا يختص بالنقص في المال أو العرض أو البدن، بل التجاوز على حقوق الآخرين و التعدّي عليها ضرر أيضا.
الفرق بين الضرر والضرار:
عرفنا فيما سبق ان مادة الضرر- أي كلمة ضرر- تدل على النقص، وكلتا الكلمتين تشتركان في هذا المعنى، وذلك نقطة اشتراك بينهما، ولكن ما هي مادة الامتياز؟
فمثلا كلمة كتب و كاتب تشتركان في الدلالة على أصل الكتابة، و لكن بالرغم من هذا الاشتراك تمتاز كل واحدة عن الأخرى في نقطة، و هي ان كتب تدل على الكتابة بنحو تلبّس الفاعل بها في الزمن السابق، وهذا بخلاف كاتب فإنها تدل على التلبّس الفعلي من دون دلالة على الزمن.
والسؤال في مقامنا عن الفارق بين كلمة ضرر وضرار بعد اشتراكهما في الدلالة على أصل النقص.
ويمكن ان يفرّق بينهما بان الضرر اسم مصدر، بينما الضرار مصدر.
والفارق بين المصدر واسمه هو : ان الكلمة تارة تدل على مجرد الحدث مع قطع النظر عن حيثيّة صدوره من الفاعل، أو بالأحرى من دون دلالتها على النسبة إلى الفاعل، و أخرى تدل عليه مع ملاحظة حيثيّة صدوره من الفاعل. والأول هو اسم المصدر، والثاني هو المصدر.
فمثلا العلم إذا لوحظ منسوبا إلى الفاعل وقيل علم زيد بالقضية ثابت فهو مصدر، أمّا إذا قيل العلم خير من الجهل فهو اسم مصدر.
وغالبا لا فرق بين المصدر و اسمه في اللفظ في اللغة العربية (2)، بينما على العكس في اللغة الفارسية، حيث يختم المصدر بالنون بخلاف اسم المصدر فيقال: «گفتن و گفتار، ورفتن ورفتار، وكشتن وكشتار، وكتك وزدن، و ...».
وإذا أردنا ان نمثل للمصدر واسمه المختلفين في اللغة العربية فيمكن ان نمثل بالضرر والضرار؛ فان الضرر هو نفس النقص بلا لحاظ حيثية صدوره من الفاعل، فحينما يقال: ضرر فلان عظيم يقصد انّ نفس النقيصة فاحشة و عظيمة، ولا يراد انّ النقيصة التي أدخلها و فعلها فلان عظيمة. انّ حيثيّة فعلها من فلان أو فلان ليست ملحوظة، و إنّما الملحوظ هو النقص بما هو نقص بقطع النظر عن صدوره من هذا أو ذاك. وهذا كله بخلاف الضرار فان حيثية الصدور من الفاعل ملحوظة، فيقال: ضرار فلان عظيم. أي: انّ الضرر الذي قام به فلان وصدر منه عظيم.
معنى الضرار :
بعد ان عرفنا ان الضرار مصدر نسأل عن معناه، إذ الضرار يحتمل كونه مصدرا لضرّ، و يحتمل كونه مصدرا لضارّ؛ فان ضرّ يأتي مصدره ضرا و ضرارا (3). وضارّ- الذي هو على وزن فاعل- يأتي مصدره على وزن فعال و مفاعلة، أي: ضرار ومضارة (4).
ثم إنّه إذا كان مصدرا لضارّ، يقال بان الضرار مصدر باب المفاعلة؛ إذ مصدر ضارّ و إن لم ينحصر بالمفاعلة بل يأتي مصدره على وزن فعال، إلّا انّه ينسب إلى باب المفاعلة من باب النسبة إلى أشهر المصدرين.
وبالجملة إذا كان الضرار مصدرا لضارّ- أي كان مصدرا من باب المفاعلة- فقد يقال بدلالته على المشاركة، أي لا يضرّ هذا ذاك ولا ذاك هذا فان المنسوب إلى جملة من اللغويين ان باب المفاعلة موضوع للمشاركة، فقاتل زيد عمرا، يعني: هذا قاتل ذاك وذاك قاتل هذا، إلّا ان النسبة في أحدهما أصلية وفي الآخر تبعية، فالنسبة بلحاظ الفاعل- وهو زيد- أصلية بينما بلحاظ المفعول- وهو عمرو- تبعية.
هذا، ولكن الشيخ الاصفهاني- ووافقه على ذلك جماعة- أنكر دلالة باب المفاعلة على المشاركة، و قال: انّي تتبّعت القرآن من أوله إلى آخره فلم أجد استعمال باب المفاعلة في الدلالة على المشاركة.
وعلى أي حال، سواء تمّ ما أفاده أو لا ففي خصوص الحديث لم يقصد من كلمة الضرار الدلالة على المشاركة، إذ الضرر كان صادرا من سمرة فقط دون الأنصاري. وسوف يأتي إن شاء اللّه تعالى في النقطة التالية أنّ استشهاد الرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إنما هو بفقرة «لا ضرار» دون «لا ضرر».
وبعد عدم كون المشاركة مقصودة فما هو المقصود إذن؟
ان المصدر وان دلّ على صدور الحدث من الفاعل، إلّا ان هذا المقدار قضية تشترك فيها جميع المصادر، ولكن دلالة بعض المصادر تختلف عن دلالة بعضها الآخر، والسؤال عن دلالة هيئة الضرار ما هي؟
لا يبعد دلالة كلمة «ضرار» على صدور الضرر من الفاعل أمّا بنحو الاستمرار والتكرّر، أو بنحو التقصّد والتعمّد واتّخاذ ذريعة باطلة إليه، فلا ضرار يعني: لا يصدر منكم الضرر متقصدين إليه و متشبّثين ببعض الذرائع الواهية.
ولعل بعض الاستعمالات القرآنية تساعد على ذلك ، قال تعالى : {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } [البقرة: 231] ، وقال : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 107] ، وقال : {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] ، وقال : {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } [البقرة: 233] .
إلى غير ذلك.
والنتيجة المستخلصة من كل هذا أنّ كلمة الضرر تدل على نفس النقص، و كلمة الضرار تدل على الضرر الصادر من الفاعل عن تعمّد و قصد.
____________
(١) وإذا قيل: كيف لا يكون للمؤلف حقّ و هو قد بذل جهودا فكرية كبيرة؟ أجبنا: انّ لازم انّ المطالب العلمية التي يسجلها بعض المفكرين في كتبهم لا يحقّ للآخرين الاستفادة منها و التبنّي لها، و هو واضح البطلان.
(2) و يمكن أن يمثل للمختلفين لفظا بالضرر و الضرار و بالتلف و الاتلاف و النفع و المنفعة.
(3) فإنّ الفعل الثلاثي قد يأتي مصدره على فعال، من قبيل كتب كتابا، و حسب حسابا، و قام قياما.
(4) في شرح ابن عقيل ٢: ١٣١، كل فعل على وزن فاعل فمصدره الفعال والمفاعلة ، نحو :
ضارب ضرابا و مضاربة، و قاتل قتالا و مقاتلة، و خاصم خصاما و مخاصمة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|