أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
2177
التاريخ: 1-07-2015
1922
التاريخ: 1-07-2015
3157
التاريخ: 12-3-2019
7940
|
الغنيّ هو الحيّ الذي ليس بمحتاج ...
واعلم أنّ الحاجة تنقسم قسمين.
أحدهما: احتياج الشيء في ثبوته إلى شيء آخر من
مؤثّر أو شرط، كاحتياج العلم إلى الحياة، والأعراض إلى محالّها، والمحدث إلى
المحدث، والموجب إلى الموجب؛ أو في صفة من صفاته كاحتياج الواحد منّا في كونه
قادرا عالما إلى امور زائدة على ذاته.
وثانيهما: الاحتياج إلى جرّ نفع أو دفع ضرر.
وقد قيل إنّ هذه الحاجة أيضا ترجع
إلى معنى الحاجة الأولى من حيث إنّ المحتاج إلى المنافع إنّما يحتاج إليها ليصلح
جسمه بها وينمو، وإنّما يحتاج إلى دفع المضارّ عن نفسه، لكيلا يفسد ولا يهلك. وهذا
إشارة إلى أنّه في بقائه حيّا يحتاج إلى الغذاء، فيؤول إلى معنى الحاجة الأولى. وعلى
هذا قد استدلّ بعض من نفى الحاجة عنه تبارك وتعالى: بما معناه ما ذكرناه.
أمّا الذي يدلّ على انتفاء الحاجة
منه بالمعنى الأوّل، فهو ما قد دللنا به على أنّه تعالى واجب الوجود بذاته غير
مفتقر في وجوده إلى مؤثّر أو شرط، وعلى أنّه يستحقّ صفاته تبارك وتعالى لذاته وأنّ
اتّصافه بها لا يتوقّف على أمر زائد وراء ذاته من مؤثّر أو شرط.
ولا يمكن من أسند استحقاقه تبارك وتعالى
لهذه الصفات، إلى امور وراء ذاته من علم وقدرة وحياة وبقاء، أن ينفي هذه الحاجة
عنه تبارك وتعالى، إذ عنده أنّه لو لا تلك الامور لما استحقّ تبارك وتعالى هذه
الصفات. وإذا لم يستحقّ هذه الصفات لم يكن إلها ولا كان موجودا، سيّما إذا أثبت
هذه الامور ذوات موجودة زائدة على ذاته تبارك وتعالى.
وهذا الإلزام أشدّ توجّها إليهم في
إثباتهم البقاء معنى يبقى- تبارك وتعالى- لأنّ كونه باقيا، المرجع به عند التحقيق
إلى استمرار وجوده ولا يثبت له تبارك وتعالى وجود الّا مستمرّا فقط لا يمكن
الإشارة إلى حال كان اللّه فيه موجودا لا على الاستمرار. فإذا أسندوا استمرار
وجوده إلى ذات هي البقاء فقد علّلوا وجوده بالبقاء. وكيف يمكنهم أن ينفوا هذا
النوع من الحاجة عنه تعالى؟
وكذا لا يمكن من أثبت الأعيان
المعدومة من الجواهر وغيرها وذهب إلى أنّه لو لم تثبت هذه الأعيان لما كان اللّه
تعالى عالما ولا قادرا، وإذا لم يكن على هذه الصفات لم يثبت على ما يقتضي هذه
الصفات فلم يكن موجودا ولا ثابتا، أن ينفي هذا الحاجة عن اللّه تعالى، وأمّا الذي
يدلّ على أنّه تعالى لا يحتاج إلى المنافع ودفع المضارّ، فهو أنّ المنفعة إنّما هي
اللذّة وإدراك ما يشتهيه الحيّ أو السرور أو ما يؤدّي إليهما أو إلى واحد منهما، والمضرّة
إنّما هي الألم، وإدراك ما ينفر عنه الحيّ أو تفويته نفعا أو الغمّ أو ما يؤدّي
إلى هذه الامور أو بعضها. والسرور إنّما هو علم أو اعتقاد أو ظنّ يتعلّق بوصول
منفعة إلى من علم أو ظنّ أو اعتقد ذلك أو اندفاع ضرر عنه. والغم هو علم أو اعتقاد
أو ظنّ يتعلّق بوصول ضرر إليه أو فوات نفع عنه.
فعلى ما ترى إنّما يجوز المنافع والمضارّ
على من يجوز عليه الشهوة والنفار.
و يستحيل الشهوة والنفار على اللّه
تعالى، فيستحيل عليه المنافع والمضارّ.
والذي يدلّ على ذلك أنّه لو تصوّر
كونه مشتهيا لم يخل من أن يشتهي لنفسه أو بشهوة قديمة أو محدثة. والأقسام كلّها باطلة،
فيجب الحكم باستحالة كونه مشتيها لنفسه.
و بيان استحالة كونه مشتهيا لنفسه،
هو انّه لو كان كذلك لوجب أن يكون مشتهيا لسائر المشتهيات وأجناسها. كما أنّه لمّا
كان عالما لنفسه وجب أن يكون عالما بسائر المعلومات ووجوهها وأجناسها. ولو كان
كذلك للزم أن يكون قد فعل من المشتهيات أكثر ممّا فعل، وقبل آن فعله. وذلك لأنّه
كان يعلم أنّه كلّما زاد في المشتهى ازدادت لذّته ولا يلحقه في ذلك مضرّة لا عاجلة
ولا آجلة، فكان يكون ملجأ إلى فعل الزائد. وكذلك كان يكون عالما بأنّه لو فعلها
قبل أن فعلها لتعجّلت لذّاته أو لم يلحقه مشقّة ولا مضرّة لا عاجلة ولا آجلة، فكان
يكون ملجأ إلى فعلها قبل ذلك وقد علمنا خلاف ذلك.
وبيان أنّه لا يجوز أن يشتهي بشهوة
قديمة هو أنّه لو كان كذلك للزم أن يكون قد فعل المشتهيات قبل آن فعلها، لأنّه كان
يكون عالما أيضا بأنّه لو فعلها قبل آن فعلها لتعجّلت لذاته بها ولا تلحقه في
تقديمها مشقّة فكان يكون ملجأ إلى فعلها قبل آن فعلها، ويلزم أن لا يستقرّ وجود
المشتهيات على تقدير وقت وكان فيه إثبات قديم آخر معه وذلك غير جائز.
وبيان أنّه لا يجوز أن يشتهي بشهوة
محدّثة هو ما ذكرناه أيضا من لزوم محال آخر، وهو أن يكون ملجأ إلى خلق الشهوة والمشتهى
جميعا، لأنّه يعلم أنّه كلّما زاد في الشهوة والمشتهى مرتّبا عليها ازدادت لذّته ولا
يلحقه مضرّة. وكلّما قدّمها كانت لذته متعجّلة، فكان يجب أن لا يستقرّ وجود
المشتهيات لا على قدر ولا على تقدير وقت. وذلك لأنّا نعلم أنّ من علم أنّ له في ان
يفعل فعلا ويترتّب عليه فعلا آخر لذّة خالصة لا تلحقه في فعلها مضرّة عاجلة أو
آجلة يكون ملجأ إلى فعلها.
وبمثل هذه الطريقة نعلم أنّه لا
يجوز أن يكون نافرا. وذلك بأن نقول:
لا يخلو إن كان نافرا من أن يكون
كذلك لنفسه أو بنفرة قديمة أو محدثة.
و يبطل أن يكون نافرا لنفسه، بأنّه
لو كان كذلك للزم أن يكون نافرا عن كلّ ما يصحّ أن يتعلّق النفرة به، لـ ... وجوب
شياع تعلّق الصفة النفسيّة، وما يصحّ تعلّق النفرة به هو المدركات، فكان يلزم أن
يخلق شيئا من المدركات لأنّه كان يكون عالما بأنّه لو خلقها لتأذّى واستضرّ بخلقها
وأنّه لا منفعة فيها لا عاجلا ولا آجلا. ومن كان كذلك كان ملجأ إلى أن لا يفعل ما
علمه كذلك.
ويبطل أن يكون نافرا بنفرة قديمة،
بأنّه لو كان كذلك لكانت نفرته تلك متعلّقة بجنس من المدركات وكان يجب أن يكون
ملجأ إلى أن لا يخلق ذلك الجنس، ثمّ وكان في ذلك إثبات قديم آخر معه ...
ويبطل كونه نافرا بنفرة محدثة بأنّه
لو كان كذلك لوجب أن يكون تعالى قادرا على تلك النفرة وعلى ضدّها الذي هو الشهوة،
لأنّ القادر على الشيء يجب أن يقدر على جنس ضدّه إن كان له ضدّ، وإذا قدر على
الشهوة التي يشتهي بها أدّى إلى ... لزوم أن لا يقف خلق الشهوات والمشتهيات على
قدر معيّن ولا على تقدير وقت معيّن، والمعلوم خلاف ذلك.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|