المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري
21-05-2015
حكم المحلّ لو رمى من الحلّ صيدا في الحرم فقتله.
18-4-2016
دخول شهر رمضان
11-10-2018
مشيئة الله الهدى للعباد لطف منه
3-12-2015
النفاس
2023-05-20
[سنة ولادة الامام زين العابدين]
30-3-2016


استحقاق العاصي للعقاب ودلائل العفو  
  
764   08:17 صباحاً   التاريخ: 11-08-2015
المؤلف : ابن ميثم البحراني
الكتاب أو المصدر : قواعد المرام في علم الكلام
الجزء والصفحة : ص 160
القسم : العقائد الاسلامية / المعاد / الثواب و العقاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2018 965
التاريخ: 31-3-2017 930
التاريخ: 30-03-2015 1423
التاريخ: 11-08-2015 1019

[اولا]: استحقاق المكلف العاصي للعقاب:

ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺃﻭﻟﻴﺲ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺨﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻜﺎﻓﺮ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻤﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﻘﺎﺑﻪ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻌﻘﺎﺑﻪ ﺇﻣﺎ ﻷﻥ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺷﻌﺮﻳﺔ، ﻭﺇﻣﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ. ﺣﺠﺔ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﻋﻘﺎﺏ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ: ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺨﺰﻱ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺧﺰﻱ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ.

ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ: ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: { رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: 192] ﻭﺻﻴﻐﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ.

ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ: ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: 27] ﺩﻟﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺨﺰﻱ ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ، ﻓﻜﻞ ﻣﺨﺰﻯ ﻳﻮﻣﺌﺪ ﻛﺎﻓﺮ، ﻓﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻜﺎﻓﺮ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﺰﻯ ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺏ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ: ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺂﻳﺎﺕ:

(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا } [النساء: 14] ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﺭﺗﻜﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻬﻴﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪﻯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ.

(ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8]

(ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى } [طه: 74] ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻓﻜﺜﻴﺮﺓ:

(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﻟﺴﺎﻧﻴﻦ ﻭﺫﺍ ﻭﺟﻬﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ.

(ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻣﻦ ﻏﺼﺐ ﺷﺒﺮﺍ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﻃﻮﻗﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﺃﺭﺿﻴﻦ.

(ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻣﻦ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ. ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﺎﺕ ﻣﺘﻨﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﻜﻔﺎﺭ ﻭﻟﻤﻦ ﻋﺼﻰ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ. ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﺎﺕ: ﺇﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ، ﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﺨﺼﺺ، ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﺨﺼﺺ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻧﻜﻢ، ﻟﻜﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ. ﺳﻠﻤﻨﺎﻩ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺑﺎﻵﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻋﺪ، ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] ( ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6...

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻟﻮﺟﻮﻩ:

(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﺇﻥ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺔ ﻟﻠﺮﺟﺤﺎﻥ.

(ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺇﻥ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺻﺮﻓﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻋﺪ، ﻷﻥ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﻛﺮﻡ ﻭﺇﻫﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻟﺆﻡ.

(ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺃﺗﻰ ﺑﺄﺗﻢ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﻛﺒﺮﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻧﺮﺟﺢ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﻋﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﻋﻴﺪﻩ. ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ:

ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﺃﺗﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻃﺎﻋﺎﺗﻪ ﻭﺍﺭﺗﻜﺐ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﺻﻴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ، ﻓﻠﻮ ﺭﺟﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻌﺪ ﻟﺌﻴﻤﺎ ﻣﺆﺫﻳﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺮﻡ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻷﻛﺮﻣﻴﻦ ﻭﺍﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ﻣﺤﺎﻝ، ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻮﻋﺪ.

[ثانيا]: ﻓﻲ ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﻭﺟﻮه :

(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: 15] .

ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻤﻦ ﻳﺤﺴﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ، ﺃﻭ ﻋﻤﻦ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ. ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﻋﻘﺎﺏ ﻣﻦ ﻳﻘﺒﺢ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻗﺒﻴﺢ، ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻋﻔﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺬﺑﻪ ﻓﺘﺮﻙ ﺗﻌﺬﻳﺒﻪ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻋﻔﺎ، ﻓﺘﻌﻴﻦ ﺍﻷﻭﻝ.

(ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺋﺐ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﻮﻟﻪ :{يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} ﺗﻜﺮﺍﺭﺍ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﺎﺋﺪﺓ، ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻤﻦ ﻳﺤﺴﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ.

(ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [النساء: 48] ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ: ﺃﻥ ﻗﻮﻟﻪ {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻐﻔﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻭﻳﻨﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ ﺛﻢ ﻗﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ {لِمَنْ يَشَاءُ } ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ، ﻟﻜﻦ ﻻ ﻟﻠﻜﻞ ﺑﻞ ﻟﻠﺒﻌﺾ، ﻓﻜﺎﻥ ﻏﻔﺮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﺻﺎﺩﻗﺎ.

(ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53]. ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺖ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻐﻔﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻭﻟﻰ ﻷﻥ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻣﻐﻔﻮﺭﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻪ. ﻗﻠﺖ: ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﻻﺿﻤﺎﺭ، ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﻠﺰﻡ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻤﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ.

(ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] ﻭﻛﻠﻤﺔ " ﻋﻠﻰ " ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﺃﻱ ﺫﻭ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻟﻬﻢ ﺣﺎﻝ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻇﺎﻟﻤﻴﻦ.

(ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ) ﺇﻧﺎ ﺳﻨﻘﻴﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﻋﺼﺎﺓ ﺃﻣﺘﻪ.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.