أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-07-2015
1223
التاريخ: 11-4-2017
1122
التاريخ: 9-08-2015
1241
التاريخ: 3-3-2018
1368
|
وأما التربية الروحية والفكرية والأخلاقية فقد تلقاها علي ( عليه السلام ) في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وهي الضلع الثاني من أضلاع شخصيته الثلاثة [ الوراثة , التعليم والثقافة, البيئة والمحيط].
ولو أننا قسمنا مجموعة سنوات عمر الإمام (
عليه السلام ) إلى خمسة أقسام لوجدنا القسم الأول من هذه الأقسام الخمسة من حياته
الشريفة ، يؤلف السنوات التي قضاها ( عليه السلام ) قبل بعثة النبي الأكرم ( صلى
الله عليه وآله ) .
وإن هذا القسم من حياته الشريفة لا يتجاوز
عشر سنوات ، لأن اللحظة التي ولد فيها علي (عليه السلام ) لم يكن النبي ( صلى الله
عليه وآله ) قد تجاوز الثلاثين من عمره المبارك ، هذا مع العلم بأنه ( صلى الله
عليه وآله ) قد بعث بالرسالة في سن الأربعين . وعلى هذا الأساس لم يكن الإمام علي
( عليه السلام ) قد تجاوز السنة العاشرة من عمره يوم بعث رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) بالرسالة ، وتوج بالنبوة .
إن أبرز الحوادث في حياة الإمام علي ( عليه
السلام ) هو تكوين الشخصية العلوية ، وتحقق الضلع الثاني من المثلث الذي أسلفناه
بواسطة النبي الأكرم ، وفي ظل ما أعطاه ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام
) من أخلاق وأفكار ، لأن هذا القسم في حياة كل إنسان وهذه الفترة من عمره هي من
اللحظات الخطيرة ، والقيمة جدا ، فشخصية الطفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقية
تقبل كل لون ، وهي مستعدة لأن ينطبع عليها كل صورة مهما كانت ، وهذه الفترة من
العمر تعتبر - بالتالي - خير فرصة لأن ينمي المربون والمعلمون فيها كلما أودعت يد
الخالق في كيان الطفل من سجايا طيبة وصفات كريمة ، وفضائل أخلاقية نبيلة ، ويوقفوا
الطفل - عن طريق التربية - على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية وطريقة الحياة
السعيدة ، وتحقيقا لهذا الهدف السامي تولى النبي الكريم ( صلى الله عليه وآله )
بنفسه تربية علي ( عليه السلام ) بعد ولادته ، وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد
بوليدها علي ( عليه السلام ) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله ) فلقيت من رسول
الله حبا شديدا لعلي حتى أنه قال لها : " اجعلي مهده بقرب فراشي " وكان
( صلى الله عليه وآله ) يطهر عليا في وقت غسله ، ويوجره اللبن عند شربه ، ويحرك
مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويلاحظه ويقول : " هذا أخي ، ووليي ،
وناصري ، وصفيي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيي ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيتي
، وخليفتي " ( 1 ) .
ولقد كانت الغاية من هذه العناية هي أن يتم
توفير الضلع الثاني في مثلث الشخصية (وهو التربية) بواسطته ( صلى الله عليه وآله )
، وأن لا يكون لأحد غير النبي ( صلى الله عليه وآله) دخل في تكوين الشخصية العلوية
الكريمة .
وقد ذكر الإمام علي ( عليه السلام ) ما
أسداه الرسول الكريم إليه وما قام به تجاهه في تلكم الفترة إذ قال : " وقد
علمتم موضعي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقرابة القريبة ، والمنزلة
الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسني
جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه " ( 2 ) .
النبي يأخذ عليا إلى بيته :
وإذ كان الله تعالى يريد لولي دينه أن ينشأ
نشأة صالحة وأن يأخذ النبي عليا إلى بيته وأن يقع منذ نعومة أظفاره تحت تربية
النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ألفت نظر نبيه إلى ذلك .
قد ذكر المؤرخون أنه أصابت مكة - ذات سنة -
أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب - رضي الله عنه - ذا مال يسير وعيال
كثير فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والضائقة والجهد والفاقة ، فعند ذلك دعا رسول
الله عمه العباس إلى أن يتكفل كل واحد منهما واحدا من أبناء أبي طالب وكان العباس
ذا مال وثروة وجدة فوافقه العباس على ذلك ، أخذ النبي عليا ، وأخذ العباس جعفرا
وتكفل أمره ، وتولى شؤونه ( 3 ) .
هكذا وللمرة الأخرى أصبح علي ( عليه السلام
) في حوزة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بصورة كاملة ، واستطاع بهذه المرافقة
الكاملة أن يقتطف من ثمار أخلاقه العالية وسجاياه النبيلة ، الشيء الكثير ، وأن
يصل تحت رعاية النبي وعنايته وبتوجيهه وقيادته ، إلى أعلى ذروة من ذرى الكمال
الروحي . وهذا هو الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يشير إلى تلك الأيام
القيمة وإلى تلك الرعاية النبوية المباركة المستمرة إذ يقول : " ولقد كنت
أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به
" ( 4 ) .
علي في غار حراء:
كان النبي - حتى قبل أن يبعث بالرسالة
والنبوة - يعتكف ويتعبد في غار حراء شهرا من كل سنة ، فإذا انقضى الشهر وقضى جواره
من حراء انحدر من الجبل ، وتوجه إلى المسجد الحرام رأسا وطاف بالبيت سبعا ، ثم عاد
إلى منزله .
وهنا يطرح سؤال : ماذا كان شأن علي ( عليه
السلام ) في تلك الأيام التي كان يتعبد ويعتكف فيها رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) في ذلك المكان مع ما عرفناه من حب الرسول الأكرم له؟ هل كان يأخذ ( صلى
الله عليه وآله ) عليا معه إلى ذلك المكان العجيب أم كان يتركه ويفارقه ؟ إن
القرائن الكثيرة تدل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) منذ أن أخذ عليا لم
يفارقه يوما أبدا ، فها هم المؤرخون يقولون : كان علي يرافق النبي دائما ولا
يفارقه أبدا ، حتى أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا خرج إلى الصحراء
أو الجبل أخذ عليا معه ( 5 ).
يقول ابن أبي الحديد : وقد ذكر علي ( عليه
السلام ) هذا الأمر في الخطبة القاصعة إذ قال : "ولقد كان يجاور في كل سنة
بحراء ، فأراه ولا يراه غيري " ( 6 ) .
إن هذه العبارة وإن كانت محتملة في مرافقته
للنبي في حراء بعد البعثة الشريفة إلا أن القرائن السابقة وكون مجاورة النبي بحراء
كانت في الأغلب قبل البعثة ، تؤيد أن هذه الجملة ، يمكن أن تكون إشارة إلى صحبة
علي للنبي في حراء قبل البعثة .
إن طهارة النفسية العلوية ، ونقاوة الروح
التي كان علي ( عليه السلام ) يتحلى بها ، والتربية المستمرة التي كان يحظى بها في
حجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، كل ذلك كان سببا في أن يتصف علي ( عليه
السلام ) - ومنذ نعومة أظفاره - ببصيرة نفاذة وقلب مستنير ، وأذن سميعة واعية
تمكنه من أن يرى أشياء ويسمع أمواجا تخفى على الناس العاديين ، ويتعذر عليهم
سماعها ورؤيتها ، كما يصرح نفسه بذلك إذ يقول : " أرى نور الوحي والرسالة ،
وأشم ريح النبوة " ( 7 ) .
يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
" كان علي ( عليه السلام ) يرى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبل
الرسالة الضوء ، ويسمع الصوت " .
وقد قال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
لولا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة ، فإن لا تكن نبيا فإنك وصي نبي
ووارثه ، بل أنت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء " ( 8 ) .
ويقول الإمام علي ( عليه السلام ) : "
لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه ( صلى الله عليه وآله )
فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ فقال :
هذا الشيطان أيس من عبادته ، ثم قال له : " إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا
أنك لست بنبي ولكنك وزير " ( 9 ) .
هذا هو الرافد الثاني الذي كان يرفد
الشخصية العلوية بالأخلاق والسجايا الرفيعة .
___________________
( 1 ) كشف الغمة 1 : 60 .
( 2 ) نهج البلاغة ، الخطبة ( 192 ) المسماة بالخطبة
القاصعة .
( 3 ) بحار الأنوار 35 : 44 ، وسيرة ابن هشام 1 : 246 .
( 4 ) نهج البلاغة - شرح عبده - 2 : 182 .
( 5 ) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 13 : 208
.
( 6 ) نهج البلاغة : الخطبة القاصعة الرقم 187 .
( 7 ) المصدر نفسه .
( 8 ) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 13 : 310
.
( 9 ) نهج البلاغة : الخطبة القاصعة الرقم 187 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|