أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-08-2015
2301
التاريخ: 6-08-2015
983
التاريخ: 6-08-2015
916
التاريخ: 11-4-2018
765
|
( والسمع متأوّل ، ومعارض بمثله ).
يعني أنّ الدلائل السمعيّة ـ التي تمسّك الأشاعرة بها
وجعلوها أنواعا باعتبار خصوصيّات ـ يكون لبعض منها دون البعض مثل (1) الورود بلفظ
الخلق لكلّ شيء ، أو لعمل العبد خاصّة ، أو بلفظ « الجعل » ، أو « الفعل » ، أو
بغير ذلك.
فمن الوارد بلفظ الخلق لكلّ شيء صريحا قوله تعالى : {لَا
إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} [الأنعام: 102] تمدّحا
واستحقاقا للعبادة ، فلا يصحّ الحمل على أنّه خالق لبعض الأشياء كأفعال نفسه ؛
لأنّ كلّ حيوان عند المخالفين كذلك ، بل يحمل على العموم ، وتدخل فيه أعمال العبد.
وكذلك قوله تعالى : {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] وقوله تعالى : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر: 49] وبدلالة (2) الحصر قوله : {هُوَ اللَّهُ
الْخَالِقُ} [الحشر: 24] والحصر فيه ظاهر إذا كان هو ضمير الشأن أو ضمير إبهام
يفسّره الله.
وأمّا إذا كان الخالق صفة ، فذكر الإمام أنّه لمّا كان الله
علما والعلم لا يدلّ إلاّ على الذات المخصوصة بمنزلة الإشارة ، لم يجز أن يكون
الحكم عائدا إليه ؛ إذ لا معنى لقولنا : إنّ هذا المعيّن ليس إلاّ هذا المعيّن ،
ويلزم أن يكون عائدا إلى الوصف على معنى أنّه الخالق لا غير (3).
ولعمل العبد خاصّة قوله تعالى : {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا
تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]. ومن هذا القبيل قوله تعالى : {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ
أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ
خَلَقَ} [الملك: 13، 14]. احتجّ على علمه تعالى بما في القلوب من الدواعي والعقائد
والخواطر بكونه خالقا لها على طريق ثبوت اللازم ، أعني العلم بثبوت ملزومه ، أعني
الخلق ، وفي أسلوب الكلام إشارة إلى أنّ كلاّ من اللزوم وثبوت الملزوم واضح لا
ينبغي أن يشكّ فيه ؛ ولهذا استدلّ بالآية على عدم كون العبد خالقا لأفعاله على
طريق نفي الملزوم ـ أعني خلقه ـ بنفي اللازم ، أعني علمه بتفاصيلها.
وبلفظ الجعل قوله تعالى : { وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ
وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا} [البقرة: 128] {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ}
[إبراهيم: 40] {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 6]
وبلفظ الفعل قوله تعالى : {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:
107] {يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } [إبراهيم: 27] والله تعالى يريد الإيمان
وسائر الطاعات اتّفاقا ، فيجب أن يكون موجدها هو الله تعالى.
وحمل الكلام على أنّه يفعل ما يريد فعله عدول عن الظاهر.
وبغير ما ذكر قوله : {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}
[النساء: 78] {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] {كَتَبَ
فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة: 22] {أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}
[النجم: 43] {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } [يونس: 22] {مَا
يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ} [النحل: 79] إلى غير ذلك.
ومنها : ما تواتر معناه من الأحاديث الدالّة على كون كلّ
كائن بتقدير الله ومشيئته (4) فجميعها متأوّل ، وقد ذكر العلماء تأويلها في
المطوّلات ، ولها تأويل عامّ هو أنّ الفعل يجوز أن يسند إلى ما له مدخل في الجملة
، ولا شكّ أنّ الله تعالى مبدأ لجميع الممكنات ، ينتهي إليه الكلّ ؛ فلهذا السبب
جاز استناد أفعال العباد إليه.
وأمّا الحصر عليه تعالى ـ كما يدلّ عليه بعض الآيات (5) ـ
فبحسب الادّعاء ؛ لأنّ الإقدار والتمكين وتيسير الأسباب لمّا كان منه تعالى فكأنّه
هو الفاعل لا غير ، ومعارض بمثله من النصوص الدالّة على أنّ أفعال العباد بقدرتهم
واختيارهم وهو أيضا أنواع :
منها : الآيات الصحيحة الصريحة في إسناد الألفاظ الموضوعة
للإيجاد إلى العباد وهي :
العمل، كقوله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}
[فصلت: 46] {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} [النجم: 31] {إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [البقرة: 277] {مَنْ عَمِلَ
سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا } [غافر: 40].
والفعل ، كقوله تعالى : {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ
يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197] {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77].
والصنع ، كقوله تعالى : {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}
[المائدة: 63] {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت: 45]
والكسب ، كقوله تعالى : {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا
كَسَبَتْ} [آل عمران: 25] {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]
{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: 17].
والجعل ، كقوله تعالى : {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي
آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ } [البقرة: 19] {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ
الْجِنَّ} [الأنعام: 100].
والخلق ، كقوله تعالى : {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ
الطَّيْرِ} [آل عمران: 49].
والإحداث ، كقوله تعالى حكاية عن الخضر عليه السلام : {حَتَّى
أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70].
والابتداع ، كقوله تعالى : {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا}
[الحديد: 27]وأمثال ذلك كثير في القرآن.
وأجيب بأنّه لمّا ثبت بالدلائل القاطعة أنّ الكلّ بقضاء الله
وقدره ، وجب جعل هذه الألفاظ مجازا عن السبب العادي ، أو جعل هذه الإسنادات مجازا
؛ لكون العبد سببا لهذه الأفعال ، هذا في غير لفظ الكسب، فإنّه يصحّ على حقيقته
والخلق فإنّه بمعنى التقدير.
وأمّا على رأي الإمام ـ وهو أنّ مجموع القدرة والداعية مؤثّر
في الفعل ، وذلك المجموع بخلق الله من غير اختيار للعبد (6) ـ فلا مجاز ولا إشكال
، ولا استقلال للعبد ولا اعتدال.
ومنها : الآيات الدالّة على توبيخ الكفّار والعصاة ، وأنّه
لا مانع من الإيمان والطاعة ، ولا ملجئ إلى الكفر والمعصية ، كقوله تعالى : {وَمَا
مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا} [الإسراء: 94] {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ}
[البقرة: 28] و {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ } [ص: 75] و {فَمَا لَهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] و {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}
[المدثر: 49] {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عمران: 71] { لِمَ
تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 99] وأمثال ذلك كثيرة في القرآن.
ومنها : الآيات الدالّة في القرآن على أنّ فعل العبد بمشيئته
، كقوله تعالى : {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر} [الكهف:
29] {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ
أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37] { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [المدثر: 55] {فَمَنْ
شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19]....
وأمّا على رأي الإمام فالجواب ظاهر ، وهو أنّ فعل العبد
بمشيئته ومشيئته بمشيئة الله ، كقوله تعالى : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ
يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30].
ومنها : الآيات الواردة في الأمر والنهي ، والمدح والذمّ ،
والوعد والوعيد ، وقصص الماضين للإنذار والاعتبار.
وأجيب ... من أنّ هذه كلّها باعتبار الكسب الصادر من العبد.
ومنها : الآيات الدالّة على إسناد الأفعال إلى العباد إسناد
الفعل إلى فاعله ، وهي أكثر من أن تحصى ، ولنبدأ من قوله تعالى : {لَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] إلى قوله : {الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 5، 6].
وقد عرفت في تحرير محلّ النزاع أنّ هذا ليس من المتنازع في
شيء ، والنصوص إذا تعارضت لم تقبل شهادتها خصوصا في المسائل اليقينيّة ، ووجب
الرجوع إلى غيرها من الدلائل العقليّة القطعيّة.
( والترجيح معنا ) ؛ لأنّ الشواهد القطعيّة العقليّة على وفق
مدّعانا كثيرة :
منها : أنّه لو لا استقلال العبد لبطل المدح والذمّ ، والأمر
والنهي ، والثواب والعقاب ، وفوائد الوعد والوعيد ، وإرسال الرسل وإنزال الكتب ،
والفرق بين الكفر والإيمان ، والإساءة والإحسان ، وفعل النبيّ والشيطان ، وكلمات
التسبيح والهذيان وكذا بين ما يقع باختيار العبد على وفق إرادته و [ ما يقع لا
باختياره وعلى وفق ] (7) إرادة غيره مع أنّ التفرقة مدركة بالوجدان ؛ لأنّ الكلّ
بخلق (8) الله تعالى من غير تأثير للعبد فيه.
وأجيب بأنّه إنّما يرد على المجبّرة النافين لقدرة العبد
واختياره ، لا على من يجعل فعله متعلّقا بقدرته وإرادته ، واقعا بكسبه وعقيب عزمه
وإن كان بخلق الله تعالى ، على أنّ المدح والذّمّ قد يكونان باعتبار المحلّيّة دون
الفاعليّة كالمدح والذّمّ بالحسن والقبح وسائر الغرائز ، وأنّ الثواب لمّا كان فعل
الله تعالى وتصرّفا فيما هو حقّه ، لم يتوجّه سؤال لمّيّته عنه كما لا يقال : لم
خلق الله الإحراق عقيب مسّ النار؟ وأنّ عدم افتراق الفعلين في المخلوقيّة لله
تعالى لا ينافي افتراقهما بوجوه أخر.
ومنها : أنّ من أفعال العباد قبائح يقبح من الحكيم خلقها
كالظلم والشرك ونحو ذلك.
ومنها : أنّ فعل العبد في وجوب الوقوع وامتناعه تابع لقصده
وداعيته (9) وجودا وعدما ، وكلّ ما هو كذلك لا يكون بخلق الغير وإيجاده.
أمّا الصغرى فللقطع بأنّ من اشتدّ جوعه وعطشه ووجد الطعام
والماء بلا صارف ، يأكل ويشرب البتّة ، ومن علم أنّ دخول النار محرق ولم يكن له
داع إلى دخولها ، لا يدخلها البتّة.
وأمّا الكبرى فلأنّ ما يكون بإيجاد الغير لا يكون في الوجوب والامتناع
تابعا لإرادة العبد ؛ لجواز أن لا يحدثه عند إرادته ، ويحدثه عند كراهته.
وأجيب بأنّ ما ذكر في بيان الصغرى لا يفيد الوجوب والامتناع
، بل الوقوع واللاوقوع ، فربّ فعل يتبع إرادة الغير كما للخدم والعبيد ، فينتقض
الكبرى.
ولو سلّم الوجوب والامتناع فلم لا يجوز أن يكون بتبعيّة
إرادة الله تعالى وقد وافقت إرادة العبد بطريق جري العادة؟
ومنها : أنّه لو كان الله تعالى خالقا لأفعال المخلوقين ،
لصحّ اتّصافه بها ؛ إذ لا معنى للكافر إلاّ فاعل الكفر ، فيكون كافرا ظالما فاسقا
آكلا شاربا قائما قاعدا إلى ما لا يحصى.
وأجيب بأنّ هذه الأسامي إنّما تطلق على من قام به الفعل لا
على من أوجد الفعل ، ألا ترى أنّ كثيرا من الصفات قد أوجدها الله تعالى في محالّها
وفاقا ، ولا يتّصف بها إلاّ المحالّ.
نعم ، لزمهم صحّة هذه التسمية بناء على أصلهم الفاسد في
إطلاق المتكلّم على الله تعالى ؛ لإيجاده الكلام في بعض الأجسام.
__________________
(1)
قوله : « مثل الورود » اسم لقوله : « يكون ».
(2)
عطف على قوله : « صريحا » أي بالمنطوق.
(3) «
شرح تجريد العقائد » : 346.
(4)
الكافي 1 : 150 ـ 152 باب المشيئة والإرادة ؛ « التوحيد » : 336 ـ 344.
(5)
مرّ في ص 415.
(6)
« المطالب العالية » 9 : 11.
(7)
الزيادة أثبتناها من المصدر.
(8) في
هامش المصدر : « بفعل الله ».
(9)
كذا ، والأولى : « داعيه ».
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|