أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
647
التاريخ: 3-08-2015
687
التاريخ: 3-08-2015
868
التاريخ: 31-3-2017
686
|
إنّ بعث الله تعالى النبيّ ـ المخبر عن الله تعالى بنحو الوحي من غير اجتهاد ـ (يتصف) بالحسن التامّ ، فيكون واجبا عقلا مع أنّه واقع نقلا.
بيان ذلك عقلا أنّ
للبعثة فوائد :
الأولى : تقوية
العقل في الأحكام التي يستقلّ بإدراكها ، والدلالة على ما لا يستقلّ فيه.
الثانية : تنبيه
العقلاء على لزوم معرفة الله التي هي الأساس الموجب للحياة الأبديّة والسعادة
الأخرويّة ؛ لانغمار العقول باللذائذ الجسمانيّة والشهوات الحيوانيّة والعلائق
البدنيّة التي يميل إليها الطبع ، فالناس كلّهم لا بدّ لهم من الإيقاظ من نوم
الغفلة والجهل بالدعوة النبويّة ليحصّلوا المعارف اليقينيّة.
الثالثة : إرشاد
الناس إلى المنافع النفسانيّة والجسمانيّة ؛ إذ معرفة المنافع البدنيّة والمضارّ
البدنيّة بالتجربة تتوقّف على مرور الدهور وهلاك كثير من الناس ، فلا بدّ ممّن
يعرفها من الله ؛ ولهذا خلق الله قبل الكلّ نبيّا وهو آدم عليه السلام.
الرابعة : حفظ نوع
الإنسان ؛ لأنّه مدني بالطبع ، بمعنى أنّه بالطبع محتاج إلى معاونة بعضهم بعضا في
الغذاء واللباس والمسكن والآلات لدفع العدوّ ونحوه ، ولا يمكن لأحد من الأفراد
الإتيان بجميع ما يحتاج بنفسه كما لا يخفى ، بل لا بدّ من اجتماع جماعة في موضع
يمكن إعانة بعضهم بعضا لينتظم أمر معاشهم ويترتّب عليه أمر معادهم ، ويسمّى ذلك
الموضع مدينة.
وكون الإنسان
مدنيّا عبارة عن احتياجه إلى الكون في المدينة لينتظم أمر معاشه ومعاده ، ولمّا
كان اجتماعهم ـ من جهة كونهم ذوي غضب وشهوة ـ موجبا لوقوع الفتنة والظلم ، والهرج
والمرج الموجبة لاختلال نظام أمر المعاش والمعاد ، وبطلان فائدة الاجتماع والتمدّن
، فلا بدّ من العدل الذي هو عبارة عن تسوية الحقوق ، وإحقاق الحقّ منها جزئيّات
العدل في الحقوق الجزئيّة ، فلا بدّ من واضع وجاعل يقرّرها بحيث لا يمكن لأحد
التخلّف عنها إلاّ وقد لزمه الهلاك ، فلا بدّ أن يكون ذا قدرة ؛ ليطيعه الناس طوعا
وكرها ، ويكون أوامره ونواهيه نافذة في الناس ، ولا يمكن ذلك إلاّ بتأييد من الله
بالآيات والمعجزات ؛ لئلاّ يكون لغيره له منازعة في استحقاق هذه الرئاسة العامّة.
والمراد من النبيّ ليس إلاّ مثل هذا الفرد.
الخامسة :
اشتمالها على اللطف ؛ إذ الإخبار بالثواب على الواجبات والعقاب على المنهيّات ،
مقرّب إلى الطاعات ومبعّد عن المعاصي ، وحيث كان اللطف واجبا على الله كانت البعثة
واجبة عليه تعالى.
والحاصل : أنّ
بعثة الأنبياء لطف متمّم للغرض من جهة اقتضائها تنبيه العقول وتقويتها في العقائد
، وإرشاد الناس إلى المنافع الجسمانيّة والروحانيّة المعاشيّة والمعاديّة ،
ومضارّهم كذلك. وحفظ نوع الإنسان الذي هو مدني بالطبع محتاج إلى الاجتماع في
المكان والكون في المدينة ؛ لانتظام أمر المعاش والمعاد الموجب لوقوع الفتنة من
جهة وقوع الغضب والشهوة المحتاج إلى مقنّن القوانين الرافعة لها ولو بالقهر
والغلبة المعلوم كونه من جانب الله ، وصاحب العصمة المتمّمة للغرض بالمعجزة نقلا
بما ورد في الكتاب والسنّة ، فإنّه قد قال تعالى : {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
} [النساء: 165]. وقال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ
قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [إبراهيم: 4]. وقال تعالى : {يَدْعُوكُمْ
لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: 10].
وقال تعالى : {لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
وروي عن هشام بن
الحكم ، قال : سأل الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام فقال : فمن أين أثبت
أنبياء ورسلا؟
قال أبو عبد الله عليه
السلام : « إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقا صانعا متعاليا عنّا وعن جميع ما خلق،
وكان ذلك الصانع حكيما ، لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا يلامسوه ، ولا يباشرهم ولا
يباشروه ، ولا يحاجّهم ولا يحاجّوه ، فثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبّرون عنه إلى
خلقه وعباده ، يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ،
فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، فثبت عند ذلك أنّ له معبّرين ،
وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدّبين بالحكمة ، مبعوثين بها ، غير مشاركين
للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيّدين من عند الله
الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد ، من إحياء الموتى ، وإبراء
الأكمه والأبرص ، فلا تخلو أرض الله تعالى من حجّة يكون معه علم يدلّ على صدق مقال
الرسول ووجوب عدالته » (1).
ومثله الآخران
مسندا ومرسلا (2).
وإلى مثل ما ذكرنا
أشار المصنّف ; مع بيان الشارح القوشجي بقوله : ( البعثة حسنة ؛ لاشتمالها على
فوائد : كمعاضدة النقل (3) فيما يدلّ عليه العقل ) أي يستقلّ بمعرفته ، مثل وجود
البارئ وعلمه وقدرته.
( واستفادة الحكم
) من النبيّ صلى الله عليه وآله ( فيما لا يدلّ ) أي لا يستقلّ به العقل ، مثل
الكلام والرؤية والمعاد الجسماني ؛ لئلاّ يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل.
( وإزالة الخوف )
الحاصل عند الإتيان بالمحسّنات ؛ لكونه تصرّفا في ملك الله بغير إذنه ، وعند تركها
؛ لكونه تركا للطاعة. ( و ) استفادة ( الحسن والقبح ) في الأفعال التي تحسن تارة
وتقبح أخرى من غير إهداء العقل إلى معرفتها. ( و ) استفادة ( النافع والضارّ ) أي
معرفة منافع الأغذية والأدوية ومضارّهما التي لا تفي بها التجربة إلاّ بعد أدوار
وأطوار مع ما فيها من الأخطار. ( وحفظ النوع الإنساني ) فإنّ الإنسان مدنيّ بالطبع
يحتاج إلى التعاون ، فلا بدّ من شرع يفرضه شارع يكون مطاعا ، كما ذكرنا في بيان
حسن التكليف على طريقة حكماء الإسلام. ( وتكميل أشخاصه ) أي تكميل النفوس البشريّة
( بحسب استعداداتهم المختلفة ) في العلميّات والعمليّات.
( ويعلّمهم
الصنائع الخفيّة ) من الحاجات والضروريّات ( والأخلاق ) الفاضلة الراجعة إلى
الأشخاص ( والسياسات ) الكاملة العائدة إلى الجماعات من المنازل والمدن ( والإخبار
بالعقاب والثواب ) ترغيبا في الحسنات ، وتحذيرا عن السيّئات ، إلى غير ذلك. (
فيحصل اللطف للمكلّف ) أي بعثة الأنبياء لطف من الله تعالى بالنسبة ( إلى عباده ).
( وشبهة البراهمة
) وهي أنّ البعثة إمّا لأجل ما يوافق العقل فلا حاجة فيه إليهم ، أو لأجل ما
يخالفه ، وما يخالف العقل غير مقبول ، فلا فائدة في بعثتهم ؛ ( باطلة ؛ لما تقدّم
) من أنّ ما يوافق العقل قسمان : أحدهما ما استقلّ العقل بإدراكه. والثاني ما لا
يستقلّ بإدراكه. والحاجة إليهم في القسم الثاني ، بل في القسم الأوّل أيضا ليتعاضد
العقل بالنقل.
( وهي واجبة
لاشتمالها على اللطف في التكاليف العقليّة ) فإنّ الإنسان إذا كان واقفا على
التكاليف بحسب الشرع كان أقرب من فعل الواجبات العقليّة وترك المنهيّات العقليّة.
أقول : لا يخفى ما
فيه من البعد. فالأقرب أن يحال بما بيّنته آنفا من اشتمالها على فوائد » (4).
__________________
(1) « التوحيد » : 249 ، الباب 36 ، ح 1.
(2) المصدر السابق
، ح 2 و 3.
(3) في الأصل : «
العقل » وما أثبتناه من المصدر.
(4)« شرح تجريد العقائد » للقوشجي : 357 ـ
358.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|