أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1084
التاريخ: 19-4-2018
857
التاريخ: 3-08-2015
1199
التاريخ: 3-08-2015
1905
|
العِصمة تعني المصُونيّة ولها في باب النبوّة مراتب هي:
ألف: العصمة في مرحلة تلقّي الوحي وإبلاغه.
ب : العصمة عن المعصية والذنب.
ج : العصمة عن الخطأ في الاُمور الفردية والاجتماعية.
وعصمة الاَنبياء في المرحلة الاُولى موضعُ اتفاق الجميع، لاَنّ احتمالَ الخطأ والاِلتباس في هذه المرحلة يؤثر على وثوق الناس، واطمئنانِهم، ويوجب أن لا يعتمدَ الناسُ على إخبارات النبي وأقواله، فينتقضُ هدفُ النبوّةِ في المآل.
هذا مضافاً إلى أنّ القرآن الكريم يصرّح بأنّ الله يحفظُ نبيَّه، ويصونهُ صيانةً كاملةً حتى يبلّغ الوحيَ الاِلَهيَّ بصورةٍ صحيحةٍ كما قال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 26 - 28].
ففي هذه الآية ذكَرَ القرآن الكريم نوعين من الحَفَظَة لصيانة الوحي:
أ: الملائكة الذين يحيطون بالنبيّ من كلّ ناحيةٍ وجانبٍ.
ب : انّ الله تعالى نفسه يحيط بالملائكة والنبيّ .
وهذه النظارة الشديدة والمراقَبَة الكاملة انّما هي لتحقيق غرض النبوّة، وهو إيصال الوحي الاِلَهيّ إلى البشر.
إنّ أنبياء الله ورُسُلَه معصومون من الذنب والزلل، في مجال العمل بأحكامِ الشريعةِ، عصمةً مطلقةً.
لاَنّ الهدف من بعثة الاَنبياء إنّما يتحقّق أساساً إذا تمتّع الاَنبياء والرُسُل بمثل هذه العصمة، لاَنّهم إذا لم يلتزموا بالاَحكام الاِلَهيّة التي كُلِّفُوا بإِبلاغها إلى الناس، انتفى الوثوق بكلامهم، فلم يتحقّق الغرضُ المنشودُ من بعثِهم، وإرسالهم.
ولقد أشارَ المحققُ الطوسيُّ إلى هذا البرهان بعبارةٍ موجَزَة حيث قال:«ويجب في النبيّ العصمةُ ليحصلَ الوثوقُ فيحصل الغرضُ»(1).
إنّ عصمة الاَنبياء عن المعصية أمر قد أكّده القرآنُ الكريمُ في آيات مختلفة نورد هنا بعضها:
أ: إنّ القرآن الكريم يعتبر الاَنبياءَ أشخاصاً مهدِيّين ومختارين من قِبل الله تعالى إذ قال: {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 87].
ب : إنَّ القرآنَ الكريمَ يذكِّر بأنّ الذي يهديه الله لا يقدر أحد على إضلاله إذ يقول: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ } [الزمر: 37].
ج : يعتبر المعصية ضَلالاً إذ يقول: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } [يس: 62].
فيستفاد من مجموعة هذه الآيات أنّ الاَنبياء معصومون من كلّ أنواع الضلال، ومصونون من كل ألوان المعصية.
إنّ البُرهانَ العَقليّ الذي أقمناه فيما سبق على عِصمة الاَنبياء يدلّ على عصمتهم قبل البعثة أيضاً، لاَنّ الاِنسان الذي صَرَفَ رَدْحاً من عمره في الذنب والمعصية، ثم حَمَلَ لواءَ الهداية والاِرشاد لم يتمكّن من الحصول على ثقة النّاس به، وسكونهم إلى أقواله، بخلاف من عاش قَبلَ بعثته نقيَّ الجيب، طاهِرَ الذَيل، فإنّه قادرٌ على جَلب ثقة الناس، وكسب تأييدهم له.
هذا مضافاً إلى أنّ في مقدور معارضي الرسالة، أن يغتالوا بسهولة شخصيّة الرسول، ويطعنوا فيه بالتلويح بسوابقه قبلَ النبوة، ويحطُّوا ـ بذلك ـ من شأنه، وشأن رسالته.
إنّ الذي استطاع ـ بفضل ـ العيش بطهر ونقاء، في بيئةٍ فاسدةٍ أن يكتسب لقب «محمد الاَمين» هو الشخص الوحيد الذي يستطيع بشخصيّتهِ الساطعة النقيّة، أن يُبدّد حُجُب الدعايات المضادة، ويفنّد مزاعم أعدائه، ومعارضي رسالته، ويضيء باستقامته العجيبة، البيئةَ الجاهليةَ المظلمة تدريجاً.
هذا مضافاً إلى أنّ من البديهي أنّ الاِنسان الذي كان معصوماً من بداية حياته، أفضلُ من الذي تحلّى بصفة العصمة منذ أن صار نَبيّاً، كما أنّ تأثيرَه، ودوره الاِرشاديّ لا ريب يكون أقوى، والحكمة الاِلَهيّة تقتضي اختيار الفَردِ الاَحسن الاَكمل.
إنَّ الاَنبياء ـ مضافاً إلى كونهم معصومين من الذَّنْب ـ معصومون كذلك في الاُمور التالية:
أ : في القضاء في المنازعات والفصل في الخصومات.
والنبي وإنْ كان مأموراً بالقضاء على وفق البيّنة واليمين، لكنّه في صورة خطأ البيّنة أو كذب الحالف واقف على الحق المرّ، وإنْ لم يكن مأموراً بالقضاء على طبقه.
ب : في تشخيص موضوعات الاَحكام الشرعية (مثل انّ المائع الفلانيّ هل هو خمرٌ أم لا؟).
ج : في القضايا اليوميّة العاديّة .
إنّ لزوم وصف النبيّ بالعصمة في الموارد المذكورة نابعٌ من أنّ الخطأ في مثل هذه المجالات ملازمٌ للخطأ في مجال الاَحكام الدينيّة، وبالتالي فإنّ الخطأ في هذه الاُمور والمجالات يَضُرُّ بثقةِ النّاس بشخص النبيّ، ويُوجب في المآل تَعَرُّضَ الغَرَض المنشُود للخَطَر، وان كان لُزوم العصمة في الصورتين الاُولَيَين، أوضح من العصمة في الصورة الاَخيرة.
إنّ من مراتب العصمة هي أن لا تكون في وجود الاَنبياء أُمور توجب تنفّر الناس وابتعادهم عنهم.
فكلُّنا يعلم بأنّ بعضَ الاَمراض والعاهات الجسمية، أو بعض الخصال الروحيّة، التي تنم عن دناءة الطبع، وخِسّة النفس توجب تنفّرَ النّاسِ وابتعادهم عنه.
ولهذا فإنّ على الاَنبياء أنّ يكونوا مُنَزَّهين عن العيوب الجسمية والروحيّة، لاَنّ تَنَفّرَ الناس من النبي، واجتنابَهم عنه ينافي الهدف من بعثهم، وهو إبلاغ الرسالات الاِلَهيّة بواسطة الاَنبياء إلى الناس.
كما أنّنا نُذَكِّرُ بأنَّ المراد من حكمِ العقل في هذا المجال هو الكشف عن حقيقة، هي أنّ على الله ـ لكونه حكيماً ـ أنّ يختارَ للنبوّة من يكون عارياً ومنزَّهاً عن مِثل هذه العيوب.(2)
____________
(1) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد 217 .
(2) إنّ حكمَ العقل في هذا المجال حكمٌ قَطعيٌّ، ولهذا فإنّ بعضَ الروايات التي وَرَدت حول النبي أيوب وهي تحكي عن ابتلائه بأمراض منفِّرة، مضافاً إلى كونها مخالفةً للحكمِ القَطعيِّ للعقل تنافي الرواياتِ المعارضة التي وَرَدَت عن أهل البيت في هذا المجال.
فقد قال الاِمامُ الصادق عليه السلام : «إنَّ أيوب مع جميع ما ابتُلي به لم تنتنْ له رائحةٌ، ولا قَبُحَتْ له صورةٌ، ولا خرجَتْ منه مَدّةٌ من دَمٍ، ولا قيحٍ، ولا استَقْذرَهُ أحَدٌ رآه، ولا استوحش منه أحدٌ شاهدَه ولادوّد شيءٌ من جَسَدهِ، وهكذا يصنعُ الله عزّ وجلّ بجميع من يبتليه من أنبيائه، وأوليائه المكرَّمين عليه، وإنما اجتنَبَهُ الناسُ لِفَقره، وضَعْفِهِ في ظاهِرِ أمرهِ، لجَهْلهم بما لَهُ عند ربّه تعالى ذكْرُهُ، من التأييد والفَرَج».
(الخصال ج 1، أبواب السبعة، الحديث 107) ولهذا فإنّ الروايةَ المخالفةَ لهذا الموضوع، لا أساس لها من الصحة فهي مرفوضة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|