أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1513
التاريخ: 11-08-2015
2154
التاريخ: 1-07-2015
4256
التاريخ: 1-07-2015
1922
|
لمّا توفّي النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، وقع الخلاف بين أصحابه في الخلافة والإمامة، وما تمكّنوا من حفظ توحيد الكلمة كما كانوا عليه في حياته ( صلى الله عليه وآله ) .
ثمّ إنّ حزب أبي بكر ـ الخليفة الأَوّل ـ وإن
غلبوا في ذلك الوقت على أخذ السلطة التنفيذية، وعزل مخالفيهم عن تدبّر الأُمور ،
إلاّ أنّ النزاع لم يرتفع به ، بل أصبح من أهم العوامل المؤثّرة في شؤون المجتمع
الإسلامي ، فهو الأساس لتشعّب المسلمين إلى فرقتين : الشيعة وغيرها ، وهو البذر
لحروب الجمل والصفين والنهروان وكربلاء وغيرها ، وهو المحور للاختلاف في القوة
التشريعية ، فتشتّت المذاهب والآراء في الأُصول والفروع .
وممّا وسّع هذا الاختلاف خروج طاغية الشام على
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد قتل عثمان ، فإنّه بغى واستكبر فصار من
المفسدين ، ومن سوء الاتّفاق أنّه علا أمره ، واستولى على ما أراد ، فأتاح الأمر
لمَن بعده من آل أمية ، الذين هم شر قبائل العرب (1) ، وأنّهم أبغض الأحياء أو
الناس إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (2) ، فآلَ الأمر إلى انعزال عترة
النبي من السلطة التعليمية والإرشادية أيضاً ، بعدما افتقدوا السلطة التنفيذية
والإجرائية . والناس على دين ملوكهم . فقام أُناس ـ لا صلاحية لهم ـ في المجامع
الدينية العلمية ، وتصدّوا لتدريس الأُصول وتطبيق الفروع ، وكلّما دخلت أُمّة لعنت
أُختها ، وكأنّ القرآن ينظر إليهم حيث يقول : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]. وبما أنّه لم يكن لهم ميزان علمي ، ولا
أصل موضوعي ، ولا قانون كلي ، تكثرت آراؤهم وتباينت أنظارهم ، فاتّسعت الخوارج ،
وتولّدت المرجئة ، وتكوّنت المعتزلة ، وقامت الجبرية (3) ، وظهرت الأشعرية وهكذا .
كل ذلك ؛ لعدم مرجع لائق ديني يلم شَعث المسلمين
، ويدير الحوزة العلمية . وقد حكي (4)
أنّه لمّا قيل لابن أبي العوجاء تلميذ الحسن البصري ( 21 ـ 110هـ ) : لِمَ تركت
مذهب صاحبك الحسن ـ ودخلت فيما لا أصل له
( أي الزندقة ) ؟ أجاب : إنّ صاحبي كان مخلِطاً ، كان يقول طوراً بالعدل وطوراً
بالجبر ، وما أعلمه أعتقد مذهباً دام عليه ... فإذا كان هذا حال الحسن ـ وهو من
دعائم هذه الطريقة وأساطين هذه المدرسة ـ فما حال غيره ؟!
وقد قيل في حقّه أيضاً (5) : إنّه كان يلقى الناس
بما يهوون ، ويتصنّع للرئاسة ، وكان رئيس القدرية ، وكان يبغض علياً ، ويُنقل حبّه
له أيضاً ، فإذا كان المصدر للمعارف الدينية أمثاله فما ظنّك بالمتعلّمين
والمقلّدين ؟
ولذا اخترع واصل بن عطاء ( 80 ـ 131 هـ ) مذهب
الاعتزال ؛ حينما ألقى مسألةً بسيطة على أُستاذه ـ الحسن هذا ـ فعجز عن إقناعه ،
وقد علا أمر المعتزلة في المسائل الكلامية ، فإنّ مطالبهم أقرب إلى الأحكام
العقلية في الجملة ، وربّما استفادوا من الفلسفة اليونانية لتصحيح مبانيهم ،
وللفلسفة المذكورة تأثير كبير في علم الكلام وتشتّت آراء المتكلمين .
وأمّا مخالفو المعتزلة فلم يكن لهم القوة في
الكلام ، حتى خالف علي بن إسماعيل أبو الحسن الأشعري ( 260 أو 270 ـ 330 على قول )
في مسألة ـ نذكرها مع جوابها في موطنها المناسب من هذا الكتاب ـ أُستاذه المعتزلي
محمد بن عبد الوهاب المعروف بأبي علي الجبائي ( 235 ـ 303 هـ ) ، فرجع عن مذهبه
حينما لم يفهما حلّ المسألة ، فتاب الأشعري من القول بخلق القرآن ، والعدل ، وعدم
رؤية الله بالأبصار ، ونحوها ممّا عليه أُستاذه (6) ! وسعى في تدوين تلفيقات سلفه
حتى سُمّي المذهب باسمه ، وله أقوال عجيبة ربّما تصادم الضرورة كما تقف عليها في
هذا الكتاب .
قال معين الدين الأيجي الشافعي (7) ، واعلم أنّه
ـ أي الأشعري ـ قد يرعوي إلى عقيدة جديدة بمجرّد اقتباس قياس لا أساس له ، مع أنّه
منافٍ لصرائح القرآن وصحاح الأحاديث ... إلخ .
وهكذا خلفَ من بعدهم خلف أضاعوا الحق ، واتّبعوا
الميول والأهواء ، وابتعدوا عن السفينة المنجية المحمدية ، إلاّ القليل ممّن
استقاموا على الطريقة الوسطى ، فالتزموا العترة الهادية عن بكرة أبيهم ، فانقادوا
في كلّ عصر لإمامه من أئمة آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخذوا عنهم الأُصول والفروع
.
ونبغ منهم في كلّ عصر رجال أفذاذ وأعلام هداة ،
وأَوّل مدرسة تخرّج فيها هؤلاء الجهابذة الإسلاميون ، هي مدرسة الإمام أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) (8) ، وهذا كتاب نهج البلاغة بين يديك وهو يدلّك على
حقيقة الحال ، ففيه أسرار التوحيد ، وخفايا التنزيه ، ومزايا المعارف الاعتقادية ،
وكليات القوانين الاجتماعية ، والسنن الأخلاقية ، والرسوم السياسية وغيرها .
ثمّ اتّسعت هذه المدرسة واشتهرت في عصر الإمامين
العظيمين : الباقر والصادق (عليهما السلام ) حتى عدّوا المتدرّسين فيها إلى أربعة
آلاف ، وقد تخرّج فيها الأكابر المتبحّرون والعلماء الكاملون ، أمثال هشام بن
الحكم ، ومؤمن الطاق ، ويونس وزرارة ، وكثير من أقرانهم ، فتحمّلوا من علوم آل
نبيهم ، وروّجوا ما تنوّر به المجامع العلمية الإسلامية والعالمية .
والمذاهب المتقدّمة (9) حيث لم تتمكن من مقاومة
هذه المدرسة في ميدان العلم والفضيلة، قابلتها بالظلم والتعدّي والافتراء ؛ فلذا
نُسب إلى بعض هؤلاء الكاملين القول بالتشبيه ، وإلى آخر منهم القول بالتجسّم ،
وإلى ثالث الاعتقاد بحدوث صفات الله ، وهكذا ، بل جعل لكل من هؤلاء المنقادين
لإمامهم الصادق ( عليه السلام ) مذهب على حدة ! ولم يزل هذا الوضع المشؤوم إلى
يومنا هذا ، يوم النور والتفكير ، فما من كتاب من هؤلاء الجماعة المتقدمة ، إلاّ
وفيه أباطيل منسوبة إلى الشيعة وهم براء منها ، وكم وقع عليهم الظلم والعدوان :
وكان ما كان
ممّا لست أذكرُه فظنْ خيراً ولا تسألْ عن الخبرِ
والله الهادي ... وقد تحصّل ممّا سطّر ـ إن لم
تغلب العصبية على العاقلة ـ أنّ الأقدمين في علم الكلام وغيره من العلوم الشرعية
هم الإمامية ؛ لأنّهم أَوّل مَن شرعوا في التأليف والتدوين ، فما في جملة من
الكلمات من نسبة المسائل إلى المعتزلة أو الأشاعرة ، ثمّ نسبة المتابعة والموافقة
إلى الإمامية ؛ إمّا جهل أو عناد ، بل كثيراً ما يُهمل نقل أقوالهم لجهات غير خفية
على الخبير . ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين .
_______________________
(1) قال ابن حجر في تطهير الجنان واللسان / 30 :
إنّه حديث حسن .
(2) وفي نفس المصدر : قال الحاكم : صحيح على شرط
الشيخين .
(3) قُتل رئيسهم جهم بن صفوان في آخر مُلك بني
أُميّة كما في الملل والنحل .
(4) بحار الأنوار 3 / 33.
(5) رجال المامقاني 1 / 270.
(6) لاحظ فهرست ابن النديم / 271.
(7) إحقاق الحق 1 / 100.
(8) قال ابن النديم في الفهرست / 263 : أَوّل مَن
تكلم في مذهب الإمامة علي بن إسماعيل بن ميثم التمّار ، وميثم من أجلّة أصحاب علي
( رضي الله تعالى عنه ) ولعلي من الكتب كتاب الإمامة ، كتاب الاستحقاق . أقول : قد
سبق علياً غيره ، فلاحظ مقدمة وسائل الشيعة المطبوعة حديثاً ؛ حتى تعلم أنّ الشيعة
ابتدأوا بتدوين الكتب من بدو ظهورهم .
(9) قال الشهرستاني في أوائل مِلله ونحله : أمّا
رونق علم الكلام فابتداؤه من الخلفاء العباسية هارون وغيره ، وانتهاؤه من الصاحب
بن عبّاد وجماعة من الديالمة . وقيل : أَوّل مَن تكلّم في علم الكلام أبو هاشم ابن
محمد بن الحنفية .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|