أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2017
1937
التاريخ: 9-08-2015
1098
التاريخ: 22-11-2016
1252
التاريخ: 31-07-2015
990
|
إن الكلام في بيان الحكمة من غيبة الحجة وسقوط الشبهة بها، فعلى الجملة والتفصيل.
أما الجملة، فإذا تقررت إمامة صاحب الزمان عليه السلام بالأدلة العقلية والسمعية، واقتضى كونه المعصوم فيما قال وفعل الموثق (1) فيما يأتي..(2). وجب القطع على حسن ذلك، وسقوط التبعة عنه، وإسناده إلى وجه حكمي له حسنت الغيبة، ولم يجز لمكلف علم ذلك أن يشك في إمامته لغيبة أو يرتاب بوجوده لتعذر تميزه ومكانه، لأن حصول ذلك عن عذر لا ينافي وجود الغائب ولا يقدح في إمامته الثابتين بالأدلة، كما لا يقدح إيلام الانهاك (3) وذبح البهائم وخلق المؤذيات في حكمة القديم سبحانه الثابتة بالبرهان، وكذلك خوف النبي صلى الله عليه وآله في حال واستتاره في أخرى ومهادنته في أخرى، وتباين ما أتى به من العبادات والأحكام لا ينافي نبوته ولا يقدح في حجته الثابتين بالأدلة.
وإن كان غير عالم بوجود الحجة وإمامته فلا سؤال له في غيبته، إذ الكلام فيها وهل هي حسنة أم قبيحة فرع لوجوده وثبوت حجته، ففرضنا مع هذا الجاهل بإمامة الحجة إيضاح الأدلة على إمامته وفرضه أن ينظر فيها، فإن يفعل يعلم من ذلك ما علمناه ويسقط عنه شبهة الفرع لثبوت الأصل، وإن لا يفعل يكن محجوبا (4) في الأصل والفرع.
وهذا القدر من الجملة كاف في سقوط جميع ما يتعلقون به من الشبه في إمامة الحجة عليه السلام، وغيبته عن رعيته، واستمرارها، وعدم اللطف بالظهور، وارتفاع الحفظ والتبليغ للشريعة معها، وانتفاء الإرشاد والتنبيه والقيام بما يلزم الإمام من الأمر والنهي، وإقامة الحدود والجهاد، وقبض الحقوق، وطول عمر الحجة.
لأن ذلك أجمع ليس بقبيح في جنسه، وإنما يقبح لوقوعه على وجه مخصوص ويحسن لآخر، وإذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يعلم ثبوت وجه الحسن في جميعه وبين أن يعلم استناده إلى معصوم لا يجوز عليه فعل القبيح، كعلمنا ذلك في جميع تأثيرات الأنبياء عليهم السلام، إذ تقدير فرق بين الأمرين متعذر، وهذا أحس لمادة الشغب وأبعد من الشبه.
(من أسباب الغيبة الخوف وعدم الناصر) :
وأما التفصيل، فإن (5) حسن غيبة الخائف من الضرر القوي الظن بكون الغيبة مؤمنة له منه، فمعلوم ضرورة وجوبها عليه (6) فضلا (عن) حسنها، لكونها محرزا من ضرر، وأما ثبوت ذلك في غيبة الصاحب عليه السلام فمختص به عليه السلام لكل ذي ظن لخوف، ويحرز منه لا يفتات عليه فيه (7).
على أنا إذا كنا وكل مخالط متأمل بقدم وجوده أو تأخره نعلم نص النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ذريتهما عليهم السلام: على إمامة الثاني عشر وكونه المزيل لجميع الدول والممالك الجامع للخلق على الإيمان بالقهر والاضطرار، علمنا توفر دواعي كل ذي سلطان وتابع له إلى طلبه وتتبع آثاره وقتل المتهم بنصرته، لما نجدهم عليه من حب الرئاسة وإيثارها على الآخرة وقلة الفكر في العاقبة، وتأييدها بقطع الأرحام وهجر الأحباب وبذل الأنفس والأموال وقتل الأبرار وتعظيم الفجار.
وارتفع الريب عنا بوجوب استتاره ما استمر هذا الخوف إلى أن يعلم بشاهد الحال أو بغير ذلك وجود أنصار (8) يتمكن بمثلهم من تأدية الفرض من جهاد الكفار، أو توبة المتغلبين من ذوي السلطان، فحينئذ يظهر منتصرا للحق كظهور كل من الأنبياء وخلفاء الله في الأرض عليهم السلام بعد الخوف والاضطرار.
وليس لأحد أن يقول: فما بال الموجودين من شيعته الذين قد ملأوا الأرض لم ينصروه على أعدائه؟ وما باله هو عليه السلام لم يظهر منتصرا بهم؟ ففي بعضهم نصرة.
لأنه ليس كل متدين بإمامته عليه السلام يصلح للحرب وينهض نعت القتال ويقوى على مجالدة الأقران، ولا كل مقتدر على ذلك يوثق منه بنصرة الحق وبذل النفس والأموال والحميم وهجر طيب العيش في اتباعه وإيثاره على هذه الأمور مع ما فيه من عظيم الكلفة.
وكيف يظن ذلك من يعلم ضرورة كون أكثر شيعته ذوي مهن وضعف عن الانتصار من أضعف الظالمين ومن لا يثبت الجمع الكثير منهم كواحد من أتباع المتغلبين، ومن يظن به النصرة من نفسه من شيعة الحجة عليه السلام - لكونه ممارسا لآلات الحرب مخالطا لأصحاب الدول - هو تبع للضلال وباذل نفسه في نصرة الفجار ومعونتهم على مظالم العباد، ومن يرجى معونته بماله من ذوي اليسار منهم معلوم كونهم أو معظمهم مانعا لما يجب للحجة عليه في ماله من حقوق الخمس والأنفال التي لو أخرجوها لأوشك ظهور الحجة عليه السلام، لتمكن بها من الانتصار.
ولا عذر لأحد ممن ذكرناه، لتمكن كل منهم من النظر في الأدلة الموصلة إلى العلم بالحجة، وما يجب له عليه، وبذل الجهد من نفسه، وتأدية الواجب عليه، وإخلاص النية لنصرته، وتمرين العامي نفسه على ما معه يستطيع النصرة من معاناة آلات الحرب ورياضة في عادتها.
فلو فعل المكلفون أو أكثرهم أو من يصح به الانتقام من الباقين ما يجب عليه مما ذكرناه لظهر الحجة عليه السلام وغلب كلمة الحق.
ولما لم يفعلوا ما يستطيعونه من تكليفهم، ثبت تقصير كل منهم، وكونه مستحقا للوزر، وإخلاله بالواجب عليه، وتأثيره في غيبة الحجة عليه السلام كتأثير العدو المعلن.
وإذا لحق أكثر الأولياء بحكم الأعداء في تسبيب الغيبة، سقط الاعتراض بكثرتهم.
وحصول الغيبة للخوف الذي بيناه لا يمنع من العلم بإمامة الغائب عليه السلام وثبوت وجوده، لوقوف ذلك على الأدلة التي سلمت دون الغيبة والظهور الذين لا تعلق لهما بثبوت حجة ولا انتفائها كسائر المعلومات بالأدلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في النسخة: " الموفق ".
(2) وردت عبارة مشوشة المعنى، هي: " ويدر وتعذر تعيين شخصه لمكلف حجته ومكانه والرشد إليهما ".
(3) كذا في النسخة.
(4) كذا في النسخة، ولعله: " محجوجا ".
(5) في النسخة: " وإن ".
(6) في النسخة: " عليها ".
(7) كذا وردت العبارة في النسخة.
(8) في النسخة: " أنصاف ".
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|