أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2018
1414
التاريخ: 22-11-2016
3148
التاريخ: 22-11-2016
931
التاريخ: 22-11-2016
949
|
ذهبت الإمامية إلى أن الأئمة كالأنبياء، في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش، من الصغر إلى الموت، عمدا وسهوا، لأنهم حفظة الشرع، والقوامون به، حالهم في ذلك كحال النبي، ولأن الحاجة إلى الإمام إنما هي للانتصاف من المظلوم عن الظالم، ورفع الفساد، وحسم مادة الفتن، وأن الإمام لطف يمنع القاهر من التعدي، ويحمل الناس على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ويقيم الحدود والفرائض، ويؤاخذ الفساق، ويعزر من يستحق التعزير، فلو جازت عليه المعصية، وصدرت عنه، انتفت هذه الفوائد، وافتقر إلى إمام آخر، وتسلسل.
وخالفت السنة في ذلك، وذهبوا إلى جواز إمامة الفساق، والعصاة، والسراق، كما قال الزمخشري، وهو (من) أفضل علمائهم: (لا كالدوانيقي المتلصص)، يشير به إلى المنصور..
فأي عاقل يرضى لنفسه الانقياد الديني، والتقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامر من كان يفسق طول وقته، وهو غائص في القيادة وأنواع الفواحش، ويعرض عن المطيعين، المبالغين في الزهد والعبادة، وقد أنكر الله تعالى ذلك بقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].(1)
فالأشاعرة لا يتمشى هذا على قواعدهم، حيث جوزوا صدور القبائح عنه تعالى، ومن جملتها الكذب، فجاز الكذب في هذا القول، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وأما الباقون فإنهم جوزوا تقديم المفضول على الفاضل، ولا يتمشى هذا الانكار على قوله أيضا، فقد ظهر أن الفريقين خالفوا الكتاب العزيز...
____________
(1) ... قال ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 11: أخرج البغوي، بسند حسن، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " يكون خلفي اثنا عشر خليفة، أبو بكر لا يلبث إلا قليلا، قال الأئمة صدر هذا الحديث مجمع على صحته ". إنتهى.
أقول: فعلى هذا يكون ذيله ملحقا ومجعولا، إلا أن أحاديث: " إن خلفائي اثنا عشر "، عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، غير قابلة للترديد عند فرق المسلمين.
وقد حاول علماء أهل السنة توجيهها وتأويلها، فقال ابن حجر: قال القاضي عياض:
لعل المراد ب: (اثنا عشر) في هذه الأحاديث، وما شابهها: أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة، وقوة الإسلام، واستقامة أموره، والاجتماع على من يقوم بالخلافة. وقد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية، ووقعت بينهم الفتنة زمن وليد بن يزيد.
وقال: قال شيخ الإسلام في فتح الباري: كلام القاضي هذا أحسن ما قيل في هذا الحديث، وأرجحه، لتأييده بقوله في بعض طرقه الصحيحة (كلهم مجتمع عليه الناس) والمراد باجتماعهم: انقيادهم لبيعته. والذي اجتمعوا عليه: الخلفاء الثلاثة، ثم علي.. إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمعوا عليه عند صلح الحسن، ثم على ولده يزيد، ثم اجتمعوا على عبد الملك، ثم على أولاده الأربعة الوليد، فسليمان، فيزيد، فهشام، فهؤلاء سبعة (معاوية ومن بعده) بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر: الوليد بن يزيد بن عبد الملك (الصواعق المحرقة ص 12 باختصار).
وقال ابن حجر: " اعلم أن أهل السنة اختلفوا في تكفير يزيد بن معاوية، وولي عهده من بعده، فقالت طائفة: إنه كافر لما هو المشهور: أنه لما جاءه رأس الحسين (عليه السلام) جمع أهل الشام، وجعل ينكت رأسه بالخيزران، وينشد أبيات ابن الزبعري: ليت أشياخي ببدر شهدوا... الأبيات المعروفة، وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر.. (إلى أن قال) فلا نتعرض لتكفيره أصلا، لأن هذا هو الأحرى والأسلم. والقول بأنه مسلم، فهو فاسق شرير، سكير، جائر". (الصواعق ص 131 و 132).
بل إمامة الفاسق الجائر كادت أن تكون من أصول مسألة الإمامة عند أهل السنة، كما قال الباقلاني في (التمهيد ص 186): " قال الجمهور من أهل الاثبات، وأصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه، بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرمة، وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود، ولا يجب الخروج عليه... إلى آخر ما قال ".
وقريب منه ما قاله التفتازاني في شرح المقاصد ج 2 ص 71 و 272، وما قاله النووي في شرح مسلم، هامش إرشاد الساري ج 8 ص 36. (وليراجع: الغدير ج 7 ص 136 و 139).
وقد صرح مشاهير علماء أهل السنة، في تفسير الآية الكريمة: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60]
- صرحوا -: يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: أن المراد من قوله تعالى: " والشجرة الملعونة في القرآن " هو بنو أمية، ذكره السيوطي في تفسيره ج 4 ص 191، والحلبي في سيرته ج 1 ص 217، وفي هامشه زيني دحلان في السيرة النبوية ج 1 ص 226، والقرطبي في تفسيره ج 10 ص 186، والآلوسي في تفسيره ج 15 ص 107، وقال ما معناه: " ومعنى جعل ذلك فتنة للناس: جعله بلاء لهم ومختبرا، وبذلك فسره ابن المسيب ولعل هذا الاختبار والابتداء كان بالنسبة إلى خلفائهم بني أمية الذين فعلوا ما فعلوا، وعدلوا عن سنن الحق، وما عدلوا... ثم عقبه بذكر من عد الخلفاء ممن كان من أعوانهم، المرتكبين لأعظم الخبائث والمنكرات.
ويحتمل أن يكون المراد: ما جعلنا خلافتهم أو ما جعلناهم أنفسهم إلا فتنة، وفيه من المبالغة في ذمهم ما لا يخفى، وجعل ضمير {نُخَوِّفُهُمْ} على هذا لمن كان منهم له أولاد منهم وعم التعبير للشجرة: باعتبار أن المراد بها بنو أمية، وقد لعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة، والفروج المحصنة، وأخذ الأموال من غير حلها، ومنع الحقوق عن أهلها، وتبديل الأحكام، والحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام، إلى غير ذلك من القبائح العظام، والمخازي الجسام، التي لا تكاد تنسى، ما دامت الليالي والأيام.
وجاء لعنهم في القرآن، إما على الخصوص كما زعمه الشيعة، أو على العموم كما نقول، فقد قال سبحانه وتعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } [الأحزاب: 57] وقال عز وجل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23] ، وغير ذلك من الآيات.
ودخولهم في عموم ذلك يكون دخولا أوليا " انتهى كلام الآلوسي، فراجع روح البيان.
وقال الحافظ سليمان القندوزي الحنفي، في كتابه (ينابيع المودة) ص 446 طبع استانبول سنة (1302): " قال بعض المحققين: إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر، قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان، وتعرف الكون والمكان، علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه وآله من حديثه هذا: الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه، لقلتهم عن اثني عشر (وهم أربعة) ولا يمكن أن يحمله على ملوك الأموية، لزيادتهم على اثني عشر (وهم ثلاثة عشر)، ولظلمهم الفاحش، إلا عمر بن عبد العزيز ولكونهم غير بني هاشم، لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: " كلهم من بني هاشم " في رواية عبد الملك عن جابر. وإخفاء صوته صلى الله عليه وآله في هذا القول يرجح هذه الرواية، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية، لزيادتهم (وهم خمسة وثلاثون) على العدد المذكور، ولقلة رعايتهم الآية: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] ، وحديث الكساء، فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلهم، وأورعهم، وأتقاهم، وأعلاهم نسبا، وأفضلهم حسبا، وأكرمهم عند الله، وكان علمهم عن آبائهم متصلا بجدهم صلى الله عليه (وآله) وسلم، وبالوراثة واللدنية، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق، وأهل الكشف والتوفيق. ويؤيد هذا المعنى: أي مراد النبي صلى الله عليه وآله: الأئمة اثنا عشر من أهل بيته، ويشهده، ويرجحه، " حديث الثقلين "، والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها، وأما قوله صلى الله عليه وآله: كلهم يجتمع عليه الأمة في رواية جابر بن سمرة، فمراده صلى الله عليه وآله: أن الأئمة يجتمع على الاقرار بإمامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهدي رضي الله عنهم.
وروي في ذلك الكتاب ص 445 عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا، وعلي، والحسن، والحسين، وتسعة من ولد الحسين، مطهرون معصومون.
وقال: وأيضا أخرجه الحمويني.
وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35] وإن إجماع الأمة على إمامتهم، وغلبة الدين على الأديان الباطلة، من الأمور التي وعد الله بها، والله لا يخلف الميعاد، قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8، 9].
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
السيد السيستاني يستقبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق
|
|
|