أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2016
1607
التاريخ: 29-9-2016
1555
التاريخ: 14-2-2022
1955
التاريخ: 29-9-2016
1669
|
إن من أشد ما ركز عليه الاسلام في بناء الشخصية الرسالية هو تزكية النفس من رذائل الاخلاق، ومن أدران الذنوب؛ ولهذا فقد وجدنا في آثار النبوة كثيراً من الاحاديث تؤكد على وجود تجنب حالة الحقد ووجوب تخليص القلب منه يقول امير المؤمنين (عليه السلام) : (طهروا قلوبكم من الحقد فإنه داء)(1) بل نهى الإسلام عن كل ما يكون سبباً للحقد ، وحذر من الوقوع فيه كالشحناء والمخاصمة ، والمراء ... واكثر من هذا أراد الاسلام من دعائه ان يحرروا الناس من عقدهم ؛ ليزيلوا الحقد من قلوبهم يقول امير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لمالك الاشتر النخعي :
(أطلق عن الناس عقدة كل حقد، واقطع عنك سبب كل وتر، وتغاب عن كل ما لا يضح(2) لك ، ولا تعجلن إلى تصديق ساع فإن الساعي (3) غاش وإن تشبه بالناصحين)(4).
والمعنى : افتح القلوب بإحسانك ، وابتعد عن كل ما يثير تشنج الآخرين وتغافل عما لا يعجبك فإن من الحكمة ان يتغافل الإنسان عما لا يستطيع تفسيره او تغيره ، قال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : (قد جمع محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال : صلاح جميع المعايش والتعاشر ملء مكيال : ثلثان فطنة ، وثلث تغافل)(5).
كما جعل الإسلام من صفات المؤمن سلامة القلب من الحسد والحقد والعداوة ... بل تلك أعظم شهادة يقدم به الإنسان على الله تعالى { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 88، 89]
وفي التعامل الاجتماعي ينبغي ان يراعي الإنسان حقوقه إخوانه ، فلا يحقد عليهم حتى لو اساءوا إليه ، يقول الإمام الكاظم (عليه السلام) : (إن من واجب حق اخيك ان لا تكتمه شيئاً تنفعه به لأمر دنياه واخرته ، ولا تحقد عليه ، وان أساء ...)(6)
فقوله (عليه السلام) : (ولا تحقد عليه وان أساء) لإيجاد حصانة في النفس تمنع من ترسب الحقد في القلب، ولعله لهذا السبب جعل الإسلام الدعاء للأخ والاستغفار له من المستحبات الاكيدة ؛ لأن الاستغفار له طلب من الله تعالى ، وتوسل إليه أن يطهره مما ارتكب من آثام ، وذنوب ، وتقصير بحق اخوانه ، وبذلك يتقرب إلى قلب الداعي( فإن الإنسان إذا انفتح على اخوانه بين يدي الله ، وأزال من نفسه ما بينه وبينهم من ضغن ونفور فتح الله عليه ابواب رحمته فإن انفتاح المؤمنين بعضهم على بعض ، وتعميق حال التحابب، والتعاطف، والمودة فيما بينهم من مفاتيح رحمة الله تعالى للداعي والمدعو له)(7).
الإسلام حين ترك باب التوبة مفتوحاً جعل من شروط قبولها بعد الإقبال الصادق على الله نزع الحقد من القلب، يقول الإمام الرضا (عليه السلام) لأبي الصلت الهروي : (وتب إلى الله من ذنوبك ؛ ليقبل شهر الله إليك ، وانت مخلص لله عز وجل ، ولا تدعن أمانة في عنقك إلا أديتها ، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلا نزعته ...)(8).
إذن من شروط قبول التوبة ان يطهر الإنسان قلبه من الاحقاد والاضغان على الاخوان سواء كان بالاستغفار والدعاء لهم ، او إبراء ذممهم مما علق بها من حقوقه، ليقبل القلب على الله وهو خال من اي رين وشك ، ورغم ذلك كله ومهما واظب الإنسان على مراقبة قلبه ومشاعره وأحاسيسه فإن مشاكل الحياة الدنيا، والاختلافات التي تقع بين الاخوان قد تعسر الاجواء ، وتثير الغضب والانفعال السلبي، وقد يدخل قلب المؤمن شيء من الحقد على اخيه إلا ان هذا لا يمكن ان يستمر طويلاً فضلاً عن أن يبقى، بل ما في قلب المؤمن من نور الإيمان لابد وان يزيل ما خيم عليه من ظلام الغضب والانفعال فينعشه ويعيده إلى صفاته الاول يقول الامام الصادق (عليه السلام) : (حقد المؤمن مقامه ، ثم يفارق أخاه فلا يجد عليه شيئاً ، وحقد الكافر دهره)(9).
وقال الامام الباقر (عليه السلام) : (والمؤمن يحقد ما دام في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد)(10).
ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف المتقي : (وعفوه يعلو حقده) .
إذن الحقد قد يصيب قلب المؤمن في حالات معينة ، ولكن بصورة مؤقتة ثم يزول بعد قليل لا سيما إذا استغفر المؤمن لأخيه ، وانا إلى ربه وهذا هو خلق انبياء الله ورسول وأوليائه فهذا الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) رغم ما أوذي من قومه يقول متضرعاً إلى الله : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ... ومن قبله خليل الرحمن يقابل تهديد ابيه بالهجران بقوله: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا } [مريم: 47].
وهذا الاستغفار وان كان عن موعدة وعدها اباه إلا انها تعبر عن سلامة القلب من الحقد والضغينة ، ويوسف الصديق (رغم ما لاقى من إخوانه من أذية حملته متاعب جمة لا تنسى ، ولا يمكن أن يمحى من النفس ذكرها إلا انه حين ظفر بهم ، واصبحوا تحت يده ، وفي إمكانه ان ينزل بهم اشد العقوبات، لم يقل لهم إلا كلمة عتاب رقيقة {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ } [يوسف: 89].
وحين احسن منهم الندم والانكسار {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 92].
تلك هي النفوس الكبيرة لا تحمل الحقد ، ولا الضغينة ، ولا ترتب عليه اثراً ولهذا رأينا يوسف (عليه السلام) لم يؤاخذ إخوانه الذين أرادوا قتله، ولا وبخهم ولا قرعهم، بل استغفر لهم الله تعالى ، وبشرهم بغفرانه تعالى لهم ، وكأنه يقول لهم :
ولا احمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآمدي ، تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم : 299 .
(2) يضح : يظهر ويتضح ، والماضي وضح.
(3) الساعي وهو النمام بعائب الناس.
(4) نهج البلاغة كتاب : 53.
(5) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 46/289.
(6) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 48/244 .
(7) الشيخ الآصفي ، الدعاء عند اهل البيت (عليهم السلام) : 85.
(8) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 97/73 .
(9) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 75/211.
(10) المصدر نفسه : 78/289.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|