أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2017
1691
التاريخ: 1-07-2015
1700
التاريخ: 1-07-2015
2141
التاريخ: 1-07-2015
1523
|
الموضوع
: العقول المجرّدة.
المؤلف : محمد جعفر الاسترآبادي المعروف
بــ(شريعتمدار).
الكتاب :
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة.ص333-342/ج1.
________________________________________________
قال : ( ... في الجواهر المجرّدة. أمّا العقل فلم يثبت دليل على امتناعه ).
أقول
: في العقول المجرّدة.
اعلم
أنّ جماعة من المتكلّمين نفوا هذه الجواهر ، واحتجّوا بأنّه لو كان هاهنا موجود
ليس بجسم ولا جسماني لكان مشاركا لواجب الوجود في هذا الوصف ، فيكون مشاركا له في
ذاته (1).
وهذا
كلام سخيف ؛ لأنّ الاشتراك في الصفات السلبيّة لا يقتضي الاشتراك في الذات ؛ فإنّ
كلّ بسيطين يشتركان في سلب ما عداهما عنهما مع انتفاء الشركة بينهما في الذات. بل
الاشتراك في الصفات الثبوتيّة لا يقتضي اشتراك الذوات ؛ لأنّ الأشياء المختلفة قد
يلزمها لازم واحد كالشمس والنار والحركة بالنسبة إلى الحرارة ، فإذا ثبت ذلك لم
يلزم من كون هذه الجواهر المجرّدة مشاركة للواجب تعالى في وصف التجرّد ـ وهو سلبيّ
ـ مشاركتها له في الحقيقة ، فلهذا لم يجزم المصنّف بنفي هذه الجواهر المجرّدة.
قال
: ( وأدلّة وجوده مدخولة كقولهم : « الواحد لا يصدر عنه أمران » ولا سبق لمشروط
باللاحق في تأثيره أو وجوده ، وإلاّ لما انتفت صلاحية التأثير عنه ؛ لأنّ المؤثّر
هنا مختار ).
أقول
: لمّا بيّن انتفاء الجزم بعدم الجوهر المجرّد الذي هو العقل ، شرع في بيان انتفاء
الجزم بثبوته ، وذلك ببيان ضعف أدلّة المثبتين.
اعلم
أنّ أكثر الفلاسفة (2) ذهبوا إلى أنّ المعلول الأوّل هو العقل الأوّل ، وهو موجود
مجرّد عن الأجسام والموادّ في ذاته وتأثيره معا ، ثمّ إنّ ذلك العقل يصدر منه عقل
وفلك ؛ لتكثّره باعتبار كثرة الجهات الحاصلة عن ذاته باعتبار التجرّد والإمكان
الموجب إلى افتقاره إلى فاعله، فباعتبار التجرّد يؤثّر في العقل الثاني ، وباعتبار
الإمكان [ يؤثّر ] في الفلك الأعظم ، ثمّ يصدر عن العقل الثاني عقل ثالث وفلك ثان
، وهكذا إلى أن ينتهي إلى العقل الأخير ، وهو المسمّى بالعقل الفعّال والعقل
العاشر ، وإلى الفلك الأخير التاسع وهو فلك القمر ، فيكون تعيين العدد بملاحظة
الأفلاك التي هي من الآثار.
واستدلّوا
على إثبات الجواهر المجرّدة ـ التي هي العقول ـ بوجوه (3) :
الأوّل
: أنّ الله تعالى واحد من جميع الجهات ذاتا وصفة ، فلا يكون علّة للمتكثّر ، فيكون
الصادر عنه واحدا ، فلا يخلو إمّا أن يكون جسما أو مادّة أو صورة أو نفسا أو عرضا
أو عقلا، والأقسام كلّها باطلة سوى الأخير.
أمّا
الأوّل : فلأنّ كل جسم مركّب من المادّة والصورة ، وقد بيّنّا أنّ المعلول الأوّل
يكون واحدا.
وإلى
هذا القسم أشار بقوله : « الواحد لا يصدر عنه أمران ».
وامّا
الثاني : فلأنّ المادّة هي الجوهر القابل ، فلا تصلح للفاعليّة ؛ لأنّ نسبة القبول
نسبة الإمكان، ونسبة الفاعليّة نسبة الوجوب ، ويستحيل أن تكون نسبة الشيء الواحد
إلى الواحد نسبة إمكان ووجوب. وإذا لم تصلح المادّة للفاعليّة لم تكن هي المعلول
الأوّل والسابق على غيره ؛ لأنّ المعلول الأوّل يجب أن يكون علّة فاعليّة لما
بعده.
وإلى
هذا القسم أشار بقوله : « وإلاّ لما انتفت صلاحية التأثير عنه » أي لا يكون
المعلول الأوّل هو المادّة التي لا تصلح أن تكون فاعلا ، وإلاّ لم تكن سابقة على
غيرها ؛ لعدم صلاحية الفاعليّة ، فلم تكن هي المعلول الأوّل ؛ لما بيّنّا أنّ
المعلول سابق على غيره من المعلولات.
وأمّا
الثالث : فلأنّ الصورة مفتقرة في فاعليّتها وتأثيرها إلى المادّة ؛ لأنّها إنّما
تؤثّر إذا كانت موجودة شخصيّة ، وإنّما تكون كذلك إذا كانت مقارنة للمادّة ، فلو
كانت الصورة هي المعلول الأوّل السابق على غيره ، لكانت مستغنية علّيّتها عن
المادّة ، وهو محال.
فالحاصل
: أنّ الصورة محتاجة في وجودها الشخصي إلى المادّة ، فلا تكون سابقة عليها وعلى
غيرها من الممكنات ؛ لاستحالة اشتراط السابق باللواحق.
وإلى
هذا أشار بقوله : « ولا سبق لمشروط » أي الصورة المشروطة « باللاحق » أي بالمادّة
« في وجوده ».
وأمّا
الرابع : فلأنّ النفس إنّما تفعل بواسطة البدن ، فلو كانت هي المعلول الأوّل لكانت
علّة لما بعدها من الأجسام فتكون مستغنية في فعلها عن البدن ، فلا تكون نفسا بل
عقلا ، وهو محال ؛ لأنّها مشروط تأثيرها بالأجسام ، فلو كانت سابقة عليها لكان
السابق مشروطا باللاحق في تأثيره المستند إليه ، وهو محال ؛ لاستلزامه تقدّم الشيء
على نفسه.
وإلى
هذا أيضا أشار بقوله : « ولا سبق لمشروط » أي النفس المشروطة « باللاحق » أي الجسم
« في تأثيره ».
وأمّا
الخامس : فلأنّ العرض محتاج في وجوده إلى الجوهر ، فلو كان المعلول الأوّل عرضا
لكان علّة للجواهر كلّها ، فيكون السابق مشروطا في وجوده باللاحق ، وهو باطل
بالضرورة.
وإليه
أشار بقوله : « ولا سبق لمشروط باللاحق في وجوده ».
فالحاصل
: أنّ الصورة والعرض مشروطان بالمادّة والجوهر ، فلا يكونان سابقين عليهما. والنفس
إنّما تؤثّر بواسطة الجسم ، فلا تكون متقدّمة عليه تقدّم العلّة على المعلول ،
وإلاّ لاستغنت في تأثيرها عنه. فتعيّن أن يكون المعلول الأوّل هو العقل ، وهو
المطلوب.
إذا
عرفت هذا الدليل ، فنقول ـ بعد تسليم أصوله ـ : إنّه إنّما يتمّ لو كان المؤثّر
موجبا ، أمّا إذا كان مختارا فلا ؛ فإنّ المختار تتعدّد آثاره وأفعاله بتعدّد
إرادته أو تعلّقاتها أو تعدّد متعلّقها كما ورد أنّه تعالى « خلق الأشياء بالمشيئة
وخلق المشيئة بنفسها » (4). وسيأتي الدليل على أنّه مختار.
قال
: ( وقولهم : استدارة الحركة توجب الإرادة المستلزمة للتشبّه بالكامل ؛ إذ طلب
الحاصل فعلا أو قوّة يوجب الانقطاع ، وغير الممكن محال ؛ لتوقّفه على دوام ما
أوجبنا انقطاعه ، وعلى حصر أقسام الطلب ، مع المنازعة في امتناع طلب المحال ).
أقول
: هذا هو الوجه الثاني من الوجوه التي استدلّوا بها على إثبات العقول المجرّدة مع
الجواب عنه.
وتقرير
الدليل : أن نقول : حركات السماوات إراديّة ؛ لأنّها مستديرة ، لأنّ الحركة إمّا
طبيعيّة أو قسريّة ، والمستديرة لا تكون طبيعيّة ؛ لأنّ المطلوب بالطبع لا يكون
متروكا بالطبع ، وكلّ جزء من المسافة في الحركة المستديرة فإنّ تركه بعينه هو
التوجّه إليه ، وإذا انتفت الطبيعيّة انتفت القسريّة ؛ لأنّ القسر على خلاف الطبع
، وحيث لا طبع فلا قسر ، فثبت أنّها إراديّة. وكلّ حركة إراديّة فإنّها تستدعي
مطلوبا ؛ لأنّ العبث لا يدوم ، وذلك المطلوب يجب أن يستكمل الطالب به ، وإلاّ لم
يتوجّه بالطلب نحوه.
وذلك
المطلوب إمّا محسوس أو معقول ، لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّ طلب المحسوس إمّا أن
يكون للجذب أو للدفع ، وجذب الملائم شهوة ودفع المنافر غضب ، وهما على الفلك
محالان ؛ لأنّهما مختصّان بالجسم الذي ينفعل ويتغيّر من حالة ملائمة إلى غيرها
وبالعكس ، والأجرام السماويّة لا تنخرق ولا تلتئم ولا تتغيّر من حالة إلى أخرى ،
فتعيّن أن يكون ذلك المطلوب معقولا.
وذلك
المعقول إمّا محال أو ممكن حاصل ، أو ممكن الحصول الذي لا ينال أصلا ، وهو المراد
من الحاصل قوّة ، أو ينال مستقرّا أو متعاقبا مع الانتهاء أو بدون الانتهاء ، وطلب
المحال محال، وطلب ما ينال يوجب انقطاع الحركة ، وكذا ما لا ينال ؛ لحصول اليأس ،
وكذا ما ينال مستقرّا أو متعاقبا مع الانتهاء ، كما سيأتي ، فتعيّن الأخير ، فإمّا
أن يكون ذلك المطلوب كمالا في نفسه أو لا. والثاني محال ، وإلاّ لجاز انقطاع
الحركة ؛ لأنّه لا بدّ وأن يظهر أنّ المطلوب ليس بكمال في ذاته فيترك الطلب ، وإذا
كان المطلوب كمالا حقيقيّا فإمّا أن يحصل بالكلّيّة ، وهو محال ، وإلاّ لوقفت
الحركة كما مرّ ، فيجب أن يحصل على التعاقب.
ولمّا
كانت كمالات الفلك حاضرة بأسرها سوى الوضع ؛ لأنّه كامل في جوهره ،
وباقي
مقولاته غير الوضع ؛ فإنّ أوضاعه الممكنة ليست حاضرة بأسرها ؛ إذ لا وضع يحصل له
إلاّ وهناك أوضاع لا نهاية لها معدومة عنه ، ولا يمكن حصولها دفعة ، فهي إنّما
تحصل على التعاقب.
ثمّ
إنّ الفلك لمّا تصوّر كمال العقل وأنّه لم يبق فيه شيء بالقوّة إلاّ وقد خرج إلى
الفعل ، اشتاق إلى التشبّه به في ذلك ؛ ليستخرج باقيه من القوّة إلى الفعل ، ولمّا
تعذّر ذلك دفعة استخرج كماله في أوضاعه على التعاقب.
فقد
ظهر من هذا وجود عقل يتشبّه به الفلك في حركته ، فإن كان واحدا لزم تشابه الحركات
الفلكيّة في الجهات والسرعة والبطء ، وليس كذلك ، فيجب وجود عقول متكثّرة بحسب
تكثّر الحركات في الجهة والسرعة والبطء.
لا يقال
: لم لا يتحرّك لأجل نفع السافل؟ أو لم لا تختلف السرعة والبطء والجهة كذلك؟
لأنّا
نقول : الفلكيّات أشرف من هذا العالم ، ويستحيل أن يفعل العالي شيئا لأجل السافل ،
وإلاّ لكان مستكملا به ، فالكامل مستكمل بالناقص ، وهذا خلف ، فلا يمكن أن تكون
الحركة في أصلها ولا في هيئتها لأجل نفع السافل.
وبالجملة
، فهذا تقرير الدليل.
والجواب
: أنّ هذا مبنيّ على دوام الحركة ، وقد بيّنّا حدوث العالم فيجب انقطاعها ، فبطل
هذا الدليل من أصله.
وأيضا
فهذا الدليل يتوقّف على حصر أقسام الطلب ، والأقسام التي ذكروها ليست حاصرة ؛
لاحتمال كون طلب المحسوس لمعرفته أو نحوها.
سلّمنا
، لكن لم لا يجوز أن يكون الطلب لما يستحيل حصوله أو لما هو حاصل ولا شعور للطالب
بذلك ، ويمنع وجوب الشعور بذلك؟
ثمّ
نقول : لا نسلّم أنّ الحركة الفلكيّة دوريّة فلم لا يتحرّك على الاستقامة؟
سلّمنا
أنّها دوريّة ، لكنّ الحركة ليست مقصودة بالذات بل إنّها تراد لغيرها ،
فلم
حصرتم ذلك الغير في استخراج الأوضاع؟ ولم لا يجوز أن يكون للفلك كمالات غير
الأوضاع معدومة كالتعقّلات المتجدّدة؟
وأيضا
فلم أوجبتم الحركة في الوضع للتشبيه باستخراج أنواع الأوضاع ، ولم توجبوا استخراج
باقي الأعراض من الكمّ والكيف؟ ولم أوجبتم وجود عقل يشبّه به الفلك ولم توجبوا
وجود نور غيره؟ ولم لا يقال : إنّ خروج الأوضاع كمال مفقود ، فيتحرّك لطلبه من غير
حاجة إلى متشبّه به؟
سلّمنا
، لكن لم أحلتم نفع السافل؟ وحديث الاستفادة ـ مع أنّه خطابيّ ـ غير لازم.
وبالجملة
، فهذا الوجه ضعيف جدّا.
إذا
عرفت هذا ، فنرجع إلى تطبيق ألفاظ الكتاب :
فقوله
: « وقولهم » يقرأ بالجرّ عطفا على قوله : « قولهم » في قوله : « كقولهم ».
وقوله
: « استدارة الحركة توجب الإرادة » إشارة إلى ما نقلناه عنهم من أنّ الحركة
المستديرة لا تكون إلاّ إذا أراد بها شيئا.
وقوله
: « المستلزمة للتشبّه بالكامل » إشارة إلى أنّ الغاية من الحركة ليس كمالا لا
يحصل دفعة ولا ممتنع الحصول ، بل هو التشبّه الحاصل على التعاقب.
وقوله
: « إذ طلب الحاصل فعلا أو قوّة يوجب الانقطاع » إشارة إلى أنّ ذلك الكمال ليس
حاصلا بالفعل وإلاّ لوقفت الحركة ، ولا بالقوّة التي يمكن حصولها دفعة أو نحو ذلك
؛ لذلك أيضا.
وقوله
: « وغير الممكن محال » إشارة إلى أنّ الكمال إذا امتنع استحال طلبه.
وقوله
: « لتوقّفه على دوام ما أوجبنا انقطاعه » إشارة إلى بيان ضعف هذا الدليل ؛ فإنّه
مبنيّ على دوام الحركة ، وقد بيّنّا وجوب انقطاعها حيث بيّنّا حدوثها.
وقوله
: « على حصر أقسام الطلب » عطف على قوله : « على دوام » وإشارة إلى اعتراض ثان ،
وهو أن نمنع حصر أقسام الطلب فيما ذكر.
وقوله
: « مع المنازعة في امتناع طلب المحال » إشارة إلى اعتراض آخر ، وهو أنّا نمنع
استحالة طلب المحال بجواز الجهل على الطالب.
قال
: ( وقولهم (5) : لا علّيّة بين المتضايفين ، وإلاّ لأمكن الممتنع وعلّل الأقوى
بالأضعف ؛ لمنع الامتناع الذاتي ).
أقول
: هذا هو الوجه الثالث من الوجوه التي استدلّوا بها على إثبات العقول.
وتقريره
أن يقال : إنّ الأفلاك ممكنة فلها علّة ، فهي إن كانت غير جسم ولا جسمانيّ ثبت
المطلوب.
وإن
كانت العلّة أمرا جسمانيّا لزم الدور ؛ لتوقّفه على الجسم المتوقّف على علّة
الأفلاك.
وإن
كانت جسما ، فإمّا أن يكون الحاوي علّة للمحويّ أو بالعكس ، والثاني محال ؛ لأنّ
المحويّ أضعف من الحاوي ، فلو كان علّة لزم تعليل الأقوى ـ الذي هو الحاوي ـ
بالأضعف الذي هو المحويّ ، وهو محال. والأوّل ـ وهو أن يكون الحاوي علّة في
المحويّ ـ محال أيضا.
وبيانه
يتوقّف على مقدّمات :
إحداها
: أنّ الجسم لا يكون علّة إلاّ بعد صيرورته شخصا معيّنا ، وهو ظاهر ؛ لأنّه إنّما
يؤثّر إذا صار موجودا بالفعل ولا وجود لغير الشخص.
الثانية
: أنّ المعلول حال فرض العلّة ووجوبها (6).
الثالثة
: أنّ الأشياء المتصاحبة لا تتخالف في الوجوب والإمكان.
إذا
عرفت هذا ، فنقول : لو كان الحاوي علّة للمحويّ لكان متقدّما بشخصه المعيّن على
وجود المحويّ ، فيكون المحويّ حينئذ ممكنا ، فيكون انتفاء الخلاء ممكنا ؛ لأنّه مصاحب
لوجود المحويّ ، لكنّ الخلاء ممتنع لذاته.
والجواب
ـ بعد تسليم امتناع الخلاء ـ : أنّا لا نسلّم كون الامتناع ذاتيّا.
إذا
عرفت هذا ، فنرجع إلى تطبيق ألفاظ الكتاب ، فنقول :
قوله
: « لا علّيّة بين المتضايفين » الذي يفهم من هذا الكلام أنّه لا علّيّة بين
الحاوي والمحويّ، وسمّاهما المتضايفين ؛ لأنّه أخذهما من حيث هما حاو ومحويّ ،
وهذان الوصفان من باب المضاف.
وقوله
: « وإلاّ لأمكن الممتنع » إشارة إلى ما مرّ من إمكان الخلاء الممتنع لذاته على
تقدير كون الحاوي علّة.
وقوله
: « أو علّل الأقوى بالأضعف » إشارة إلى ما بيّنّاه من كون الضعيف علّة في القويّ
على تقدير كون المحويّ علّة للحاوي.
وقوله
: « لمنع الامتناع الذاتي » إشارة إلى ما بيّنّاه في الجواب من المنع من كون
الخلاء ممتنعا لذاته.
واعلم
أنّ بعض (7) أهل الإشراق استدلّ بالبرهان الأشرف على ثبوت العقل ، وهو أنّ الواجب
تعالى أشرف العلل ، فيجب أن يكون معلوله أشرف المعلولات بكونه مجرّدا عن المادّة ،
وصاحب الكمالات الفعليّة من غير أن يكون فيه القوّة ، وعدم اشتماله على جهة النقص
إلاّ نقص الإمكان والحدوث والحاجة ، فيكون بالفعل صاحب نحو العلم والقدرة من
الكمالات الذاتيّة، وهو المراد بالعقل كما ورد في النقل « أنّ أوّل ما خلق الله
العقل » (8) ويطابقه العقل؛ لأنّ المقتضي ـ وهو المبدأ الفيّاض ـ موجود ، والمانع
مفقود.
اللهمّ
إلاّ أن يقال : إنّ عدم الإرادة مانع ، مضافا إلى إمكان أن يقال : إنّ أوّل ما خلق
الله هو النور الأحمدي صلى الله عليه وآله ، لا العقل ، كما يستفاد من النقل ،
كقوله صلى الله عليه
وآله: « أوّل ما خلق الله نوري » (9) لإمكان الجمع بإرجاع العقل إلى النقل
لتكاثره البالغ إلى حدّ القطع ظاهرا ، فلا بدّ من التخصيص الموضوعي ؛ حذرا عن
الاجتهاد في مقابل النصّ فإنّ المراد من العقل هو النور المحمّدي صلى الله عليه وآله الاتّفاق
وإلاّ فمجال المنع واسع.
__________________
(1) انظر : « المحصّل » : 230 ـ 231
؛ « المطالب العالية » 7 : 25 ـ 28 ، وقد نسبه في الأوّل إلى جمهور المتكلّمين ،
وفي الثاني إلى أكثر المتكلّمين. ولمزيد المعرفة راجع « شرح المواقف » 6 : 272 ـ
277 و 7 : 247 ؛ « شرح المقاصد » 2 : 141 ـ 144 و 3 : 5 ـ 8.
(2) انظر : « الشفاء » الإلهيات :
402 ـ 409 ؛ « النجاة » : 273 ـ 280 ؛ « المعتبر في الحكمة » 3 : 145 ـ 168 ؛ «
المباحث المشرقية » 2 : 453 ـ 463 ، و 526 ـ 535 ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » 3
: 243 ـ 263 ؛ « شرح الهداية الأثيرية » للميبدي : 182 ـ 193.
(3) انظر : المصادر السابقة في
الهامش المتقدّم.
(4) « التوحيد » : 148 / 19 باب صفات
الذات وصفات الأفعال ، و 339 / 8 باب المشيئة والإرادة.
(5) لفظة « وقولهم » ساقطة من بعض نسخ « التجريد » ، والظاهر أنّها
من سهو النسّاخ ، ويؤيّد ذلك أنّ الشارح ; قد أسقطها عند تطبيق ألفاظ الكتاب ، كما
سيأتي في الصفحة 341.
(6) كذا في الأصل ، والعبارة ـ كما
يبدو ـ ناقصة. وفي « كشف المراد » : 181 هكذا وردت: « الثانية : أنّ المعلول حال
فرض وجود العلّة يكون ممكنا ، وإنّما يلحقه الوجوب بعد وجود العلّة ووجوبها ».
(7) هذا البعض هو صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، انظر
كتابه « الأسفار الأربعة » 7 : 263.
(8) « عوالي اللآلئ » 4 : 99 / 141 ؛
« مكارم الأخلاق » 2 : 332 / 2656.
(1) « عوالي اللآلئ » 4 : 99 / 140 ؛ « بحار الأنوار » 15 : 24 /
44 ، و 25 : 22 / 38.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|