أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
3031
التاريخ: 4-4-2016
4323
التاريخ: 30-11-2021
2272
التاريخ: 26-3-2017
2689
|
للدفع بالغش نحو القانون ركنان أساسيان لابد من توافرهما لإعماله هما: أولا- الركن المادي- تغيير مادم إرادي في ضابط الإسناد ويقصد بهذا الركن المادي أن يعمد الأطراف إلى إحداث تغيير في الظروف التي يتحدد على أساسها ضابط الإسناد الذي هو عنصر من عناصر قاعدة الإسناد الذي بموجبه يتحدد القانون الواجب التطبيق، ويترتب على هذا التغيير في ضابط الإسناد تغيرا في القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النزاع.
وهذا التغيير المادي من جانب الأطراف في الظروف تلعب فيه الإرادة دورا جوهرية في تغير ضابط الإسناد كضابطي الجنسية والموطن مثلا في مجال الأحوال الشخصية؛ فقد يقوم الأطراف بتغيير جنسيتهم إلى الدولة المراد الخضوع لقانونها إذا كان قانونها يعتد بالجنسية كضابط لتطبيق قانونها في مجال الأحوال الشخصية، أما إذا كان قانون الدولة المراد الخضوع لأحكامه يأخذ بضابط الموطن فأنهم سيعمدون إلى تغيير موطنهم إلى داخل أراضى هذه الدولة(1).
ويرتكز الركن المادي للدفع بالغش نحو القانون على أساس تصرف مادی وإجراء قانوني إرادی ظاهر من قبل الأطراف كقيامهم مثلا بتغيير مكان إبرام العقد ومكان تنفيذه أو قيامهم بإجراء تغيير جوهري في عنصر من عناصر العلاقة المالية، فيتغير بناء عليها القانون الواجب التطبيق كنقل المنقول من دولة إلى أخرى قبل إنشاء الحق العيني فيه، ومن المعروف أن المنقول من الأموال المادية التي تخضع لقانون موقعها فيتغير بالتالى القانون الواجب التطبيق ليصبح قانون الدولة التي تم نقل المنقول إليها (2) .
ويعتبر البعض ما قام به الأطراف هو مخالفة غير مباشرة لتحقيق نتيجة غير مشروعة تمثلت في عمل إرادی تم بطريق التلاعب في ضابط الإسناد كالجنسية والموطن وموقع المال ....... إلخ، فهو مخالفة غير مباشرة لأنها ترتكب بواسطة ذات القانون وما أجازه من تغيير الفرد لجنسيته أو موطنه والذي تغير على أساسه ضابط الإسناد المتعلق بهما ليخضع العقد بذلك لقانون يغاير ما كان سيخضع له سابقا، وهذه المخالفة غير المباشرة تهدف إلى تحقيق نتيجة غير مشروعة لأن القانون الذي يسعون إلى تطبيقه ليس هو القانون المختص أصلا بحكم النزاع ولكن تم التوصل إليه بطريق الغش والتحايل.
وقد يقوم الأطراف بخلق معيار إسناد غیر موجود بغرض تدويل عقد داخلی بطبيعته لمجرد التوصل إلى إخضاعه لقانون دولة غير تلك التي تنتمي إليها الرابطة العقدية بكافة عناصرها، وهو ما يعرف "بالتدويل المصطنع لعقد داخلی" كما لو سافر مصریان مقيمان في مصر إلى إيطاليا لإبرام عقد قرض والاتفاق على إخضاعه للقانون الإيطالي للتهرب من الأحكام الآمرة الخاصة بالفوائد والمنصوص عليها في القانون المصرى وهو المختص أصلا بحكم العقد، وهو ما يتوافر معه أركان الدفع بالغش نحو القانون(3) ، ففي هذا الفرض نجد خلق الأطراف المعيار إسناد لم يكن موجودة في الأصل بهدف إضفاء الصفة الدولية على عقدهم الداخلي وإخضاعه لقانون الإرادة الذي تخضع له فقط العقود الدولية، فسفرهم إلى إيطاليا وإبرام عقدهم هناك تم بطريق الغش والتحايل من أجل إسناد العقد لقانون الإرادة (القانون الايطالي) وليتحقق الركن المادي بالصورة التي شرحناها لابد من توافر ثلاثة شروط هي: الشرط الأول- قيام الأطراف بإجراء تغيير إرادی جوهري لضابط الإسناد. الشرط الثاني- مشروعية الإجراء الذي قام به الأطراف من الناحية القانونية
لأنه من البدهي إذا كان هذا الإجراء غير مشروع من الناحية القانونية فإنه لا مجال الإعمال الدفع بالغش نحو القانون ولن نكون بحاجة إليه لأن التصرف الذي قام به الأطراف باطل ولن يترتب عليه أي أثر قانونی الشرط الثالث. تحقيق الإجراء أو التغيير أثره:
لابد وأن يحقق التغير الذي قام به الأطراف أثره من تغير في الاختصاص التشريعي وانتقاله إلى القانون الذي من أجله قام الأطراف بإجراء هذا التغيير، مما يفرض حتمية الدفع بالغش نحو القانون الاستبعاد هذا القانون، أما إذا لم يترتب على تغيير الأطراف الضابط الإسناد انتقال الاختصاص التشريعي فعلا وكان تغييرة صورية أو عديم الأثر، فإنه لا مجال للدفع بالغش نحو القانون. .
كما أن هناك من الشروط لم يتم الاتفاق عليها فهي محل خلاف لإثارة الدفع بالغش نحو القانون والتي تتمثل في (4):
1- أن يقع الغش نحو القانون على نصوص آمرة.
في باديء الأمر كان نطاق الغش نحو القانون محصورة في الحالات التي يكون التحايل فيها واقعة على القواعد الآمرة، على أساس أن القواعد المكملة لا يمكن أن يتصور التهرب من أحكامها، ذلك لأن المشرع خول للأفراد حرية الخروج
عليها ومخالفتها، ولكن سرعان ما فقد هذا الاتجاه فاعليته وأصبح الدفع بالغش نحو القانون يثار الاستبعاد القانون الذي اختاره الأطراف الحكم العقد الدولى نتيجة ارتكاب المتعاقدين تحايلا سواء أكان هذا التحايل واقعة على قواعد مكملة أو آمرة للقانون المختص أصلا بنظر النزاع.
2- أن يقع الغش على قانون القاضي:
فقديما كان الفقه والقضاء مستقرين على قصر تطبيق الدفع بالغش نحو القانون على الحالات التي يكون الغش واقعأ فيها على قانون القاضي، أما حديثا فيؤكد الفقه والقضاء صحة الدفع بالغش نحو القانون المختص في الأصل بحكم النزاع سواء أكان هذا القانون وطنية أم أجنبية.
3- أن يترتب على الغش ضررا:
وهذا الشرط يتأسس على أن التحايل والغش نحو القواعد القانونية سواء أكانت مكملة أم أمرة، وطنية أم أجنبية، يجب أن يترتب عليه نتيجة غير مشروعة، ولكن أنتقد هذا الشرط لأن جزاء الضرر في القانون الدولي الخاص ليس الغرض منه جبر الضرر وانما استبعاد القانون المشوب بالغش.
ثانيا: الركن المعنوی- نية الغش والتحايل نحو القانون .
ويتعلق الركن المعنوي بأمر باطني داخلي وهو الباعث من وراء تغيير الأطراف الضابط الإسناد، فيشترط أن يكون الباعث هو التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق أصلا على العلاقة، ولا جدال حول ما تشكله مسألة النية من صعوبة على القاضي ومشقة عند استخلاصه لها؛ فهي مسألة موضوعية تقديرية يستدل عليها من مظاهر وقرائن دالة عليها، فهذه النية هي سبيل إبطال تصرف الأطراف وبدونها يصبح تصرفهم سليمة ولا يشوبه أي عيب ولا مجال لإبطاله، ومن ثم فإنه في حالة إذا ما تبين أن خضوع العلاقة القانون جدید جاء بصورة عرضية، وأن التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق أصلا لم يكن هدف من وراء تغيير الأفراد لضابط الإسناد، فان الركن المعنوي لا يعد متوافرة في هذه الحالة ولا مجال لتطبيق نظرية الدفع بالغش نحو القانون.
ويستعين القاضي في استخلاصه لنية الغش والتحايل بعدة قرائن ومظاهر منها حالة التلازم الزمنی مثلا بين تغير ظروف العلاقة وبين إجراء التصرف المراد إخضاعه للقانون الجديد، ومثاله حصول شخص على جنسية جديدة وقيامه على أثر ذلك بالزواج من زوجة ثانية متى كان قانون جنسيته الجديدة يمنحه حق تعدد الزوجات وكان القانون الواجب التطبيق أصلا (قانون جنسيته القديمة) يحرمه من هذا الحق (5) .
وقد يرمز البعض إلى استحالة الوصول إلى أمر باطني داخلي كالنية، وأنه يمكن الاكتفاء بالركن المادي فقط للدفع بالغش نحو القانون في محاولة منهم لتجريد الركن المعنوي من أهميته والاستقطاع منها، ولكن حقيقة هذا الرأي هو في القانون دعي النسب ونازح عن الصواب، فالنية هي أساس الدفع بالغش نحو القانون وبدونها لا يتصور إعماله لمجرد قيام الأفراد بإجراء تصرف مادی سلیم من الناحية القانونية الانتفاء المبرر، فكيف ستبرر عدم مشروعية هذا التصرف وهو سليم قانونا وكان من التصرفات الإرادية التي لا حجر عليها ويعظم دور الإرادة فيها ولا يمكن أبدأ التعويل والاعتماد فقط على المظهر الخارجي للتصرف للقول بوجود قصد للتحايل والغش نحو القانون ؟
ولكن الدفع بالغش نحو القانون ليس أمرا يسيرا كما يعتقد البعض، فهو في رأينا يحتاج إلى قاض عالم وملم بوسائل المتعاقدين وطرقهم الاحتيالية التي يستعملونها للوصول إلى تطبيق القانون الذي يخدم مصالحهم فقط، وهو ما أدى إلى محاولة وضع شروط أخرى لإعمال الدفع بالغش نحو القانون لم يتفق عليها الفقه (6) ، واستقر الرأي الغالب على كفاية الركنين المادي والمعنوي لإعماله، كما أن مسألة إثبات سوء النية تكون يسيرة إذا ما دلت مظاهر خارجية واضحة عليها، ولكن في حالة غموض هذه المظاهر والتباسها فإن الأمر يضحي غاية في الصعوبة على القاضي.
_________
1- د. عوض الله شيبة الحمد السيد: الوجيز في القانون الدولي الخاص، (الجنسية – مركز الاجانب – تنازع القوانين – الاختصاص القضائي الدولي - تنفيذ الاحكام االجنبية ) دار النهضة العربية القاهرة 2001 ، ص404.
2- د. القانون الدولي الخاص المصرى، الكتاب الثاني ( الاختصاص القضائي الدولي تنازع القوانين ، الاثار الدولية للاحكام ، التحكبم الدولي الخاص ) دار النهضة العربية القاهرة 2009 ق، ص 101.
3- د. هشام صادق: عقود التجارة الدولية، 2007م، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ص 447، بند 294.
4- د. خالد شويرب: القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي، القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي، رسالة دكتوراة، جامعة الجزائر كلية الحقوق بن يوسف بن خدة، 2008/ 2009م، ص 87.
5 - د.ناصر عثمان محمد عثمان: القانون الدولي الخاص المصرى، مرجع سابق، ص. 103 .
6- وتتمثل الشروط الغير متفق عليها لإعمال الدفع بالغش نحو القانون في:
أ- وقوع الغش نحو القانون على نصوص آمرة: بدهية لا يمكن تصور محاولة التهرب من أحكام النصوص المكملة لأن الأطراف طبيعية يستطيعون الخروج عليها ومخالفتها بأمر من المشرع نفسه، ولكن مفقودة قيمة هذا الشرط لأن الدفع بالغش نحو القانون أصبح يثار سواء وقع هذا الغش على قواعد مكملة أو قواعد آمرة للقانون المختص في الأصل.
ب- أن يتم الغش نحو قانون القاضي: ولكنه في الوقت الحاضر أصبح الدفع بالغش نحو القانون يثار سواء أكان الغش واقعة على قانون وطني أم على قانون أجنبي.
ج- أن يحدث الغش ضررة: ولكن لم يؤخذ بهذا الشرط لأن جزاء الضرر هو جبره، أما في القانون الدولي الخاص ليس الغرض منه جبر الضرر وانما استبعاد القانون المشوب بالغش.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|