أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-12-2018
2010
التاريخ: 10-7-2019
2033
التاريخ: 1-07-2015
1713
التاريخ: 1-07-2015
1752
|
أقول
: الفاعل هو المؤثّر ، والغاية ما لأجله الأثر ، والمادّة والصورة جزءاه. وإذا وجد
المؤثّر بجميع جهات التأثير كان علّة تامّة ، ووجب وجود المعلول ؛ لأنّه لو لم يجب
لجاز وجود الأثر عند وجود الجهات بأجمعها وعدمه ، فتخصيص وقت الوجود به مع وجود
الإرادة في الزمانين إمّا أن يكون لأمر زائد لم يكن في الزمان الآخر موجودا أو لا
يكون ، فإن كان الأوّل لم يكن المؤثّر المفروض أوّلا تامّا ، هذا خلف. وإن كان
الثاني لزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجّح ، وهو محال.
قال
: ( ولا يجب مقارنة العدم ).
أقول
: ذهب قوم إلى أنّ التأثير إنّما يكون لما سبق بالعدم.
وهو
على الإطلاق غير سديد ، بل المؤثّر إن كان مختارا وجب فيه ذلك ؛ لأنّ المختار
إنّما يفعل بواسطة القصد ، وهو إنّما يتوجّه إلى شيء معدوم. وإن كان موجبا لم يجب
فيه ذلك ؛ لجواز استناد القديم إلى المؤثّر. فاستناد الحادث إلى القديم جائز ؛
لتوقّف التأثير على شرط حادث كتعلّق الإرادة ، فالتقدّم لذات الفاعل ، لا للفاعل
المستجمع لجميع جهات التأثير ؛ لامتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة ، بل يجب
تحقّق الإيجاد ووجود المعلول حينئذ في آن واحد.
قال
: ( ولا يجوز بقاء المعلول بعده وإن جاز في المعدّ ).
أقول
: ذهب قوم (1) غير محقّقين ـ كما حكي (2) ـ إلى أنّ احتياج الأثر إلى المؤثّر وإنّما
هو آن حدوثه ، فإذا أوجد الفاعل الفعل استغنى الفعل عنه ، فجاز بقاؤه بعده ،
وتمثّلوا في ذلك بالبناء الباقي بعد البنّاء وغيره من الآثار.
وهو
خطأ ؛ لأنّ علّة الحاجة ـ وهي الإمكان ـ ثابتة بعد الإيجاد ، فثبتت الحاجة.
والبنّاء ليس علّة مؤثّرة في وجود البناء الباقي ، وإنّما حركته علّة لحركة
الأحجار ووضعها على نسبة معيّنة ، ثمّ بقاء الشكل معلول لأمر آخر. هذا في العلل
الفاعليّة.
أمّا
العلل المعدّة فإنّها تعدم وإن كان معلولاتها موجودة كالحركة المعدّة للوصول
وللحرارة.
قال
: ( ومع وحدته يتّحد المعلول ).
أقول
: هذا إشارة إلى قاعدة مشهورة بين الحكماء ، وهي : « أنّ الواحد لا يصدر عنه إلاّ
الواحد » (3).
والمراد
أنّ المؤثّر إن كان مختارا جاز أن يتكثّر أثره مع وحدته ، كتعدّد إرادته.
وإن
كان موجبا فذهب الأكثر ـ خلافا لأكثر المتكلّمين (4) ـ إلى استحالة تكثّر معلوله
باعتبار واحد.
وأقوى
حججهم أنّ نسبة المؤثّر إلى أحد الأثرين ومصدريّته له مغايرة لنسبته إلى آخر ، فإن
كان كلّ واحد منهما نفس الواحد الحقيقي كان لأمر واحد حقيقتان مختلفتان.
وإن
كانت النسبتان جزئيّة كان مركّبا ، فلم يكن ما فرضناه واحدا واحدا. وإن خرجا أو
خرج أحدهما ، كانت المصدريّة الخارجة مستندة إلى ذلك الواحد المؤثّر ، وإلاّ لم
يكن هو مصدرا ومؤثّرا ، فننقل الكلام إلى مصدريّة المصدريّة ، فيلزم التسلسل.
وهي
عندي ضعيفة ؛ لأنّ نسبة التأثير والصدور يستحيل أن تكون وجوديّة ، وإلاّ لزم
التسلسل.
وإذا
كانت من الأمور الاعتباريّة استحالت هذه القسمة عليها ، مضافا إلى النقض بصدور شيء
واحد ؛ لأنّ مصدريّته لذلك الشيء أمر مغاير له ، لكونها نسبة بينه وبين غيره ، فهي
إمّا داخلة أو خارجة ، فعلى الأوّل يلزم تركّبه ، وعلى الثاني يلزم التسلسل ، مع
أنّ التعدّد المنفيّ لازم لو كانت المصدريّة وجوديّة.
قال
: ( ثمّ تعرض الكثرة باعتبار كثرة الإضافات ).
أقول
: لمّا بيّن أنّ العلّة الواحدة لا يصدر عنها إلاّ معلول واحد ، أشار إلى جواب
استدلال المتكلّمين ، وهو أنّه لو لم يصدر عن الواحد إلاّ الواحد ، لما صدر عن
المعلول الأوّل إلاّ واحد هو الثاني وعنه واحد هو الثالث وهلمّ جرّا ، فتكون
الموجودات سلسلة واحدة ولم يوجد شيئان يستغني أحدهما عن الآخر في الوجود.
وتقرير
الجواب : أنّ ذلك لازم لو لم يكن في المعلول مع وحدته كثرة الجهات والاعتبارات ،
ولكن فيه كثرة الإضافات ؛ فإنّ له وجودا ووجوبا بالغير وإمكانا بالذات ونحو ذلك من
الاعتبارات ، ولهذا يقال : إنّ العقل الأوّل باعتبار التجرّد أثّر في العقل الثاني
وباعتبار الإمكان في الفلك الأعظم وهكذا غيره.
وأورد
عليه : بأنّ هذه كلّها اعتبارات عقليّة لا تصلح أن تكون علّة للأعيان الخارجيّة ،
وإلاّ فذات الواجب تعالى يصلح أن يجعل مبدأ للممكنات باعتبار كثرة السلوب
والإضافات (5).
والحقّ
أنّ الحقّ فاعل مختار يوجد الأشياء بالمشيّة المتعلّقة بإيجاد الممكنات.
قال
: ( وهذا الحكم ينعكس على نفسه ).
أقول
: يريد بذلك أنّه مع وحدة المعلول تتّحد العلّة ، وهو عكس الحكم الأوّل ، فلا
يجتمع على الأثر الواحد مؤثّران مستقلاّن ، بمعنى عدم جواز توارد العلّتين المستقلّتين
في معلول واحد شخصي ، لأنّه بكلّ واحد منهما واجب مستغن عن الآخر ، فيكون حال
حاجته إليهما من جهة العلّيّة مستغنيا عنهما ؛ لكون كلّ منهما مستقلاّ بالعلّيّة ،
هذا خلف.
قال
: ( وفي الوحدة النوعيّة لا عكس ).
أقول
: إذا كانت العلّة واحدة بالنوع كان المعلول كذلك ، ولا يجب من كون المعلول واحدا
بالنوع كون العلّة كذلك ؛ فإنّ الأشياء المختلفة تشترك في لازم واحد ، كاشتراك
الحركة والشمس والنار في الحرارة ؛ لأنّ المعلول يحتاج إلى مطلق العلّة ، وتعيين
العلّة [ جاء ] (6) من جانب العلّة لا المعلول.
قال
: ( والنسبتان من ثواني المعقولات ، وبينهما مقابلة التضايف ).
أقول
: يعني أنّ نسبة العلّيّة والمعلوليّة من المعقولات الثانية ؛ لاستحالة وجود شيء
في الأعيان، وهو مجرّد علّيّة أو معلوليّة وإن كان معروضهما موجودا وبينهما مقابلة
التضايف ؛ فإنّ العلّة علّة للمعلول ، والمعلول معلول للعلّة.
وقد
نبّه بقوله : « وبينهما مقابلة التضايف » على امتناع كون الشيء الواحد بالنسبة إلى
شيء واحد علّة ومعلولا ، وهو الدور المحال ؛ لأنّ كونه علّة يقتضي الاستغناء
والتقدّم ، وكونه معلولا يقتضي الحاجة والتأخّر ، فيكون الشيء الواحد مستغنيا عن
الشيء الواحد متقدّما عليه ومحتاجا إليه ومتأخّرا عنه ، وهذا خلف.
قال
: ( وقد يجتمعان في الشيء الواحد بالنسبة إلى أمرين لا يتعاكسان فيهما ).
أقول
: قد تجتمع نسبة العلّيّة والمعلوليّة في الشيء الواحد بالنسبة إلى أمرين ، فيكون
علّة لأحد الشيئين ومعلولا للآخر ، كالعلّة المتوسّطة فإنّها معلولة للعلّة الأولى
وعلّة للمعلول الأخير ، لكن بشرط أن لا يكون ذانك الأمران يتعاكسان في النسبتين ،
بأن تكون العلّة الأولى معلولة للمعلول الأخير والمعلول الأخير علّة لها ، وإلاّ
عاد الدور المحال ؛ لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه أو تأخّره عنها بمرتبتين أو
بمراتب.
فإن
قلت : نمنع بطلان الدور مطلقا ، لجواز الدور المعيّ في مثل قيام اللبنتين المعتمدة
كلّ واحدة على قيام الأخرى.
قلت
: علّة بطلان الدور التقدّمي ـ وهو توقّف الشيء على نفسه ـ موجودة في المعيّ ،
وأمّا توقّف قيام كلّ من اللبنتين على قيام أخرى فهو صوريّ لا واقعي ؛ فإنّ كلّ
واحد من القيامين معلول لعلّة ثالثة وهي اتّصال اللبنتين على الوجه المخصوص ،
بمعنى علّيّة العرض لعرض آخر لا للجوهر.
وأمّا
توقّف كلّ من المتضايفين كالأبوّة والبنوّة في الوجود الذهني على الآخر ففيه منع
توقّف كلّ من العرضين على نفس العرض الآخر ، بل كلّ منهما متوقّف في التعقّل على
محلّ الآخر ؛ فإنّ الأبوّة عبارة عن كون الشخص والدا لشخص آخر لا للابن ، فهي
موقوفة على معرفة ذات الابن لا على الذات مع وصف البنوّة ، والبنوّة عبارة عن كون
الشخص ابنا وولدا لشخص آخر لا للأب.
وبالجملة
، فبطلان الدور بأقسامه ـ من المصرّح الخارجي والذهني والمضمر كذلك ولو كان معيّا
ـ ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه.
مضافا
إلى أنّ الدور المعيّ لو سلّم عدم بطلانه فإنّما يصحّ فيما يتعلّق بآثار الوجود ،
كقيام اللبنتين الموجودتين ، وأمّا ما يتعلّق بنفس الوجود فلا ؛ لامتناع تأثير
المعدوم كما لا يخفى ، والدور في سلسلة الممكنات بالنسبة إلى وجودها من قبيل
الأخير ، فيكون باطلا.
__________________
(1)
نسبه في « الإشارات والتنبيهات » إلى الأوهام العاميّة ، وفي « شرح الإشارات
والتنبيهات » إلى الجمهور ، وفي « المحاكمات » إلى قوم من المتكلّمين. انظر : «
شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 67 ـ 68.
(2)
حكاه العلاّمة في « كشف المراد » : 115.
(3)
انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 122 ؛ « حكمة الإشراق » ضمن « مجموعة
مصنّفات شيخ الإشراق » 2 : 125.
(4)
« شرح المقاصد » 2 : 87 وما بعدها ؛ « شرح المواقف » 4 : 123 ؛ « شرح تجريد
العقائد » : 117.
(5)
هذا الإيراد أورده الفخر الرازي في « شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 48 وما بعدها
، ونقله عنه التفتازاني في « شرح المقاصد » 2 : 102 والقوشجي في « شرح تجريد
العقائد » : 119.
(6)
الزيادة أثبتناها من « كشف المراد » : 117.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|