أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-12-2016
3113
التاريخ: 12/9/2022
1446
التاريخ: 27-6-2016
36304
التاريخ: 19-1-2016
2413
|
قال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): (أما حق جليسك: فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن يجلس اليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيراً) (1).
(وقال الحواريون لعيسى (عليه السلام): يا روح الله، فمن نجالس إذا؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقُه، ويرغبكم في الآخرة عمله) (2).
للمجلس والمجالسة علاقة وطيدة بمعاملة الناس والروابط بهم، إذ المجلس هو الساحة أو الطرف الذي يحصل فيه اللقاء والتعامل، والمجالسة بدورها هي الوسيلة التي معها يحصل التعامل فيما بين الناس.
ولما كان المجلس والمجالسة بهذا الشأن والمنزلة، فقد أولاهما الدين اهتماماً لما لهما من تأثيرات على الإنسان وسلوكه في الحياة، وجعل لهما حدوداً وآداباً، إذ الإنسان في المجلس او المجالسة يؤثر ويتأثر: يؤثر في الآخرين وفي أجواء المجلس، ويتأثر من الآخرين، وبأجواء المجلس ايضاً، وهذا التأثير والتأثر يجب ان يكونا في حدود الحق والخير والصلاح والفضيلة حسب منطق الدين، وهو المنطق القويم في الحياة، والأولى بالاتباع.
وبناءً عليه، فمن أولويات مجالسة الناس، اختيار الجليس، واعطائه حقوقه، فليس الناس كلهم جديرين بالمجالسة، إذ منهم الأخيار والأشرار، والصالحون والفاسدون، والأمناء والخائنون، والأفاضل والأراذل، وبديهة ان الأخيار والصالحين والامناء والأفاضل، وأشكالهم، هم الجديرون بالمجالسة والمخالطة.
يقول الإمام علي (عليه السلام) في هذا الشأن: (جليس الخير نعمة، جليس الشر نقمة) (3).
ويقول (عليه السلام) أيضا: (جماع الشر، مقارنة أهل السوء) (4).
فهلا يجانب المرء جلساء السوء، ويجالس من هم جديرون بالمجالسة؟، والجديرون (*) بالمجالسة هم:
1- المذكرون بالله.
2ـ المرغبون في الآخرة.
3- الأخيار.
4- الأبرار.
5ـ الصالحون.
6- الأمناء.
7- الحلماء.
8- العلماء.
9- الحكماء.
10- الموقنون.
11- المتواضعون.
12- الناصحون.
13- المؤمنون.
14- الأتقياء.
15- الزهاد.
16- التائبون.
17- الفقراء.
18- المساكين .
19- المخلصون.
20۔ الورِعون.
وإعطاء الحقوق للجليس، هو الأمر الآخر بعد اختياره، ومن حقوق الجليس:
ـ التواضع له.
ـ إنصافه في إتاحة الفرصة له بالحديث، وفي تحدثه عن نفسه وفيما يتعلق به.
ـ الإستئذان منه حين القيام لأمر ما، باعتباره جليساً، وحيث ان المستأذن هو صاحب المجلس.
ـ التجاوز عن أخطائه.
ـ حفظ أفعاله الخيرة.
ـ إسماعه الكلام الخير.
وهذه الحقوق امور أولية وآداب ضرورية في مجالسة الناس، فالتواضع هو عنصر اساس فيها، وهو الخلق الذي يجب ان يكون عليه الإنسان، إذ الناس يرغبون ويميلون الى مجالسة من يتواضع لهم، ويرغبون ويميلون عمّن يتكبر عليهم، فهل سمعت أن امرؤاً رغب في مجالسة شخص تكبر عليه ؟!.
ومن حق الجليس: إنصافه في مجاراة اللفظ، بمعنى الموافقة على الكلام الحق الذي يصدر منه، والاتفاق معه عليه، يتفرع من هذا الحق:
اعطاء الجليس الفرص الكافية للتحدث فيما يطيب له ويُسر به ويُلذ، ان من الناس إذا ما جالسوا الناس لم ينصفوهم في الموافقة على ما يصدر منهم من كلام حق، أو استأثروا بالحديث، والحديث عن أنفسهم، دون ان يتيحوا لهم فرصة الحديث، والتحدث عن أنفسهم، وبذلك يملهم الناس، ويستثقلونهم.
ومن تقدير الجليس واحترامه: استئذانه حين القيام، اذ من غير اللائق القيام عنه، لأداء أمر ما، أو تركه وشأنه دون استئذان، فعلى سبيل المثال: قد يأتي شخص الى مجلسك وتبدأ معه حديثاً، ثم في الأثناء تريد ان تحضر له الفاكهة أو الشاي، فمن غير اللائق ان تقوم عنه وتقطع حديثك أو حديثه من دون استئذان منه، ويخلق بك ان تقول له: أرجو أن تسمح لي ببضع دقائق، أو ما شابه ذلك من العبارات الإستئذانية اللطيفة.
ومن حسن المجالسة مراعاة حدود المجلس (**) وآدابه، فهناك مجالس مطلوب حضورها وأخرى منهي عن حضورها، فالمجالس المأمور بالارتياع فيها هي: مجالس ذكر الله، بما للذكر من معان، او هي المجالس التي يتحقق فيها رضا الله، سواء بالعبادة او غيرها.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ارتعوا في رياض الجنة، قالوا: يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر) (5).
وقال لقمان لابنه: (اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوماً يذكرون الله ـ عز وجل ـ فاجلس معهم، فإنك إن تكُ عالماً ينفعك علمك ويزيدونك علماً، وان كنت جاهلاً علموك، ولعل الله يظلهم برحمة فتعمك معهم) (6).
أما المجالس التي لا يجوز الجلوس فيها، فمنها:
1- مجلس المنكر.
2- مجلس الكفر والاستهزاء بآيات الله.
3۔ مجلس جحد الحق والتكذيب به.
4- مجلس الوقوع في أهل الحق.
5ـ المجلس الذي يسب فيه الأئمة، أو يغتاب فيه المسلمون.
6- مجلس شرب الخمر.
7- مجلس العصيان عموماً.
8- مجلس الريبة.
9- المجلس الذي يسفك فيه الدم الحرام، أو يستحل فيه الفرج الحرام، أو يستحل فيه المال الحرام.
10۔ مجلس افشاء أسرار الإخوان.
11- مجلس الفحش.
وللمجالس آداب ينبغي مراعاتها، منها:
1ـ التفسح والتوسيع للداخل.
2- الجلوس في اوسع مكان يوجد، إذا لم يوسع له.
3- الجلوس حيث ما انتهى المجلس.
4- القعود في أدنى المجلس.
5ـ الجلوس في المكان الذي يأمر به صاحب المنزل.
6- تجنب تقديم الرِّجل بين يدي الجليس، الا لعذر.
وهكذا فلكي يحسن المرء معاملة الناس ينبغي له إحسان مجالستهم ومن احسان المجالسة اختيار المجلس والجليس الصالحين، واعطاء الجليس حقوقه والتزام آداب المجلس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تحف العقول.
(2) بحار الأنوار، ج77، ص147.
(3) الغرر والدرر.
(4) المصدر السابق.
(*) غير الجديرين بالمجالسة: المقابلون للجديرين. ومن الذين نهت الأحاديث الشريفة عن مجالستهم: الأنذال، الأغنياء الذين اطغاهم غناهم، أهل الهوى، أهل البدع، الملوك، أبناء الدنيا، وقرناء السوء عموما.
(**) المجلس: موضع الجلوس، والقوم الجلوس.
(5) بحار الأنوار، ج93، ص163.
(6) الصدر السابق، ص164.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|