ويرى هنتنجتون E . Huntingtonع أن الدول تتقسم من خلال مسارها التاريخي إلى أربع مراحل: مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب، ومرحلة النضج، ومرحلة الشيخوخة.

مرحلة الشباب او القوة Adolescence:

اثناء عملية بناء الدولة وتطويرها قد تطرأ ظروف جديدة تدريجيا أو فجائيا، فتتحول الدولة من مرحلة النشأة (الطفولة) إلى مرحلة الشباب، وتبلغ الدولة هذه المرحلة عندما تنتهي من تكتيل أجزائها المختلفة والتأليف بين مجموعاتها البشرية التي تعيش فيها، وعادة ينظر إلى مثل هذه الدول على أنها مصدر للأخطار التي تهدد العالم، لأن الدول التي تمر بهذه المرحلة تتميز بالشعور بعدم الرضا أو الاقتناع بالواقع وبحدودها ومواردها الحالية، ولذلك تسعى إلى فتح أسواق جديدة والحصول على موارد جديدة، والمواد الخام اللازمة لصناعاتها، ولذلك تسعى لتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي خارج حدودها السياسية. وقد حدث ذلك عندما سيطر الاتحاد السوفيتي على جميع الدول الصغيرة وخاصة دول بحر البلطيق لاتفيا ولتوانيا واستونيا) الواقعة على حدوده الغربية، وعندما سيطر على أجزاء من العالم الإسلامي في جنوبه الغربي، وكما حدث بالنسبة لألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى 1914، وقبيل الحرب العالمية الثانية 1939، عندما ضمت إليها النمسا وتشيكوسلوفاكيا.

وكما حدث لليابان التي بلغت تلك المرحلة في عام 1935 عندما امتد نفوذها إلى جنوب شرق آسيا وشمالا حتى جزر سخالين، وتوغلت غربا في منشوريا والصين، كما بلغت هذه المرحلة إيطاليا في عام 1911 عندما هاجمت الإمبراطورية العثمانية وضمت إليها بعض املاكها في أوربا وأفريقيا.

وليس من الضروري أن تتحول الدول من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، فقد تتحول الدولة القديمة التي في مرحلة النضج أو الشيخوخة إلى مرحلة الشباب، وذلك بالكشوف الجديدة أو الاختراعات الحديثة كما حدث بالنسبة لإسبانيا والبرتغال، فقد تحولتا إلى مرحلة الشباب عقب كشف طريق راس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وكشف العالم الجديد مما ساعد على التوسع في المناطق الجديدة وتوافر فرص الاستغلال، وكما حدث ايضا بالنسبة لبريطانيا أثناء القرن التاسع عشر ونتيجة تطورها الصناعي الذي أدى إلى رغبتها في الحصول على المواد الخام وتوفير أسواق لتصريف منتجاتها، وبذلك سعت للسيطرة على مناطق في كل من أفريقيا وجنوب شرق آسيا لتحقيق هذا الغرض، وكذلك بالنسبة لألمانيا واليابان وإيطاليا قبل الحرب العالمية الثانية.

وقد أدت فترة الشباب إلى كثير من الحروب بين بعض الدول التي تمر بهذه المرحلة، فأحيانا يكون حكام هذه الدول من الديكتاتوريين أو العسكريين الذين يسعون إلى افتعال الأسباب لإشباع رغباتهم وارضاء طموحاتهم، كما حدث بالنسبة لألمانيا، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى قيام الاضطرابات والثورات والاستعداد في الدول الأخرى سعيا لمواجهة الاعتداء الخارجي وهذا بدوره يحولها إلى مرحلة الشباب.