أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2016
7771
التاريخ: 7-12-2015
1863
التاريخ: 24-11-2014
2058
التاريخ: 22-04-2015
2008
|
قال تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [الأحقاف : 15 ، 16] .
1 ـ إنّ هذه الآيات تجسيد للإنسان المؤمن من أصحاب الجنّة ، الذي يطوي أوّلاً مرحلة الكمال الجسمي ، ثمّ مرحلة الكمال العقلي ، ثمّ يصل إلى مقام شكر نعم الله تعالى ، وشكر متاعب والديه ، والتوبة عمّا بدر منه من هفوات وسقطات ومعاص ، ويهتم أكثر بالقيام بالأعمال الصالحة ، ومن جملتها تربية الأولاد ، وأخيراً يرقى إلى مقام التسليم المطلق لله تعالى ولأوامره ، وهذا هو الذي يغمره في رحمة الله ومغفرته ونعمه المختلفة التي لا تحصى.
نعم ، ينبغي أن يعرف أهل الجنّة من هذه الصفات.
2 ـ إنّ التعبير بـ(وَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ) إشارة إلى أنّ مسألة الإحسان إلى الوالدين من الأصول الإنسانية ، ينجذب إليها ويقوم بها حتى أُولئك الذين لا يلتزمون بدين أو مذهب ، وبناءً على هذا ، فإنّ الذين يعرضون عن أداء هذه الوظيفة ، ويرفضون القيام بهذا الواجب ، ليسوا مسلمين حقيقيين ، بل لا يستحقون اسم الإنسان.
3 ـ إنّ التعبير بـ « إِحْسَانًا » وبملاحظة أنّ النكرة في هذه الموارد لبيان عظمة الأمر وأهميته ، ويشير إلى أنّه يجب ـ بأمر الله سبحانه ـ الإحسان إلى الأبوين إحساناً جميلاً مقابلة لخدماتهم الجليلة التي أسدوها.
4 ـ لأنّ آلام ومعاناة الأُم في طريق تربية الطفل محسوسةٌ وملموسةٌ أكثر ، ولأنّ جهود الأُم أكثر أهمية إذا ما قورنت بجهود الأب ، كان التأكيد أكثر على قدر الأُم في الرّوايات الإسلامية.
فقد ورد في حديث أنّ رجلاً أتى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : من أبر؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أباك»(1).
وجاء في حديث آخر ، أنّ رجلاً كان قد حمل أُمّه العجوز العاجزة ، وكان يطوف بها ، فأتى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : هل أديت حقّها : قال : «لا ولا بزفرة واحدة»(2).
5 ـ لقد أولت الآيات القرآنية العلاقات العائلية ، واحترام الأبوين وإكرامهم ، والعناية بتربية الأولاد ، اهتماماً فائقاً ، وقد أُشير إليها جميعاً في الآيات المذكورة ، وذلك لأنّ المجتمع الإنساني الكبير يتكون من خلايا وتشكيلات أصغر تسمى العائلة ، كما أنّ البناية الضخمة تتكون من غرف ، وهي بدورها من الطابوق والحجر.
من البديهي أنّه كلّما كانت هذه التقسيمات الصغيرة أكثر انسجاماً وترابطاً ، كان أساس المجتمع أقوى وأشد ثباتاً ، وأحد عوامل التمزق والإختلال الإجتماعي في المجتمعات الصناعية في عصرنا الحاضر هو انحلال نظام العائلة ، فلا احترام من قبل الأولاد ، ولا عطف من الآباء والأمهات ، ولا علاقة حب وحنان وعاطفة من الأزواج.
إنّ المشهد المؤلم لدور رعاية المسنين في المجتمعات الصناعية اليوم ، والتي تحتضن العجزة من الآباء والأُمهات الذين طردوا من العائلة ، شاهد معبر جدّاً عن هذه الحقيقة المرّة.
فالرجال والنساء الذين صرفوا عمراً طويلاً في الخدمة لمنح المجتمع أبناء عديدين ، يطردون تماماً في الأيّام التي يكونون فيها بأشد الحاجة إلى عواطف الأبناء ومحبتهم ومعونتهم ، ويبقون في تلك الدور يعدون الأيّام في انتظار لحظة الموت ، وقد سمّروا أعينهم في الباب بانتظار صديق أو قريب يفتحها... ولا تفتح عليهم إلاّ مرّة أو مرّتين في السنة!
حقاً ، إنّ تصور مثل هذه الحالة ينغص على الإنسان عيشه منذ البداية ، وهذا هو عرف دنيا المادة والتمدن وأُسلوبها حينما يطرح منها الإيمان والدين.
6 ـ إنّ جملة : (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) تبيّن أنّ العمل الصالح هو العمل الذي يبعث على رضى الله سبحانه ، وتعبير : (أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) والذي ورد في آيات عديدة من القرآن المجيد ، يبيّن فضل الله الذي لا يحصى في مقام مكافأة العباد وجزائهم ، حيث يجعل أحسن أعمالهم معياراً لكلّ أعمالهم الحسنة في الحساب والمثوبة.
_____________________
1- تفسير روح المعاني ، ج 26 ، ص 16.
2- تفسير في ظلال القرآن ، ج 7 ، ص 415.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|