أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-12-2021
2109
التاريخ: 23-12-2017
23244
التاريخ: 13-6-2017
3137
التاريخ: 7-11-2017
3042
|
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ما من شيء أكرم على الله من ابن آدم)، قيل: يا رسول الله! ولا الملائكة ؟! قال: (الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر) (1).
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (ما خلق الله ـ عز وجل ـ خلقاً أكرم على الله ـ عز وجل ـ من مؤمن لأن الملائكة خدام المؤمنين) (2).
وقال الامام علي (عليه السلام): (قيمة كل أمرئ ما يُحسن) (3).
قيل إن بهلول العاقل أراد ذات مرة أن يدخل في وليمة أقامها أحد الأشخاص، وكان بهلول يرتدي ملابس رثة، فلم يسمح له أصحاب البيت بالدخول، فذهب إلى بيته ولبس جبة من خز، ووضع على رأسه عمامة ثمينة، وعاد إلى حيث الوليمة، فانزاح الحاضرون عنه، وجلس إلى السفرة. وحينما جاء وقت الأكل مد كمه إلى الطعام بدل يده، فالتفت الحاضرون، وقالوا له: أنت مجنون، وما الذي تفعله؟!. فقال: لقد جئت بثياب رثة، وعلى كل حال فإن بطني هو الذي يأكل وليست ملابسي، فلم يسمحوا لي بالدخول، وعندما لبست الجبة والعمامة سمحوا لي به، فعلى الجُبة أن تأكل !) (4).
في معاملة الناس كيف يجب أن ينظر الإنسان لأخيه الانسان؟ هل ينظر له بأنه مخلوق عادي كسائر المخلوقات، أم ينظر له بأنه مخلوق مكرم على سائرها؟ هل ينظر له بأنه ذو قيمة صغيرة، أم ينظر له بأنه أغلى ما على وجه الأرض؟ بلا أدنى تردد ـ بل بديهة - أن الإنسان أعظم مخلوق على وجه المعمورة، وهو مكرم على كل المخلوقات ومفضل عليها، بمنطق القرآن الكريم والسنة الشريفة، وبمنطق العقل. بل حتى الملائكة الذين هم مخلوقات روحية خالصة، وطاعتهم مطلقة لله -عز وجل ـ (يفعلون ما يؤمرون) الإنسان أفضل منهم، لأنهم مجبورون على الطاعة، بينها الإنسان يمتلك مساحة من الاختيار، ولأنهم عقل بلا شهوة، بينما الإنسان مركب من كلتيهما معاً.
جاء في الروايات عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) حضرت الصلاة، فأذن وأقام جبرئيل، فقال: يا محمد، تقدم، فقال رسول الله: تقدم يا جبرئيل، فقال له: إنا لا نتقدم الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم عليه السّلام) (5)، وإذ أن الإنسان مكرم على سائر المخلوقات، وأفضل من الملائكة اليس جديراً في التعامل أن تحترم قيمته، وتصان حقوقه؟
إن احترام قيمة الإنسان وكرامته هو الخلق الذي يجب على الإنسان أن يلتزمه في علاقته وتعامله مع أخيه الإنسان. وقد يسأل السائل: كيف يتم ذلك؟ إنّ ذلك يتم - في المقام الأول ـ بالنظر إلى إنسانية الإنسان وبشريته، ثم بإستعمال العدالة في التعامل معه، وصيانة حقوقه، وممارسة الأخلاق في العلاقة به.
ومع أن إحترام قيمة الإنسان قائم على هذا، فالمؤلم أن من الناس من يتعامل مع الناس كمراتب ودرجات ومناصب قبل أن يتعامل معهم كأناسي - أو كبشرـ يجب أن تحترم قيمتهم الإنسانية، بصرف النظر عن درجتهم أو منصبهم. وتجد أولئك يتعاملون مع الإنسان كطبيب، أو محامي، أو وزير، أو مهندس، أو مدير، أو كاتب، أو شاعر، قبل أن يتعاملوا مع إنسانيته، وكأنهم يحترمون الدرجة ولا يحترمون الإنسانية وقيمتها. وتجدهم أيضاً يتعاملون مع الطبقات الضعيفة في المجتمع - كالفقراء والمساكين والمحرومين - على أنهم أناسي من الدرجة بعد الأولى، فينظرون إليهم نظرة فوق إلى دون، أو نظرة كبير إلى صغير، وينسون أن هؤلاء بشر محترمون قبل أن يكونوا فقراء أو مساكين أو محرومين. وهذه الطريقة من التعامل مذمومة، وخاطئة.
كما أن من إحترام قيمة الإنسان: تقدير حرفته ومهنته ووظيفته، وتجنب النظر إليها نظرة تحقير. فالمرء مهما كانت حرفته، فطالما أنها محقة وخيرة، فهو بها يقدم دوراً إجتماعياً تكميلياً لا غنى عنه في عملية البناء الإجتماعي، أو في العملية الإجتماعية بشكل عام. ولا اقتل لروح المرء، ولا ألم لمشاعره كتحقير مهنته، أو إعتبارها بغير ذات أهمية! إن من الناس من لا يقدر حرف الناس ومهنتهم، وينظر لها نظرة تحقير وتصغير ويستهين بها، فهو ينظر إلى الوظائف الكبيرة أو العليا إن صح التعبير ـ محترمـة، وسواها ليست كذلك. وبناء عليه فهو لا يرى أن ساعي البريد، وعامل البلدية والتنظيفات، وعامل الحفريات، وفراش المدرسة أو المؤسسة، ومقدم القهوة والشاي، وسائق سيارة الأجرة أو الحافلة، والحداد، والنجار، والخباز، وغيرهم يقومون بأدوار إجتماعية!، ويتعامل مع أصحاب هذه المهن والوظائف على أنهم ذوو مكانة أقل من غيرهم من أصحاب المهن والوظائف الأكبر، وينسى أنهم بشر يجب إحترام قيمتهم، وتقدير وظائفهم، وهذا خلاف ما أمر الله، وخلاف الأخلاق وحسن معاملة الناس.
ومن الناس من يقيّم الناس بناءً على ما يملكونه من مال أو ما يرتدونه من أجواق وجُبَب وملابس، وتكون قيمة الإنسان بنظرهم بما يضعه على جسده من لباس لا بإنسانيته وبشريته، فإذا كان اللباس فاخراً كانت المعاملة بالاحترام والتقدير، وإن كان متواضعاً، أو رثاً، طار الإحترام والتقدير من المعاملة، كما مر في قصة بهلول العاقل، وهذا ليس من حسن معاملة الناس في شيء أيضاً.
صحيح أن المظهر اللائق للإنسان مطلوب في التعامل مع الناس، وصحيح ـ أيضا ـ أن حجم الوظيفة والدور الذي يقدمه الإنسان للإجتماع، وأن العلم والمعرفة والثقافة مقدرة وأن المعرفة وفعل الحسن هي من مقاييس قيمة الإنسان، ومع هذا فإن التقدير - في المقام الأول ـ يجب أن يتوجه إلى إنسانية الإنسان لحفظها وصيانتها.
إن المرء ليجد في كثير من البلاد استصغاراً لقيمة الإنسان، حيث يُعامل وكأنه لا إنسان، ويُمنع من أبسط حقوقه (*)، ومن الأمثلة البسيطة: قد يريد العبور من خطوط المشاة في إحدى التقاطعات في الوقت المسموح له بذلك، فلا يُعطى فرصة، وقد يُصدم أو يُدهس من سيارة عابرة، ويكون التعامل معه كالتعامل مع اسفلت الشارع، أليست هذه إساءة كبرى لإنسانية الإنسان؟ وأليس الشارع والسيارة هما من أجل خدمة الإنسان وقيمته؟ وهل الرقي والحضارة يدعوان إلى استصغار قيمة الإنسان، أم أن هذا من علائم التخلف والتداعي الحضاري؟! أليست الإستهانة بإنسانية الإنسان وقيمته هي أمر خلاف الرقي والحضارة ؟!
فلكي يحسن المرء معاملة الناس، عليه ان يحترم قيمتهم وانسانيتهم، بما للإحترام من معان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) کنز العمال، خ34621.
(2) بحار الأنوار، ج69، ص19.
(3) نهج البلاغة، الحكم.
(4) هادي المدرسي: ألف عبرة وعبرة (مخطوط).
(5) بحار الأنوار، ج18، ص404.
(*) جدير بالإشارة، أن خروق وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الجائرون بحق الإنسان بسبب مطالبته بحقوقه أو دفاعه عنها، هي صورة من صور عدم احترام قيمته وانسانيته، واساءة لها. ومن هنا فمن حسن معاملة السلطان لرعيته، أن يحترم انسانيتهم، ويصون حقوقهم، وأن يتوسل بالرفق والرحمة بهم.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ناسا تكتشف "مدينة مهجورة" تحت جليد القطب الشمالي
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|