يرى الناس أي مشهد من المشاهد بترتيب معين، فنحن نرى الشيء العام جداً في البداية ثم نقترب لنرى بعض التفاصيل، وكلما اقتربنا أكثر رأينا تفاصيل أدق. وبكلمات أخرى، كلما زاد اقتراب الشخص من المكان، اتضح له معنى الحدث، أكثر فأكثر؛ فإذا أردنا على سبيل المثال نقل صورة لمشكلة الفئران التي تهدد بعض مناطق الريف فإننا نبدأ بعرض مشهد عام للريف يليه مشهد لقرية صغيرة، ثم مشهد لشوارع القرية الخالية، وأخيراً مشهد لمجموعة من الفئران في أحد الأركان. بهذه الطريقة نكون قد مهدنا للدخول في الموضوع بدون حاجة إلى استخدام تعليق صوتي.

وإذا كانت الـعـيـن تـرى الأشياء المحيـطـة بـهـا بـهذا الترتيب، فإن مـنـدوبي التـليـفـزيـون كثيراً ما يتبعون نفس الخطوات عند تسجيلهم للأحداث فهـم يبدأون بـلـقـطـة عـريضة Long Shot لمكان الحادث، ويطلق عليها لقطة تمهيدية Establishing Shot . تحدد هذه اللقطة للجمهور المكان الذي يجري فيه الأحداث، فإذا كان الحدث قد وقع في الجامعة فنبدأ بلقطة لأهم معلم من معالمها معروف للجمهور. وتأتى بعد ذلك لقطة متوسطة Medium Shot داخلية للقاعة التي يدور فيها الحدث وهي في مثالنا قاعة الاحتفالات ، ويظهر فيها بوضوح كاف الشخصية الرئيسية في الحدث. ثم تأتى لقطة قريبة Close Up لهذا المتحدث. تساعد هذه الطريقة على تقديم القصة الإخبارية بشكل منطقي وبحيث تقود المشاهد خطوة بخطوة نحو المعنى. لاحظ كيف تقول لنا مجموعة المشاهد التالية قصة كاملة بدون احتياج إلى استعمال الكلمات.

مبنى يحترق وسيارة اطفاء              Long shot

رجال الإطفاء وهم يكافحون الحريق         medium shot

قائد المطافي وهو يلقي أوامره             Close up

عدد من الناجين بملابس النوم            long shot

 وجه احد الناجين يبدو عليه الفزع         Close up

جثث مغطاة بورق الصحف                 medium shot

اقارب الضحايا يصرخون                   Close up

رجال الإسعاف يحملون الجثث بعيدا             medium shot

الدخان يتصاعد من المبنى بعد اخماد اللهب          long shot

رجال الإطفاء يستعدون للرحيل           Close up

المفروض أن مجموعة المشاهد هذه كافية لنقل الحدث بدون الحاجة إلى تعليق

صوتي، وهو ما نشاهده بالفعل أحياناً في التليفزيون عندما يصمت المذيع للحظات ويترك الفيلم بنفسه يـروى جزءا من الحدث. والواقع أن إضافة أي تعليق سيكون بمثابة نشاز يقلل من تأثير الحدث على المشاهدين.

يتلقى الطلبة تدريباً مبكراً من هذا النوع عند دراستهم للإنتاج التليفزيوني فأول مشروع عملي يتطلب منهم هو إعداد فيلم صامت يتكون من مجموعة من الكادرات الثابتة التي تروى قصة كاملة، ويسمح لهم باستخدام مؤثرات صوتية قليلة مثل الأصوات الطبيعية والموسيقى التي تساعد على إيجاد الجو الدرامي المناسب. وحتى عند قبول الطلاب لدراسة التليفزيون تجرى لهم مقابلات شخصية ويطلب فيها من كل متقدم أن يكون خمسة كادرات ثابتة تحكي قصة قصيرة يحددها لهم الممتحنون.