مناهج دراسة التنظيم  :

هناك منهجان أساسيان حاول المهتمون من خلالها تحديد العناصر الأساسية اللازمة لبقاء التنظيم. هذان المنهجان هما :

أولاً : المنهج التقليدي (Mechanistic Approach) :

وهو القائم على النموذج البيروقراطي (Bureaucratic Model), عالم الإجتماع والسياسة الألماني ماكس فيبر (Max Weber) يرى أن النموذج البيروقراطي يعتبر التنظيم المثالي، واتساع وتعدد الأنشطة الإدارية جعل من هذا النموذج أفضل السبل للأسباب التالية :

1- تحقيق العدالة في الخدمات للمستفيدين .

2 ـ تحقيق أعلى معدلات الكفاية الإنتاجية.

3 ـ يساعد مثل هذا التنظيم على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية . (Rationality of decision making) .

4 ـ يهدف هذا التنظيم البيروقراطي أيضاً إلى تقليل (Minimizing) التأثيرات الشخصية من جانب الموظفين على صناعة القرار .

يؤكد هذا المنهج على أن التنظيم المثالي لا بد أن يتميز بالعديد من الخصائص ومنها التخصص، تقسيم العمل، التسلسل الهرمي للسلطة والمسؤولية ، وحدة الأمر والاتجاه إلى غير ذلك من السمات التي سبق الإشارة إليها في الجزء الأول من هذا الكتاب .

ثانياً : المنهج السلوكي: (Behavioral Approach) 

يعتبر هنري فايل ( H. Fayol ) أول من أدرك أهمية التنسيق الفعال داخل التنظيم⁽⁴⁾. لابد من الاعتماد الكلي على البناء التقليدي للمنظمة للتعامل مع الاتساع المطرد في الأجهزة الإدارية وما ينتج عنه من تعقيدات. لذا أكد فايل على ضرورة التنسيق والاتصال المباشر بين الإداريين الموجودين في نفس المستوى بدلاً من الاتصال من خلال رؤسائهم. وأن يراعي هذا المبدأ في البناء الهيكلي للمنظمة. هذا المبدأ لا يتفق مع مبدأ وحدة الأمر لكنه قد يكون أحد الأساليب التنظيمية الفعالة، كما يمكن أن نعتبر هذا الاتجاه على أنه الخطوة الأولى للتحول إلى المنهج السلوكي في التنظيم .

رنسز ليكرت (Rensis Likert) وضع نموذجاً مثالياً للتنظيم وأطلق عليه نظام 4 (4 System) . هذا التنظيم المثالي، من وجهة نظر ليكرت يعتبر من أفضل الأساليب التنظيمية لقيامه على الثقة الكاملة في قدرات منسوبي التنظيم. لذا فالأسلوب اللامركزي هو النمط القيادي السائد وموجه سلوك الأفراد في هذه الحالة هو شعورهم بالمسؤولية تجاه منظمتهم.وهذا يعني :

1- الإشراف يعتبر نشاطاً جماعياً وليس من شخص واحد رئيس وآخر مرؤوس .

2- القرارات قرارات جماعية وليست أوامر من القمة .

3- كل مشرف يعتبر رئيس مجموعة وفي نفس الوقت عضواً في جماعة أخرى (Link-Pin role) كما يتضح من الشكل التالي (1/4) يعتبر الرئيس حلقة وصل مهمة بين مستويين إداريين، يعمل كمنسق ويمد كل مجموعة بالمعلومات التي تحتاجها عن الجماعة التي تليها.

على الرغم من محاولة الكتاب والباحثين للتوصل إلى نموذج مثالي للتنظيم، إلا أننا نستطيع القول بأن البناء الهيكلي للمنظمة يخضع للعديد من المتغيرات. منظمة تعتمد في أدائها على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا قد تحتاج إلى نطاق إشراف يختلف عن منظمة أخرى لا زالت تتبع الطرق التقليدية في إجراءاتها. طبيعة البيئة التنظيمية أيضاً تعتبر من العوامل المهمة في تحديد البناء الهيكلي للتنظيم، مستوى التغيير الذي يحدث في  عالم المنظمة الخارجي قد يتطلب إنشاء وحدات متخصصة لملاحقة هذا التغيير والتفاعل معه بفاعلية. الغموض واحتمال حدوث مفاجآت، فيما يتعلق بمدخلات التنظيم من مواد خام ، أيدي عاملة، سيولة نقدية..الخ، قد يستدعي أيضاً إنشاء أقسام أو وحدات متخصصة لجمع ما يمكن الحصول عليه من معلومات وعمل التنبؤات اللازمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

 4 - Sasbkin and Morris, P. 345.