قوله سبحانه : {أَهٰؤُلٰاءِ إِيّٰاكُمْ كٰانُوا يَعْبُدُونَ. قٰالُوا سُبْحٰانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنٰا مِنْ دُونِهِمْ} [سبأ : 40 ، 41]  .

قال جماعة : إن الملائكة من الجن . فلوكانت كذلك ، لم يكن لقولهم: - {بَلْ كٰانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} [سبأ : 41] ، ونفي عبادتهم إياه ، معنى .

وقال ابن (1) عباس  : كان إبليس من الملائكة .

وقال الطوسي (2) : إن أخبارنا تدل على أن إبليس ، كان من جملة الملائكة ، وإنما كفر بامتناعه من السجود .

وقال ابن جريح (3) : وقتادة (4) في قوله - {وقٰالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمٰنُ وَلَداً سُبْحٰانَهُ بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء : 26] إلى قوله {ومَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلٰهٌ مِنْ دُونِهِ} [الأنبايء : 29] : عنى بالإله ، إبليس لأنه الذي ادعى الإلهية من الملائكة دون غيره ، وذلك يدل على أنه كان من الملائكة .

وقيل : إنه من طائفة من الملائكة يسمون جنا من حيث كانوا خزنة الجنة .

وقيل : سموا بذلك لاجتنانهم عن العيون قوله : {وجَعَلُوا بَيْنَهُ وبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} [الصّافات : 158] .

ومن راعى هذه الطريقة ، قال من قال : إن إبليس له ذرية ، وهم يتوالدون ، ويأكلون ، ويشربون ، عوَّلَ على خبر غير معلوم .

وهذا فاسدٌ لأنَ الله - تعالى - أثبت له الذُرِّيَّةَ في قوله : - {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِي} [الكهف : 50] .

قوله سبحانه : {أَبىٰ واسْتَكْبَرَ وكٰانَ مِنَ الْكٰافِرِينَ} [البقرة : 34] .

يدل على بطلان قول من قال : إنه كان يعبد الله وإنما جاز أن يأمره بالسجود له ، وإن لم يأمره بالعبادة له ، لأن السجود مرتب في التعظيم ، بحسب ما يراد به.

______________________

1. جامع البيان ، 15 : 26 . الجامع لأحكام القرآن ، 1 : 294 .

2. التبيان في تفسير القرآن ، 1 : 150 .

3. جامع البيان ، 17 : 17 . الجامع لأحكام القرآن ، 1 : 294 .

4. جامع البيان ، 17 : 17 . الجامع لأحكام القرآن ، 1 : 294 .