المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4880 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
العوامل الجوية المناسبة لزراعة البطاطس
2024-11-28
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28

يحيى بن القاسم
14-08-2015
خلافة جعفر المتوكل
24-9-2017
Field of a Moving Charge
9-8-2016
The relation between black holes and bulges
24-1-2017
أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
2024-02-07
إسحاق بن إبراهيم
21-2-2018


لمحة إلى حياة مؤسّس الوهّابيّة  
  
907   10:12 صباحاً   التاريخ: 28-05-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : المذاهب الاسلامية
الجزء والصفحة : ص295-305
القسم : العقائد الاسلامية / فرق و أديان / الوهابية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-05-2015 639
التاريخ: 28-05-2015 665
التاريخ: 28-05-2015 2807
التاريخ: 27-05-2015 908

  تُنسب الطريقة الوهّابيّة إلى الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب النجدي، وتُسمّى طريقته باسم أبيه (عبد الوهّاب). أمّا السبب في عدم تسميتها بـ (المحمّدية) نسبة إلى مؤسّسها محمّد؛ فهو ـ كما يقول البعض ـ للحذر من وقوع التشابه بينها و بين المسلمين أتباع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، والحيلولة دون استغلاله.(1)

وُلد الشيخ محمّد عام 1115 هـ، في قرية (عُيينة) إحدى القرى التابعة لـ (نجد)، وكان والده قاضياً فيها.

كان محمّد بن عبد الوهّاب ـ منذ طفولته ـ ذا علاقة شديدة بمطالعة كتب التفسير والحديث والعقائد، وقد درس الفقه الحنبلي عند أبيه الَّذي كان من علماء الحنابلة. وكان ـ منذ شبابه ـ يستقبح كثيراً من الشعائر الدينيّة الّتي كان يمارسها أهالي نجد. ولم يقتصر ذلك على (نجد)؛ بل تعدّاه إلى المدينة المنوَّرة بعد ما انصرف من مناسك الحج، فقد كان يستنكر على الّذين يتوسّلون برسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند مرقده المقدّس.

ثُمَّ عاد إلى نجد، وبعدها ارتحل إلى البصرة ـ وهو في طريقه إلى الشام ، وهناك في البصرة طفق يستنكر على الناس شعائرهم الدينيّة وينهاهم عنها، فثار عليه أبناء البصرة الغيارى وأخرجوه مدحوراً من ديارهم، فتوجَّه إلى مدينة الزبير.

وفي الطريق ـ بين البصرة والزبير ـ تعب من المشي ونال منه الحرُّ والعطش نيلاً شديداً بحيث كاد أن يهلك، فأدركه رجل من الزبير، فعطف عليه عندما رآه مرتدياً زيَّ رجال الدين، وسقاه الماء وأركبه وأوصله إلى المدينة.

كان محمّد بن عبد الوهّاب عازماً على السفر إلى الشام، لكنّه لم يكن يملك ما يكفيه من المال والزاد، فسافر إلى الأحساء ومنها إلى حريملة التابعة لـ (نجد).

في تلك السنة ـ وكانت سنة 1139هـ ـ انتقل والده عبد الوهّاب من عُيينة إلى حريملة فلازَم الولَد والده وتتلمذ على يده، وواصل حملاته المسعورة ضدّ الشعائر الدينيّة في نجد، ممّا أدّى إلى نشوب النزاع والخلاف بينه وبين أبيه من جهة، وبينه وبين أهالي نجد من جهة أُخرى، واستمرّت الحالة على هذه حتّى عام 1153هـ حيث توفّي والده.(2)

عند ذلك خلا الجوّ لمحمّد بن عبد الوهّاب، فراح يُعلن عن عقائده الشاذّة، ويستنكر على الناس ما يمارسونه من الشعائر الدينيّة، ويدعوهم إلى الانخراط في حزبه وتحت لوائه، فانخدع بعضٌ ورَفض آخرون، واشتهر أمره في المدينة.

عندها قَفل راجعاً إلى (عُيينة)، وكان يحكم عليها عثمان بن حمد، فاستقبله وأكرمه، ووقع القرار بينهما على أن يُدافع كلٌّ عن صاحبه؛ باعتبار أنّ لأحدهما السلطة التشريعيّة وللآخر السلطة التنفيذيّة، فحاكم عيينة يمدّه بالقوّة ومحمّد بن عبد الوهّاب يدعو الناس إلى طاعة الحاكم واتّباعه.

ووصل الخبر إلى حاكم الأحساء بأنّ محمّد بن عبد الوهّاب يدعو إلى آرائه ومبتدعاته، ويعضده حاكم عُيينة فأرسل حاكم الأحساء رسالة تحذيريّة إلى حاكم عُيينة، فاستدعى الحاكم محمّد بن عبد الوهّاب واعتذر من تأييده، فقال له ابن عبد الوهّاب: لو ساعدتني في هذه الدعوة لملكت نجد كلَّها، فرفضه الحاكم وأمره بمغادرة عُيينة مذموماً مدحوراً.

كان ذلك في عام 1160هـ عندما خرج ابن عبد الوهّاب من عيينة وتوجَّه إلى الدرعيّة الّتي كانت من أشهر المدن التابعة لنجد، وكان حاكمها ـ يومذاك ـ محمّد بن سعود ـ الجدّ الأعلى لآل سعود ـ فزاره الحاكم وأكرمه ووعده بالخير.

وبالمقابل بشَّره ابن عبد الوهّاب بالهيمنة على بلاد نجد كلّها، وهكذا وقع الاتّفاق المشؤوم.(3)

والجدير بالذكر: أنّ أهالي الدرعيّة كانوا يعانون من فقر مُدقع وحرمان فظيع، حتّى وصول ابن عبد الوهّاب وعقد الاتفاقيّة بينه وبين محمّد بن سعود.

يقول ابن بشر النجدي ـ فيما يرويه عنه الآلوسي ـ:

... وكان أهل الدرعيّة ـ يومئذٍ ـ في غاية الضيق والحاجة، وكانوا يحترفون لأجل معاشهم...

ولقد شاهدتُ ضيقهم في أوّل الأمر، ثُمَّ رأيتُ الدرعيّة بعد ذلك ـ في زمن سعود ـ وما عند أهلها من الأموال الكثيرة والأسلحة المحلاّة بالذهب والفضَّة والخيل الجياد والنجائب العُمانيّات والملابس الفاخرة، وغير ذلك من أسباب الثروة التامَّة؛ بحيث يعجز عن عدّه اللسان ويكلُّ عن تفصيله البيان.

ونظرتُ إلى موسمها يوماً ـ في الموضع المعروف بالباطن ـ فرأيتُ موسم الرجال في جانب، وموسم النساء في جانب آخر، فرأيت من الذهب والفضّة والأسلحة والإبل والغنم والخيل والألبسة الفاخرة وسائر المآكل ما لا يمكن وصفه، والموسم ممتدٌّ مَدَّ البصَر، وكنت أسمع أصوات البائعين والمشترين وقولهم: بعت واشتريت كدويِّ النحل....(4)

 

ولكن من أين كلّ هذه الثروات الهائلة؟!

إنّ (ابن بشر النجدي) لم يتعرّض لذكر مصدر هذه الثروات الهائلة، لكن المستفاد من التاريخ هو أنّ ابن عبد الوهّاب كان يحصل عليها من خلال الهجمات الّتي كان يشنّها ـ مع أتباعه ـ على القبائل والمدن الّتي ترفض الانجراف إليه، وكان يسلب أموالها وينهب ثرواتها ويوزّعها على أهل الدرعيَّة.

وكان محمّد بن عبد الوهّاب ينتهج أُسلوباً خاصّاً في تقسيم الغنائم ـ المسلوبة من المسلمين الرافضين للانحراف ـ؛ فقد كان يتصرّف فيها حسب رغبته الشخصيَّة، فمرَّة كان يُقسّمها ـ رغم كثرتها ـ بين اثنين أو ثلاثة من أتباعه، وكان أمير نجد يأخذ نصيبه من الغنائم، بموافقة ابن عبد الوهّاب نفسه.

ومن أهمّ نقاط الانحراف في ابن عبد الوهّاب هو هذه المعاملة السيّئة مع المسلمين الّذين ما كانوا يخضعون لأهوائه وآرائه، فقد كان يُعاملهم معاملة الكافر المحارب، يُبيح أموالهم وأعراضهم.

وخلاصة القول: إنّ محمّد بن عبد الوهّاب كان يدعو إلى التوحيد، ولكن لتوحيد خاطئ من صُنع نفسه، لا التوحيد الَّذي يُنادي به القرآن الكريم، فَمن خضع له ولـ(توحيده) سلمتْ نفسه وأمواله، ومن أبى فهو كافر حربي، ودمه وماله هَدَر!!

وعلى هذا الأساس كان الوهّابيّون يشنَّون المعارك في نجد وخارجها ـ كاليمن والحجاز ونواحي سوريا والعراق ـ، وكانوا يبيحون التصرّف بالمُدن الّتي يسيطرون عليهاّ كيفما يشاءُون، فإن أمكنهم ضَمّ تلك الأراضي إلى ممتلكاتهم وعقاراتهم فعلوا ذلك، وإلاّ اكتفوا بنهب الغنائم منها.(5)

وكان قد أمر كلّ من ينخدع بدعوته أن يتقدَّم إليه بالبيعة، ومَن رفض البيعة وجب قتله وتوزيع أمواله!!

ولهذا عند ما رفض أهالي قرية الفصول ـ من ضواحي الأحساء ـ بيعةَ هذا الرجل الشاذّ هَجم عليهم وقتل ثلاثمائة رجل ونَهب أموالهم وثرواتهم!(6)

وأخيراً... مات محمّد بن عبد الوهّاب عام 1206هـ (7)، ولكنّ أتباعه واصلوا طريقه وأحيوا بدعه وضلاله.

ففي عام 1216هـ أعدَّ الأمير سعود ـ الوهّابي ـ جيشاً ضخماً يتألّف من عشرين ألفاً وشنّوا هجوماً عنيفاً على مدينة كربلاء المقدّسة بالعراق. وكانت كربلاء ـ ولا زالت ـ مدينة مقدّسة، تتمتّع بشهرة بالغة ومحبَّة في قلوب المؤمنين، ويقصدها الزوّار بمختلف جنسيّاتهم من إيرانيين وأتراك وعرب وغيرهم، فحاصر الجيش الوهّابي هذه المدينة المقدّسة، ثُمَّ اقتحمها ودخلها وأكثر فيها القتل والنهب والخراب والفساد.

وقد ارتكب الوهّابيّون ـ في مدينة كربلاء المقدّسة ـ جرائم وفجائع لا يمكن وصفها؛ فقد قتلوا خمسة آلاف مسلم أو أكثر.

وعندما انتهى الأمير سعود من العمليّات الحربيّة هناك، عَمد إلى خزانة حرم الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)؛ والّتي كانت مليئة بالذخائر النفيسة والهدايا القيّمة الّتي أهداها الملوك والأُمراء وغيرهم إلى الروضة المقدّسة، فابتزَّها نهباً.

وبعد هذه الفاجعة الأليمة اتّخذت مدينة كربلاء لنفسها طابع الحزن والكآبة، حتّى نظم الشعراء قصائد في رثائها.(8)

وكان الوهّابيّون يشنّون بين فترة وأُخرى ـ وخلال مدّة تتراوح بين اثني عشر عاماً ـ هجماتهم وغاراتهم الحاقدة على كربلاء المقدّسة وضواحيها، وعلى مدينة النجف الأشرف، ويعودون ناهبين سارقين، وكانت البداية هي الهجوم على مدينة كربلاء عام 1216هـ، كما سبقت الإشارة إليه.

وقد اتّفقت كلمات المؤلّفين من الشيعة على أن ذلك الهجوم كان في يوم عيد الغدير المجيد؛ ذكرى تعيين النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الإمامَ عليّ بن أبي طالب خليفة له من بعده.(9)

يقول العلاّمة المرحوم السيّد محمّد جواد العاملي(10):

(وقد منَّ الله سبحانه بفضله وإحسانه وببركة محمّد وآله ـ صلَّى اللهُ عليهم أجمعين ـ؛ لإتمام هذا الجزء من كتاب (مفتاح الكرامة)، بعد انتصاف اللّيل من اللّيلة التاسعة من شهر رمضان المبارك سنة 1225هـ على يد مصنّفه... وكان مع تشويش البال واختلال الحال، وقد أحاطت الأعراب؛ من عُنيزة القائلين بمقالة الوهّابيّ الخارجي، بالنجف الأشرف ومشهد الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد قطعوا الطّرق ونَهبوا زوّار الحسين (عليه السّلام) بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان، وقتلوا منهم جماعة غفيرة، وأكثر القتلى من العجم، وربّما قيل بأنهم مائة وخمسون، وقيل أقل...).

نعم، إنّ التوحيد الَّذي كان يدعو إليه محمّد بن عبد الوهّاب وجماعته ـ وكانوا يبيحون دماء وأموال مَن يرفض دعوتهم ـ هو القول بأنّ الله على العرش، يقول في الرسالة الحمويّة: إنّ الله سبحانه وتعالى فوق كلّ شيء، وعلى كلّ شيء، وإنّه فوق السماء.

 

ثُمَّ يستدلّ على أنّه فوق السماء بقصة معراج الرسول إلى ربّه، ونزول الملائكة من عند الله وصعودهم إليه، إلى غير ذلك من الروايات.

 

ويستشهد بشعر عبد الله بن رواحة الّذي أنشده للنبيّ ـ حسب زعمه ـ :

شهدت بأنّ وعد الله حقّ  =  وأنّ النّار مثوى الكافرينا

وأنّ العرش فوق الماء طافٍ  =  وفوق العرش ربُّ العالمينا

إلى أمثال هذه الروايات الّتي استنتج منها أنّه سبحانه على العرش وله جهة.(11)

ونحن نقتصر على ذلك، فمَن حاول أن يقف على التوحيد الّذي دعا إليه فليرجع إلى الجزء الرابع من كتابنا (بحوث في الملل والنحل) ، ولكن نقتصر في المقام بما ذكره ابن بطّوطة في رحلته، يقول: حضرتُ يوم الجمعة بدمشق المسجد الّذي يخطب فيه على منبر الجامع أحمد بن تيميّة، فكان من جملة كلامه: أنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجة من درج المنبر، فعارضه فقيه مالكي يُعرف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلّم به، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه، وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً.(12)

ويظهر من كتاب (الردّ على الأخنائي) لابن تيميّة أنّه كان يعتبر الأحاديث المرويَّة في فضل زيارة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أحاديث موضوعة، ويصرّح بأنّ من يعتقد بحياة رسول الله بعد وفاته، كحياته زمن حياته فقد ارتكب خطأً كبيراً.

وهذا ما يعتقده محمّد بن عبد الوهّاب وأتباعه، وقد زادوا على ابن تيميّة في الانحراف والباطل.

لقد أدَّت معتقدات الوهّابيّين الباطلة ببعض الباحثين في الشأن الإسلامي إلى القول أن أولئك الّذين نظروا في كُتب الوهّابيّة وتعرَّفوا على الإسلام من مطبوعاتهم، اعتبروا الإسلام ديناً جامداً محدوداً لا يُنْتَفع به في كلّ العصُور والأزمان.

 

يقول (لو تروب ستو دارد) الأمريكي:

(... وقام على أثر ذلك عدد من النَّقَدة، اتّخذوا الوهّابية دليلاً لكلامهم، وقالوا: إنّ الإسلام ـ بجوهره وطبائعه ـ غير قابل للتكيّف على حسَب مقتضيات العصور ومُماشاة أحوال الترقّي والتبدّل، وليس إلفاً لتطوّرات الأزمنة وتغيّرات الأيّام...).(13)

ومن الجدير بالذكر أنّ علماء المذهب الحنبلي ثاروا ضدّ محمّد بن عبد الوهّاب وحكموا بانحرافه وبطلان عقائده منذ البداية.

وأوّل من تصدّى له وأعلن الحرب عليه هو أبوه الشيخ عبد الوهّاب، ثُمَّ أخوه الشيخ سليمان، و كلاهما من علماء الحنابلة.

وقد كتب الشيخ سليمان كتاباً بعنوان: (الصواعق الإلهيّة في الردّ على الوهّابيّة)، ردَّ فيه على أباطيل أخيه وخُزُعْبُلاته.

يقول زيني دحلان ـ ما معناه ـ :

(... وكان عبد الوهّاب ـ والد الشيخ محمّد ـ رجلاً صالحاً من أهل العلم، وكان الشيخ سليمان ـ أخو محمّد ـ من أهل العلم أيضاً، وبما أنّ الشيخ عبد الوهّاب والشيخ سليمان كانا من بداية الأمر ـ أي من يوم كان محمّد يواصل دراسته في المدينة المنوّرة ـ على علم بأفكار محمّد الشاذّة، لذلك كانا يلومانه على أقواله ويُحذّران الناس منه...)(14).

ويقول عبّاس محمود العقّاد المصري: (... وأكبر مَن خالف الشيخ في ذلك أخوه الشيخ سليمان ـ صاحب كتاب الصواعق الإلهيّة ـ وهو لا يُسلّم لأخيه بمنزلة الاجتهاد والاستقلال بفهم الكتاب والسنّة...)(15).

ويرى الشيخ سليمان أنّ البدَع التي يمرّ بها الأئمّة ـ جيلاً بعد جيل ـ ولا يُكفّرون أصحابها، لا يكون الكفر فيها من اللزوم الَّذي يوجب القطع به ويُستباح من أجله القتال، ويقول الشيخ سليمان في ذلك: إنّ هذه الأُمور حدثت من قبل زمن الإمام أحمد بن حنبل في زمان أئمّة الإسلام، وأنكرها من أنكرها منهم، ولا زالت حتّى ملأت بلاد الإسلام كلّها، وفُعلتْ هذه الأفاعيل كلّها الّتي تُكفِّرون بها، ولم يُروَ عن أحدٍ من أئمّة المسلمين أنّهم كفَّروا بذلك، ولا قالوا هؤلاء مرتدُّون، ولا أمروا بجهادهم، ولا سمُّوا بلاد المسلمين بلاد شرك وحرب كما قلتم أنتم، بل كفَّرتم من لم يُكفّر بهذه الأفاعيل وإن لم يفعلها...).(16)

 

هذا... وقد سبق أنّ محمّد بن عبد الوهّاب ليس أوّل مبتدع في آرائه وأفكاره؛ بل سبقه إلى ذلك ـ بقرون عديدة ـ ابن تيميّة الحرّاني وتلميذه ابن القيّم الجوزيّة وأمثالهما، إلاّ أنّ أفكارهم لم تتّخذ لنفسها طابع المذهب كما أحدث ذلك ابن عبد الوهّاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دائرة معارف القرن العشرين، فريد وجدي: 10/871، نقلاً عن مجلة المُقتطف: 27/893.

(2) اقتطفناه من تاريخ نجد للآلوسي: 111 ـ 113.

(3) لقد ذكر أحد المؤلّفين العثمانيّين ـ في كتابه تاريخ بغداد، ص152 ـ بداية العلاقة بين محمّد بن عبد الوهّاب وآل سعود بصورة أُخرى، ولكن الظاهر صحّة القول الَّذي ذكرناه في المتن.

(4) تاريخ نجد: 117 ـ 118.

(5) جزيرة العرب في القرن العشرين: 341.

(6) تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة: 1/51.

(7) الأقوال متعدّدة في سنة ولادة محمّد بن عبد الوهّاب ومماته.

(8) تاريخ كربلاء، الدكتور عبد الجواد الكليدار.

(9) لمزيد من المعلومات عن عيد الغدير المجيد راجع: الغدير،ج1، الشيخ الأميني.

(10) في كتابه الفقهي القيّم مفتاح الكرامة: 7/653.

(11) الرسالة الحمويّة الكبرى: الرسالة 11 من مجموع الرسائل الكبرى، ابن تيميّة: 429 ـ 432.

(12) ابن بطّوطة، الرحلة: 95 ـ 96، ط دار صادر.

(13) حاضِر العالَم الإسلامي: 1/264.

(14) الفتوحات الإسلاميّة: 2/357.

(15) هذه الجملة تستدعي التوقّف والتأمّل، فمحمّد بن عبد الوهّاب كان يدّعي بلوغه درجة الاجتهاد والاستقلال بفهم الكتاب والسنّة، ولكن أخاهُ الشيخ سليمان كان يردّ عليه هذا الادّعاء ويعتبره دون منزلة الاجتهاد والاستقلال بالرأي ـ وأهل البيت أدرى بما فيه ـ؛ إذن: آراء محمّد بن عبد الوهّاب وأفكاره كلّها باطلة وخاطئة بشهادة أخيه الشيخ؛ لأنّها نابعة من علم ناقص وفكر هابط.

(16) الإسلام في القرن العشرين حاضره ومستقبله: 72 ـ 73، ط نهضة مصر.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.