كي يعمل فيلمك كما ينبغي، يجب أن يرتبط الهدف بتحد قوي هو ما يمكن للبطل أن يخسره أو أن يفوز به في طريقه إلى الهدف الذي حدد له. يمكنك إذن أن تتساءل: «إلى أي حد يمكن أن يمضي بطل فيلمي كي يصل إلى هدفه؟» أو: «لماذا يكتسي وصوله إلى هدفه كل هذه الأهمية؟». وكلما ازدادت التحديات، ازدادت القصة إثارة.

 ففي فيلم "Fugitifs Les ،"نشاهد منذ البداية فرانسوا بينيون (بيير ريشار) يرتكب عملية سطو بطريقة خرقاء تماماً. فهدفه إذن كسب المال ونحن نحس بقنوطه. ويتبدى التحدي بوضوح عندما يخبر جان لوكاس (جيرار ديبارديو) أنه سطا على المصرف كي يحصل على المال الكافي لإجراء عملية جراحية لابنته. وعلى الفور، تحظى الشخصية بتعاطفنا. أما التحدي الأكثر وضوحاً، فهو خطر الموت. ففي فيلم "Pianiste Le " لرومان بولانسكي، يكون على البطل أن يختبئ وأن يتعلم العيش وسط الأنقاض كي يتجنب ترحيله إلى معسكرات الموت. ويفهم المشاهد هدفه منذ البداية ويصبح التحدي شديد الوضوح. عادة ما يكون هدف البطل في الأفلام البوليسية القبض على المذنب. ولكن الاكتفاء بهذا الأساس يجعل التحدي يزول كلياً تقريباً، إذا استثنينا قيام المحقق بعمله على أكمل وجه. فالتحدي يصبح أكثر إثارة إذا أصبح البطل جزءاً من القضية وإذا أصبحت حياته أو حياة أسرته مهددة. فالإثارة في فيلم "Seven "مثلاً تتأتى، من بين أمور أخرى، من واقع أن القضية قلبت الحياة الخاصة للشخصية التي يجسدها براد بيت رأساً على عقب. وفي فيلم "Lambs The Of Silence The،" تتعلم كلاريس سترلينغ الكثير عن نفسها أثناء قيامها بالتحقيق لأن علاقتها بهانيبال، المحكومة أصلاً بحاجتها إلى حل القضية، تنعطف بسرعة شديدة باتجاه التحليل النفسي.

يمكن للتحدي أن يكون شخصياً تماماً بالنسبة إلى البطل. ويتضمن فيلم "Blank Point "لجون بورمان حالة شديدة في تطرفها حيث يكون هدف الشخصية التي لعب دورها لي مارفن شديد الوضوح ويتم التعبير عنه في فترة مبكرة جداً من الفيلم: استعادة ٩٣ ألف دولار يدين بها لزعماء منظمة مافيوية. والواقع أن عبارة «أريد دولاراتي الثلاثة والتسعين ألفاً» هي من العبارات المتكررة في الفيلم. بيد أن التحدي الذي يواجهه البطل هو أكثر من مجرد المال: فقد تحولت المسألة بالنسبة إليه إلى قضية شرف وصار مستعداً للقيام بأي شيء كي يستعيد ماله، حتى لو اضطر إلى قتل كل من يقف في طريقه. وعندما يعرض عليه شخص آخر مبلغاً أكبر من المال إذا لم يقتله، يرفض لي مارفن، فالمسألة تحولت بالنسبة إليه إلى هاجس جعلها تتجاوز هدفه الأصلي. يتخذ الفيلم جانباً شبه تجريبي وهوسي وهو ما كان يرمي إليه المخرج أصلاً.

والهدف العملي لبطلتي فيلم "Louise And Thelma "الإفلات من الشرطة فيما هدفهما السيكولوجي هو الإفلات من الانغلاق الذي يسم حياتيهما إلى حد أنهما تفضلان الموت في النهاية على العودة إلى ما كانت عليه حياتيهما من قبل. فالموت، من جهة، يمثل إخفاقاً في الوصول إلى هدفهما، غير أن الابتسامة التي ترتسم على وجهيهما عندما تقفزان من الجرف تظهر أنهما حققتا بالموت الحرية المنشودة.

فلنتحدث، لتوضيح الفكرة نفسها، عن فيلم " The And Cassidy Butch Kid Sundance "لجورج روي هيل الذي يكون بطلاه الخارجان على القانون مستعدين لفعل أي شيء للحفاظ على حريتهما إلى حد يجعلهما يفضلان، في مشهد ختامي شهير، أن يموتا معاً بدلاً من أن ينتهي الأمر بهما في السجن.

ونستطيع، في السياق نفسه، أن نذكر فيلم "Clide and Bonnie "وكافة الأفلام المقتبسة من مسرحية «روميو وجولييت» لوليم شكسبير التي يفضل فيها البطلان الموت عن أن يعيشا منفصلين.

تقدم بعض الأفلام شخصيات أقل نبلاً بكثير كتلك التي يجسدها همفري بوغارت في فيلم "Falcon Maltese The "لجون هيوستن والذي يكون هدفه العملي العثور على تمثال صغير فيما التحدي أن يحصل على المال المخصص كتعويض له في حال نجاحه بالمهمة

وفي المقابل، يمكن للتحدي أن يتجاوز بطل الفيلم وهي الحال في غالبية أفلام الحركة. فالهدف بالنسبة إلى أبطال فيلم "Armageddon "لمايكل باي هو تدمير نيزك يهدد بالاصطدام بالأرض: فالتحدي هو بالطبع إنقاذ الجنس البشري. والهدف في فيلم ينتمي إلى صنف آخر من الأفلام، هو "JFK " لأوليفر ستون، هو إثبات أن كينيدي كان ضحية مؤامرة ويكمن التحدي بالتالي في تنظيف السياسة الأمريكية وتقليص الفساد.