أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
14818
التاريخ: 8-12-2015
17365
التاريخ: 8-11-2014
20278
التاريخ: 8-11-2014
15001
|
في الواقع إِنّنا نرى في كثير مِن الآيات القرآنية مدحاً وتمجيداً للدنيا وبإِمكاناتها المادية، ففي بعض الآيات اعتبر المال خيراً (سورة البقرة آية 180). وفي آيات كثيرة وصفت العطايا والمواهب المادية بأنّها فضل اللّه {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]. وفي مكان آخر نقرأ قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } [البقرة: 29]. وفي آيات كثيرة أُخرى وصفت نعم الدنيا بأنها مسخّرة لنا { سَخَّرَ لَكُمْ } [الحج: 65] .
وإِذا أردنا أن نجمع كل الآيات التي تهتم بالإِمكانات المادية وتؤكد عليها، وتجعلها في سياق واحد، فستكون أمامنا مجموعة كبيرة مِنها.
ولكن، وبرغم الأهمية الكبرى التي تختص بها النعم المادية، فإِنَّ القرآن الكريم استخدم تعابير أُخرى تحقّرها وتحطّ مِنها بقوة، إِذ نقرأ في سورة النساء، آية (94)، قوله تعالى: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] وفي مكان آخر نقرأ قوله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران: 185]. وفي سورة العنكبوت آية (64)، نقرأ {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} أمّا في الآية (37) مِن سورة النّور، فإِنا نلتقي مع قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37].
هذه المعاني المزدوجة إِزاء النعم والمواهب المادية، يمكن ملاحظتها أيضاً في الأحاديث والرّوايات الإِسلامية، فالدنيا في وصف لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)هي «مسجدُ أحباء اللّه، ومصلى ملائكة اللّه، ومهبط وحي اللّه، ومتجر أولياء اللّه» (1).
وفي جانب آخر، نرى أنَّ الأحاديث والرّوايات الإِسلامية تعتبر الدنيا دار الغفلة والغرور، وما شابه ذلك.
والسؤال هنا: هل تتعارض هذه المجاميع من الآيات والرّوايات فيما بينها؟
في الواقع، عندما تلام الدنيا، فإِنَّ اللوم ينصب على أُولئك الناس الذين لا هدف لهم ولاهمّ سواها. مِن هنا نقرأ في الآية (29) مِن سورة النجم قوله تعالى: (ولم يرد إِلاّ الحيوة الدنيا). وبعبارة أُخرى، فإِنَّ الذم الذي يَرد للدنيا يقصد به الأشخاص الذين باعوا آخرتهم بدنياهم. ولا يتناهون عن أي منكر وجريمة في سبيل الوصول إِلى أهدافهم المادية، وفي هذا السياق نقرأ في الآية (38) مِن سورة التوبة: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} .
ثمّ إِنَّ الآيات التي نبحثها تشهد على ما نقول، إِذ أنَّ قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} [الإسراء: 18] هو خطاب لأُولئك الذين يستهدفون هذه الحياة العادية الزائلة، ويقفون عندها. وعادةً فإِن استخدام تعابير «المزرعة» أو «المتجر» وما شاكلهما في تشبيه الحياة الدنيا ووصفها، يعتبر دليلا حياً على هذا الموضوع.
وخلاصة القول: إِنَّهُ إِذا تمت الإِستفادة مِن مواهب الدنيا وعطاياها التي تُعتبر مِن النعم الإِلهية; ويعتبر وجودها ضرورياً في نظام الخلق والوجود، وتمت الإِستفادة في سعادة الإِنسان الأخروية وتكامله المعنوي، فإِنَّ ذلك يعتبر أمراً جيداً، وتمتدح معه الدنيا. أمَّا إِذا اعتبرناها هدفاً لا وسيلة، وأبعدناها عن القيم المعنوية والإِنسانية، عندها سَيُصاب الإِنسان بالغرور والغفلة والطغيان والبغي والظلم.
وما أجمل وصف الإِمام علي(عليه السلام) للدنيا حينما يقول: «مَن أَبصر بها بصرته، ومَن أَبصر إِليها أعمته» (2). وفي أنَّ الفرق بين الدنيا المذمومة والدنيا الممدوحة، هو نفس الفرق الذي نستفيده، بين «إِليها» و«بها»، إِذ تعني الأُولى أنَّ الدنيا هدف، بينما تعني الثّاني أنّها مجرد وسيلة!
__________________________
1. نهج البلاغة ,الكلمات القصار ,الكلمة 131.
2. يراجع نهج البلاغة ,الخطبة 82.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|