أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2017
10668
التاريخ: 15-5-2017
4067
التاريخ: 11-1-2021
4706
التاريخ: 27-7-2022
2079
|
ثمة ضمانات يوجب المشرع إحاطة الحكم الجزائي بها. ويمكن رد هذه الضمانات إلى نوعين : ضمانات لصيقة بالحكم الجزائي ذاته (وتستقى جلها من وجوب اشتمال الحكم على بيانات معينة). وضمانات متعلقة بآلية إصداره .
اولا - الضمانات اللصيقة بالحكم ذاته (مشتملات الحكم):
يوجب القانون اشتمال الحكم الجزائي على بيانات معينة تفضلها المادة 3۲3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقولها «يشتمل الحكم على ملخص الوقائع الواردة في قرار الاتهام أو المحاكمة العلنية وعلى ملخص مطالب المدعي الشخصي والمدعي العام ودفاع المتهم وعلى الأسباب الموجبة للتجريم أو عدمه وعلى المادة القانونية المنطبق عليها الفعل في حالة التجريم وعلى تحديد العقوبة ومقدار التعويضات الشخصية ....
ويستخلص من النص السابق أن الحكم الجزائي يشتمل على أجزاء ثلاثة هي: الديباجة، والأسباب، والمنطوق (أو ما يطلق عليه الفقرة الحكمية) وتكون هذه الأجزاء الثلاثة كة واحدة يكمل بعضه بعضا : فالديباجة هي مقدمة الحكم، والأسباب هي سرد لوقائع الدعوى وطلبات ودفوع الادعاء والدفاع والرد عليها، أو هي في عبارة أخرى تعليل الحكم وبيان الأسباب التي بني عليها. أما المنطوق فهو ما قضت به المحكمة تحديدا في موضوع الدعوى الجنائية، وهذا الجزء هو الذي يكتسب حجية الشيء المحكوم فيه . ويصح الطعن فيه بطرق الطعن المقررة .
1- ديباجة الحكم:
يجب أن يشتمل الحكم في ديباجه على بيان أسماء أعضاء هيئة المحكمة التي اشتركت في التدقيق والمذاكرة (المداولة) وأصدرت الحكم، وكذلك تاريخ صدور الحكم والبيانات الخاصة بالمنهم من اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته. كما يجب أن تتضمن الديباجة على وصف الواقعة أو التهمة وذكر مواد نصوص القانون المنطبقة عليها.
وليست كافة هذه البيانات السابقة التي تشتمل عليها الديباجة على نفس الدرجة من الأهمية: فثمة بيانات لا يؤدي تخلفها إلى بطلان الحكم كإغفال النص على البيانات الخاصة بسن المتهم وصناعته ومحل إقامته ما
دام أن المتهم لا يدعي أنه كان في سن تؤثر على مسؤوليته(1). لكن هناك على العكس من ذلك بيانات من الأهمية ذكرها بحيث أن تخلفها يجعل الحكم معيبة ومثال ذلك تاريخ وقوع الجريمة. فمثل هذا البيان يرتب نتائج قانونية لا سيما فيما يتعلق بالحق في رفع الدعوى الجنائية(2).. وكذلك الأمر بالنسبة لتاريخ صدور الحكم إذ هو بيان جوهري يترتب على خلو الحكم منه اخبار هذا الأخير باطلا(3) .
۲. أسباب الحكم:
يقصد بأسباب الحكم أو تعليله سرد وقائع الدعوى، وبيان طلبات ودفوع أطراف الخصومة الجنائية والرد عليها، وما يترتب على ذلك من وجهة نظر المحكمة من الكشف عن الأسباب التي تبني عليها هذه الأخيرة حكمها(4)
ويجب من ناحية أولى أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على تحديد الواقعة المنسوبة للمتهم والظروف التي أحاطت بوقوعها وإضفاء التكييف القانوني السليم عليها، وذكر النص القانوني الصالح للانطباق عليها. أما الحكم الصادر بالبراءة أو بامتناع مسؤولية المتهم فيتعين أن يبين على وجه واضح سبب هذه البراءة أو سبب امتناع المسؤولية .
ويلزم من ناحية ثانية أن يورد الحكم الأدلة التي استند إليها في منطوق الحكم الصادر بالإدانة؛ كاعتراف المتهم على سبيل المثال. وإنما يجب عرض هذه الأدلة على نحو واضح وتفصيلي متى انت هي الأدلة الحاسمة في تكوين قناعة المحكمة والتي اعتمدت عليها في منطوق الحكم. فيكون الحكم قاصرة في بيان الأسباب التي ارتكز عليها إذا اقتصر على استخلاص ثبوت التهمة من أقوال المجني عليه أو من تقرير الخبير دون أن يذكر تفصيلات هذه الأقوال أو هذا التقرير .
كما ينبغي من ناحية ثالثة أن تتضمن أسباب الحكم رد المحكة على ما يبديه الخصوم من طلبات ودفوع. فإذا أنكر المتهم الاعتراف المنسوب صدوره عنه أمام جهة التحقيق وجب على المحكمة أن تشير إلى هذا الإنكار.
وفي كافة الأحوال، يلزم أن يتحقق الانسجام بين أسباب الحكم فيما بينها وإلا وصم هذا الحكم بعيب التناقض في التسبيب وهو ما يمثل وجهة من أوجه الطعن المحتمل في هذا الحكم. إذ التناقض في التسبيب يعيب الحكم فيما يخلص إليه من منطوق. والتناقض في تسبيب الحكم الذي يصمه بالقصور هو ما يقع بين أجزاء هذا الحكم بحيث ينقض بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة. فإذا ذكرت محكمة الجنايات في موضع من حكمها أن الثابت لديها أن المتهم أطلق على المجني عليه عبارة نارية قاصدا قتله بسبب الضغائن، ثم أثبتت في موضع آخر أنها ترى استعمال الرأفة معه لأنه كان مدفوعة فيما اقترفه بعامل الرغبة في القبض على المجني عليه الهارب من المراقبة... فمثل هذا التضارب يعيب الحكم ويصمه بالتناقض في التسبيب(5).
٣. منطوق الحكم:
ويقصد به نص ما قضت به المحكمة في الطلبات المطروحة عليها وتم تلاوته في الجلسة عقب المداولة (التدقيق والمذاكرة). ولمنطوق الحكم أهمية خاصة من ناحيتين: الأولى، أنه الجزء من الحكم الذي يكتسب حجية الشيء المحكوم فيه، وينصب عليه - احتمالا - التظلم من الحكم او مراجعته بطرق الطعن المقررة قانونا. الثانية، أن هذا الجزء من الحكم هو الذي تتحدد به حقوق الخصوم (الفرقاء) فيما رفعت به الدعوى وتبين به مراكزهم القانونية .
وقد يصدر الحكم بالبراءة أو بالإدانة أو إبطال التعقبات أو عدم الاختصاص. ويستخلص ذلك مما تنص عليه المادة ۲03 أ.م.ج بالنسبة للمحكمة البدائية (الابتدائية) بقولها: " إذا تبين أن الفعل لا يؤلف جرمة أو أن المدعى عليه بريء منه فإن المحكمة تقرر إبطال التعقبات أو تعلن براءة المدعى عليه وتقضي في الوقت ذاته بطلب المدعى عليه عطله وضرره" . أما بالنسبة لمحكمة الجنايات، فتنص المادة 3۲۲ أ.م.ج في فقرتها الثانية على أن تقضي المحكمة بالتجريم عند ثبوت الفعل وبالتبرئة عند انتفاء الأدلة أو عدم كفايتها وبعدم المسؤولية إذا كان الفعل لا يؤلف جرمة أو لا يستوجب عقابا" ثم تضيف نفس هذه المادة في فقرتها الأخيرة " إذا قررت المحكمة التجريم فإنها تقضي في الحكم نفسه بالعقوبة وبالتعويضات الشخصية ورد المال" .
ثانيا - الضمانات المتعلقة بآلية إصدار الحكم :
الواقع أن المشرع يحيط الحكم الجزائي بعدد هائل من الضمانات التي تجعل منه أو يفترض أن تجعل منه بحق عنوانا للحقيقة في خصوص موضوع الدعوى الجنائية المطروحة أمام المحكمة. وسبق أن رأينا الضمانات اللصيقة بالحكم في ذاته كعمل إجرائي .
ورغم ذلك فإن ثمة ضمانات أخرى يحرص المشرع على إضفائها على عملية إصدار الحكم في ذاتها. وهي تلك التي أسميناها بضمانات آلية إصدار الحكم. ويمكن رد هذه الضمانات - على تنوعها - إلى ثلاث ضمانات أساسية: 1. صدور الحكم عقب مداولة يشترك فيها أعضاء هيئة المحكمة الذين اضطلعوا بإجراءاتها ۔ ۲۔ وجوب النطق بالحكم علانية؛ ٣- تدوين الحكم والتوقيع عليه.
1- صدور الحكم عقب المداولة (التدقيق والمذاكرة):
لا يجوز مطلقة للمحكمة أن تصدر حكمها (بالبراءة أم بالإدانة) في موضوع الدعوى الجنائية دون أن يكون إصدار الحكم مسبوقة بإجراء يسمى المداولة La deliberation أو التدقيق والمذاكرة بتعبير المشرع اللبناني
ويقصد بالمداولة تبادل الرأي والتشاور بين أعضاء المحكمة الذين سبق لهم الاضطلاع بإجراءاتها إبان جلسات المحاكمة. ولأن المداولة تقوم على فكرة تبادل الرأي والتشاور فهي غير متصورة في المحاكم التي تتشكل من قاض منفرد
وليس بلازم أن تجرى المداولة عقب ختام إجراءات المحاكمة، فهي ليست مقيدة بميعاد محدد، ولا يتطلب القانون وقتا محددا لإجرائها(6) .
ولا بد أن يشترك في عملية المداولة أو المذاكرة سائر أعضاء هيئة المحكمة الذين سبق لهم الاضطلاع بإجراءاتها إبان جلسات المحاكمة. فإذا حدث أن توفي أحد أعضاء المحكمة أو نقل أو ترك الوظيفة أو حدث له بصفة عامة أي عارض يحول دون اشتراكه نهائية في المداولة وجب إعادة المحاكمة أمام هيئة جديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، فلا يجوز أن يشترك في المداولة أو التدقيق والمذاكرة من لم يسبق له الاضطلاع بإجراءات المحاكمة ومرافعاتها. ويترتب على مخالفة ذلك وجوب بطلان الحكم الصادر متى كان مبنية على مداولة شترك فيها من لم يحضر المحاكمة.
وعلى خلاف المحاكمة التي يجب أن تكون علنية كقاعدة عامة (م 290/3 أ. م. ج) فإن المداولة كعمل إجرائي لاحق عليها، لكنه مستقل عنها ينبغي أن تتسم بالسرية. بل إنه إذا قام أحد أعضاء هيئة المحكمة بإفشاء أسرار المداولة قبل النطق بالحكم وجب اعتبار هذا الأخير باطلا بطلانه مطلقة.
ولا يجوز أن يحضر المداولة غير القضاة أعضاء هيئة المحكمة، وبالتالي يمتنع حضورها بالنسبة لممثل النيابة العامة، ولا حتى لكاتب المحكمة الذي يعهد إليه بتدوين كافة إجراءاتها والحكم الصادر فيها. كما لا يحق من باب أولى حضور المداولة لأحد الخصوم الآخرين في الدعوى الجنائية كوكيل المتهم أو المجني عليه .
۲ - وجوب النطق بالحكم علانية :
يجب على المحكمة أن تحدد للنطق بالحكم جلسة علنية. فلا يجوز بحال من الأحوال أن يتم النطق بالحكم في جلسة سرية مهما كانت الدواعي والمبررات. وإلا شاب الحكم عيب البطلان. وإذا كان للمحكمة أن تقرر مواصلة إجراءات المحاكمة في جلسة أو جلسات سرية مراعاة | للنظام العام والأخلاق (م 290/3 السابق الإشارة إليها، فإن جلسة النطق بالحكم - على خلاف ذلك - ينبغي أن تكون دائما علنية .
وحتى قبيل النطق بالحكم يحق للمحكمة . ولو في اللحظات الأخيرة - أن تعدل عن الحكم الجاهز للنطق به وتطلب إعادة المداولة من جديد. أما منذ اللحظة التي يتم فيها النطق بهذا الحكم في الجلسة العلنية المحددة لذلك تستنفد المحكمة ولايتها وتخرج الدعوى الجنائية نهائية من حوزتها.
ويترتب على خروج الدعوى من حوزة المحكمة بمجرد النطق بالحكم في جلسة علنية عدم جواز المساس بهذا الحكم على أي وجه من الوجوه. فلا يكون للمحكمة تعديله أو تصحيحه في شق منه حتي ولو
كانت متيقنة من ذلك(7). ومن ثم تصبح الوسيلة الوحيدة للتعقيب على هذا الحكم أو المساس به هي مراجعته والتظلم منه بإحدى طرق الطعن المقررة قانونا.
٣- تدوين الحكم والتوقيع عليه :
ينبغي تدوين الحكم أي كتابته والتوقيع عليه من قبل أعضاء هيئة المحكمة، ومن كاتب المحكمة. ويستخلص شرط تدوين الحكم والتوقيع عليه مما تنص عليه المادتان 171 و 3۲3/ ۲ من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني. ويتمثل الجزاء المترتب على مخالفة شرط تدوين الحكم والتوقيع عليه في توقيع الغرامة على الكاتب (م 171)، واستهداف أعضاء هيئة المحكمة (الرئيس والمستشاران) للشكوى من الحكام (م 3۲3/ ۲).
وإذا كان للحكم الذي تم النطق به علانية عقب مداولة صحيحة مسودة ونسخة أصلية، فالعبرة دائمة بما هو ثابت في النسخة الأصلية ولو كان ثمة اختلاف بينها وبين مسودة الحكم.
____________
1- نقض جنائي 17 أبريل 199۲، مجموعة . احكام محكمة النقض، س13، ق،9، ص3۸0.
2- نقض جنائي ۲3 ديسمبر 1946، مجموعة القواعد القانونية ، ج7، ۲63، ص۲91.
3- نفض جنائي 31 ديسمبر 196۲، مجموعة أحكام محكمة النقض، س13، ق215، ص۲۸۸.
4- وتسبيب الحكم يكون واجبة في الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح على حد سواء ويكون كافية كما ترى محكمة التمييز اللبنانية إذا اشتمل على وقائع الدعوى، وبيان الأدلة ، وإظهار عناصر الجريمة، وتطبيق النص القانوني: قرار محكمة التمييز رقم ۲37 تاريخ 31/7/1952، موسوعة عالية للاجتهادات الجزائية ، رقم 11۲، ص ۲94.
5- د. محمود محمود مصطفی، مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة التاسعة ، القاهرة، ص461.
6- فالمادة 3۲۲ من قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني تكتفي بالقول ابعد أن يعلن الرئيس ختام المحاكمة تختلي المحكمة في غرفة المذاكرة ... وإذا كان ظاهر النص يوحي بتعاقب المداولة (المذاكرة زمنية نور ختام المحاكمة. إلا أن مفهوم النص يجيز أن تتراخي إلى ما بعد ذلك.
7- يستثنى من ذلك تصحيح الأخطاء المادية rectification ما التي ربما تكون قد شابت الحكم، كالغلط المادي في كتابة اسم المتهم المحكوم عليه.
______________
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|