المتغير التكنولوجي:

يقصد بالمتغير التكنولوجي تطبيق المعرفة العلمية والمهارات الإنسانية لحل المشكلات في حقل الفنون العلمية أو الصناعية ويعتمد المستوى التكنولوجي بصورة رئيسية على البحث والتطوير بمعنى اكتساب معرفة جديدة وتطبيقها في الابتكار(1)، لذا فإن المتغير التكنولوجي يمنح الدولة التي تمتلكه مفاتيح تفّوقِه قدرة إضافية تتلخص في قدرتها على استغلال مواردها الطبيعية بصورة خاصة دون أي تدخل خارجي(2)، وهذا ما أكده الباحث ( هيرسن براون)(*)(Harrison Brown) الذي أعطى للعامل التكنولوجي دوراً أهم في بناء القوة من الموارد الطبيعية، فهو يرى إن انتشار الحضارة الصناعية وما أصبح يرافقها من سرعة في استنزاف الموارد الأولية ولاسيما الوقود السائل والصلب القابل للنفاذ، سيقود بالنتيجة إلى استثمار الموارد الأولية الاحتياطية القليلة الموجودة في الطبيعة، لذلك فإن التطور التقني والعلمي عنصر مهم في تحديد مستوى ومستقبل القوة الوطنية(3)، إذ أن المتغير التكنولوجي يؤثر في القيمة الاستراتيجية لعناصر القوة وليس الكمي، إذ يجد بعضهم هذه الميزة مهمة لتعويض نقاط الضعف في مساحة الدولة ومواردها وسكانها بوصفها عناصر جغرافية أساسية للقوة(4).

إلا إن الدول التي تفتقر للقوة التكنولوجية تجعلها فريسة للدول متقدمة التكنولوجية التي تضع مجموعة من الشروط القاسية مقابل منحها للتكنولوجيا متمثلة بنوع من التبعية في استخدام هذه التكنولوجية أو من حيث استخدام الخبراء الأجانب التابعين للدولة المانحة للتكنولوجية ومحدودية استعمالها فضلاً عن التأثير على القرار السياسي للدول الفقيرة تكنولوجياً، أما إذا كانت الدولة تمتلك قوة تكنولوجية وتفتقر إلى الموارد الطبيعية الكافية لإدارة التفوق لديها فإنها تستطيع إن تدخل وبقوة في علاقات الاعتمادية المتبادلة وتساوم على قدرتها التكنولوجية مقابل استحصال المواد الأولية لتنعش اقتصادها، إذ أصبح المتغير التكنولوجي مصدراً مهماً من مصادر الدخل في الدول المتقدمة وعاملاً جديداً يساعد على بسط الهيمنة والنفوذ على الدول الأخرى(5). 

________________

 (1) سرمد عبد الستار أمين، المتغير التكنولوجي وأشكال التنافس على المستوى الدولي، أطروحة دكتوراه ( غير منشورة)، كلية العلوم السياسية،  جامعة النهرين ،2002، ص34-35.

(2) إيلاف راجح هادي، مصدر سابق،  ص19.

(*) هيرسن براون: هو أحد الباحثين الجيوكيمياويين الأمريكيين والذي أصدر كتابه(Man is role in  changing the face of the earth) والذي أعطى فيه للعامل التكنولوجي دوراً أهم من الموارد الطبيعية.

(3) صباح محمود وآخرون، مصدر سابق، ص90.

(4) مهند علي عمران، أثر القوة والقدرة وحرية العمل في الاستراتيجية الشاملة للدولة (دراسة حالة جمهورية ألمانيا الاتحادية)، رسالة ماجستير ( غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2003، ص36.

(*) (روسناو وسوليفان):  باحثان أمريكان في مجال علم الاجتماع السياسي.

(5) معين عباس أحمد الحسون، دور العامل التكنولوجي في الأمن الاقتصادي العربي، رسالة ماجستير (غير منشورة)، معهد الدراسات القومية والاشتراكية، الجامعة المستنصرية، 1990، ص35.