أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2016
2006
التاريخ: 27-04-2015
2954
التاريخ: 2023-05-18
1522
التاريخ: 2023-05-20
1471
|
بعد أن معنا النسخ وحقيقته ، وميزنا معناه عن معنى التخصيص البداء تريد أن نعرف في هذا الدرس على شروط النسخ الاُمور التي يجب تتحققها حتى يتحقق النسخ ، وهي خمسة اُمور تدور حول الناسخ والمنسوخ ومتعلقاتهما، فلو أنتقى أحد هذه الشروط لم يتحقق النسخ.
شروط النسخ
الأول: تحقق التنافي بين تشريعين وقعا في القرآن ، بحيث لا يمكن أجتماعهما في تشريع مستمر ، تنافياً ذاتياً ، كما في آيات وجوب الصفح مع آيات القتال، قوله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14] أمر بالصفح عن المشركين إذ كان المؤمنون بمكة في ضعف شديد فنسخت بالإذن في القتال أولاً بقوله تعالى : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]. ثم التحريض عليه بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65] وأخيراً بأستئصال المشركين عامة بقوله تعالى : {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5].
أو بدليل قاطع دل على نقض التشريع السابق بتشريع لاحق ، كما في آية الإمتاع الى الحول مع آية الاعتداد بأربع أشهر وعشرة أيام وآية المواريث فإن قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 240]، نسخت بقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا...} [البقرة: 234] وقوله تعالى : { وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ...} [النساء: 12]. فقد قام الاجماع على نسخ الاُولى بالأخيرتين .(1)
الثاني: أن يكون التنافي كلياً على الاطلاق ، لا جزئياً وفي بعض الجوانب ، فإن الثاني تخصيص في الحكم العام ، وليس في النسخ في شيئ . فإن قوله تعالى { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ} [النور: 60]، لا تصلح ناسخة لقوله تعالى : {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31]، بعد أن كانت الأولى أخص من الثانية والخاص لاينسخ العام ، بل يخصصه بما عداه من أفراد الموضوع.
الثالث: ألا يكون الحكم السابق محدداً بأمد صريح ، لأن الحكم بنفسه يرتفع عند انتهاء أمده من غير حاجة الى النسخ ، فمثل قوله تعالى : {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]، لا يصدق عليه النسخ عندما تفيء الفئة الباغية وترجع الى رشدها والتسليم لحكم الله .
الرابع: أن يتعلق النسخ بالتشريعات، فلا نسخ فيما يتعلق بالأخبار، فقوله تعالى : {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39، 40].لا يصلح ناسخاً لقوله تعالى : { ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13، 14]. فيما زعمه مقاتل بن سليمان ، لأن الآية إخبار عن واقعية لا تتغير بالوجوه والاعتبار.
وهكذا الإباحة الأصلية ترتفع بحدوث التشريع من غير أن يكون ذلك نسخاً، حيث إن تلك الإباحة لم تكن بتشريع ، وإنما كانت بحكم العقل الفطوري( البراءة العقلية)، وموضوعها: عدم التشريع فترتفع بالتشريع.
الخامس: التحفظ على نفس الموضوع ، إذ عندما يتبدل موضوع حكم الى غيره ، فإن الحكم يتغير لا محالة حيث إن الحكم قيد موضوعه ، وليس هذا نسخاً، فمثل قوله تعالى : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ } [البقرة: 173]، ليس ناسخاً بقوله تعالى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ } [البقرة: 173]. الأمر الذي اشتبه على كثير ممن كتب في النسخ كأبن حزم .(2)
الخلاصة
حتى تتم عملية النسخ فلا بد من توفر شروط خمسة:
الأول : أن يكون بين الناسخ والمنسوخ تنافي، كما في آيات وجوب الصفح مع آيات القتال.
الثاني: أن يكون التنافي بين الناسخ والمنسوخ كلياً على الإطلاق ، فتخرج آية النساء القواعد مع آية غض البصر.
الثالث: ألا يكون الحكم المنسوخ محدداً بزمن معين . فتخرج آية : { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.
الرابع : أن يكون متعلق النسخ هو التشريعات . فقوله تعالى : { ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَثُلَةٌ مِنَ الْآخِرِينَ}، لا يصلح أن يكون ناسخاً لقوله تعالى : { ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}.
الخامس: أن يكون الموضوع بين الناسخ والمنسوخ واحداً. فقوله تعالى : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، ليس ناسخاً لقوله تعالى : {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ } لأختلاف الموضوع.
___________
1- راجع: تفسير المختصر، شبر : 76.
2- رسالة الناسخ والمنسوخ( بهامش الجلالين): 2، 161.
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
لمجمع العلمي يقيم دورات ومحافل لتعزيز الثقافة القرآنية ونشر تعاليمها
|
|
|