اعتمدت الصحافة المكتوبة ومنذ زمن بعيد مبدأ الهرم المقلوب في الكتابة الصحفية. أي أن نبدأ المقال بأهم المعلومات ونتدرج بها حسب الأهمية حتى نهاية المقال. والحكمة في ذلك هي جذب القارئ منذ البداية، وإثارة اهتمامه لمتابعة المقال، ومن ثم ضمان أن يقرأ المعلومات الأساسية من الموضوع التي تنحصر في الأسطر الأولى. هذا إذا رغب الإقلاع عن متابعة الموضوع حتى النهاية.

والهرم المقلوب يأخذ الشكل التالي :

هذه الطريقة في الصحافة المكتوبة لا يمكن تطبيقها على التقارير الإخبارية الإذاعية والتلفزيونية التي تسير حسب منطق آخر مختلف تماما ، ومن هنا تأتي صعوبة التأقلم لصحافي الصحافة المكتوبة مع الصحافة السمعية - البصرية ، فهو يبقى مخلصا وحريصاً على منطق الكتابة المطولة، وقالب الهرم المقلوب، ومن الصعب أن يعيد الهرم ويوقفه على قاعدته.

التقرير الإخباري المسموع أو المصور يتبع منطقا آخر. فهو محدد أولا بالوقت، ومرتبط بعنصرين آخرين هامين جداً ، ويمتلكان خواصاً ولغة مختلفة : الصوت والصورة.

فالتقرير الإذاعي يجب أن يكون مختصرا مراعيا شروط المستمع (كما سنراه فيما بعد) والتلفزيوني يكون مفهوماً أكثر إذا أخذ التسلسل الزمني لوقوع الحدث مثلا، وانتقل بالفكرة من مقطع، أو مشهد (sequence) !لى آخر بحيث يكون متدفقاً، وتصب الجملة فيه في لاحقتها بانسياب وسلاسة، وكل مشهد في المشهد الذي يليه دون الوقوع في متاهات أو تشعبات لا نفع لها. ومهما يكن من أمر البناء، فإن أفضل التقارير هي التي يتم فيها ترتيب عناصر الحدث بأفضل شكل منطقي، وتقدم بطريقة تجذب الانتباه وتشد المستمع و المشاهد من البداية حتى النهاية، وما يفرق صحافي الإذاعي والتلفزيوني عن آخر هو من يستطيع الاستفادة بشكل أفضل من العناصر المتوفرة لديه من صوت وصورة ونص ليضعها في خدمة الفكرة التي يريد أن يوصلها للمستقبل.