أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2021
2058
التاريخ: 22-9-2020
2310
التاريخ: 2023-02-20
1186
التاريخ: 22-8-2019
1624
|
سؤال /
التنمية والحكم الصالح الى أين؟
يطرح هذا السؤال نفسه بعد مناقشة اشكالية المفاهيم: هل يمكن الحديث عن حق الانسان في التنمية بإعتباره حقا جماعياً للشعوب دون ربطه بالفرد الكائن البشري؟ ومصدر هذا السؤال يمتد الى الصراع الايديولوجي في فترة الحرب الباردة والنظرة المنحازة لكلتا المنظومتين الاشتراكية والرأسمالية. ومثل هذا الجدل بل والصراع كان قائماً على المستوى الدولي سواء في الامم المتحدة أو خارجها، وازداد عمقاً وشمولاً في ظل العولمة وارتفاع وتيرة المصـالح في ظل لاعب اساس متحكم في اللعبة الدولية، وممارسة حقه في التجارة باعتباره الاقوى وتأثيره على المؤسسات المالية الكبرى، التي حولها الى حصون منيعة له، وبرز ذلك مع تراكم مشاكل الهجرة وانتشار المخدرات وإستشراء الارهاب وتفاقم مشكلة اللاجئين والتوظيف السياسي من وراء ذلك، حين كان الغرب يغض النظر عن انتهاكات حقوق الانسان من بعض اصدقائه، بحجة مكافحة التطرف والتعصب والارهاب والاصولية، وتحجب المساعدات عن دول حاولت ان تتلمس طريقها في التنمية بما ينسجم مع خصائصها وتطورها ورفضها الخضوع أو التبعية، ورفعت أمامها على نحو إغراضي قضية انتهاكات حقوق الانسان، بطريقة توظيفية بعيدة عن عدالتها.
في العام 1977 دخل الحق في التنمية في جدول اعمال لجنة حقوق الانسان بالامم المتحدة، وبذلك بدأت مرحلة جديدة من مراحل تطور حقوق الانسان.
شكلت اسئلة التنمية جزءاً من المقترب البنيوي بخصوص الجيل الثالث لحقوق الانسان، رغم ان الثمانينات شهدت اوضاعاً انتقالية، استكملت حتى نهايتها بوضع حواجز أمام سلع العالم الثالث، مما زاد في تعميق أزمة التنمية واستفحال المديونية وهيمنة سياسة المؤسسات المالية الدولية، التي قادت الى استنزاف للموارد الطبيعية والانسانية للدول ،وتقليص فرص النمو والعمالة وارتفاع وتيرة العنف وعدم الاستقرار والمزيد من انتهاكات حقوق الانسان.
وفي بداية التسعينات تعزز مفهوم الحق في التنمية بمفهوم التنمية البشرية كما ورد في تقارير الامم المتحدة للتنمية، سواء من البرنامج الانمائي للامم المتحدة UNDP أو من جانب البنك الدولي، حيث تمت الدعوة الى مكافحة الفقر وايلاء اهتمام اكبر بالجانب الاجتماعي واعتماد مبدأ المشاركة كجزء من الحق في التنمية ومبدأ الحكم لصالح لراشد (الجيد) Good Governance.
وفي بيان القمة بمناسبة الالفية الثالثة، لزعماء العالم الذي حضره نحو 150 زعيماً أيلول (سبتمبر) 2000، جرى الوعد بإحداث تغييرات رسمية بوضع اهداف لخفض نسبة من يعيشون بأقل من دولار واحد يومياً، الى النصف وكذلك عدد الاشخاص الذين يفتقرون الى مياه شرب صحية واستكمال البنين والبنات مراحل تعليمهم الابتدائي ووضع حد لانتشار الايدز والملاريا والامراض الفتاكة الاخرى.
وفي البيان المذكور شددت الجمعية العامة للامم المتحدة على القيم والمبادئ انطلاقاً من الامم المتحدة وميثاقها كاساسين لا يمكن الاستغناء عنهما لبناء عالم اكثر سلاماً وازدهاراً وعدالة، وجرى التاكيد على السعي لتصبح العولمة قوة ايجابية لصالح جميع الشعوب في العالم وتقاسم فوائدها.
وتم التأكيد على قيم الحرية والحكم الديمقراطي والتشاركي والمساواة والتضامن والتسامح والمسؤولية المشتركة في ادارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية العالمية بالاضافة الى مسؤولية حماية السلم والامن الدوليين.
وبخصوص التنمية والقضاء على الفقر جرى التأكيد على ما يلي:
- تحرير الرجال والنساء والاطفال من الاوضاع المذلة وغير الانسانية.
- خلق مناخ مناسب دولياً ومحلياً، يتجاوب مع التنمية والقضاء على الفقر.
• اعتماد الشفافية المالية والنقدية التجارية من خلال أنظمة حكم تكيف لذلك في كل بلد.
• ابداء القلق ازاء العقبات التي تواجهها الدول النامية.
- التعامل الفاعل لحل مشكلة المديونية للدول لنامية ذات لدخل المنخفض والمتوسط.
• تلبية احتياجات دول الجزر الصغيرة النامية.
- الاقرار بحاجة الدول النامية التي لا تمتلك منفذاً مجرياً ومساعدتها على تخطي عقبات النقل والمرور وتحسين انظمتها وشبكاتها المواصلاتية.
وفي فقرة خاصة تم تناول موضوع حماية البيئة والتأكيد على المحافظة على الغابات وتطويرها ومكافحة التصحر والجفاف وايقاف الاستغلال المفرط للموارد المائية. وفي اطار توصيف عملية التنمية وربطها بالديمقراطية جرى الحديث عن الحكم الصالح والتأكيد على بذلك الجهود لترويج الديمقراطية وتعزيز سيادة القانون الى جانب احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية، المعترف بها دولياً بما فيها الحق في التنمية، مؤكداً على احترام حقوق الاقليات ومكافحة جميع انواع العنف ضد المرأة وضمان حقوق المهاجرين والعمال وعوائلهم ووضع حد للاعمال المتصاعدة التي تتخذ شكلاً عنصرياً او عداءاً وكرهاً للاجانب والتشجيع على الانسجام والتسامح في المجتمع.
وكان مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الانسان الذي انعقد في العام 1993 قد دعا لإقرار تفاهم عالمي حول حق التنمية حين نص على تحسن الطرح النظري وزيادة الادوات الدولية في ميدان حقوق الانسان، لا يمكن ان يحجبا عن كل متتبع ان الهوة ازدادت في الوقت اتساعاً بين الدول وداخلها ولاسيما في حقل ما يصنف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي لا يمكن فصلها عن الحقوق المدنية والسياسية.
انطلاقا من ذلك فان حق التنمية هو عملية شاملة ترمي الى ضمان جميع حقوق الانسان والحريات الاساسية، وهي حق من حقوق الانسان غير قابلة للتصرف، وجزء لا يتجزأ من الحريات الاساسية، ويرسخ اعلان الحق في التنمية هذا المفهوم، وذلك بسعيه لدمج التنمية بحقوق الانسان على نحو متكامل، ويتطلب مسؤولية جميع الاطراف في المجتمع الدولي، ويسعى الى ربط مفاهيم التنمية الانسانية المستدامة بحق الانسان والمشاركة النشطة الحرة والفعالة لكل الافراد في التنمية.
وتتأكد اكثر فكرة الربط بين الحقوق الفردية في التنمية وبين الحقوق الجماعية للمجتمع او الدولة، فحق التنمية هو حق للفرد مثلما هو حق للجماعة، واذا كان الامر يتطلب جماعة متحررة غير خاضعة لهيمنة اجنبية، وحقاً على المستوى الدولي في مساعدتها على التنمية، فانه يتطلب أيضاً ديمقراطية داخلية واحترام حقوق الفرد حتى لا تصبح الجماعة قمعية.
ولا بد هنا من التأكيد إن تثبيت الحق في التنمية، وهو الخطوة الثانية المهمة بعد اعلان تصفية الاستعمار (الكولونيالية) لعام 1960، الصادر عن الجمعية العامة، انما يستهدف المساعدة في تعديل الميزان المختل في العلاقة بين الشمال والجنوب، بين الاغنياء والفقراء، بين الاقوياء والضعفاء، وكذلك الجمع بين مجالين ظلا يعملان بصورة منفصلة وهما حقوق الانسان والتنمية.
يقول جون باجي من المفوضية السامية لحقوق الانسان ما بين عام 1952 و1999 حدثت الكثير من التطورات في قاعات المؤتمرات في الامم المتحدة وفي الكثير من دول العالم، مما استوجب اعادة النظر في الفهم الخاطئ الناتج عن إعمال مجموعتين من الحقوق، ونتيجة لذلك... وافقت 171 دولة بالامم المتحدة في مؤتمر فيينا (1993) على ضرورة ادماج هاتين المجموعتين من الحقوق في مجال التطبيق، اذا ما اريد لأجندة الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان ان تكون ذات معنى.
جدير بالذكر الاشارة الى ان الجمعية العامة واجهت منذ العام 1950 مشكلة تقرير ما اذا كانت ستمضي في طريق صياغة عهد دولي او اتفاقية دولية لحقوق الانسان ملزمة قانونا، وذلك بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 كانون الاول (ديسمبر)عام 1948.
لكن الامر الذي تم التوصل اليه هو صياغة عهدين او اتفاقيتين رغم ان الجمعية العامة ذاتها اكدت: ان التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متداخلان ومترابطان، وان الانسان المحروم من الحقوق الاقتصادية لا يمكن ان يكون نموذجاً للانسان الحر.
لكن فشل لجنة حقوق الانسان من التوصل الى صيغة كهذه، اضطر الجمعية العامة للموافقة عام 1952 على فصل حقوق الانسان الى مجموعتين... وانطلاقاً من ذلك القرار اضطررنا ان نعيش هذا التقسيم الخاطئ وغير المقنع لمجموعتين من الحقوق رغم ترابطها وتداخلها.
عند تثبيت الحق في التنمية لا بد من إلفات النظر الى مسؤوليات الحكومات الغربية، خصوصاً والحكومات بشكل عام ازاء الفرد والمجتمع، كجزء من البعد الاخلاقي لعملية دمج التنمية بحقوق الانسان، سواءاً بمعناها الدولي ومسؤولية بلدان الشمال الغنية او بمعناها الاقليمي والوطني بمسؤولية حكومات بلدان الجنوب عن ربط التنمية باحترام حقوق الانسان كجزء منها وباحترام القواعد الديمقراطية في تطور المجتمع والفرد.
يطرح البروفسور كارل فاسيك موضوع الحق في التنمية كجزء من تطور عملية حقوق الانسان، وهو ما يطلق عليه الحقوق الجديدة من منطق حقوق التضامن، كالحق في السلام والحق في بيئة نظيفة، والحق في الاستفادة من التراث المشترك للبشرية. وكان فاسيك قد طرح المسالة عام 1977 بمناسبة التحضير للذكرى ال 30 للاعلان العالمي لحقوق الانسان ومرور 200 عام على الثورة الفرنسية. ويعد فاسيك مبدع فكرة الجيل الثالث لحقوق الانسان.
ويذهب أبعد من ذلك عندما يعتبر ان الحقوق المدنية والسياسية وهي التي تمثل (الجيل الاول)، كانت قد صيغت في القرن الثامن عشر وشكلت خلفية ثقافية للثورة الفرنسية.
اما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي تمثل (الجيل الثاني) فقد صيغت في القرن التاسع عشر والقرن العشرين تحت تأثير الفكر الاشتراكي والماركسي، خصوصاً موضوع المساواة والحديث عن حقوق العمل والعمال والضمان الاجتماعي وغيرها.
اما (الجيل الثالث) او حقوق التضامن فهي محاولة لادخال البعد الانساني بعد حقوق الانسان، خصوصاً وان تلك الحقول كانت متروكة للدولة مثل البيئة والسلام والتنمية والتواصل والتراث المشترك للانسانية.
ولكي يتم تأمين هذه الحقوق وترابطها مع الحقوق الاخرى فلا بد من جهود جميع الفاعلين في العملية الاجتماعية سواء كانت دول او مجموعات او كيانات او افراد.
وبذا المعنى فان التنمية كستراتيجية، تنطلق من عملية شمولية متكاملة تتضمن جميع حقوق الانسان وهي غير قالة للتجزئة وفقاً لمؤتمر فيينا لعام 1993، كما لا يمكن ان يصار الى رفضها بحجة وجود أنظمة غير ديمقراطية، بما يؤدي الى المساس بصدقية الحقوق ذاتها، وكذلك لا يمكن رفضها أو تأجيلها بحجة الدعاوى التي تتعكز على الخصوصية القومية او الدينية او الثقافية، لتعطل المنظومة الدولية والمعيارية لحق التنمية، بحجة التدخل الخارجي، حتى وان كان أنسانياً، اذ لم يعد مقبولاً التملص من الالتزامات والمعايير الدولية، الهادفة الى احترام الفرد ودوره في المشاركة في عملية التنمية وتطوير عملية السلام الاجتماعي والتطور الديمقراطي في المجتمع، فذلك من واجبات الدول ازاء نجاح وتقدم عملية التنمية.
واكدت السيدة ماري روبنسون، مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان السابقة، هذا المعنى عندما اشارت في ندوة القاهرة (1999) الى ان مؤتمر فيينا لحقوق الانسان منح تأكيداً واضحاً للحق في التنمية، كحق عالمي، لا يمكن انكاره، وكجزء لا يتجزأ من الحقوق الاساسية للانسان.
وحددت روبنسون الاطراف التي ينبغي تعاونها لانجاح عملية ادماج التنمية بحقوق الانسان بما يلي: الحكومات والجماعة الدولية والمجتمع المدني ودائرة رجال الاعمال.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|