أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
2244
التاريخ: 2024-09-03
405
التاريخ: 24-04-2015
3764
التاريخ: 24-04-2015
1742
|
من ضرورات التفسير هو إحاطة المفسّر بمعنى المفردات اللغوية ، فنوع الفهم للمفردة يقود الى تحديد ما يفهمه المفسّر من كتاب اللّه تعالى. فالمفردات اللغوية من الأسماء والحروف والافعال لها معان ودلالات ، تجب معرفتها معرفة دقيقة ، كما أن لبعضها أكثر من معنى كما ذكرنا في الاشتراك ، وفهم المعنى المراد في هذا الاستعمال يؤثر تأثيرا بالغا في فهم العقيدة والمعارف والاحكام الشرعية.
ومن الأمثلة على ذلك هو الخلاف في تحديد معنى (ما) في قوله تعالى :{ أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ } ومعنى (اللام) في قوله تعالى : { لِيَزْدادُوا إِثْماً } في الآية الكريمة : { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران : 178]
قال المفسّر الكبير الشيخ الطبرسي رحمه اللّه : «و(ما) يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون بمعنى (الذي) فيكون تقديره : لا يحسبنّ الذين كفروا أنّ الذي نمليه لهم خير لأنفسهم ، و(الآخر) أن يكون ما نملي بمنزلة (الاملاء) فيكون مصدرا لم يقتض راجعا إليه».
ثم فسّر معنى (اللام) بأنه لام العاقبة وليس بلام الإرادة. وعلى فهمه لمعنى (ما) و(اللام) فسّر الآية بقوله : ثم بيّن سبحانه أن امهال الكفار لا ينفعهم إذا كان يؤدي الى العقاب فقال {ولا يَحْسَبَنَ} أي لا يظنن {الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} أي ان اطالتنا لأعمارهم ، وامهالنا إياهم ، خير لهم من القتل في سبيل اللّه بأحد ، لأن قتل الشهداء اداهم الى الجنة ، وبقاء هؤلاء في الكفر يؤديهم الى العقاب ، ثم ابتدأ سبحانه فقال : { أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ } أي : إنما نطيل عمرهم ، ونترك المعاجلة لعقوبتهم { لِيَزْدادُوا إِثْماً }أي : لتكون عاقبة أمرهم بازديادهم الإثم فيكون اللام لام العاقبة. مثل اللام في قوله :
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص : 8] وهم إنما أخذوه ليكون لهم سرورا وقرة عين ، ولكن لما علم اللّه أنه يصير في آخر أمره عدوا وحزنا قال كذلك ، ومثله في قول الشاعر :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها |
ودورنا لخراب الدّهر نبنيها |
|
وقول الآخر :
ءأمّ سماك فلا تجزعي |
فللموت ما تلد الوالدة |
|
وقول الآخر :
فللموت تغذو الوالدات سخالها |
كما لخراب الدّهر تبنى المساكن |
|
وقول الآخر : لدوا للموت وابنوا للخراب ، ولا يجوز أن يكون اللام لام الارادة والغرض لوجهين : (أحدهما) ان إرادة القبيح قبيحة.
وتلك عنه سبحانه منفية (والآخر) انها لو كانت لام الارادة لوجب أن يكون الكفار مطيعين للّه تعالى ، من حيث فعلوا ما وافق إرادته ، وذلك خلاف الإجماع. وقد قال عزّ اسمه : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء : 64] {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ } [البينة : 5] والقرآن يصدّق بعضه بعضا ، وعلى هذا فلا بد من تخصيص الآية فيمن علم منه أنه لا يؤمن ، لأنه لو كان فيهم من يؤمن لما توّجه إليهم هذا الوعيد المخصوص ، وقال أبو القاسم البلخي معناه ولا يحسبنّ الذين كفروا ان إملاءنا لهم رضا بأفعالهم ، وقبول لها ، بل هو شرّ لهم ، لأنّا نملي لهم ، وهم يزدادون إثما يستحقون به العذاب الأليم ، ومثله : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس ، أي : ذرأنا كثيرا من الخلق سيصيرون الى جهنم بسوء أفعالهم ، وقد يقول الرجل لغيره ، وقد نصحه فلم يقبل نصحه : ما زادك نصحي إلّا شرا ووعظي إلّا فسادا ، ونظيره قوله : {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} [المؤمنون : 110] ومعلوم أن الرسل ما أنسوهم ذكر اللّه على الحقيقة ، وما بعثوا إلّا للتذكير والتنبيه دون الانساء مع ان الإنساء ليس من فعلهم ، فلا يجوز اضافته اليهم ، ولكنه إنما أضيف إليهم؛ لأن دعاءه إياهم لمّا كان لا ينجع فيهم ، ولا يردّهم عن معاصيهم ، فأضيف الانساء إليهم ، وفي هذا المعنى قوله حكاية عن نوح : {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح : 6].
وروي عن أبي الحسن الأخفش والاسكافي (انّما) الأخيرة مفتوحة الهمزة ، لأنها معمول ليحسبن على هذا القول ، وأن يكون انّما الأولى مكسورة الهمزة ، لأنها مبتدأ على هذا القول ، والتقديم والتأخير لا يغيران الاعراب عن استحقاقه ، وذلك خلاف ما عليه القراءة؛ لأن القراء قد أجمعوا على كسر الثانية ، وأكثرهم على فتح الأولى».
ومن أمثلة تأثير فهم معنى المفردات اللغوية على فهم مراد اللّه تعالى من كتابه ، هو اختلاف المفسّرين في فهم المراد من حرف (إلى) في قوله تعالى : {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة : 6] .
فقد فسّرها بعضهم بمعنى : الغاية والانتهاء ، أي منتهى ما يطلب غسله من اليد ، وهذا يعني أن الابتداء في الغسل من رءوس الأصابع.
وفسّرها البعض الآخر بأنها تعني (مع).
قال الطوسي رحمه اللّه (وقوله : وأيديكم الى المرافق ، منصوب بالعطف على الوجوه الواجب غسلها.
ويجب عندنا غسل الأيدي من المرافق ، وغسل المرافق معها إلى رءوس الأصابع ، ولا يجوز غسلها من الأصابع الى المرافق. و(إلى) في الآية بمعنى (مع) ، كقوله : (لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ...) (1).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|