المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16297 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صفات المتقين / ليس تباعده بكبر، وعظمة
2024-04-18
الآثار الآجلة للدعاء.
2024-04-18
الدعاء يردُّ القضاء ويدفعُ البلاء.
2024-04-18
الدعاء تلقين لأصول العقيدة.
2024-04-18
الدعاء سلاح المؤمن.
2024-04-18
طرائق امتصاص الدقائق المشحونة الخفيفة Methods of Absorption of Light charged particles
2024-04-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (77-83) من سورة يس  
  
13325   03:40 مساءً   التاريخ: 10-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يس /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2020 28481
التاريخ: 8-10-2020 15248
التاريخ: 9-10-2020 8586
التاريخ: 9-10-2020 10185

قال تعالى : {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُو خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُو بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُو الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [يس : 77 - 83] .

 

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

نبه سبحانه خلقه على الاستدلال على صحة البعث والإعادة فقال {أ ولم ير} أ ولم يعلم {الإنسان أنا خلقناه من نطفة} والتقدير ثم نقلناه من النطفة إلى العلقة ومن العلقة إلى المضغة ومن المضغة إلى العظم ومن العظم إلى أن جعلناه خلقا سويا ثم جعلنا فيه الروح وأخرجناه من بطن أمه وربيناه ونقلناه من حال إلى حال إلى أن كمل عقله وصار متكلما خصيما وذلك قوله {فإذا هو خصيم مبين} أي مخاصم ذوبيان أي فمن قدر على جميع ذلك فكيف لا يقدر على الإعادة وهي أسهل من الإنشاء والابتداء ولا يجوز أن يكون خلق الإنسان واقعا بالطبيعة لأن الطبيعة في حكم الموات في أنها ليست بحية قادرة فكيف يصح منها الفعل ولا أن يكون كذلك بالاتفاق لأن المحدث لا بد له من محدث قادر عالم وفي الآية دلالة على صحة استعمال النظر في الدين لأن الله سبحانه أقام الحجة على المشركين بقياس النشأة الثانية على النشأة الأولى وألزم من أقر بالأولى أن يقر بالثانية .

ثم أكد سبحانه الإنكار عليه فقال {وضرب لنا مثلا} أي ضرب المثل في إنكار البعث بالعظم البالي وفته بيده وتتعجب ممن يقول أن الله يحييه {ونسي خلقه} أي وترك النظر في خلق نفسه إذ خلق من نطفة ثم بين ذلك المثل بقوله {قال من يحيي العظام وهي رميم} أي بالية واختلف في القائل لذلك فقيل هو أبي بن خلف عن قتادة ومجاهد وهو المروي عن الصادق (عليه السلام) وقيل هو العاص بن وائل السهمي عن سعيد بن جبير وقيل أمية بن خلف عن الحسن .

ثم قال سبحانه في الرد عليه {قل} يا محمد لهذا المتعجب من الإعادة {يحييها الذي أنشأها أول مرة} لأن من قدر على اختراع ما يبقى فهو على إعادته قادر لا محالة {وهو بكل خلق عليم} من الابتداء والإعادة فيعلم به قبل أن يخلقه أنه إذا خلقه كيف يكون ويعلم به قبل أن يعيده أنه إذا أعاده كيف يكون ثم زاد سبحانه في البيان وأخبر من صنعه بما هو عجيب الشأن فقال {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون} أي جعل لكم من الشجر الرطب المطفىء للنار نارا محرقة يعني بذلك المرخ والعفار وهما شجرتان يتخذ الأعراب زنودها منهما فبين سبحانه أن من قدر على أن يجعل في الشجر الذي هو في غاية الرطوبة نارا حامية مع مضادة النار للرطوبة حتى إذا احتاج الإنسان حك بعضه ببعض فتخرج منه النار وينقدح قدر أيضا على الإعادة وتقول العرب : ( (في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار)) (2) وقال الكلبي كل شجر تنقدح منه النار إلا العناب .

ثم ذكر سبحانه من خلقه ما هو أعظم من الإنسان فقال {أ وليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم} هذا استفهام معناه التقرير يعني من قدر على خلق السماوات والأرض واختراعهما مع عظمهما وكثرة أجزائهما يقدر على إعادة خلق البشر ثم أجاب سبحانه هذا الاستفهام بقوله {بلى} أي هو قادر على ذلك {وهو الخلاق} أي يخلق خلقا بعد خلق {العليم} بجميع ما خلق ثم ذكر قدرته على إيجاد الأشياء فقال {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} والتقدير أن يكونه فيكون فعبر عن هذا المعنى بكن لأنه أبلغ فيما يراد وليس هنا قول وإنما هو إخبار بحدوث ما يريده تعالى وقيل إن المعنى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول من أجله كن فيكون فعبر عن هذا المعنى بكن وقيل إن هذا إنما هو في التحويلات نحو قوله : {كونوا قردة خاسئين} و{كونوا حجارة أو حديدا} وما أشبه ذلك .

ولفظ الأمر في الكلام على عشرة أوجه ( أحدها ) الأمر لمن هو دونك ( والثاني ) الندب كقوله {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} ( وثالثها ) الإباحة نحو قوله {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} و{إذا حللتم فاصطادوا} ( والرابع ) الدعاء {ربنا آتنا من لدنك رحمة} ( الخامس ) الترفيه كقوله ارفق بنفسك ( السادس ) الشفاعة نحو قولك شفعني فيه ( السابع ) التحويل نحو {كونوا قردة خاسئين} و{كونوا حجارة أو حديدا} ( الثامن ) التهديد نحو قوله {اعملوا ما شئتم} ( التاسع ) الاختراع والأحداث نحو قوله {كن فيكون} ( العاشر ) التعجب نحو أبصر به وأسمع قال علي بن عيسى في قوله {كن فيكون} الأمر هاهنا أفخم من الفعل فجاء للتفخيم والتعظيم قال ويجوز أن يكون بمنزلة التسهيل والتهوين فإنه إذا أراد فعل شيء فعله بمنزلة ما يقول للشيء كن فيكون في الحال وأنشد :

فقالت له العينان سمعا وطاعة *** وحدرتا كالدر لما يثقب

وإنما أخبر عن سرعة دمعة دون أن يكون ذلك قولا على الحقيقة ثم نزه سبحانه نفسه من أن يوصف بما لا يليق به فقال {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} أي تنزيها له من نفي القدرة على الإعادة وغير ذلك مما لا يليق بصفاته الذي بيده أي بقدرته ملك كل شيء ومن قدر على كل شيء قدر على إحياء العظام الرميم وعلى خلق كل شيء وإفنائه وإعادته {وإليه ترجعون} يوم القيامة أي تردون إلى حيث لا يملك الأمر والنهي أحد سواه فيجازيكم بالثواب والعقاب على الطاعات والمعاصي على قدر أعمالكم .

______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص290-292 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{أَولَمْ يَرَ الإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُو خَصِيمٌ مُبِينٌ} . كان الإنسان بالأمس نطفة ، حتى إذا صار بقدرة اللَّه مخلوقا سويا ذا فهم وبيان نسي أصله ، وخاصم ربه بالعصيان وتحذلق في الكلام {وضَرَبَ لَنا مَثَلًا ونَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ} . الضمير المستتر في ضرب يعود إلى من أنكر البعث ، وقد ضرب هذا المنكر مثلا على امتناع البعث قائلا : كيف تجتمع وتتآلف من جديد أجزاء العظام ، وتدب فيها الحياة بعد أن تبلى وتصير ترابا مبددا هنا وهناك ؟

فردّ سبحانه على صاحب المثل : أتعجب من قدرة اللَّه ، وتنكر البعث وتضرب الأمثال ، ثم تنسى نفسك ، وان اللَّه قد خلقك من تراب ثم من نطفة ؟ لقد أوجدك ولم تكن شيئا مذكورا ، فكذلك يعيدك بعد أن تصبح عظامك رميما .

{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُو بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} . قل يا محمد للجاحد المعاند : أي عجب من إحياء العظام وهي رميم ؟ ان الذي جعل للنطفة سمعا وبصرا ، وفهما وبيانا هو الذي يعيد العظام إلى سيرتها الأولى . . . وتقدم مثله في العديد من الآيات ، منها الآية 49 من سورة الإسراء ج 5 ص 52 .

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} . هذا المثال تتضح منه فكرة البعث ، وبيان ذلك ان المنكرين استبعدوا إحياء الموتى لا لشيء إلا ظنا منهم ان الأشياء لا يمكن أن تتحول إلى أضدادها . فأجابهم سبحانه بأن هذا الظن وهم وخيال ، لأن هذا التحول واقع بالفعل ، ومحسوس ترونه أنتم صباحا ومساء ، ولكن لا تنتبهون إليه . . فالشجر الأخضر الريان يتحول إلى نار محرقة ، والأرض الهامدة تحيا وتهتز بأنواع النبات والأشجار إذا نزل عليها الماء . .

فكيف تنكرون إحياء العظام البالية ، وتقرون بإحياء الأرض الهامدة وتحوّل الأشجار إلى نار مع أن الجميع من باب واحد ، وهو انقلاب الشيء من حقيقة إلى ضدها ؟ .

{أَولَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وهُو الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} . من أوجد الكون من لا شيء يهون عليه أن يوجد مثله ساعة يشاء . وتقدم نظيره في الآية 99 من سورة الإسراء ج 5 ص 89 {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . بدأ الخلق بكلمة {كن} ويعيده بها .

وتقدم في الآية 40 من سورة النحل ج 4 ص 515 {فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} . تنزه ربنا عن الشريك ، وهو وحده المبدئ والمعيد .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص326-327 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {أ ولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} رجوع إلى ما تقدم من حديث البعث والاحتجاج عليه إثر إنكارهم ، ولا يبعد أن يكون بيانا تفصيليا لقولهم المشار إليه في قوله تعالى : {فلا يحزنك قولهم} إلخ والمراد بالرؤية العلم القطعي أي أ ولم يعلم الإنسان علما قاطعا أنا خلقناه من نطفة ، وتنكير نطفة للتحقير والخصيم المصر على خصومته وجداله .

والاستفهام للتعجب والمعنى من العجيب أن الإنسان يعلم أنا خلقناه من نطفة مهينة فيفاجئه أنه خصيم مجادل مبين .

قوله تعالى : {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم} الرميم البالي من العظام ، و{نسي خلقه} حال من فاعل ضرب ، وقوله : {قال من يحيي العظام وهي رميم} بيان للمثل الذي ضربه الإنسان ، ولذلك جيء به مفصولا من غير عطف لأن الكلام في معنى أن يقال : فما ذا ضرب مثلا؟ فقيل قال من يحيي العظام وهي رميم .

والمعنى وضرب الإنسان لنا مثلا وقد نسي خلقه من نطفة لأول مرة ، ولوكان ذاكره لم يضرب المثل الذي ضربه وهو قوله : {من يحيي العظام وهي بالية} لأنه كان يرد على نفسه ويجيب عن المثل الذي ضربه بخلقه الأول كما لقنه الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) جوابا عنه .

قوله تعالى : {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} تلقين الجواب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

الإنشاء هو الإيجاد الابتدائي وتقييده بقوله {أول مرة} للتأكيد ، وقوله : {وهو بكل خلق عليم} إشارة إلى أنه تعالى لا ينسى ولا يجهل شيئا من خلقه فإذا كان هو خالق هذه العظام لأول مرة وهولا يجهل شيئا مما كانت عليه قبل الموت وبعده فإحياؤه ثانيا بمكان من الإمكان لثبوت القدرة وانتفاء الجهل والنسيان .

قوله تعالى : {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون} بيان لقوله : {الذي أنشأها أول مرة} والإيقاد إشعال النار .

والآية مسوقة لرفع استبعاد جعل الشيء الموات شيئا ذا حياة والحياة والموت متنافيان والجواب أنه لا استبعاد فيه فإنه هو الذي جعل لكم من الشجر الأخضر الذي يقطر ماء نارا فإذا أنتم منه توقدون وتشعلون النار ، والمراد به على المشهور بين المفسرين شجر المرخ والعفار (2) كانوا يأخذون منهما على خضرتهما فيجعل العفار زندا أسفل ويجعل المرخ زندا أعلى فيسحق الأعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله فحصول الحي من الميت ليس بأعجب من انقداح النار من الشجرة الخضراء وهما متضادان .

قوله تعالى : {أ وليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم} الاستفهام للإنكار والآية بيان للحجة السابقة المذكورة في قوله : {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة} إلخ .

ببيان أقرب إلى الذهن وذلك بتبديل إنشائهم أول مرة من خلق السماوات والأرض الذي هوأكبر من خلق الإنسان كما قال تعالى : {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر : 57] .

فالآية في معنى قولنا : وكيف يمكن أن يقال : إن الله الذي خلق عوالم السماوات والأرض بما فيها من سعة الخلقة البديعة وعجيب النظام العام المتضمن لما لا يحصى من الأنظمة الجزئية المدهشة للعقول المحيرة للألباب والعالم الإنساني جزء يسير منها ، لا يقدر أن يخلق مثل هؤلاء الناس ، بلى وإنه خلاق عليم .

والمراد بمثلهم قيل : هم وأمثالهم وفيه أنه مغاير لمعنى مثل على ما يعرف من اللغة والعرف .

وقيل : المراد بمثلهم هم أنفسهم بنحو الكناية على حد قولهم : مثلك غني عن كذا أي أنت غني عنه ، وفيه أنه لوكان كناية لصح التصريح به لكن لا وجه لقولنا : أ وليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلقهم فإن الكلام في بعثهم لا في خلقهم والمشركون معترفون بأن خالقهم هو الله سبحانه .

وقيل : ضمير {مثلهم} للسماوات والأرض فإنهما تشملان ما فيهما من العقلاء فأعيد إليهما ضمير العقلاء تغليبا فالمراد أن الله الخالق للعالم قادر على خلق مثله .

وفيه أن المقام مقام إثبات بعث الإنسان لا بعث السماوات والأرض .

على أن الكلام في الإعادة وخلق مثل الشيء ليس إعادة لعينه بل بالضرورة .

فالحق أن يقال : إن المراد بخلق مثلهم إعادتهم للجزاء بعد الموت كما يستفاد من كلام الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان .

بيانه أن الإنسان مركب من نفس وبدن ، والبدن في هذه النشأة في معرض التحلل والتبدل دائما فهولا يزال يتغير أجزاؤه والمركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه فهو في كل آن غيره في الآن السابق بشخصه وشخصية الإنسان محفوظة بنفسه - روحه - المجردة المنزهة عن المادة والتغيرات الطارئة من قبلها المأمونة من الموت والفساد .

والمتحصل من كلامه تعالى أن النفس لا تموت بموت البدن وأنها محفوظة حتى ترجع إلى الله سبحانه كما تقدم استفادته من قوله تعالى : { وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة : 10 ، 11] .

فالبدن اللاحق من الإنسان إذا اعتبر بالقياس إلى البدن السابق منه كان مثله لا عينه لكن الإنسان ذا البدن اللاحق إذا قيس إلى الإنسان ذي البدن السابق كان عينه لا مثله لأن الشخصية بالنفس وهي واحدة بعينها .

ولما كان استبعاد المشركين في قولهم : {من يحيي العظام وهي رميم} راجعا إلى خلق البدن الجديد دون النفس أجاب سبحانه بإثبات إمكان خلق مثلهم وأما عودهم بأعيانهم فهو إنما يتم بتعلق النفوس والأرواح المحفوظة عند الله بالأبدان المخلوقة جديدا ، فيكون الأشخاص الموجودين في الدنيا من الناس بأعيانهم كما قال تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [الأحقاف : 33] فعلق الإحياء على الموتى بأعيانهم فقال : على أن يحيي الموتى ولم يقل : على أن يحيي أمثال الموتى .

قوله تعالى : {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} الآية من غرر الآيات القرآنية تصف كلمة الإيجاد وتبين أنه تعالى لا يحتاج في إيجاد شيء مما أراده إلى ما وراء ذاته المتعالية من سبب يوجد له ما أراده أو يعينه في إيجاده أو يدفع عنه مانعا يمنعه .

وقد اختلف تعبيره تعالى عن هذه الحقيقة في كلامه فقال : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل : 40] ، وقال : {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة : 117] .

فقوله : {إنما أمره} الظاهر أن المراد بالأمر الشأن ، وقوله في آية النحل المنقولة آنفا : {إنما قولنا لشيء إذا أردناه} إن كان يؤيد كون الأمر بمعنى القول وهو الأمر اللفظي بلفظة كن إلا أن التدبر في الآيات يعطي أن الغرض فيها وصف الشأن الإلهي عند إرادة خلق شيء من الأشياء لا بيان أن قوله تعالى عند خلق شيء من الأشياء هذا القول دون غيره ، فالوجه حمل القول على الأمر بمعنى الشأن بمعنى أنه جيء به لكونه مصداقا للشأن لا حمل الأمر على القول بمعنى ما يقابل النهي .

وقوله : {إذا أراد شيئا} أي إذا أراد إيجاد شيء كما يعطيه سياق الآية وقد ورد في عدة من الآيات القضاء مكان الإرادة كقوله : {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} (3) ولا ضير فالقضاء هو الحكم والقضاء والحكم والإرادة من الله شيء واحد وهو كون (4) الشيء الموجود بحيث ليس له من الله سبحانه إلا أن يوجد فمعنى إذا أردناه إذا أوقفناه موقف تعلق الإرادة .

وقوله : {أن يقول له كن} خبر إنما أمره أي يخاطبه بكلمة كن ومن المعلوم أن ليس هناك لفظ يتلفظ به وإلا احتاج في وجوده إلى لفظ آخر وهلم جرا فيتسلسل ولا أن هناك مخاطبا ذا سمع يسمع الخطاب فيوجد به لأدائه إلى الخلف فالكلام تمثيل لإفاضته تعالى وجود الشيء من غير حاجة إلى شيء آخر وراء ذاته المتعالية ومن غير تخلف ولا مهل .

وبه يظهر فساد ما ذكره بعضهم حيث قال : الظاهر أن هناك قولا لفظيا هو لفظ كن وإليه ذهب معظم السلف وشئون الله تعالى وراء ما تصل إليه الأفهام فدع عنك الكلام والخصام .

انتهى .

وذلك أن ما ذكره من كون شئونه تعالى وراء طور الأفهام لو أبطل الحجة العقلية القطعية بطلت بذلك المعارف الدينية من أصلها فصحة الكتاب مثلا بما يفيده من المعارف الحقيقية إنما تثبت بالحجة العقلية فلو بطلت الحجة العقلية بكتاب أوسنة أو شيء آخر مما يثبت هوبها لكان ذلك الدليل المبطل مبطلا لنفسه أولا فلا تزل قدم بعد ثبوتها .

ومن المعلوم أن ليس هناك إلا الله عز اسمه والشيء الذي يوجد لا ثالث بينهما وإسناد العلية والسببية إلى - إرادته دونه تعالى والإرادة صفة فعلية منتزعة من مقام الفعل كما تقدم - يستلزم انقطاع حاجة الأشياء إليه تعالى من رأس لاستيجابه استغناء الأشياء بصفة منتزعة منها عنه تعالى وتقدس .

ومن المعلوم أن ليس هناك أمر ينفصل عنه تعالى يسمى إيجادا ووجودا ثم يتصل بالشيء فيصير به موجودا وهو ظاهر فليس بعده تعالى إلا وجود الشيء فحسب .

ومن هنا يظهر أن كلمة الإيجاد وهي كلمة كن هي وجود الشيء الذي أوجده لكن بما أنه منتسب إليه قائم به وأما من حيث انتسابه إلى نفسه فهو موجود لا إيجاد ومخلوق لا خلق .

ويظهر أيضا أن الذي يفيض منه تعالى لا يقبل مهلة ولا نظرة ولا يتحمل تبدلا ولا تغيرا ، ولا يتلبس بتدريج وما يتراءى في الخلق من هذه الأمور إنما يتأتى في الأشياء في ناحية نفسها لا من الجهة التي تلي ربها سبحانه وهذا باب ينفتح منه ألف باب .

وقوله في آخر الآية : {فيكون} بيان لطاعة الشيء المراد له تعالى وامتثاله لأمر {كن} ولبسه الوجود .

قوله تعالى : {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} الملكوت مبالغة في معنى الملك كالرحموت والرهبوت في معنى الرحمة والرهبة .

وانضمام الآية إلى ما قبلها يعطي أن المراد بالملكوت الجهة التالية له تعالى من وجهي وجود الأشياء ، وبالملك الجهة التالية للخلق أو الأعم الشامل للوجهين .

وعليه يحمل قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام : 75] .

وقوله : {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [الأعراف : 185] : وقوله : {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون : 88] .

وجعل الملكوت بيده تعالى للدلالة على أنه متسلط عليها لا نصيب فيها لغيره .

ومآل المعنى قوله : {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} تنزيهه تعالى عما استبعدوا منكرين للمعاد لغفلتهم عن أن ملكوت كل شيء بيده وفي قبضته .

وقوله : {وإليه ترجعون} خطاب لعامة الناس من مؤمن ومشرك ، وبيان لنتيجة البيان السابق بعد التنزيه .

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص93-97 .

2-المرخ بالفتح فالسكون والخاء المعجمة ، والعفار مفتوحة ثم الفاء الراء المهملة شجرتان تشتعلان بسحق أحدهما على الاخر .

3- البقرة ، 17 ، آل عمران ، 47 ، مريم 35 ، المؤمن ، 67 .

4- فان هذه الارادة صفة فعلية خارجة عن الذات منتزعة عن مقام الفعل .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قلنا أنّ البحوث المختلفة حول المبدأ والمعاد والنبوّة في سورة (يس) التي هي قلب القرآن وردت بشكل مقاطع مختلفة ، فهذه السورة ابتدأت بمسألة النبوّة ، وإختتمت بسبعة آيات تمثّل أقوى البيانات حول المعاد .

في البدء تأخذ بيد الإنسان وتشير له إلى بدء حياته في ذلك اليوم حيث كان نطفة مهينة لا غير وتدعوه إلى التأمّل والتفكّر ، فتقول : {أولم ير الإنسان أنّا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} (2) . يا له من تعبير حيوي؟ فالآية تؤكّد أوّلا على مخاطبة الإنسان ، أيّاً كان وأيّ إعتقاد كان يعتقد ، وعلى أيّ مستوى كان من العلم ، فهو يستطيع إدراك هذه الحقيقة .

ثمّ تتحدّث عن «النطفة» والتي هي لغوياً بمعنى «الماء المهين» لكي يعلم هذا الإنسان المغرور المتكبّر ـ بقليل من التأمّل ـ ماذا كان في البدء؟ كما أنّ هذا الماء المهين لم يكن هو السبب في نشوئه وظهوره ، بل خليّة حيّة متناهية في الصغر ، لا ترى بالعين المجرّدة ، من ضمن آلاف بل ملايين الخلايا الاُخرى التي كانت تسبح في ذلك الماء المهين ، وباتّحادها مع خلية صغيرة اُخرى مستقرّة في رحم المرأة تكوّنت الخليّة البشرية الاُولى ، ودخل الإنسان إلى عالم الوجود !

وتتواصل مراحل التكامل الجنيني الواحدة بعد الاُخرى والتي هي ستّة مراحل كما نقلها القرآن الكريم في بداية سورة «المؤمنون» (النطفة ، العلقة ، المضغة ، العظام ، إكتساء العظام باللحم ، وتمثّل الخلق السوي) . ثمّ إنّ الإنسان بعد الولادة كائن ضعيف جدّاً ، لا يملك القدرة على شيء ، ثمّ يقطع مراحل نموّه بسرعة حتّى بلوغ الرشد الجسماني والعقلي .

نعم ، فهذا الموجود الضعيف العاجز ، يصبح قويّاً إلى درجة أن يجيز لنفسه النهوض لمحاربة الدعوات الإلهيّة ، وينسى ماضيه ومستقبله ، ليكون مصداقاً حيّاً لقوله تعالى : {فإذا هو خصيم مبين} . واللطيف أنّ هذا التعبير يتضمّن جنبتين ، إحداهما تمثّل جانب القوّة ، والاُخرى جانب الضعف ، ويظهر أنّ القرآن الكريم أشار إليهما جميعاً .

إنّ هذا العمل لا يكون إلاّ من إنسان يملك عقلا وفكراً وشعوراً وإستقلالا وإرادة ، ونعلم بأنّ أهمّ مسألة في حياة الإنسان هي التكلّم والحديث الذي يهيّأ محتواه مسبقاً في الذهن ، ثمّ يصبّ في قالب من العبارات ويطلق باتّجاه الهدف كالرصاص المنطلق من فوهة البندقية ، وهذا العمل لا يمكن حدوثه في أي كائن حي عدا الإنسان .

وبذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى يجسّد قدرته في إعطاء هذا الماء المهين هذه القوّة العظيمة . . هذا من جانب .

ومن جانب آخر فإنّ الإنسان مخلوق مغرور وكثير النسيان ، فهو يستغلّ كلّ هذه النعم التي أولاها إيّاه ولي نعمته ضدّه في المجادلة والمخاصمة ، فيا له من مغفّل أحمق !!

ويكفي لمعرفة مدى غفلته وحمقه أنّه جاء : {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم} (3) .

المقصود من ضرب المثل هنا ، نفس المعنى بدون التشبيه والكناية . فالمقصود هو الإستدلال وذكر مصداق لإثبات مطلب معيّن . نعم فإنّ (اُبيّ بن خلف أو اُميّة بن خلف . أو العاص بن وائل) كان قد وجد قطعة متفسّخة من عظم لم يكن معلوماً لمن؟ وهل مات موتاً طبيعياً؟ أوفي واحدة من حروب العصر الجاهلي المهولة؟ أو مات جوعاً؟ وظنّ أنّه وجد فيه دليلا قويّاً لنفي المعاد! فحمل تلك القطعة من العظم وذهب حانقاً وفرحاً في نفس الوقت وهو يقول : لأخصمن محمّداً .

فذهب إلى الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهوفي عجلة من أمره ليقول له : قل لي من ذا الذي يستطيع أن يلبس هذا العظم البالي لباس الحياة من جديد؟ وفتّ بيده قسماً من العظم وذرّه على الأرض ، واعتقد بأنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سيتحيّر في الجواب ولا يملك ردّاً !!

والجميل أنّ القرآن الكريم أجابه بجملة وجيزة مقتضبة وهي قوله تعالى : {ونسي خلقه} . وإن كان قد أردف مضيفاً توضيحاً أكثر .

فكأنّه يقول : لولم تنس بدء خلقك لما إستدللت بهذا الإستدلال الواهي الفارغ أبداً .

أيّها الإنسان الكثير النسيان ، عد قليلا إلى الوراء وانظر في خلقك ، كيف كنت نطفة تافهة وكلّ يوم أنت في لبس جديد من مراحل الحياة ، فأنت في حال موت وبعث مستمرين ، فمن جماد أصبحت رجلا بالغاً ، وبكميّة من عالم النبات الجامد ، ومن عالم الحيوان الميّت أيضاً أصبحت إنساناً ، ولكنّك نسيت كلّ ذلك وصرت تسأل : من يحيي العظام وهي رميم؟ ألم تكن أنت في البدء تراباً كما هو حال هذه العظام بعد تفسّخها ؟!

لذا فإنّ الله سبحانه وتعالى يأمر الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يقول لهذا المغرور الأحمق الناسي {قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة} .

فإذا كان بين يديك اليوم بقيّة من العظام المتفسّخة تذكّرك به ، فقد مرّ يوم لم تكن فيه شيئاً ولا حتّى تراباً ، نعم ، أفليس سهلا على من خلقك من العدم أن يعيد الحياة إلى العظام المهترئة ؟!

وإذا كنت تعتقد بأنّ هذه العظام بعد تفسّخها تصبح تراباً وتنتشر في الأصقاع ، فمن يستطيع عند ذلك أن يجمع تلك الأجزاء المبعثرة من نقاط إنتشارها؟ فإنّ الجواب على ذلك أيضاً واضح : {وهو بكلّ خلق عليم} .

فمن كان له مثل هذا (العلم) وهذه (القدرة) فإنّ مسألة المعاد وإحياء الموتى لا تشكّل بالنسبة إليه أيّة مشكلة . فنحن نستطيع بقطعة من «المغناطيس» جمع برادة الحديد المبثوثة في كميّة من التراب وفي لحظات ، والله العالم القادر يستطيع كذلك بأمر واحد أن يجمع ذرّات بدن الإنسان من كلّ موضع كانت فيه من الكرة الأرضية . فهو العالم ليس بخلق الإنسان فقط ، بل هو العالم بنواياه وأعماله أيضاً ، المحيط بكلّ شيء علماً وهو على كلّ شيء قدير وعليه فإنّ الحساب على الأعمال والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكل له .

وعليه فإنّ الحساب على الأعمال والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكّل له تعالى أدنى مشكلة أيضاً ، فكما ورد في الآية (284) من سورة البقرة : {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة : 284] .

وكذلك حينما أظهر فرعون شكّاً في قدرة الله على المعاد وإحياء القرون السابقة ، أجابه موسى (عليه السلام) : {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه : 52]

وقوله تعالى : {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ

تتابع هذه الآية البحوث المختلفة حول المعاد والإشارات العميقة المعنى حول مسألة إمكان المعاد ورفع أي إستبعاد لذلك ، والآية أعلاه شرح أوسع وأوضح حول هذه المسألة ، تقول : {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون} ويا له من تعبير رائع ذلك الذي كلّما دقّقنا فيه أفاض علينا معاني أعمق وأدقّ ؟!

وكما نعلم فإنّ الآيات القرآنية لها معان متعدّدة من أبعاد مختلفة ـ فبعض معانيها واضح للغالبية من الناس في كلّ زمان ومكان ، وبعضها عميق يختّص بفهمه البعض ، وأخيراً فإنّ بعضها الآخر يتمثّل فيه العمق الذي لا يستطيع سبر غوره إلاّ الخواص من العبّاد ، وفي نفس الوقت فإنّ تلك المعاني لا تنافي بعضها البعض ، بل إنّها تجمع كلّها في قالب واحد وفي آن واحد . والآية مورد البحث هكذا تماماً .

التّفسير الأوّل الذي قال به الكثير من المفسّرين القدماء . وهو بسيط وواضح يمكن فهمه وإستيعابه من قبل الغالبية وهو : أنّ المراد هو شجر «المرخ والعفار» الذي كان العرب قديماً يأخذون منهما على خضرتهما ، فيجعل العفار زنداً أسفل ويجعل المرخ زنداً أعلى ، فيسحق الأعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله . وفي الواقع فهو يمثّل الكبريت في عصرنا الحالي . والله سبحانه وتعالى يريد القول بأنّ الذي يستطيع إشعال النار من هذا الشجر الأخضر له القدرة على إلباس الموتى لباس الحياة .

فالماء والنار شيئان متضادّان ، فمن يستطيع جعلهما معاً في مكان واحد ، قادر على جعل الحياة والموت معاً في مكان واحد . فالذي يخلق (النار) في قلب (الماء) و (الماء) في قلب (النار) فمن المسلّم أنّ إحياء بدن الإنسان الميّت لا يشكّل بالنسبة له أدنى صعوبة .

وإذا خطونا خطوة أبعد من هذا التّفسير فسوف نصل إلى تفسير أدقّ وهو : أنّ خاصيّة توليد النار بواسطة خشب الأشجار ، لا تنحصر بخشب شجرتي «المرخ والعفار» بل إنّ هذه الخاصية موجودة في جميع الأشجار وجميع الأجسام الموجودة في هذا العالم وإن كان لشجرتي المرخ والعفار ـ لتوفّر خصائص فيها ـ إستعداد أكثر من غيرهما على هذا الأمر .

خلاصة القول ، إنّ جميع خشب الأشجار إذا حُكّ ببعضه بشكل متواصل فإنّه سيطلق شرر النار وحتّى (خشب الشجر الأخضر) .

لهذا السبب تقع في بعض الأحيان حرائق هائلة في بعض الغابات المليئة بالأشجار ، لا يعرف لها سبب من قبل الإنسان ، إلاّ أنّ هبوب الريح الشديدة التي تضرب أغصان الأشجار ببعضها بشدّة ممّا يؤدّي إلى إنقداح شرر منها يؤدّي إلى إشتعال النار فيها ، وتساعد الريح الشديدة على سرعة إنتشارها ، فالعامل الأصلي كان تلك الشرارة الناتجة عن الإحتكاك .

هذا التّفسير الأوسع ، هو الذي يوضّح عملية جمع الأضداد في الخلق . ويبسط مفهوم وجود (البقاء) في (الفناء) وبالعكس .

لكن ثمّة تفسير ثالث يعتبر أعمق بكثير من التّفسيرين السابقين . والذي ظهر إلى الواقع نتيجة جهود العلماء في عصرنا الحاضر وقد اخترنا أن نطلق عليه تسمية «إنبعاث الطاقة» .

وتوضيح ذلك كما يلي : إنّ من أهمّ الوظائف التي تقوم بها النباتات هي عملية «التركيب الضوئي» والتي تعتمد أساساً على أخذ غاز «ثاني اُوكسيد الكربون» من الهواء ، والإفادة منه بواسطة «المادّة الخضراء» أو ما يسمّى «بالكلورفيل» لصنع الغذاء بمساعدة الماء وضوء الشمس . ذلك الغذاء الذي يؤدّي إلى تكوّن حلقات السليلوز في النباتات من ذوات الفلقتين ، ويكون ناتج عملية التركيب الضوئي الأوكسجين الذي يطلق في الهواء مرّة اُخرى .

ولو نظرنا إلى العملية بطريقة اُخرى فإنّ النباتات تأخذ الغاز (ثاني أوكسيد الكاربون) وتجزّئه أثناء عملها لتحتفظ بالكاربون مركّباً مع غيره من الماء لتكوّن الخشب وتطلق الأوكسجين .

والمهمّ هنا أنّ العلماء يقولون : بأنّ أيّة عملية تركيب كيمياوي تحتاج إلى طاقة ما لكي يتمّ ذلك التفاعل الكيمياوي ، أو أنّ ذلك التفاعل يؤدّي إلى إطلاق طاقة كناتج عنه . وبناءً عليه فإنّ التفاعل الذي يتمّ نتيجة التركيب الضوئي إنّما يستفيد من الشمس كمصدر للطاقة لإتمام التفاعل .

وعليه فالشجرة إنّما تقوم بإدّخار هذه الطاقة في الخشب الذي يتكوّن نتيجة لهذه العملية . وعندما نقوم نحن بحرق هذا الخشب فإنّنا إنّما نقوم بإطلاق عقال هذه الطاقة المدّخرة . وبذا فإنّنا نقوم بإعادة تركيب (الكاربون) مع (الأوكسجين) لينتج (ثاني أوكسيد الكاربون) الذي ينطلق في الهواء مرّة اُخرى ، بالإضافة إلى بخار الماء .

ولو تحدّثنا بلغة اُخرى لقلنا : إنّ تلك الحرارة الناجمة عن إشتعال الحطب في المواقد البيتية القروية أو مواقد الفحم التي نستعملها في بيوتنا أحياناً للتدفئة في فصل الشتاء ، هي في الحقيقة حرارة ونور الشمس التي ادّخرت في خشب هذه الأشجار لسنوات ، وما جمعته الشجرة على مدى عمرها من الشمس تعيده دفعةً واحدة بدون نقص .

ويقال إنّ كلّ الطاقات في الكرة الأرضية تعود إلى الشمس أساساً ، وواحد من مظاهره ما ذكرنا .

وهنا وحيث بلغنا «إنبعاث الطاقات» نلاحظ أنّ النور والحرارة المبعثرة في الجو والتي تقوم الأشجار بجمعها في أخشابها لتنمو فإنّها لا تفنى أبداً . بل إنّها تتبدّل شكلا . وتختفي بعيداً عن أعيننا في كلّ ذرّة من ذرّات الخشب ، وعندما نقوم بإيقاد النار بقطعة من الحطب ، فإنّ إنبعاثها يبدأ ، وجميع ما كان في ذرّات الخشب من النور والحرارة وطاقة الشمس ، في تلك اللحظة ـ لحظة الحشر والنشر ـ تظهر من جديد . بدون أن ينقص منه حتّى بمقدار إضاءة شمعة واحدة (تأمّل بدقّة) .

لا شكّ أنّ هذا المعنى كان خافياً على عوام الناس حين نزول الآية ، ولكن ـ كما قلنا ـ فإنّ هذا الموضوع لا يشكّل أدنى مشكلة ، لأنّ آيات القرآن لها معان متعدّدة وعلى مستويات مختلفة ، لإستعدادات متفاوتة ، ففي يوم يفهم من الآية معنى ، واليوم يفهم منها معنى أوسع ، ويمكن أنّ الأجيال القادمة تفهم منها معنى أوسع وأعمق ، وفي نفس الوقت فكلّ هذه المعاني صحيحة ومقبولة بشكل كامل ومجموعة كلّها في معنى الآية .

وقوله تعالى : {أَولَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاْرْضَ بِقَدِر عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُو الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَنَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

 

هو المالك والحاكم على كلّ شيء !!

بعد ذكر دلائل المعاد والفات الأنظار إلى الخلق الأوّل ، ونشوء النار من الشجر الأخضر في الآيات السابقة ، تتابع الآية الاُولى هنا بحث ذلك الموضوع من طريق ثالث وهو قدرة الله اللامتناهية ، فتقول الآية الاُولى : {أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم} .

الجملة الاُولى بشروعها (بالإستفهام الإنكاري) تطرح سؤالا على الوجدان اليقظ والعقل السليم كالآتي : ألم تتطلّعوا إلى تلك السماء المترامية العظيمة بكلّ ثوابتها وسيّاراتها العجيبة ، وبكلّ تلك المنظومات والمجرّات التي تشكّل كلّ زاوية منها دنيا واسعة هائلة؟ فالذي هو قادر على خلق كلّ هذه العوالم الخارقة في العظمة والمتناهية التنظيم والدقّة في قوانينها ، كيف لا يكون قادراً على إحياء الموتى؟

ولكون الجواب على هذا السؤال واضحاً ، وكامناً في كلّ قلب وروح ، فإنّ الآية لا تنتظر الجواب ، إنّما تردف مضيّفة «بلى» وتتابع مؤكّدة على صفتين لله سبحانه وتعالى ـ الخالقية والعلم المطلق ـ وذلك في حقيقته دليل على الكلام المتقدّم ، فإذا كنتم تشكّون في قدرته على الخلق فهو «الخلاّق» (وهي صيغة مبالغة) .

وإذا كان جمع هذه الذرّات يحتاج إلى علم أو معرفة فهو «العليم» المطلق .

أمّا على ماذا يعود الضمير في «مثلهم» فقد احتمل المفسّرون إحتمالات عديدة ، ولكن أشهرها هو القول بعودة الضمير على «البشر» والمعنى : إنّ خالق السماء والأرض قادر على خلق مثل البشر .

وهنا يأتي السؤال التالي وهو لماذا لم يقل : قادر على أن يخلقهم من جديد ، بل قال : {قادر على أن يخلق مثلهم}؟

وللإجابة على هذا السؤال ذكرت أجوبة كثيرة ، يبدو أقربها : أنّ بدن الإنسان عندما يتحوّل ـ أو بالأحرى يتحلّل ـ إلى تراب ، فإنّه يفقد الصورة النهائية التي كان عليها ، وفي يوم القيامة عندما يعاد خلق هذا الإنسان من جديد ، فإنّه سيخلق من نفس المواد ولكن بصورة جديدة تشبه الصورة القديمة ، بلحاظ أنّ عودة نفس الصورة القديمة ـ بالأخصّ إذا أخذنا في الإعتبار قيد الزمن ـ غير ممكن ، وخصوصاً إذا علمنا ـ مثلا ـ أنّ الإنسان لا يحشر بجميع المواصفات والكيفية التي كان عليها سابقاً ، فإنّ الشيبة والشيوخ ـ مثلا ـ يحشرون شبّاناً ، والمعلولين يحشرون سالمين ، وهكذا .

وبتعبير آخر ، فإنّ بدن الإنسان كالطابوق الطيني غير المفخور ـ اللبن ـ الذي يمرّ عليه الزمان فيتهدّم ويصبح تراباً ، ثمّ يجمع من جديد وتصنع منه خميرة الطين ويوضع في قالب مرّة اُخرى ويصنع لَبِناً جديداً مرّة اُخرى . فهذا «اللَبِن» هومن جانب نفس «اللَبِن» القديم ومن جانب آخر «مثله» «مادّته هي نفس المادّة والصورة مثل الصورة السابقة» «دقّق النظر» (4) .

الآية اللاحقة تأكيد على ما ورد في الآيات السابقة ، وتأكيد على حقيقة أنّ أي خلق وإيجاد بالنسبة لله سبحانه وتعالى وقدرته سهل وبسيط ، وخلق السموات العظيمة والكرة الأرضية يعادل في سهولته إيجاد حشرة صغيرة ، فكلاهما بالنسبة له تعالى أمر هيّن بسيط ، يقول تعالى : {إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} ، فكلّ شيء مرتبط بأمره وإشارته فقط ، وذات بهذه القدرة كيف يشكّ في تمكّنها في إحياء الموتى ؟!

وبديهي أنّ الأمر الإلهي هنا ليس أمراً لفظياً ، كما أنّ جملة «كن» ليست جملة يبيّنها الله سبحانه وتعالى بصورة لفظ ، لأنّه تعالى لا يحتاج إلى تلك الألفاظ ، بل المقصود هو مجرّد إرادته لإيجاد وإبداع شيء ، وإنّما إستخدم التعبير بـ «كن» لأنّه ليس هناك تعبير أقصر وأصغر وأسرع يمكن تصوّره في التعبير عن تلك الحقيقة .

نعم فإرادته لإيجاد شيء ووجود هذا الشيء هي عملية واحدة .

وبتعبير آخر : فإنّ الله سبحانه وتعالى ما إن يرد شيئاً إلاّ تحقّق فوراً ، وليس بين إرادته ووجود ذلك الشيء أيّة فاصلة ، وعليه فإنّ «أمره» و«قوله» وجملة «كن» كلّها توضيح لمسألة الخلق والإيجاد . وكما ذكرنا فإنّ الأمر ليس لفظيّاً أو قولياً ، بل كلّها توضيح للتحقّق السريع بوجود كلّ ما أراده سبحانه وتعالى .

وببيان أوضح ، انّ أفعال الله سبحانه وتعالى تمرّ بمرحلتين لا ثالث لهما ، مرحلة الإرادة ومرحلة الإيجاد ، وهي التي عبّرت عنه الآية بشكل أمر في جملة «كن» .

بعض المفسّرين القدماء توهّموا أنّ المعنى يشير إلى وجود قول ولفظ في عملية الإيجاد والخلق ، واعتبروا ذلك من أسرار الخلق غير المعروفة ، والظاهر أنّهم وقعوا في عقدة اللفظ ، وبقوا بعيدين عن المعنى ، وقاسوا أعمال الله على مقاييسهم البشرية .

وما أجمل ما قاله أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام في واحدة من خطبه التي أوردت في نهج البلاغة : «يقول لما أراد لما كونه كن فيكون (5) لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولوكان قدمياً لكان ثانياً» (6) .

ناهيك عن أنّنا لو افترضنا وجود لفظ أو قول في عملية الخلق فسنواجه إشكالين أساسيين :

الأوّل : أنّ (اللفظ) بحدّ ذاته مخلوق من مخلوقات الله ولأجل إيجاده يحتاج سبحانه إلى «كن» اُخرى ، ونفس الكلام ينطبق على «كن» الثانية بحيث نصبح في عملية تسلسل غير منتهية .

الثاني : أنّ كلّ خطاب يحتاج إلى مخاطب ، وفي الوقت الذي لم يوجد فيه شيء حينذاك فكيف يخاطبه الله سبحانه وتعالى بالقول «كن» ، فهل أنّ المعدوم يمكن مخاطبته ؟!

وقد ورد في آيات اُخرى من القرآن الكريم نفس هذا المعنى بتعبيرات اُخرى ، كما في الآية (117) من سورة البقرة : {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة : 117] ، وكذا في الآية (40) من سورة النحل : {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [النحل : 40] (7) .

الآية الأخيرة من هذه الآيات وهي في ذات الوقت آخر آية من سورة «يس» تنهي البحث في مسألة المبدأ والمعاد بشكل جميل وبطريقة الإستنتاج الكلّي فتقول : {فسبحان الذي بيده ملكوت كلّ شيء وإليه ترجعون} .

ومع الأخذ بنظر الإعتبار أنّ «ملكوت» من أصل «ملك» ـ على وزن حكم ـ بمعنى الحكومة والمالكية ، وإضافة (الواو) و (التاء) إليها للتأكيد والمبالغة ، يتّضح أنّ معنى الآية كما يلي : إنّ الحاكمية والمالكية المطلقة بدون أدنى قيد أو شرط بيد قدرته المطلقة ، وكذلك فإنّ الله سبحانه منزّه ومبرّأ عن أي عجز أو نقص في القدرة ، وبهذا الشكل فإنّ إحياء الموتى وإلباس العظام المتفسّخة لباس الحياة من جديد ، كلّ ذلك لن يشكّل لديه أيّة مشكلة ، ولذلك فاعلموا يقيناً أنّكم إليه ترجعون وأنّ المعاد حقّ .

______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص191-203 .

2 ـ «خصيم» بمعنى المصرّ على الخصومة والجدال ، و (الرؤية) بمعنى (العلم) .

3 ـ «رميم» من مادّة (رم) وهو إصلاح الشيء البالي ، و «الرِّمَّةُ» تختص بالعظم البالي ، و «الرُّمّة» تختص بالحبل البالي ، (مفردات الراغب مادّة (رم) صفحة 203) .

4 ـ بعض المفسّرين أعادوا الضمير في «مثلهم» على السموات والأرض ، وقالوا بأنّ إستعمال ضمير الجمع العاقل لوجود الموجودات العاقلة في الأرض والسماء كثير .

البعض الآخر إستنتج من إستخدام كلمة «مثلهم» عدم ضرورة عودة عين الجسم بمواده التي كان يتشكّل منها في الدنيا ، لأنّ شخصية الإنسان تتعلّق بروحه ، وهذه الروح بأي مادّة تعلّقت تكون مثل الإنسان .

ولكن يجب الإلتفات إلى أنّ الكلام لا ينسجم مع ظاهر آيات القرآن الكريم ـ حتّى أنّه لا ينسجم مع ظاهر الآيات مورد البحث ـ لأنّ القرآن الكريم يقول بصراحة في هذه الآيات : إنّه يخلق نفس تلك العظام المتفسّخة من جديد ويلبسها ثوب الحياة . «تأمّل!!» .

5 ـ ورد في بعض النسخ «لمن أراد» ويبدو أنّ الأنسب هو النص الذي أوردناه «لما أراد» .

6 ـ نهج البلاغة ، خطبة 186 .

7 ـ هناك بحث آخر في تفسير جملة «كن فيكون» في تفسير الآية (117) من سورة البقرة .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



جامعة الكفيل تنظم ورشة عمل حول متطلبات الترقيات العلمية والإجراءات الإدارية
خَدَمة العتبتَينِ المقدّستَينِ يُحيون ذكرى هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام)
قسم السياحة: (71) عجلة ستشارك في نقل الطلاب للمشاركة في حفل التخرج المركزي
جمعية العميد تصدر وقائع المؤتمر العلمي الدولي السنوي التاسع لفكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)