المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16342 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (45-54) من سورة يس  
  
9817   05:43 مساءً   التاريخ: 9-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يس /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2020 10243
التاريخ: 8-10-2020 15482
التاريخ: 8-10-2020 28620
التاريخ: 9-10-2020 9818

قال تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس : 45 - 54] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{وإذا قيل لهم} أي : للمشركين {اتقوا ما بين أيديكم} من أمر الآخرة ، فاعملوا لها {وما خلفكم} من أمر الدنيا فاحذروها ، ولا تغتروا بها {لعلكم ترحمون} أي : لتكونوا على رجاء الرحمة من الله تعالى ، عن ابن عباس . وقيل : معناه اتقوا ما مضى من الذنوب ، وما يأتي من الذنوب ، عن مجاهد أي : اتقوا عذاب الله بالتوبة للماضي ، والاجتناب للمستقبل . وقيل : اتقوا العذاب المنزل على الأمم الماضية ، وما خلفكم من عذاب الآخرة ، عن قتادة . وروى الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب ، وما خلفكم من العقوبة . وجواب إذا محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا .

ويدل على هذا المحذوف ، قوله : {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} أي : أعرضوا عن الداعي ، وعن التفكر في الحجج ، وفي المعجزات ، و {من} في قوله {من آية} : هي التي تزاد في النفي للاستغراق . و {من} الثانية .

للتبعيض ، أي : ليس تأتيهم آية ، أية آية كانت ، إلا ذهبوا عنها ، وأعرضوا عن النظر فيها ، وذلك سبيل من ضل عن الهدى ، وخسر الدنيا والآخرة .

{وإذا قيل لهم} أيضا {أنفقوا مما رزقكم الله} في طاعته ، وأخرجوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم . {قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} احتجوا في منع الحقوق بأن قالوا : كيف نطعم من يقدر الله على إطعامه ، ولو شاء الله إطعامه أطعمه ، فإذا لم يطعم دل على أنه لم يشأ إطعامه . وذهب عليهم أن الله سبحانه إنما تعبدهم بذلك لما لهم فيه من المصلحة . فأمر الغني بالإنفاق على الفقير ليكسب به الأجر والثواب .

واختلف في هؤلاء الذين قالوا ذلك فقيل : هم اليهود حين أمروا بإطعام الفقراء ، عن الحسن . وقيل : هم مشركو قريش ، قال لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أطعمونا من أموالكم ما زعمتم أنه لله ، وذلك قوله : {هذا لله بزعمهم} عن مقاتل . وقيل : هم الزنادقة الذين أنكروا الصانع ، تعلقوا بقوله {رزقكم الله} فقالوا : إن كان هو الرزاق فلا فائدة في التماس الرزق منا ، وقد رزقنا وحرمكم ، فلم تأمرون بإعطاء من حرمه الله .

{إن أنتم إلا في ضلال مبين} هذا من قول الكفار لمن أمرهم بالإطعام ، عن قتادة . وقيل : إنه من قول الله تعالى لهم حين ردوا بهذا الجواب ، عن علي بن عيسى . {ويقولون متى هذا الوعد} الذي تعدنا به من نزول العذاب بنا {إن كنتم صادقين} في ذلك أنت وأصحابك . وهذا استهزاء منهم بخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخبر المؤمنين . فقال تعالى في جوابهم : {ما ينظرون} أي : ما ينتظرون {إلا صيحة واحدة} يريد النفخة الأولى ، عن ابن عباس ، يعني أن القيامة تأتيهم بغتة {تأخذهم} الصيحة {وهم يخصمون} أي : يختصمون في أمورهم ، ويتبايعون في الأسواق .

وفي الحديث : ( (تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم ، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم)) وقيل : وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب ، أم لا {فلا يستطيعون توصية} يعني أن الساعة إذا أخذتهم بغتة ، لم يقدروا على الإيصاء بشيء {ولا إلى أهلهم يرجعون} أي : ولا إلى منازلهم يرجعون من الأسواق . وهذا إخبار عما يلقونه في النفخة الأولى عند قيام الساعة .

ثم أخبر سبحانه عن النفخة الثانية ، وما يلقونه فيها إذا بعثوا بعد الموت ، فقال : {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث} وهي القبور {إلى ربهم} أي : إلى الموضع الذي يحكم الله فيه ، لا حكم لغيره هناك {ينسلون} أي : يخرجون سراعا . فلما رأوا أهوال القيامة . {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} أي : من حشرنا من منامنا الذي كنا فيه نياما . ثم يقولون : {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} فيما أخبرونا عن هذا المقام وهذا البعث . قال قتادة : أول الآية

للكافرين ، وآخرها للمسلمين . قال الكافرون : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا . وقال المسلمون : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون . وإنما وصفوا القبر بالمرقد ، لأنهم لما أحيوا كانوا كالمنتبهين عن الرقدة . وقيل : إنهم لما عاينوا أحوالهم في القيامة ، عدوا أحوالهم في قبورهم بالإضافة إلى تلك الأهوال رقادا . قال قتادة : هي النومة بين النفختين ، لا يفتر عذاب القبر إلا فيما بينهما ، فيرقدون .

ثم أخبر سبحانه عن سرعة بعثهم فقال . {إن كانت إلا صيحة واحدة} أي : لم تكن المدة إلا مدة صيحة واحدة {فإذا هم جميع لدينا محضرون} أي : فإذا الأولون والآخرون مجموعون في عرصات القيامة ، محصلون في موقف الحساب . ثم حكى سبحانه ما يقوله يومئذ للخلائق ، فقال : {فاليوم لا تظلم نفس شيئا} أي : لا ينقص من له حق شيئا من حقه من الثواب ، أو العوض ، أو غير ذلك . ولا يفعل به ما لا يستحقه من العقاب ، بل الأمور جارية على مقتضى العدل ، وذلك قوله : {ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} .

__________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص278-282 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{وإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . ضمير {لهم} يعود إلى مشركي العرب . والمراد بما بين أيديهم معاصي اللَّه ومحارمه ، وبما خلفهم العقاب عليها . وفي نهج البلاغة : {ان الساعة تحدوكم من خلفكم} . والمعنى ان رسول اللَّه نهاهم عن المعاصي ، وأنذرهم بنقمة اللَّه وعذابه ان عصوا ، وبشرهم برحمته وثوابه ان أطاعوا ، ولكنهم انقلبوا على أعقابهم مدبرين . {وما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ} . كلما جاءهم الرسول بمعجزة ظاهرة أو بيّنة واضحة كذّبوا بها تمردا وعنادا . وتقدم مثله في الآية 5 من سورة الشعراء ج 5 ص 488 .

{وإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} للمترفين مبدأ واحد ودين واحد ، وهو الحرص على ثرائهم ومصالحهم ، فإذا تكلموا أو فعلوا فبوحي منه يقولون ويفعلون ، وإذا نظروا فمن خلاله ينظرون ، وإذا قيل لهم : لا تفسدوا في الأرض قالوا :

انما نحن مصلحون ، وإذا قيل لهم : آمنوا كما آمن الناس . قالوا : أنؤمن كما آمن السفهاء ؟ وإذا قيل لهم : اسجدوا للرحمن قالوا : وما الرحمن ؟ بل نسجد للدرهم والدينار . وإذا أمرهم آمر أن ينفقوا على المحاويج قالوا : قضى اللَّه عليهم بالفقر ، وقدر لنا الغنى . . وجهلوا أو تجاهلوا ان الفقر من صنع الأرض لا من صنع السماء ، من فساد الأوضاع وجور أنظمة السلب والنهب واستغلال الضعفاء .

{ويَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} . وإذا حذرهم اللَّه والرسول من سوء العاقبة وبئس المصير . قالوا ساخرين : ومتى هذا المصير ؟ وتقدم مثله في العديد من الآيات {ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وهُمْ يَخِصِّمُونَ} أي يتنازعون في شؤون دنياهم ، ومثله : {فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [الأعراف - 95 ] .

{فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ولا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} . إذا جاءت صيحة العذاب فلا يمهل أحد منهم ليوصي أهله بما أهمه ، وان كان غائبا عنهم لا يملك الرجوع إليهم {ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} . تقدم مثله في الآية 100 من سورة الكهف ج 5 ص 162 .

{قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} . تعجبوا من إحيائهم بعد الموت ، وكانوا من قبل يسخرون ممن يعدهم به ، ويأمرهم بالاستعداد له ، وبعد أن شاهدوه قالوا : {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} بأن الساعة آتية لا ريب فيها وان اللَّه يبعث من في القبور {إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} . فالخلق والموت والبعث لديه تعالى سواء . . كل واحد منها يكون بكلمة واحدة : {ما خَلْقُكُمْ ولا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ} - 28 لقمان .

وتقدم مثله في الآية 32 من هذه السورة {فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ولا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . وفي معناه : {الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهً سَرِيعُ الْحِسابِ} [غافر - 17 ] .

_____________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص317-319 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون} لما ذكر الآيات الدالة على الربوبية ذمهم على عدم رعايتهم حقها وعدم إقبالهم عليها وعدم ترتيبهم عليها آثارها فإذا قيل لهم هذه الآيات البينات ناطقة أن ربكم الله فاتقوا معصيته في حالكم الحاضرة وما قدمتم من المعاصي ، أو عذاب الشرك والمعاصي التي أنتم مبتلون بها وما خلفتم وراءكم ، أو اتقوا ما بين أيديكم من الشرك والمعاصي في الحياة الدنيا وما خلفكم من العذاب في الآخرة ، أعرضوا عنه ولم يستجيبوا له على ما هو دأبهم في جميع الآيات التي ذكروا بها .

ومن هنا يظهر أولا أن المراد بما بين أيديهم وما خلفهم الشرك والمعاصي التي هم مبتلون بها في حالهم الحاضرة وما كانوا مبتلين به قبل ، أو العذاب الذي استوجبوه بذلك ، والمال واحد ، أو الشرك والمعاصي في الدنيا والعذاب في الآخرة وهو أوجه الوجوه .

وثانيا : أن حذف جواب إذا للدلالة على أن حالهم بلغت من الجرأة على الله والاستهانة بالحق مبلغا لا يستطاع معها ذكر ما يجيبون به داعي الحق إذا دعاهم إلى التقوى فيجب أن يترك أسفا ولا يذكر ، وقد دل عليه بقوله : {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} .

قوله تعالى : {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} المراد بإتيان الآيات موافاتها لهم بالمشاهدة أو بالتلاوة والذكر ، وأيضا هي أعم من أن تكون آية آفاقية أو أنفسية ، أو تكون آية معجزة كالقرآن ، فهم معرضون عنها جميعا .

قوله تعالى : {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله} إلى آخر الآية كان قوله : {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} متعرضا لجوابهم إذا دعوا إلى عبادة الله وهي أحد ركني الدين الحق ، وهذه الآية تعرضت لجوابهم إذا دعوا إلى الشفقة على خلق الله وهو الركن الاخر ومعلوم أن جوابهم الرد دون القبول .

فقوله : {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله} يتضمن دعوتهم إلى الانفاق على الفقراء والمساكين من أموالهم وفي التعبير عن الأموال بما رزقهم الله إشعار بأن المالك لها حقيقة هو الله الذي رزقهم بها وسلطهم عليها ، وهو الذي خلق الفقراء والمساكين وأقام حاجتهم إلى ما عند هؤلاء من فضل المؤن الذي لا يفتقرون إليه فلينفقوا عليهم وليحسنوا وليجملوا والله يحب الاحسان وجميل الفعل .

وقوله : {قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} جوابهم للدعوة إلى الانفاق ، وإنما أظهر القائل - الذين كفروا - ومقتضى المقام الاضمار للإشارة إلى أن كفرهم بالحق وإعراضهم عنه باتباع الشهوات هو الذي دعاهم إلى الاعتذار بمثل هذا العذر المبني على الاعراض عما تدعو إليه الفطرة من الشفقة على خلق الله وإصلاح ما فسد في المجتمع كما أن الاظهار في قوله : {للذين آمنوا} للإشارة إلى أن قائل {أنفقوا مما رزقكم الله} هم الذين آمنوا .

وفي قولهم : {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} إشعار بأن المؤمنين إنما قالوا لهم : {أنفقوا مما رزقكم الله} بعنوان أنه مما يشاؤه الله ويريده حكما دينيا فردوه بأن إرادة الله لا تتخلف عن مراده فلو شاء أن يطعمهم أطعمهم أي وسع في رزقهم وجعلهم أغنياء .

وهذه مغالطة منهم خلطوا فيه بين الإرادة التشريعية المبنية على الابتلاء والامتحان وهداية العباد إلى ما فيه صلاح حالهم في دنياهم وآخرتهم ومن الجائز أن تتخلف عن المراد بالعصيان ، وبين الإرادة التكوينية التي لا تتخلف عن المراد ومن المعلوم أن مشيئة الله وإرادته المتعلقة بإطعام الفقراء والانفاق عليهم من المشيئة التشريعية دون التكوينية فتخلفها في مورد الفقراء إنما يدل على عصيان الذين كفروا وتمردهم عما أمروا به لا على عدم تعلق الإرادة به وكذب مدعيه .

وهذه مغالطة بنوا عليها جل ما افتعلوه من سنن الوثنية وقد حكى الله سبحانه ذلك عنهم في قوله : {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} [النحل : 35] ، وقوله : {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام : 148] ، وقوله : {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف : 20] .

وقوله : {إن أنتم إلا في ضلال مبين} من تمام قول الذين كفروا يخاطبون به المؤمنين أي إنكم في ضلال مبين في دعواكم أن الله أمرنا بالانفاق وشاء منا ذلك .

ولما فرغ من تفصيل آيات التوحيد المشار إليه إجمالا في أول الكلام شرع في تفصيل خبر المعاد وذكر كيفية قيام الساعة وإحضارهم للحساب والجزاء وما يجزى به أصحاب الجنة وما يجازى به المجرمون كل ذلك تبيينا لما تقدم من إجمال خبر المعاد .

قوله تعالى : {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} كلام منهم وارد مورد الاستهزاء مبني على الانكار ، ولعله لذلك جيئ باسم الإشارة الموضوعة للقريبة ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين كثيرا ما كانوا يسمعونهم حديث يوم القيامة وينذرونهم به ، والوعد يستعمل في الخير والشر إذا ذكر وحده وإذا قابل الوعيد تعين الوعد للخير والوعيد للشر .

قوله تعالى : {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} النظر بمعنى الانتظار ، والمراد بالصيحة نفخة الصور الأولى بإعانة السياق ، وتوصيف الصيحة بالوحدة للإشارة إلى هوان أمرهم على الله جلت عظمته فلا حاجة إلى مؤنة زائدة ، و{يخصمون } أصله يختصمون من الاختصام بمعنى المجادلة والمخاصمة .

والآية جواب لقولهم : {متى هذا الوعد} مسوقة سوق الاستهزاء بهم والاستهانة بأمرهم كما كان قولهم كذلك ، والمعنى ما ينتظر هؤلاء القائلون : متى هذا الوعد في سؤالهم عن وقت الوعد المنبئ عن الانتظار إلا صيحة واحدة - يسيرة علينا بلا مؤنة ولا تكلف - تأخذهم فلا يسعهم أن يفروا وينجوا منها والحال أنهم غافلون عنها يختصمون فيما بينهم .

قوله تعالى : {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون} أي يتفرع على هذه الصيحة بما أنها تفاجئهم ولا تمهلهم ان يموتوا من فورهم فلا يستطيعوا توصية - على أن الموت يعمهم جميعا دفعة فلا يترك منهم أحدا يوصي إليه - ولا أن يرجعوا إلى أهلهم إذا كانوا في الخارج من بيوتهم مثلا .

قوله تعالى : {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} هذه هي نفخة الصور الثانية التي بها الاحياء والبعث ، والأجداث جمع جدث وهو القبر والنسل الاسراع في المشي وفي التعبير عنه بقوله : {إلى ربهم} تقريع لهم لأنهم كانوا ينكرون ربوبيته والباقي ظاهر .

قوله تعالى : {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون} البعث الإقامة ، والمرقد محل الرقاد والمراد به القبر ، وتعبيرهم عنه تعالى بالرحمان نوع استرحام وقد كانوا يقولون في الدنيا : {وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان : 60] ، وقوله : {وصدق المرسلون} عطف على قوله : {هذا ما وعد الرحمان} والجملة الفعلية قد تعطف على الاسمية .

وقولهم : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا مبني على إنكارهم البعث وهم في الدنيا ورسوخ أثر الانكار والغفلة عن يوم الجزاء في نفوسهم وهم لا يزالون مستغرقين في الأهواء فإذا قاموا من قبورهم مسرعين إلى المحشر فاجأهم الورود في عالم لا يستقبلهم فيه إلا توقع الشر فأخذهم الفزع الأكبر والدهشة التي لا تقوم لها الجبال ولذا يتبادرون أولا إلى دعوة الويل والهلاك كما كان ذلك دأبهم في الدنيا عند الوقوع في المخاطر ثم سألوا عمن بعثهم من مرقدهم لان الذي أحاط بهم من الدهشة أذهلهم من كل شئ .

ثم ذكروا ما كانت الرسل عليهم السلام يذكرونهم به من الوعد الحق بالبعث والجزاء فشهدوا بحقية الوعد واستعصموا بالرحمة فقالوا : {هذا ما وعد الرحمان} على ما هو دأبهم في الدنيا حيث يكيدون عدوهم إذا ظهر عليهم بالتملق وإظهار الذلة والاعتراف بالظلم والتقصير ثم صدقوا الرسل بقولهم : {وصدق المرسلون} .

وبما تقدم ظهر أولا وجه دعوتهم بالويل إذا بعثوا .

وثانيا وجه سؤالهم عمن بعثهم من مرقدهم الظاهر في أنهم جاهلون به أولا ثم إقرارهم بأنه الذي وعده الرحمان وتصديقهم المرسلين فيما بلغوا عنه تعالى .

ويظهر أيضا أن قوله : {من بعثنا من مرقدنا} الخ وقوله : {هذا ما وعد الرحمن} الخ . من قولهم .

وقيل : قوله : {وصدق المرسلون} عطف على مدخول{ما} و{ما} موصولة أو مصدرية و} هذا ما وعد الرحمن} الخ جواب من الله أو من الملائكة أو من المؤمنين لقولهم : {من بعثنا من مرقدنا} ؟

وغير خفي أنه خلاف الظاهر وخاصة على تقدير كون {ما} مصدرية ولو كان قوله : {هذا ما وعد الرحمن} الخ . جوابا من الله أو الملائكة لقولهم : {من بعثنا من مرقدنا} لا جيب بالفاعل دون الفعل لأنهم سألوا عن فاعل البعث ! وما قيل : إن العدول إليه لتذكير كفرهم وتقريعهم عليه مع تضمنه الإشارة إلى الفاعل هذا . لا يغني طائلا .

وظهر أيضا أن قوله : {هذا ما وعد الرحمان} مبتدأ وخبر ، وقيل {هذا} صفة لمرقدنا بتأويل اسم الإشارة إلى المشتق و{ما} مبتدأ خبره محذوف تقديره ما وعد الرحمان حق وهو بعيد عن الفهم .

قوله تعالى : {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} اسم كان محذوف والتقدير إن كانت الفعلة أو النفخة إلا نفخة واحدة تفاجئهم أنهم مجموع محضرون لدينا من غير تأخير ومهلة .

والتعبير بقوله : {لدينا} لان اليوم يوم الحضور لفصل القضاء عند الله سبحانه .

قوله تعالى : {فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} أي في هذا اليوم يقضي بينهم قضاء عدلا ويحكم حكما حقا فلا تظلم نفس شيئا .

وقوله : {ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} عطف تفسير لقوله : فاليوم لا تظلم نفس شيئا} وهو في الحقيقة بيان برهاني لانتفاء الظلم يومئذ لدلالته على أن جزاء أعمال العاملين يومئذ نفس أعمالهم ، ولا يتصور مع ذلك ظلم لان الظلم وضع الشئ في غير موضعه وتحميل العامل عمله وضع الشئ في موضعه ضرورة .

وخطاب الآية من باب تمثيل يوم القيامة وإحضاره وإحضار من فيه بحسب العناية الكلامية ، وليس - كما توهم - حكاية عما سيقال لهم أو يخاطبون به من جانب الله سبحانه أو الملائكة أو المؤمنين يوم القيامة فلا موجب له من جهة السياق .

والمخاطب بقوله : {ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} السعداء والأشقياء جميعا .

وما قيل عليه أن الحصر يأبى التعميم فإنه تعالى يوفى المؤمنين أجورهم ويزيدهم من فضله أضعافا مضاعفة مدفوع بأن الحصر في الآية ناظر إلى جزاء العمل وأجره وما يدل من الآيات على المزيد كقوله : { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق : 35] أمر وراء الجزاء والاجر خارج عن طور العمل .

وربما أجيب عنه بأن معنى الآية أن الصالح لا ينقص ثوابه والطالح لا يزاد عقابه

فإن الحكمة تنافيه أما زيادة الثواب ونقص العقاب فلا مانع منه أو أن المراد بقوله :

{لا تجزون إلا ما كنتم تعملون} أنكم لا تجزون إلا من جنس عملكم إن خيرا فخير وإن

شرا فشر .

وفيه أن مدلول الآية لو كان ما ذكر اندفع الاشكال لكن الشأن في دلالتها على ذلك .

______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج17 ، ص78-84 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

الإعراض عن جميع آيات الله :

بعد أن كان الحديث في الآيات السابقة عن الآيات الإلهيّة في عالم الوجود ، تنتقل هذه الآيات لتتحدّث عن ردّ فعل الكفّار المعاندين في مواجهة هذه الآيات الإلهيّة ، وكذلك توضّح دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم وإنذارهم بالعذاب الإلهي الأليم .

يفتتح هذا المقطع بالقول : {وإذا قيل لهم اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلّكم ترحمون} (2) .

للمفسّرين أقوال عديدة حول ما هو معنى قوله : (ما بين أيديكم) و (ما خلفكم) منها : أنّ المقصود بـ «ما بين أيديكم» العقوبات الدنيوية التي أوردت الآيات السابقة نماذج منها ، والمقصود بـ «ما خلفكم» عقوبات الآخرة ، وكأنّه يراد القول بأنّها خلفهم ولم تأت إليهم وسوف تصل إليهم في يوم ما وتحيط بهم ، والمقصود بـ «التقوى» من هذه العقوبات ، هو عدم إيجاد العوامل التي تؤدّي إلى وقوع هذه العقوبات ، والدليل على ذلك أنّ التعبير بـ «اتّقوا» يرد في القرآن إمّا عند ذكر الله سبحانه وتعالى أو عند ذكر يوم القيامة والعقوبات الإلهيّة ، وهذان الذكران وجهان لحقيقة واحدة ، إذن أنّ الإتّقاء من الله هو اتّقاءٌ من عقوباته .

وذلك دليل على أنّ الآية تشير إلى الإتقاء من عذاب الله ومجازاته في الدنيا وفي الآخرة .

ومن هذه التّفسيرات أيضاً عكس ما ورد في التّفسير الأوّل ، وهو أنّ «ما بين أيديكم» تعني عقوبات الآخرة و «ما خلفكم» تعني عذاب الدنيا ، لأنّ الآخرة أمامنا (وهذا التّفسير لا يختلف كثيراً عن الأوّل من حيث النتائج) .

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من «بين أيديكم» الذنوب التي إرتكبت سابقاً ، فتكون التقوى منها بالتوبة وجبران ما تلف بواسطتها ، و «ما خلفكم» الذنوب التي سترتكب لاحقاً .

والبعض يرى بأنّ «بين أيديهم» الذنوب الظاهرة ، و «ما خلفكم» الذنوب الباطنة والخفيّة .

وقال البعض الآخر : «ما بين أيديكم» إشارة إلى أنواع العذاب في الدنيا ، و «ما خلفكم» إشارة إلى الموت (والحال أنّ الموت ليس ممّا يتّقى منه !!) .

والبعض ـ كصاحب تفسير «في ظلال القرآن» ـ اعتبر هذين التعبيرين كناية عن إحاطة موجبات الغضب والعذاب الإلهي التي تحيط بالكافر من كلّ جانب .

و «الآلوسي» في «روح المعاني» و «الفخر الرازي» في «التّفسير الكبير» كلّ منهما ذكر إحتمالات متعدّدة ، ذكرنا قسماً منها .

و «العلاّمة الطباطبائي» في «الميزان» يرى أنّ «ما بين أيديكم» الشرك والمعاصي في الحياة الدنيا ، و «ما خلفكم» العذاب في الآخرة (3) . في حين أنّ ظاهر الآية هو أنّ كلا الإثنين من جنس واحد ، وليس بينهما سوى التفاوت الزمني ، لا أنّ إحداهما إشارة إلى الشرك والذنوب ، والاُخرى إشارة إلى العقوبات الواقعة نتيجة ذلك .

على كلّ حال فأحسن تفسير لهذه الجملة هو ما ذكرناه أوّلا ، وآيات القرآن المختلفة شاهد على ذلك أيضاً ، وهو أنّ المقصود من «ما بين أيديكم» هو عقوبات الدنيا و «ما خلفكم» عقوبة الآخرة .

الآية التالية تؤكّد نفس المعنى وتشير إلى لجاجة هؤلاء الكفّار وإعراضهم عن آيات الله وتعاليم الأنبياء ، تقول الآية الكريمة : {وما تأتيهم من آية من آيات ربّهم إلاّ كانوا عنها معرضين} .

فلا الآيات الأنفسية تؤثّر فيهم ، ولا الآفاقية ، ولا التهديد والإنذار ، ولا البشارة والتطمين بالرحمة الإلهيّة ، لا يتقبّلون منطق العقل ولا أمر العواطف والفطرة ، فهم مبتلون بالعمى الكلّي بحيث لا يتمكّنون حتّى من رؤية أقرب الأشياء إليهم ، وحتّى أنّهم لا يفرّقون بين ظلمة الليل وشمس الظهيرة .

ثمّ يشخّص القرآن الكريم أحد الموارد المهمّة لعنادهم وإعراضهم فيقول : {وإذا قيل لهم أنفقوا ممّا رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلاّ في ضلال مبين} .

ذلك المنطق الضعيف الذي يتمسّك به الأنانيون والبخلاء في كلّ عصر وزمان ويقولون : إنّ فلاناً أصبح فقيراً بسبب عمل إرتكبه وأدّى به إلى الفقر ، مثلما أنّنا أغنياء بسبب عمل عملنا فشملنا لطف الله ورحمته ، وعليه فليس فقره ولا غنانا كانا بلا حكمة . غافلين عن أنّ الدنيا إنّما هي دار إمتحان وإبتلاء ، والله سبحانه وتعالى إنّما يمتحن البعض بالفقر كما يمتحن البعض الآخر بالغنى والثروة ، وربّما يضع الله الإنسان وفي وقتين مختلفين في بوتقة الإمتحان الغنى والفقر ، وينظر هل يؤدّي الأمانة حال فقره ويتمتّع بمناعة الطبع ويلج مراتب الشكر اللائقة ، أم أنّه يطأ كلّ ذلك بقدمه ويمرّ ؟ وفي حال الغنى هل ينفق ممّا تفضّل الله به عليه ، أم لا ؟

ورغم أنّ البعض قد حصر الآية من حيث التطبيق في مجموعة خاصّة كاليهود ، أو المشركين في مكّة ، أو جميع الملاحدة الذين أنكروا الأديان الإلهيّة ، ولكن يبدو أنّ للآية مفهوماً عامّاً يمكن أن تكون له مصاديق في كلّ عصر وزمان ، وإن كان مصداقها حين نزولها هم اليهود أو المشركون فتلك ذريعة عامّة يتشبّثون بها على مرّ العصور ، وهي قولهم : إذا كان الله هو الرازق إذاً لماذا تريدون منّا أن نعطي الفقراء من أموالنا ؟ وإذا كان الله يريد أن يرى هؤلاء محرومين فلماذا تريدون منّا إغناء من أراد الله حرمانه ؟ غافلين عن أنّ نظام التكوين قد يوجب شيئاً ، ويوجب نظام التشريع شيئاً غيره .

فنظام التكوين ـ بإرادة الله ـ أوجب أن تكون الأرض بجميع مواهبها وعطاياها مسخّرة للبشر ، وأن يعطى البشر حريّة إنتخاب الأعمال لطي طريق تكاملهم ، وفي نفس الوقت خلق الغرائز التي تتنازع الإنسان من كلّ جانب .

ونظام التشريع أوجب قوانين خاصّة للسيطرة على الغرائز وتهذيب النفوس ، وتربية الإنسان عن طريق الإيثار والتضحية والتسامح والإنفاق ، وذلك الإنسان الذي لديه الأهلية والإستعداد لأن يكون خليفة الله في الأرض ، إنّما يبلغ ذلك المقام الرفيع من هذا الطريق ، فبالزكاة تطهر النفوس ، وبالإنفاق ينتزع البخل من القلوب ، ويتحقّق التكافؤ ، وتقلّ الفواصل الطبقية التي تفرز آلاف العلل والمفاسد في المجتمعات .

وذلك تماماً كما يقول شخص : لماذا ندرس ؟ أو لماذا نعلّم غيرنا ؟ فلو شاء الله سبحانه وتعالى لأعطى العلم للجميع ، فلا تكون هنالك حاجة إلى التعلّم ! فهل يقبل ذلك عاقل (4) ؟

جملة {قال الذين كفروا} والتي ورد التأكيد فيها على صفة الكفر ، في حين يمكن أن يكتفي بالضمير ، إشارة إلى أنّ هذا المنطق الخرافي والتعلّل إنّما ينبع من الكفر !

ولسان حال المؤمنين بقولهم : {أنفقوا ممّا رزقكم الله} إشارة إلى أنّ المالك الأصلي في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى ، وإن كانت تلك الأموال أمانة في أيدينا أو أيديكم لأيّام ، ويا لهم من بخلاء اُولئك الذين لم يكونوا حاضرين لأن يحولوا المال إلى آخرين بأمر صاحب المال ؟ !

أمّا جملة : {إن أنتم إلاّ في ضلال مبين} فلتفسيرها توجد إحتمالات ثلاثة :

الأوّل : أنّها تتمّة ما قاله الكفّار للمؤمنين .

الثاني : أنّه كلام الله سبحانه وتعالى يخاطب به الكفّار .

الثالث : أنّه تتمّة ما قاله المؤمنون للكفّار .

ولكن التّفسير الأوّل هو الأنسب ، لأنّه يتّصل مباشرةً بحديث الكفّار السابق ، وفي الحقيقة إنّهم يريدون معاملة المؤمنين بالمثل ونسبتهم إلى الضلال المبين .

 

وقوله تعالى : {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقُ الْمُرْسَلُونَ (52) إن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ}

 

صيحة النشور !

بعد ذكر المنطق الأجوف والذرائع التي تشبّث بها الكفّار في مسألة الإنفاق في الآيات السابقة ، تتعرّض هذه الآيات إلى الحديث عن إستهزائهم بالقيامة ، لتنسف بجواب قاطع منطقهم الفارغ حول إنكار المعاد .

مضافاً إلى أنّها تكمل بحوث التوحيد التي مرّت في الآيات السابقة بالبحث حول المعاد .

تقول الآية الكريمة الاُولى : {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} . فإذا لم تستطيعوا تشخيص زمان دقيق لقيام الساعة ، فمعنى هذا أنّكم لستم صادقين في حديثكم .

الآية التالية ترد على هذا التساؤل المقرون بالسخرية بجواب قاطع حازم ، وتخبرهم بأنّ قيام الساعة ليس بالأمر المعقّد أو المشكل بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى : {ما ينظرون إلاّ صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصّمون} .

فكلّ ما يقع هو صيحة سماوية كافية لأن تقبض فيها أرواح جميع المتبقّين من الناس على سطح الأرض بلحظة واحدة وهم على حالهم ، وتنتهي هذه الحياة المليئة بالصخب والدعاوى والمعارك والحروب ، ليتخلّف وراءها صمت مطبق ، وتخلو الأرض من أي صوت أو إزعاج .

وفي حديث عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتّى تقوم ، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتّى تقوم ، والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتّى تقوم» (5) .

جملة «ما ينظرون» هنا بمعنى «ما ينتظرون» ، فكما يقول (الراغب) في مفرداته «النظر تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته ، وقد يراد به التأمّل والفحص ، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص ، وهو الرويّة ، والنظر الإنتظار» .

«صيحة» صاح : رفع الصوت ، وأصله تشقيق الصوت من قولهم انصاح الخشب أو الثوب إذا انشقّ فسمع منه صوت ، وصيح الثوب كذلك ، ويقال : بأرض فلان شجر قد صاح ، إذا طال فتبيّن للناظر لطوله ، ودلّ على نفسه بصوته .

«يخصّمون» من مادّة «خصم» بمعنى النزاع .

أمّا فيم كانوا يختصمون ؟ لم تذكر الآية ذلك ، ولكن من الواضح أنّ المقصود هو التخاصم على أمر الدنيا والاُمور المعيشية الاُخرى ، ولكن البعض يرى : إنّه تخاصم في أمر «المعاد» ، والمعنى الأوّل أنسب على ما يبدو ، وإن كان إعتبار شمول الآية لكلا المعنيين ، وأي نوع من النزاع والخصومة ليس ببعيد .

ومن الجدير بالملاحظة أنّ الضمائر المتعدّدة في الآية جميعها تعود على مشركي مكّة الذين كانوا يشكّكون في أمر المعاد ، ويستهزئون بذلك بقولهم : متى تقوم الساعة ؟

ولكن المسلّم به أنّ الآية لا تقصد أشخاص هؤلاء ، بل نوعهم «نوع البشر الغافلين عن أمر المعاد» لأنّهم ماتوا ولم يسمعوا تلك الصيحة السماوية أبداً «تأمّل بدقّة» !!

على كلّ حال ، فإنّ القرآن بهذا التعبير القصير والحازم إنّما أراد تنبيههم إلى أنّ القيامة ستأتي وبشكل غير متوقّع ، وهذا أوّلا . وأمّا ثانياً فإنّ قيام الساعة ليس بالموضوع المعقّد بحيث يختصمون ويتنازعون فيه ، فبمجرّد صيحة واحدة ينتهي كلّ شيء وتنتهي الدنيا بأسرها .

لذا فهو تعالى يضيف في الآية التالية قائلا : {فلا يستطيعون توصيةً ولا إلى أهلهم يرجعون} .

في العادة فإنّ الإنسان حينما تلم به حادثة ويحسّ بعدها بقرب أجله ، يحاول جاهداً أن يوصل نفسه إلى أهله ومنزله ويستقرّ بين عياله ، ثمّ يقوم بإنجاز بعض الاُمور المعلّقة ، ويعهد بأبنائه أو متعلّقيه إلى من يثق به عن طريق الوصيّة أو غير ذلك . ويوصي بإنجاز بعض الاُمور الاُخرى .

ولكن هل تترك الصيحة السماوية فرصة لأحد ؟ ولو سنحت الفرصة فرضاً فهل بقي أحد حيّاً ليستمع الوصيّة ؟ أو يجتمع الأولاد مع اُمّهم على سرير الأب ـ مثلا ـ ويحتضنونه ويحتضنهم لكي يسلم الروح بطمأنينة ؟ لا أبداً ، فلا إمكان لأي من هذه الاُمور .

وما نلاحظه من تنكير التوصية في التعبير القرآني هنا إنّما هو إشارة إلى أنّ الفرصة لا تسنح حتّى لوصية صغيرة أيضاً .

ثمّ تشير الآيات إلى مرحلة اُخرى ، مرحلة الحياة بعد الموت . فتقول : {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون} .

التراب والعظام الرميم تلبس الحياة من جديد ، وتنتفض من القبر بشراً سويّاً ، ليحضر المحاكمة والحساب في تلك المحكمة العظيمة المهولة ، وكما أنّهم ماتوا جميعاً بصيحة واحدة ، فبنفخة واحدة يبعثون أحياء من جديد ، فلا هلاكهم يشكّل عقبة أمام قدرة الله سبحانه وتعالى ، ولا حياتهم كذلك ، تماماً كما هو الحال في جمع الجنود في الجيوش ، بنفخة بوق واحدة ينهضون جميعاً من فرشهم ويخرجون من خيمهم ، ويقفون في صفّ واحد ، وإحياء الموتى وبعثهم بالنسبة إلى الله سبحانه بهذه البساطة والسرعة .

«أجداث» جمع «جدث» وهو القبر ، والتعبير يشير بوضوح إلى أنّ للمعاد جنبة جسمانية بالإضافة إلى الجنبة الروحية ، وأنّ الجسد يعاد بناؤه جديداً من نفس المواد السابقة .

واستخدم صيغة الماضي في الفعل «نفخ» إشارة إلى عدم وجود أدنى شكّ في وقوع مثل هذا الأمر ، وكأنّه لثباته وحتميته قد وقع فعلا .

«ينسلون» من مادّة «نسل» والنسل الإنفصال عن الشيء ـ كما يقول الراغب في المفردات ويضيف ـ يقال : نسل الوبر عن البعير والقميص عن الإنسان ، و . . ومنه نسل إذا عدا ، والنسل الولد لكونه ناسلا عن أبيه .

وقوله تعالى : (ربّهم) كأنّها تلميح إلى أنّ ربوبية ومالكية وتربية الله كلّها توجب أن يكون هناك حساب وكتاب ومعاد .

وعلى كلّ حال ، فإنّه يستفاد من الآيات القرآنية أنّ نهاية هذا العالم وبداية العالم الآخر يكون كلاهما على شكل حركة عنيفة وغير متوقّعة ، وسوف نتعرّض إلى تفصيل هذا الموضوع في تفسير الآية (68) من سورة الزمر إن شاء الله .

تضيف الآية التالية : {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} .

نعم فإنّ المشهد مهول ومذهل إلى درجة أنّ الإنسان ينسى جميع الخرافات والأباطيل ولا يتمكّن إلاّ من الإعتراف الواضح الصريح بالحقائق ، الآية تصوّر القبور «بالمراقد» والنهوض من القبور (بالبعث) كما ورد في الحديث المعروف «كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون» .

ففي البدء يستغربون إنبعاثهم ويتساءلون عمّن بعثهم من مرقدهم ؟ ولكنّهم يلتفتون بسرعة ويتذكّرون بأنّ أنبياء الله الصادقين ، وعدوهم بمثل هذا اليوم ، فيجيبون أنفسهم قائلين : {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} ولكن وا أسفاه إنّنا كنّا نستهزىء بكلّ ذلك !!

وعليه فإنّ هذه الجملة هي بقيّة حديث هؤلاء المتكبّرين الكفرة بالمعاد والبعث ، ولكن البعض ذهب إلى أنّ حديث الملائكة أو المؤمنين ، وذلك على ما يبدو خلاف ظاهر الآية ، ولا داعي ولا ضرورة له ، لأنّ إعتراف الكفّار والمنكرين للمعاد في ذلك اليوم لا ينحصر بهذه الآية ، ففي الآية (97) من سورة الأنبياء { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء : 97] .

وعلى كلّ حال ، فإنّ التعبير بـ «مرقد» (6) يوضّح أنّهم في عالم البرزخ كانوا بحالة شبيهة بالنوم العميق ، وكما ذكرنا في تفسير الآية (100) من سورة «المؤمنون» ، فإنّ البرزخ بالنسبة إلى أكثر الناس الذين هم على الوسط من الإيمان أو الكفر هو حالة شبيهة بالنوم ، وفي حال المؤمنين أصحاب المقامات الرفيعة ، أو الكفّار الموغلين في الكفر والجحود فإنّ البرزخ بالنسبة إليهم عالم واضح المعالم ، وهم فيه أيقاظ يهنأون في النعيم أو يصطرخون في العذاب .

احتمل بعضهم أيضاً أنّ هول ودهشة القيامة شديدان إلى درجة أنّ العذاب في البرزخ يكون شبه النوم بالنسبة إلى ما يرونه في القيامة .

ثمّ تقول الآية لبيان سرعة النفخة : {إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} .

وعليه فإحياء الموتى وبعثهم من القبور وإحضارهم في محكمة العدل الإلهي لا يحتاج إلى مزيد وقت ، كما كان الأمر عند هلاكهم ، فالصيحة الاُولى للموت ، والصيحة الثانية للحياة والحضور في محكمة العدل الإلهي .

وإستخدام تعبير «الصيحة» والتأكيد عليها بـ «واحدة» وكذلك التعبير بـ «إذا» في مثل هذه الموارد ، إنّما هو للإشارة إلى وقوع غير المتوقّع ، والتعبير بـ {هم جميع لدينا محضرون} بصيغة الجملة الإسمية دليل على الوقوع السريع لهذا المقطع من القيامة .

واللهجة الحازمة لهذه الآيات تترك أعمق الأثر في القلوب ، وكأنّ هذه الصيحة تقول : ياأيّها الناس النائمون ، أيّتها الأتربة المتناثرة ، أيّتها العظام المهترئة ! انهضوا . . انهضوا واستعدّوا للحساب والجزاء . . . فما أجمل الآيات القرآنية ، وما أروع إنذاراتها المعبّرة !!

 

وقوله تعالى : {فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}

 

أصحاب الجنّة فاكهون !

هنا يبدأ البحث حول كيفية الحساب في المحشر ، ثمّ ينتقل في الختام إلى تفصيل وضع المؤمنين الصلحاء والكفّار الطالحين ، فتقول الآية الكريمة الاُولى : {فاليوم لا تظلم نفس شيئاً} .

فلا ينقص من أجر وثواب أحد شيئاً ، ولا يزاد على عقوبة أحد شيئاً ، ولن يكون هنالك أدنى ظلم أو إضطهاد لأحد حتّى بمقدار رأس الإبرة .

ثمّ تنتقل الآية لتوضّح تلك الحقيقة وتعطي دليلا حيّاً عليها فتقول : {ولا تجزون إلاّ ما كنتم تعملون} .

إنّ ظاهر الآية ـ ومن دون تقدير مضمر ـ يهدف إلى القول بأنّ جزاءكم جميعاً هو نفس أعمالكم ، فأي عدالة أفضل وأعلى من هذه العدالة ؟!

وبعبارة اُخرى : فإنّ الأعمال الحسنة والسيّئة التي قمتم بها في هذه الدنيا سترافقكم في ذلك العالم أيضاً ، ونفس تلك الأعمال ستتجسّد هناك وترافقكم في جميع مراحل الآخرة ، في المحشر وبعد نهاية الحساب .

فهل أنّ تسليم حاصل عمل إنسان إليه أمر مخالف للعدالة ؟

وهل أنّ تجسيد الأعمال وقرنها بعاملها ظلم ؟

ومن هنا يتّضح أن لا معنى للظلم أساساً في مشهد يوم القيامة ، وإذا كان يحدث في الدنيا بين البشر أن تتحقّق العدالة حيناً ويقع الظلم أحياناً كثيرة ، فذلك لعدم إمكان ربط الأعمال بفاعليها .

جمع من المفسّرين تصوروا أنّ الجملة الأخيرة أعلاه تتحدّث عن الكفّار والمسيئين الذين سيرون عقاباً على قدر أعمالهم ، دون أن تشمل المؤمنين ، بلحاظ أنّ الله سبحانه وتعالى قد جزاهم وأثابهم بأضعاف ما يعادل أعمالهم .

ولكن بملاحظة ما يلي ينحلّ هذا الإشتباه ، وهو أنّ الحديث هنا هو حديث عن العدالة في الثواب والعقاب وأخذ الجزاء حسب الإستحقاق ، وهذا لا ينافي أنّ الله سبحانه وتعالى يريد أن يزيد المؤمنين من فضله ، فهذه مسألة «تفضل» وتلك مسألة «إستحقاق» .

______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص156-166 .

2 ـ «وإذا قيل لهم . . .» جملة شرطية ، وجزاؤها محذوف يستفاد من الآية اللاحقة ، والتقدير : «وإذا قيل لهم اتّقوا . . . أعرضوا عنه» .

3 ـ الميزان ، المجلّد 17 ، الصفحة 96 . (ذيل الآيات مورد البحث) .

4 ـ بعض المفسّرين احتمل التّفسير التالي وهو : أنّ العرب كانوا مشهورين بالضيافة في ذلك الزمان ، وما كانوا يمتنعون عن الإنفاق ، وكان هدف الكفّار هو الإستهزاء بالمؤمنين الذين كانوا ينسبون الأشياء والاُمور جميعها إلى المشيئة الإلهية ، فكانوا يقولون لهم : إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يغني الفقراء فما الحاجة إلى إنفاقنا ، ولكن يبدو أنّ التّفسير الذي أوردناه هو الأنسب (راجع التبيان ، وتفسير القرطبي ، وروح المعاني) .

5 ـ مجمع البيان ، ج4 ، ص427 . وذكرت هذه الرواية بتفاوت قليل في تفسير «القرطبي» و «روح المعاني» وغيرهما .

6 ـ يأتي تارةً بمعنى اسم مكان ، واُخرى اسم للنوم ، أي مصدر ميمي .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم