أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-02-2015
1421
التاريخ: 5-10-2014
2205
التاريخ: 5-10-2014
1505
التاريخ: 13-11-2014
1499
|
تعالوا نلاحظ ونقارن بين هذه النظرة الضيقة وبين واقع التجربة البشرية المعاصرة، لنرى أي النظرتين أكثر انطباقا على العالم الذي نعيشه، ونرى ما ذا كنا نتوقع؟ وما ذا كنا ننتظر؟ لو كان هذا التفسير للتناقض، صحيحا وواقعيا.
كنا ننتظر ونتوقع أن يزداد يوما بعد يوم، التناقض الطبقي والصراع بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة في المجتمعات الاوروبية الصناعية، التي تطورت فيها الآلة تطورا كبيرا، كان من المفروض أن هذه المجتمعات، كإنكلترا، والولايات الامريكية المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، أن يشتد فيها التناقض الطبقي والصراع يوما بعد يوم، ويتزلزل النظام الرأسمالي المستغل ويتداعى يوما بعد يوم، كنا نترقب ان يزداد البؤس والحرمان في جانب الطبقة العاملة، ويزداد الثراء على حساب هؤلاء العاملين في طبقة الرأسماليين المستغلين من الامريكان والانجليز والفرنسيين وغيرهم ، كنا نترقب حالة من هذا القبيل، كنا نترقب أن تتضاعف النقمة، أن يشتد ايمان العامل الاوروبي والعامل الامريكي بضرورة الثورة، وبأنها هي الطريق الوحيد لتصفية هذا التناقض الطبقي ، هذا ما كنا ننتظره لو صحت هذه الافكار عن تفسير التناقض .
لكن ما ذا وقع خارجا ؟ ما وقع خارجا هو عكس ذلك تماما، نرى وبكل أسف ، أن النظام الرأسمالي في الدول الرأسمالية المستغلة يزداد ترسخا ويزداد تمحورا وعملقة يوما بعد يوم ، لا تبدو عليه بوادر الانهيار السريع، تلك التمنيات الطيبة في الثورة السريعة التي تمناها ثوارنا الماديون لإنكلترا وللدول الاوروبية بحكم التطور الآلي والصناعي فيها، تلك التمنيات الطيبة تحولت إلى سراب ، بينما تحققت هذه النبوءات بالنسبة إلى بلاد لم تعش تطورا آليا، بل لم تعش تناقضا طبقيا بالمعنى الماركسي ، لانها لم تكن قد دخلت الباب العريض الواسع للتطور الصناعي، من قبيل روسيا القيصرية والصين.
من ناحية أخرى، هل ازداد العمال بؤسا وفقرا ؟ هل ازدادوا استغلالا ؟
لا بالعكس ، العمال ازدادوا رخاء وسعة، اصبحوا مدلّلين من قبل الطبقة الرأسمالية المستغلة ، العامل الامريكي يحصل على ما لا يطمع به انسان آخر يشتغل بكدّ يمينه ويقطف ثمار عمله في المجتمعات الاشتراكية الاخرى .
هل ازدادت النقمة لدى الطبقة العاملة ؟
العكس هو الصحيح، العمال، الهيئات التي تمثل العمال في الدول الرأسمالية المستغلة تحولت بالتدريج إلى هيئات ذات طابع شبه ديمقراطي، تحولت إلى اشخاص لهم حالة الاسترخاء السياسي، تركوا هموم الثورة ومنطقها، وأصبحوا يتصافحون يدا بيد مع تلك الأيدي المستغلة، مع أيدي الطبقة الرأسمالية، وأصبحوا يرفعون شعار تحقيق حقوق العمال عن طريق النقابات وعن طريق البرلمانات، وعن طريق الانتخابات.
هذه الحالة هي حالة الاسترخاء السياسي، كل هذا وقع في هذه الفترة القصيرة من الزمن التي نحسها، فكيف وقع هذا ؟
هل كان ماركس سيّئ الظن إلى هذه الدرجة بهؤلاء الرأسماليين المجرمين، والمستغلين، بحيث تنبأ بهذه النبوءات ثم ضاعت هذه النبوءات كلها فلم يتحقق شيء منها ؟
أم هل أن هؤلاء الرأسماليين المستغلين، دخل في أنفسهم الرعب من الماركسية وافكارها الثورية فحاولوا ان يتنازلوا عن جزء من مكاسبهم خوفا من أن يثور العامل عليهم ؟
هل هذا صحيح ؟
هل ان المليونير الامريكي يخالج ذهنه فعلا أي شبح من خوف من هذه الناحية؟ اشد الناس تفاؤلا بمصائر الثورة في العالم لا يمكنه ان يفكر في ان ثورة حقيقية على الظلم في امريكا يمكن ان تحدث قبل مائة سنة من هذا التاريخ.
فكيف يمكن ان نفترض ان المليونير الامريكي، أصبح أمامه شبح الخوف والرعب، وعلى اساس هذا الشبح تنازل عن جزء من مكاسبه؟
هل انه دخلت إلى قلوبهم التقوى فجأة واستنارت قلوبهم بنور الاسلام الذي أنار قلوب المسلمين الأوائل، الذين كانوا لا يعرفون حدا للمشاركة والمواساة، والذين كانوا يشاطرون اخوانهم غنائمهم، وسرّاءهم وضرّاءهم ؟
هل تحول هؤلاء بين عشية وضحاها إلى مسلمين ؟
لا .. لم يتحقق شيء من ذلك، لا كارل ماركس كان سيّئ الظن بهؤلاء، بل كان ظنه منطبقا على هؤلاء انطباقا تاما. ولا أن هؤلاء أرعبهم شبح العامل فتنازلوا من أجل إسكاته، ولا ان قلوبهم خفقت بالتقوى، بل لم تعرف التقوى ولن تعرف التقوى لانها انغمست في لذّات المال وفي الشهوات، لم يتحقق شيء من ذلك.
اذن ما ذا وقع وكيف نفسر هذا الذي وقع؟
هذا الذي وقع في الحقيقة كان نتيجة تناقض آخر عاش مع التناقض الطبقي منذ البداية، لكن ماركس والثوار الذين ساروا على هذا الطريق، لم يستطيعوا أن يكتشفوا ذلك التناقض، ولهذا حصروا انفسهم في التناقض الطبقي، في التناقض بين المليونير الامريكي والعامل الامريكي، بين الغني الانجليزي والعامل الإنجليزي، ولم يدخلوا في الحساب التناقض الآخر الاكبر الذي أفرزه جدل الانسان الاوروبي، افرزه تناقض الانسان الاوروبي، فغطى على هذا التناقض الطبقي، بل جمّده، بل أوقفه إلى فترة طويلة من الزمن.
ما هو ذلك التناقض؟ نحن بنظرتنا المنفتحة يمكننا أن نبصر ذلك التناقض، لأننا لم نحصر انفسنا في اطار التناقض الطبقي، بل قلنا إن جدل الانسان دائما يفرز أي شكل من أشكال التناقض الاجتماعي، ذلك التناقض الآخر، وجد فيه الرأسمالي المستغل الاوروبي والامريكي، أن من طبيعة هذا التناقض، ان يتحالف مع العامل الذي يستغله لكي يشكل هو والعامل قطبا في هذا التناقض، لم يعد التناقض تناقضا بين الغني الاوروبي والعامل الاوروبي، بل ان هذين الوجودين الطبقيين تحالفا معا وكوّنا قطبا في تناقض اكبر، بدأ تاريخيا منذ بدأ ذلك التناقض الذي تحدث عنه ماركس.
لكن ما هو القطب الآخر في هذا التناقض؟ القطب الآخر في هذا التناقض، هو أنا وأنت، هو الشعوب الفقيرة في العالم، هو شعوب ما يسمى ب «العالم الثالث»، هذه الشعوب هي التي تمثل القطب الثاني في هذا التناقض.
ان الانسان الاوروبي بكلا وجوديه الطبقيين، تحالف وتمحور، من أجل أن يمارس صراعه واستغلاله لهذه الشعوب الفقيرة، وقد انعكس هذا التناقض الاكبر اجتماعيا، من خلال صيغ الاستعمار المختلفة التي زخرت بها الساحة التاريخية، منذ خرج الانسان الاوروبي والامريكي من دياره ليفتش عن كنوز الارض في مختلف أرجاء العالم، ولينهب الاموال بلا حساب من مختلف البلاد والشعوب الفقيرة، هذا التناقض غطى على التناقض الطبقي، بل جمد التناقض
الطبقي، لان جدل الانسان من وراء هذا التناقض، كان أقوى من جدل الانسان من وراء ذلك التناقض، والثراء الهائل الذي تكدس في أيدي الطبقة الرأسمالية في الدول الرأسمالية، لم يكن كله، بل ولا معظمه، نتاج عرق جبين العامل الاوروبي والامريكي، وانما كان نتاج غنائم حرب وغارات على هذه البلاد الفقيرة، قام بها الانسان الأبيض الأوروبي. هذا النعيم الذي تغرق فيه تلك الدول ليس من عرق جبين العامل الاوروبي، ليس من نتاج التناقض الطبقي بين الرأسمالي والعامل، وانما هذا النعيم هو من نفط آسيا وامريكا اللاتينية، هو من ألماس تنزانيا، هو من الحديد والرصاص والنحاس واليورانيوم في مختلف بلاد إفريقيا، هو من قطن مصر، هو من تنباك لبنان، هو من خمر الجزائر، نعم من خمر الجزائر، لان الكافر المستعمر الذي استعمر الجزائر، حوّل أرضها كلها إلى بستان عنب، لكي يقطف هذا العنب ويحوله إلى خمر ليسكر به العمال ، وليشعر اولئك العمال بالنشوة والخيلاء.
إذن ، التناقض الذي جمّد ذلك التناقض واوقفه ، هو هذا التناقض الأكبر بين المحور الرأسمالي ككل بكلتا طبقتيه ، وما بين الشعوب الفقيرة في العالم.
من خلال هذا التناقض، وجد الرأسمالي الاوروبي والامريكي أن من مصلحته أن يقاسم العامل شيئا من هذه الغنائم التي نهبها من فقراء الارض ومستضعفيها.
ولهذا نرى أن العامل بدأت حياته تختلف عن نبوءات ماركس، ليس ذلك لأجل كرم طبيعي في الرأسمالي الاوروبي والامريكي، وليس لتقوى، وانما هي غنيمة كبيرة، كان من المفروض أن يعطي جزءا منها لهذا العامل، والجزء وحده يكفي لأجل تحقيق هذا الرفاه بالنسبة إلى هذا العامل الاوروبي والامريكي.
اذن ، الحقيقة التي يثبتها التاريخ دائما، هو ان التناقض لا يمكن حصره في صيغة واحدة ، التناقض له صيغ متعددة ، وذلك لان كل هذه الصيغ، تنبع من منبع واحد وهو التناقض الرئيسي، الجدل الانساني ، والجدل الانساني لا تعوزه صيغة، اذا حلت صيغة وضع صيغة أخرى مكانها، ليس من الصحيح ان نطوق كل التناقضات في التناقض الطبقي ، في التناقض بين من يملك ومن لا يملك، فاذا حللنا هذا التناقض قلنا : بأن التناقضات كلها قد حلت.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|