أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2014
1695
التاريخ: 15-02-2015
1711
التاريخ: 25-11-2014
1542
التاريخ: 24-11-2015
2754
|
مهمتان كلف بها الإنسان في الأرض - الخلافة والعمارة - ومسئولية الخلافة في الأرض مهمة صعبة رفضتها مخلوقات أخرى لثقلها، وتحملها الإنسان فترتبت عليها عمارة الأرض واستصلاحها دون الفساد فيها، باعتباره هو الذي يسكنها ، فسبحانه حمّل الإنسان مسئولية الخلافة { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة : 30] وحمّله مسئولية الأرض وعمارتها حيث جعلها له بقوله تعالى : {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} [الرحمن : 10] . فما عليه إلا أن يحوّل تلك الخامات والثروات الطبيعية إلى قدرات متطورة تتماشى وحياة الإنسان.
ولعل بناء الحضارة لا يقوم إلا على أساس الإنسان الخليفة وفق مسئوليته المناط بها لعمارة الأرض، القائمة على قيم اللّه التي بعثها له عبر أنبيائه. وأهم ما في بناء الحضارة هي القيم المعنوية لا المادية، لان الامتداد الزمني الذي تتشكل منه الحضارة لكي تبقى عبر أجيالها المتعاقبة بالقيم المعنوية حتى لو كانت هناك تعثرات واعوجاج في الأمة، أو انحراف في مسيرتها، فان القيم هي التي تصحح هذا المسار بفعل رجالات الأمة العاملين لها وفيها.
وحضارة المادة ليس لها امتداد زمني فهي حضارة وقت، تزول بزوال المادة، وتنتهي عند ذلك الحد كي يتغنى بها التاريخ ضمن ذكرياته.
ولعل الفارق بين حضارة المادة وحضارة القيم يكمن في زوال الأولى وبقاء الثانية.
ويضرب لنا القرآن أروع الأمثلة وأحسن القصص حينما يتحدث عن قوم لوط الذين هدموا حضارتهم بأيديهم بوضع بذور فنائها في أرضهم.
إن رفض الإنسان لقيم السماء واللجوء إلى قيم الأرض المادية يعني الانهيار حتما، والدمار الكامل الذي يؤدي بنهاية الحضارة.
وقد صرح القرآن الكريم ببيان العوامل التي أدّت إلى انهيار هذه الحضارة، فقال سبحانه وتعالى : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ } [العنكبوت : 28، 29]
الانسياق وراء الشهوات، والانحطاط الخلقي، والشذوذ الجنسي، وممارسة الظلم ضد الضعفاء في المجتمع، والاعتداء على الناس، والسطو على ممتلكاتهم، والتجاهر بالمعاصي والمنكرات علنا وبشكل مكشوف، كل تلك كانت عوامل أدّت إلى انهيار حضارتهم.
ويتطرق القرآن إلى حضارة شعيب حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [هود : 84 ،85] .
هؤلاء قوم عاشوا بعد قوم لوط فلم يعتبروا منهم، فقد دعاهم شعيب إلى قيم اللّه وإلى عبادته، لكنهم رفضوا واتجهوا إلى عبادة المصالح، وابتزاز أموال الفقراء بعدم الوفاء بالكيل والميزان، وعدم تطبيق العدل، وانتهاك الحقوق، وعدم الالتزام بمسئوليات الإصلاح الاجتماعي.
ومن هذا نفهم أن محور الحضارة الإلهية هو عقيدة التوحيد والقيم الإيمانية التي دعا إليها الأنبياء، فهذه القيم هي نفسها كانت محورا للحضارة الإسلامية التي دعا إليها النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم).
فاستبدال هذه القيم الإلهية بقيم أرضية، ومفاهيم بعيدة عن السماء يعني الانحراف ثم الانهيار. إذا مسئولية الخلافة في الأرض ما هي إلا تكليف من السماء لهذا الإنسان للحفاظ على هذه القيم التي بها يتم عمارة الأرض، واستصلاحها، وبناء الحضارة الراقية القائمة على أساس الإيمان لا المادة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|