إن مسألة عصمة الانبياء تتنافى مع القرآن الكريم في عدة آيات كما في خروج آدم من الجنة ، فكيف يمكن التوفيق بينهما ؟ |
2389
10:58 صباحاً
التاريخ: 6-9-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2020
1389
التاريخ: 2023-08-31
1331
التاريخ: 2023-08-23
1442
التاريخ: 2023-08-06
995
|
السؤال : إنّني من المعتقدين بعصمة الأنبياء عليهم السلام ، ولكن المرء يجد في القرآن الكريم عدّة آيات لا يجد لها تفسيراً واضحاً للردّ على الشبهات ، ومن بينها مسألة خروج آدم عليه السلام من الجنّة ، فإن كان غير مكلّف في الجنّة ـ كما جاء في تفسيركم ـ فالحال يشمل إبليس عليه اللعنة ، إذ أنّه خالف الله في مسألة السجود لآدم فلعنه الله.
أمّا فيما يخصّ اصطفاء آدم ، فما هو تفسير الآية : {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ...} [فاطر: 32].
الجواب : إنّ موضوع عصمة الأنبياء عليهم السلام يعتمد على أدلّة عقلية ونقلية ثابتة ومسلّمة ـ كما ذكر في محلّه ـ ومع النظر إلى هذه الأدلّة نعرف أنّها لا تعتمد في إثباتها على أمثلة وشواهد ، أي أنّها مستقلّة عنها ، وبعبارة أُخرى : لا يستفاد في إثبات أدلّة العصمة من القياس التمثيلي.
وعليه ، فلا ترد عليها ـ أي العصمة ـ نقوض من باب الموارد والأمثلة ، بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلّة العصمة ، فإنّه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي ، وهذا ممّا يدلّ عليه الوجدان بالضرورة.
وممّا ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم عليه السلام ، فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به عليه السلام بعد الفراغ والتسليم لعصمته ، فلا معنى لورود النقض عليها ، هذا أوّلاً.
وثانياً : عدم تكليف آدم عليه السلام في الجنّة هو أحد الآراء في المسألة ، وهناك أقوال أُخرى ، وعلى سبيل المثال يرى بعضهم : أنّ النهي المتوجّه لآدم عليه السلام من قبل الله تعالى كان نهياً إرشادياً لا مولوياً ، ومعناه عدم صدور معصية منه عليه السلام في صورة ارتكابه للمنهي ، بل مجرد تعرّضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً ، وهذا ما قد حدث ، فإنّه عليه السلام قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة ، بعدما كان قد تنعّم في الجنّة بدون تعب ومشقّة.
وأمّا إبليس ، فإنّه كان مكلّفاً بالأوامر والنواهي التكليفية ، كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ، ومؤاخذته من قبل الله تعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر.
فبالنتيجة : كان إبليس في عالم التكليف ، بخلاف آدم عليه السلام الذي لم يتوجّه إليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ أو كان الأمر المتوجّه إليه إرشادياً ، أو أنّه عليه السلام كان قد ترك الأولى والأفضل.
وبالجملة : فصدور المعصية من إبليس أمر مسلّم ، لمخالفته الصريحة في مسألة السجود ، لكن الذي صدر من آدم عليه السلام لم تكن مخالفة مولوية ، بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله تعالى.
وأمّا بالنسبة لتفسير آية : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ } [فاطر: 32] فملخّص القول فيه :
أوّلاً : إنّ الكتاب المذكور هو القرآن ، بدليل أنّ الآية السابقة تصرّح بهذا المطلب : {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} [فاطر: 31] ، فبدلالة السياق نعرف أنّ المقصود هو القرآن ، فاللام في ( الْكِتَابِ ) للعهد دون الجنس.
ثانياً : اصطفاء آدم عليه السلام ثابت بحسب النصّ القرآني : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} [آل عمران: 33].
ثالثاً : هذا الاصطفاء كان بعد هبوط آدم عليه السلام وتوبته ، وجعله خليفة الله في الأرض ، لا عند إسكانه في تلك الجنّة المعيّنة ، أو عند أكله للشجرة الممنوعة.
رابعاً : الضمير في ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ ) فيه احتمالان :
الأوّل : أن يرجع إلى ( عِبَادِنَا ) باعتبار قاعدة رجوع الضمير إلى الأقرب ، وعليه فالمعنى يكون واضحاً بلا شكّ وريب ، إذ لا يكون الظالم ـ حينئذٍ ـ مشمولاً للاصطفاء.
الثاني : أن يرجع إلى ( الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا ) ، ولا مانع منه وتصحّ هذه النسبة ـ نسبة الوراثة ـ إلى الكلّ مع قيام البعض بها حقيقةً ، كما جاء في القرآن {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} [غافر: 53] ، والحال نعلم أنّ المؤدّين لحقّ الكتاب والقائمين بأمره آنذاك بعض بني إسرائيل لا جميعهم.
خامساً : كما ذكرنا في مقدّمة الجواب ، فإنّ ظلم آدم عليه السلام لنفسه لم يكن ظلماً تشريعياً ، أي لم يخالف الله تعالى في أمر تكليفي مولوي يستحقّ العقاب والمؤاخذة ، بل ظلم نفسه بإلقائها في المتاعب والمشاكل الدنيوية ، وإن استدركه بالتوبة والاستغفار والإنابة.
سادساً : الظاهر من الآية المذكورة : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ... ) أنّها بصدد تعريف المصطفين بعد النبيّ صلى الله عليه واله ، بدلالة سبقها بآية {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ...} [فاطر: 31] ، وبقرينة الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام ، فلا تشمل المصطفين من الأُمم السابقة ، وإن سلّمنا باصطفائهم بأدلّة عقلية ونقلية أُخرى.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
البحرين تفوز بجائزة أفضل وجهة للمعارض والمؤتمرات
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|