المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

زواج «رعمسيس» وبنت رئيس (بختان)
2024-07-31
الوجه الاعجازي في سورة المسد
23-11-2014
Productivity in compounding
2024-02-05
المنازل الثلاثة للرحمة
2024-09-06
أسباب التغيرات المناخية - التغيرات المناخية بسبب النشاط البشري
19-8-2019
كيمياء النحاس ومعقداته
2024-07-18


تفسير الاية (49-52) من سورة الأسراء  
  
7720   06:52 مساءً   التاريخ: 19-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الإسراء /

 

قال تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوحَدِيدًا (50) أَوخَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُو قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا } [الإسراء: 49-52]

_______________

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لما تقدم ذكر البعث والنشور حكى سبحانه عن الكفار ما قالوا في إنكاره فقال:{ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} أي: غبارا عن ابن عباس وقيل: ترابا عن مجاهد { أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} والمعنى: قال المنكرون للبعث: إنا إذا متنا وانتثرت لحومنا وصرنا عظاما وترابا أ نبعث بعد ذلك خلقا جديدا أي: متجددا وهو إنكار في صورة الاستفهام { قل } يا محمد لهم { كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} أي: اجهدوا في أن لا تعادوا وكونوا إن استطعتم حجارة في القوة أوحديدا في الشدة.

 { أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} أي: خلقا هو أعظم من ذلك عندكم وأصعب فإنكم لا تفوتون الله تعالى وسيحييكم بعد الموت وينشركم إلا أن الكلام خرج مخرج الأمر لأنه أبلغ في الإلزام وقيل يعني بقوله: ما يكبر في صدوركم الموت عن ابن عباس وسعيد بن جبير أي: لو كنتم الموت لأماتكم الله تعالى وليس شيء أكبر في صدور بني آدم من الموت وقيل: يعني به السماوات والأرض والجبال عن مجاهد { فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} معناه: فإنك إذا قلت لهم ذلك سيقولون لك من يحيينا بعد الموت؟ قل يا محمد: يحييكم من خلقكم أول مرة فإن من قدر على ابتداء الشيء كان على إعادته أقدر ما لم تبطل قدرته ولم يتغير فإن ابتداء الشيء أصعب من إعادته وإنما قال ذلك لهم لأنهم كانوا يقرون بالنشأة الأولى.

 { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} أي: فسيحركون إليك رءوسهم تحريك المستهزىء المستخف المستبطىء لما تنذرهم به { ويقولون متى هو} أي: متى يكون البعث { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} لأن ما هو آت قريب ومن كلام الحسن كأنك بالدنيا لم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} معناه: عسى أن يكون بعثكم قريبا أيها المشركون يوم يدعوكم من قبوركم إلى الموقف على ألسنة الملائكة وذلك عند النفخة الثانية فيقولون أيتها العظام النخرة والجلود البالية عودي كما كنت فتستجيبون مضطرين بحمده أي: حامدين لله على نعمه وأنتم موحدون وهذا كما يقول القائل جاء فلان بغضبه أي: جاء غضبان وقيل: معنى تستجيبون بحمده أنكم تستجيبون معترفين بأن الحمد لله على نعمه لا تنكرونه لأن المعارف هناك ضرورية قال سعيد بن جبير يخرجون من قبورهم يقولون سبحانه وبحمدك ولا ينفعهم في ذلك اليوم لأنهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد { وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} أي: وتظنون أنكم لم تلبثوا في الدنيا إلا قليلا لسرعة انقلاب الدنيا إلى الآخرة قال الحسن وقتادة استقصروا مدة لبثهم في الدنيا لما يعلمون من طول لبثهم في الآخرة ومن المفسرين من يذهب إلى أن هذه الآية خطاب للمؤمنين لأنهم الذين يستجيبون الله بحمده ويحمدونه على إحسانه إليهم ويستقلون مدة لبثهم في البرزخ لكونهم في قبورهم منعمين غير معذبين وأيام السرور والرخاء قصار .

______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص258-260.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } . هذه هي حجة من ارتاب بالبعث قديما وحديثا : كيف يعود الإنسان إلى الحياة بعد ان يصبح هباء منثورا ؟ . والجواب هو: من قدر على خلق الشيء وإيجاده فبالأولى ان يقدر على جمعه بعد تفرقه . وقد ذكر سبحانه شبهة المنكرين هذه ، وجوابها هذا في العديد من الآيات ، بعبارات شتى ، منها الآية 78 من يس : { قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُو بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } .

وتكلمنا عن ذلك مفصلا في ج 1 ص 77 وج 2 ص 396 وج 4 عند تفسير الآية 5 من الرعد ، فقرة { الماديون والحياة بعد الموت } .

{ قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوحَدِيداً أَوخَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } . يقول سبحانه لمنكري البعث : لوكنتم حجارة أوحديدا ، أوما هو أكبر عندكم من ذلك - لخلقنا منكم إنسانا حيا مثلكم ، ومن يخلق من الحجارة والحديد ومما هو أصلب وأصعب إنسانا حيا فبالأولى ان يعيد الحي بعد موته إلى ما كان عليه من قبل ، لأن جمع الشيء بعد تفرق اجزائه أيسر من أن يخلق منه طبيعة جديدة مباينة لطبيعته الأولى . . واختصارا ان احياء الإنسان بعد موته أيسر من جعل الحديد إنسانا ، فمن قدر على هذا فبالأولى ان يقدر على ذاك .

{ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا } إلى الحياة بعد ان نصبح هباء منثورا ؟ . وهذا السؤال يحمل جوابه معه وهو{ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . فالمعيد هو المبدئ ، ونسبة البدء والإعادة إليه واحدة ، بل الإعادة بطبعها أيسر لأنها إرجاع ما كان إلى ما كان ، اما البدء فخلق وإيجاد . . نقول هذا مع علمنا بأن اللَّه يخلق القليل والكثير ، والعظيم والحقير بكلمة { كن فيكون } .

{ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ } يحركونها استهزاء وتكذيبا { ويَقُولُونَ مَتى هُو} هذا البعث ؟ . ومرادهم من السؤال الاستبعاد والاستنكار { قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً } والمراد بالقرب هنا التحقق والوقوع لأن كل آت قريب .

{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } . المراد باليوم يوم البعث ، وبالدعاء النفخ في الصور والاستجابة هنا كناية عن خروجهم من القبور ، وبحمده أي طائعين منقادين : { ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ - 51 يس { وتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً } حين يخرج الناس من القبور يظنون أنهم ما أقاموا في دار الدنيا إلا يوما أوبعض يوم : { قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوبَعْضَ يَوْمٍ } - 113 المؤمنون .

------------------------------

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 52-53.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} قال في المجمع،: الرفات ما تكسر وبلي من كل شيء، ويكثر بناء فعال في كل ما يحطم ويرضض يقال: حطام ودقاق وتراب وقال المبرد: كل شيء مدقوق مبالغ في دقه حتى انسحق فهورفات. انتهى.

في الآية مضي في بيان عدم فقههم بمعارف القرآن حيث استبعدوا البعث وهومن أهم ما يثبته القرآن وأوضح ما قامت عليه الحجج من طريق الوحي والعقل حتى وصفه الله في مواضع من كلامه بأنه{لا ريب فيه} وليس لهم حجة على نفيه غير أنهم استبعدوه استبعادا.

ومن أعظم ما يزين في قلوبهم هذا الاستبعاد زعمهم أن الموت فناء للإنسان ومن المستبعد أن يتكون الشيء عن عدم بحت كما قالوا: أ إذا كنا عظاما ورفاتا بفساد أبداننا عن الموت حتى إذا لم يبق منها إلا العظام ثم رمت العظام وصارت رفاتا أإنا لفي خلق جديد نعود أناسي كما كنا؟ ذلك رجع بعيد ولذلك رده سبحانه إليهم بتذكيرهم القدرة المطلقة والخلق الأول كما سيأتي.

قوله تعالى:{ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} جواب عن استبعادهم، وقد عبروا في كلامهم بقولهم:{أإذا كنا} فأمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمرهم أمر تسخير أن يكونوا حجارة أوحديدا{إلخ} مما تبديله إلى الإنسان أبعد وأصعب عندهم من تبديل العظام الرفات إليه.

فيكون إشارة إلى أن القدرة المطلقة الإلهية لا يشقها شيء تريد تجديد خلقه سواء أكان عظاما ورفاتا أوحجارة أوحديدا أوغير ذلك.

والمعنى: قل لهم ليكونوا شيئا أشد من العظام والرفات حجارة أوحديدا أو مخلوقا آخر من الأشياء التي تكبر في صدورهم ويبالغون في استبعاد أن يخلق منه الإنسان - فليكونوا ما شاءوا فإن الله سيعيد إليهم خلقهم الأول ويبعثهم.

قوله تعالى:{ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي فإذا أجبت عن استبعادهم بأنهم مبعوثون أياما كانوا وإلى أي حال وصفة تحولوا سيسألونك ويقولون من يعيدنا إلى ما كنا عليه من الخلقة الإنسانية؟ فاذكر لهم الله سبحانه وذكرهم من وصفه بما لا يبقى معه لاستبعادهم محل وهو فطره إياهم أول مرة ولم يكونوا شيئا وقل: يعيدكم الذي خلقكم أول مرة.

ففي تبديل لفظ الجلالة من قوله:{ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} إثبات الإمكان ورفع الاستبعاد بإراءة المثل.

قوله تعالى:{ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} قال الراغب: الإنغاض تحريك الرأس نحوالغير كالمتعجب منه. انتهى.

والمعنى: فإذا قرعتهم بالحجة وذكرتهم بقدرة الله على كل شيء وفطرة إياهم أول مرة وجدتهم يحركون إليك رءوسهم تحريك المستهزىء المستخف بك المستهين له ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا فإنه لا سبيل إلى العلم به وهو من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله لكن وصف اليوم معلوم بإعلامه تعالى ولذا وصفه لهم واضعا الصفة مكان الوقت فقال: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده، الآية.

قوله تعالى:{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}{يوم} منصوب بفعل مضمر أي تبعثون يوم كذا وكذا والدعوة هي أمره تعالى لهم أن يقوموا ليوم الجزاء واستجابتهم هي قبولهم الدعوة الإلهية، وقوله:{بحمده} حال من فاعل تستجيبون والتقدير تستجيبون متلبسين بحمده أي حامدين له تعدون البعث والإعادة منه فعلا جميلا يحمد فاعله ويثنى عليه لأن الحقائق تنكشف لكم اليوم فيتبين لكم أن من الواجب في الحكمة الإلهية أن يبعث الناس للجزاء وأن تكون بعد الأولى أخرى.

وقوله:{ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} أي تزعمون يوم البعث أنكم لم تلبثوا في القبور بعد الموت إلا زمانا قليلا وترون أن اليوم كان قريبا منكم جدا.

وقد صدقهم الله في هذه المزعمة وأن خطأهم فيما ضربوا له من المدة قال تعالى:{ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}: المؤمنون، 114، وقال:{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ}: الروم: 56 إلى غير ذلك من الآيات.

وفي التعرض لقوله:{ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} تعريض لهم في استبطائهم اليوم واستهزائهم به، وتأييد لما مر من رجاء قربه في قوله:{ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} أي وأنكم ستعدونه قريبا، وكذا في قوله:{ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} تعريض لهم في استهزائهم به وتعجبهم منه أي وأنكم ستحمدونه يوم البعث وأنتم اليوم تستبعدونه وتستهزءون بأمره.

__________________

1- - تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص93-95.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

حتمية البعثْ وَيوم الحساب

الآيات السابقة تحدَّثت عن التوحيد وَحاربت الشرك، أمّا الآيات التي نبحثها الآن فتتحدّث عن المعاد والذي يعتبر مكملا للتوحيد.

لقد قُلنا سابقاً: إِنَّ أهم العقائد الإِسلامية تتمثل في الاعتقاد بالمبدأ والمعاد، والإِعتقاد بهَذين الأصلين يربيّان الإِنسان عملياً وأخلاقياً، وَيصدّانه عن الذنوب وَيدعوانه لأداء مسؤولياته وَيرشدَانه إِلى طريق التكامل.

الآيات التي نحنُ بصددها أجابت على ثلاثة أسئلة ـ أوشكوك ـ يُثيرها مُنكروالمعاد، ففي البداية تحكي الآيات على لسان المنكرين استفهامهم: {قالوا ءِإِذا كنّا عظاماً وَرُفاً ءَإِنَّا لمبعوثون خلقاً جديداً}(2). يقول هؤلاء: هل يُمكن أن تجتمع هَذِهِ العظام المتلاشية الداثرة المتناثرة في كل مكان؟ وهل يمكن أن تُعَاد لها الحياة مرّة أُخرى؟!. ثمّ أين هَذِهِ العظام النخرة المتناثرة في كل حدب وَصوب مِن هَذا الإِنسان الحي القوي العاقل؟

إِنَّ التعبير القرآني في هذه الآية الكريمة يدلل على أنَّ الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كانَ يبيّن في دعوته (المعاد الجسماني) بعد موت الإِنسان، إِذ لوكانَ الكلام عن معاد الروح فقط، لم يكن ثمّةَ سبب لإِيراد مِثل هَذِهِ الإِشكالات مِن قبل المعارضيين والمنكرين.

القرآن في إجابته على هؤلاء يبيّن أنَّ قضية بعث عظام الإِنسان سهلة وممكنة، بل وأكثر من ذلك، فحتى لو كنتم حجارة أوحديداً: {قل كونوا حجارة أوحديداً} وحتى لوكنتم أشدّ من الحجر والحديد وأبعد منهما من الحياة: {أوخلقاً ممّا يكبر في صدوركم} فإنَّ البعث سيكون مصيركم.

مِن الواضح أنَّ العظام بعد أن تندثر وَتتلاشى تتحول إِلى تُراب، والتراب فيه دائماً آثار الحياة، إِذ النباتات تنموفي التربة، والأحياء تنموفي التراب، وأصل خلقه الإنسان هي من التراب، وَهذَا كلام مُختصر على أنَّ التراب هو أساس الحياة.

أمّا الحجارة أوالحديد أوما هو أكبر مِنهما تحدّى بِهِ القرآن مُنكرِى المعاد، فإنَّ كل هَذِهِ أُمور بينها وَبين الحياة بونٌ شاسع، إذ لا يمكن للنبات مثلا أن ينبت في الحديد أو الضحور أمّا القرآن فيبيّن أن لا فرق عِند الخالق جلَّ وَعلا، مِن أي مادة كنتم، إذ أنّ عودتكم إِلى الحياة بعد الموت تبقى ممكنة، بل وَهي المصير الذي لابدَّ وأن تنتهون إِليه.

إِنَّ الأحجار تتلاشى وَتتحول إِلى تراب، وأصل الحياة ينبع مِن هَذا التراب. الحديد هو الآخر يتلاشى وَيتفاعل مَع باقي الموجودات على الكرة الأرضية ليدخل في أصل مادتها وَفي تركيبها الترابي الذي هو أيضاً أصل الحياة الذي تنبع مِن داخله وَمِن مادته الموجودات الحيَّة. وَهكذا تحتوي جميع موجودات الكرة الأرضية بما فيها الإِنسان، في بنائها وَتركيبها على خليط مِن الفلزات واللافلزات. وَهَذا التحوُّل والتغيُّر في حركة الموجودات، دَليل على أنَّ جميع مخلوقات عالم الوجود لها قابلية التحوُّل إِلى موجود حَيّ باختلاف واحد يقع في الدرجة والمرحلة، إِذ بعضها يكون في مرتبة أقرب إِلى الحياة مِثل التراب، بينما بعضها الآخر يكون في مرتبة أبعد مِثل الحجارة والحديد.

السؤال التشكيكي الآخر الذي يُثيره مُنكروالمعاد هو: إِذا سلَّمنا بأنَّ هَذِهِ العظام المُندثرة المتلاشية يُمكن أن تَعود إِلى الحياة، فمن يستطيع أن يقوم بهَذا الأمر; وَمَن الذي لهُ قدرة القيام بهَذِهِ العملية المعقَّدة للغاية؟

هَذا السؤال تصوغه الآية بالقول على لسان المنكرين: {فسيقولون مَن يُعيدنا} القرآن يجيب على هَذا السؤال حيث يقول: {قل الذي فطركم أوَّل مَرَّة}. إذا كانَ شككم في (القابلية) فقد كنتم تراباً في أوّل الأمر، فما المانع أن تصيرون تراباً، ثمّ يعيدكم مَرَّةً أُخرى إِلى الحياة مِن نفس التراب؟!

وإِذا كان شككم في (الفاعلية) فإنَّ الخالق الذي خلقكم في البداية مِن تراب يستطيع مرّة أُخرى أن يكرِّر هَذا العمل لأنَّ: {حكم الأمثال فيما يجوز وَفيما لا يجوز سواء}.

بعد الإنتهاء مِن الشك الأوّل والثّاني الذي يطلقهُ المنكرون للمعاد، تنتقل الآيات إِلى الشك الثّالث الذي تصوغُهُ على لسانهم بِهَذا السؤال: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ}.

{سينغضون} مشتقّة مِن مادة {إنغاض} بمعنى مدّ الرأس نحوالطرف المقابل بسبب التعجُّب.

ما يقصده هؤلاء مِن سؤالهم ـ في الواقع ـ هو قولهم: لواعترفنا بقدرة الخالق على إعادة بعث الإِنسان مِن التراب مِن جديد، فإنَّ هذا يبقى مجرّد وَعد لا ندري مَتى يتحقق، إِذا كانَ سيحصل هَذا في آلاف أوملايين السنين القادمة فما تأثيره في يومنا هَذا ... إِنَّ المهم أن نتحدَّث عن الحاضر لا عن المستقبل!!

ويجيب القرآن بقوله: { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} إِن يوم المعاد ـ طبعاً ـ قريب، لأنَّ عمر العالم والحياة على الأرض، مهما طالت، فإنّها في قبال الحياة الأبدية تعتبر لا شيء، إذ هي مجرّد لحظات سريعة وَعابرة وسرعان ما تنتهي.

إضافة إِلى ذلك، فإِنَّ القيامة إِذا كانت في تصوراتنا المحدودة بعيدة فإنَّ مقدمة القيامة والتي هي الموت، تعتبر قريبة منّا جميعاً، لأنَّ الموت هو القيامة الصغرى (إذا ماتَ الإِنسان قامت قيامته)، صحيح أنَّ الموت لا يمثل القيامة الكبرى، وَلكنَّه علامة عليها ومذكّر بها.

كما إنَّ استخدام كلمة {عسى} في الآية الشريفة هو إشارة إِلى أنَّ لا أحد يعرف ـ وَبدقة ـ متى تقوم القيامة؟ حتى شخص الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وَهَذا الأمر هو مِن أسرار الكون والخليفة التي لا يعلمها سوى الله تبارك وتعالى.

في الآية التي بعدها إشارة إِلى بعض خصوصيات القيامة في قوله تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} أي إن بعثكم يكون يوم يدعوكم من القبور فتمتثلون لأمره طوعاً أوكرهاً، والآية ـ بالطبع ـ تتحدث عن خصوصية يوم القيامة لا عن موعد القيامة.

في ذلك اليوم ستظنون أنّكم لبتثم قليلا في عالم ما بعد الموت (البرزخ) وَهو قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} إِنَّ هذا الإِحساس سيطغى على الإِنسان في يوم القيامة، وَهو يظن أنَّهُ لم يلبث في عالم البرزخ إِلاَّ قليلا، بالرغم مِن طول الفترة التي قضاها هُناك، وَهَذِهِ إشارة إِلى أنَّ حياة البرزخ لا تعتبر في مدتها شيئاً في قبال عالم الخلود الاُخروي.

بعض المفسّرين يحتمل أنَّ الغرض مِن الآية هو الإشارة إِلى حياةِ الإِنسان في الدنيا، والمعنى أنَّ الإِنسان سيدرك في يوم القيامة أنَّ الحياة الدنيوية لم تكن إِلاَّ وَقفة، أويوم، بل وَساعات قصار سريعة الزوال في مقابل الحياة الآخر الأبدية.

________________

1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص316-319.

2 ـ {رُفات} على وزن {كُرات} وهو معنى يطلق على كلِّ شيء قديم وَمُتلاش.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .