أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2015
2185
التاريخ: 8-10-2014
1511
التاريخ: 5-05-2015
1262
التاريخ: 28-01-2015
1602
|
قال تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 74، 75]
تبحث هذه الآيات التي تُختتم بها سورة الأنفال ـ وتُعدّ آخر فصل من فصولها ـ عن طوائف المهاجرين والأنصار والطوائف الأُخرى من المسلمين وبيان قيمة هؤلاء جميعاً، فتعطي كل طائفة قيمة، وتستكمل ما تناولته الآيات السابقة في شأن الجهاد والمجاهدين.
وبتعبير آخر: إنّ هذه الآيات عالجت نظام المجتمع الإِسلامي من حيث العلائق المختلفة، لأنّ خطة الحرب وخطة الصلح كسائر الخطط والمناهج العامّة، لا يمكن أن يتمّ أيّ منها دون تكوين علاقة إجتماعية صحيحة، وأخذها بنظر الإِعتبار.
وقد تناولت هذه الآيات خمس طوائف، أربع منها من المسلمين، وواحدة من غير المسلمين، والطوائف الأربع هي:
1 ـ المهاجرون السابقون.
2 ـ الأنصار في المدينة.
3 ـ المؤمنون الذين لم يهاجروا.
4 ـ الذين آمنوا من بعدُ وهاجروا.
فتقول الآية الأُولى من الآيات محل البحث {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72].
فقد أُشير في هذا القسم من الآية إِلى الطائفتين، الأُولى والثّانية
[المهاجرون، والأنصار] أي الذين آمنوا في مكّة ثمّ هاجروا منها إِلى المدينة، والذين آمنوا في المدينة ثمّ آزروا النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ونصروه ودافعوا عنه وعن المهاجرين، وقد وصفتهم الآية بأنّهم بعضهم أولياء بعض، وبعضهم حماة بعض. والذي يسترعي النظر أنّ الآية وصفت الطائفة الأُولى بأربع صفات هي: الإِيمان، والهجرة والجهاد المالي والإِقتصادي «وذلك عن طريق الإِعراض عن أموالهم في مكّة، وما بذلوه من أموال في غزوة بدر»، والصفة الرّابعة جهادهم بأنفسهم ودمائهم وأرواحهم.
أمّا الأنصار فقد وصفتهم الآية بصفتين هما: الإِيواء، والنصرة.
وقد جعلت هذه الآية الجميع مسؤولين بعضهم عن بعض، ويتعهد كلّ بصاحبه بقولها (بعضهم أولياء بعض).
فهاتان الطائفتان ـ في الحقيقة ـ كانتا تمثلان مجموعتين متلازمتين لا يمكن لأحدهما الإِستغناء عن الأخرى، إذ منهما يتكون نسيج المجتمع الإِسلامي، فهما بمثابة «المغزل والخيط».
ثمّ تشير الآية إِلى الطائفة الثّالثة فتقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } [الأنفال: 72].
ثمّ استثنت في الجملة التي بعدها مسؤولية واحدة فحسب، وأثبتتها في شأن هذه الطائفة، فقالت: (وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ... إلاّ علي قوم بينكم وبينهم ميثاق).
وبتعبير آخر: يلزم الدفاع عن أُولئك في صورة ما لو أصبحوا قبال عدوّ مشترك، أمّا إذا واجهوا كفاراً بينكم وبينهم عهد وميثاق، فإنّه يجب الوفاء بالعهد والميثاق، وهي مقدمة على الدفاع في هذه الصورة.
وحضّت الآية على رعاية العهود والمواثيق والدقة في أداء هذه المسؤولية، ومنبهة إِلى علم الله بكل الأمور، فقالت: (والله بما تعملون بصير).
فهو يرى جميع أعمالكم ويطلع على ما تفعلون من جهاد، أو أداء للوظيفة الملقاة على عاتقكم، أو إحساس بالمسؤولية، كما يعلم بمن لم يعتنِ بالأمر، وكذلك بالوهن والضعف وعدم الإِحساس بالمسؤولية إزاء هذه الوظائف الكبيرة. أمّا الآية الثّانية فتشير إلى النقطة المقابلة للمجتمع الإِسلامي، أي مجتمع الكفر وأعداء الإسلام، فتقول: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض).
أي أنّ علاقاتهم منحصرة فيما بينهم، ولا يحق لكم أن تتعاهدوا معهم، أو تحاموا عنهم، أو تطلبوا منهم النصرة لأنفسكم، أو تلجؤوهم وتؤووهم إليكم، أو تأووا وتلتجئوا إليهم.
وبعبارة موجِزَة: لا يحق للكفار أن يدخلوا في نسيج المجتمع الإِسلامي، ولا يحق للمسلمين أن يدخلوا في نسيج الكفار.
ثمّ تنبه الآية المسلمين وتحذرهم من مخالفة هذا التعليم، فتقول: (إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
وأي فتنة وفساد أكبر من تهميش انتصاركم، وسريان دسائس الأعداء في مجتمعكم، وتخطيطهم لهدم دينكم دين الحق والعدل.
أمّا في الآية التالية فنجد تأكيداً على مقام المهاجرين والأنصار مرّة أُخرى، وما لهما من موقع وأثر في تحقق أهداف المجتمع الإِسلامي، فتثني عليهم الآية بقولها: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أُولئك هم المؤمنون حقّاً).
لأنّهم هبوا لنصرة الإِسلام في الأيام الصعبة الشديدة وفي الغربة والمحنة وقد اشترك كل فرد منهم بنوع من النصرة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (لهم مغفرة ورزق كريم).
فهم فائزون بثواب الله والنعمة الأخروية، كما أنّهم يتمتعون في هذه الدنيا بالعزة ورفعة الرأس والكرامة.
أمّا الآية الأخيرة فتشير إِلى الطائفة الرّابعة من المسلمين، أي أُولئك الذين آمنوا وهاجروا من بعد، فتقول: (والذين آمنوا من بعدُ وهاجروا وجاهدوا معكم فأُولئك منكم).
أي أنّ المجتمع الإِسلامي ليس مجتمعاً منغلقاً ومحصوراً على نفسه ،بل أبوابه مفتوحة لجميع المؤمنين والمهاجرين والمجاهدين، وإن كان للمهاجرين الأوائل مقام خاص ومنزلة كريمة، إلاّ أن ذلك لا يعني أن المؤمنين الجدد والمهاجرين في المستقبل لا يعدّون جزءاً من المجتمع الإِسلامي ولا يكونون من نسيجه.
وتشير الآية في ختامها إِلى ولاية الأرحام بعضهم لبعض، وأوليتها فيما جعله الله في عبادة من أحكام، فتقول: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).
وفي الحقيقة فإنّ الآيات السابقة تتكلم عن ولاية المؤمنين والمسلمين العامّة «بعضهم إِلى بعض» أمّا هذه الآية محل البحث فتؤكّد هذا الموضوع في شأن الأرحام والأقارب، فهم إضافة إِلى ولاية الإِيمان والهجرة يتمتعون بولاية الأرحام أيضاً، ومن هنا فهم يرثون ويورثون بعضهم بعضاً، إلاّ أنّه لا إرث بين غيرهم من المؤمنين الذين لا علاقة قربى بينهم.
فبناءً على ذلك فإنّ الآية الأخيرة لا تتكلم عن الإِرث، بل تتكلم عن موضوع واسع من ضمنه موضوع الإِرث.
وإذا وجدنا في الرّوايات الإِسلامية، وفي الكتب الفقهية، استدلالا بهذه الآية والآية المشابهة لها في سورة الأحزاب على الإِرث، فلا يعني ذلك أن الآي الذي استُدل به على الإِرث منحصر بهذا الشأن فحسب، بل توضح قانوناً كليّاً، والإِرث جزء منه. ولهذا نجد أنّه استُدل بهذه الآية محل البحث على موضوع خلافة النّبي مع أنّها غير داخلة في موضوع الإِرث المالي.
واستُدل بها على أولوية غسل الميت، كما صّرحت به الرّوايات الإِسلامية.
وبملاحظة ما ذكرناه آنفاً يتّضح أنّه لا دليل على ما أصر عليه جماعة من المفسّرين على انحصار هذه الآية بمسألة الإرث، وإذا أردنا أن نختار مثل هذا التّفسير فإنّ السبيل الوحيد له أن نعده مستثنياً الإِرث من الولاية المطلقة، التي بيّنتها الآيات السابقة لعامّة المهاجرين والأنصار، فنقول: إنّ الآية الأخيرة تقول بأنّ ولاية المسلمين العامّة بعضهم لبعض لا تشمل الإِرث.
وأمّا الإِحتمال بأنّ الآيات السابقة تشمل الإِرث أيضاً ثمّ نسخت الآية الأخيرة هذا الحكم منها، فيبدو بعيداً جدّاً، لأنّ الترابط في المفهوم بين هذه الآيات جميعاً من الناحية المعنوية، بل حتى التشابه اللفظي، كل ذلك يدل على أنّ الآيات نزلت معاً في وقت واحد. وبهذا لا يمكن القول بالتناسخ بين هذه الآيات.
وعلى كل حال فإنّ التّفسير الأكثر تناسباً لهذه الآيات هو ما بيناه آنفاً.
وفي آخر جملة من هذه الآية ـ التي هي آخر جملة من سورة الأنفال أيضاً ـ يقول الله سبحانه: (إنّ الله بكل شيء عليم).
فما نزل في هذه السّورة من أحكام تتعلق بالأنفال وغنائم الحرب، وتعاليم الجهاد والصلح، وأحكام الأسرى والحرب، وما يتعلق بالهجرة وغيرها، كل ذلك كان وفق حساب دقيق يتلاءم وروح المجتمع الإِنساني، والعواطف والبشرية، والمصالح العامّة في جميع جوانبها المختلفة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|