المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28

تصنيع المادة الإعلامية
10-1-2022
الاستيلين
2023-08-14
Aminopenicillins
27-3-2016
تفسير الآية (6-8) من سورة الزمر
27-4-2020
معادلة الانتشار Diffusion Equation
29-12-2021
Translating a Name into its Chemical Structure
2-1-2022


هل نتيجة مقدّمات دليل الانسداد هي الكشف أو الحكومة؟  
  
3440   08:36 صباحاً   التاريخ: 25-7-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏1، ص: 672
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016 1014
التاريخ: 5-9-2016 2268
التاريخ: 5-9-2016 1025
التاريخ: 18-8-2016 1620

إنّ نتيجة مقدّمات دليل الانسداد هل هي حجيّة الظنّ على وجه الكشف أو على نحو الحكومة (1)؟ قولان، والمراد بالكشف أن تكون تلك‏ المقدّمات العقليّة كاشفة عن كون الظنّ حجّة بحكم الشرع في حال الانسداد، فطريق الاستكشاف هو العقل، وإنّما المستكشف به هو الحكم الشرعي، فحجيّة الظنّ حال الانسداد حكم شرعي استكشف بطريق عقلي، والمراد بالثاني أنّ العقل له الحكومة في هذا الباب على الاستقلال، فالحكم عقلي دون أن تكون الحكومة للشرع وكاشفه العقل، بل الحكومة لنفس العقل بالاستقلال، وذلك لأنّ المقام باب الإطاعة والامتثال، والحاكم في هذا الباب هو العقل دون الشرع فكما أنّ الحاكم بوجوب الموافقة القطعيّة عند إمكانها وانفتاح بابها هو العقل ولم يكن لحكم الشرع فيه مجال، فكذا الحاكم بوجوب الطاعة الظنيّة مع تعذّر القطعيّة أيضا هو العقل، ولا مجال لحكم الشرع فيها.

 

وحينئذ فلا مجال لدعوى أنّه إذا ثبت حكم العقل ثبت حكم الشرع بقاعدة الملازمة بين الحكمين، فتكون الحجيّة على هذا أيضا شرعيّة مستكشفة بالعقل.

لأنّا نقول: هذا الموضوع- أعني الاطاعة- كالمعصية غير قابل لحكم الشرع، والملازمة إنّما هي في المورد القابل له، ووجه عدم القبول أنّ الغرض من الحكم المولوي هو إيجاد الباعث أو الزاجر بالنسبة إلى النوع، ولهذا يقال: إنّ حكم الشرع في موارد حكم العقل لطف، وهذه العلّة منتفية في موضوع الإطاعة، فإنّ اللطف قد تمّ بالأمر الأوّل، فإذا قال: «صلّ» فلا حاجة إلى أمر ثانوي بإطاعة الأمر، فيكون هذا الأمر الثاني لغوا، لعدم مدخليّته في اللطف، فيمتنع صدوره من الحكيم تعالى.

فإن قلت: قد قرّر في محلّه أنّ العلم بالحكم متى حصل لا يمكن جعل آخر في موضوعه من الشارع لا إثباتا ولا نفيا، وبعبارة اخرى: حجيّة العلم عقليّة وليس بتعبديّة وإلّا لزم التسلسل وسائر المحاذير المذكورة في محلّه، خلافا للظنّ؛ فإنّ حجيّته محتاجة إلى التعبّد، فالحاصل أنّه لا إشكال في قبوله للتعبّد وإمكان التعبّد فيه، وإنّما الكلام في وقوعه وأنّه هل يساعد دليل عليه أولا، وعلى هذا فإذا ثبت حكم العقل بحجيّة الظنّ حال الانسداد والمفروض ثبوت الملازمة بينه وبين حكم الشرع فقد ثبت حكم الشرع؛ لأنّ المقتضي موجود والمانع مفقود، فقولكم في الجواب عن قاعدة الملازمة بأنّ المورد غير قابل لحكم الشرع كيف التوفيق بينه وبين القول بإمكان التعبّد الشرعي في الظنّ وقبوله له؟ وهل هو إلّا التناقض الواضح؟

قلت: جعل الظنّ حجّة يتصوّر على نحوين، أحدهما ممكن الصدور من الشارع والآخر غير ممكن، وأمّا الأوّل الذي هو الممكن هو أن يحكم الشرع في موضوع ظنّ المكلّف بحكم فيه مطابقا لمظنون المكلّف، فإن كان قد ظنّ الوجوب جعل فيه الوجوب، وإن ظنّ الحرمة جعل فيه الحرمة، وهذا ممّا يمكن من الشارع صدوره، فإنّه حكم مستقلّ كسائر أحكامه، فلو علم به المكلّف وجب عليه امتثاله بحكم العقل، فيكون حكم العقل بامتثاله متأخّرا عن نفس جعله وإنشائه ويكون جعله وانشائه موضوعا لحكم العقل؛ لأنّه حكم مستقل، فيقتضي امتثالا مستقلا، فليس هذا تصرّفا في مرحلة الامتثال، بل في موضوع الحكم العقلي بضم أمر إلى الأوامر الواقعيّة حتى يحكم عليه العقل بالامتثال مثلها.

وأمّا الثاني فهو أن لا يجعل الحكم بما هو مستقلا مطابقا للمظنون، بل يجعل الوجوب في مورد الظنّ به بعنوان كونه امتثالا للحكم الواقعي المظنون، فهذا الاعتبار لا يستتبعه حكم العقل بالامتثال، وهذا غير ممكن الصدور من الشرع، لما مرّ من أنّه كما أنّ الطاعة العلميّة يكفي في اللطف في موردها الأمر الأوّلي بنفس‏ المأمور به، كذلك الإطاعة الظنيّة أيضا يكفي في تمام اللطف في موردها الأمر الأوّلي، فلا مدخليّة للأمر ثانيا بنفسها في اللطف أصلا.

إذا عرفت هذا فنقول: أمّا على مبنانا الذي أسلفناه في المقدّمات فلا محيص عن القول بالحكومة، وهو أنّ العلم الإجمالي بالواقعيات محفوظ ولا يورث قدحا فيه أصلا الترخيص الشرعي الوارد في موارد لزوم العسر، فإنّه حكم ظاهري، ومتعلّق العلم حكم واقعي، وهما مرحلتان طوليّان، فليس للترخيص في بعض الأطراف بحسب الرتبة الثانية مساس بالعلم الإجمالي (2) المتعلّق بالأحكام بحسب الرتبة الاولى؛ إذ حينئذ بعد ضمّ سائر المقدّمات لا ملازمة بين اجتماع المقدّمات مع جعل الشارع طريقا للمكلّفين ليكون هو المرجع لهم حال انسداد باب العلم عليهم بعد فرض أنّ العقل له الحكومة والاستقلال في تعيين ما هو المعيار في باب الامتثال وليس تحيّر وتوقّف حتّى يحتاج لتعيينه إلى الشرع.

ألا ترى أنّك لو صرت عبدا لمولى ظاهري وعلمت بتكاليف من قبله عليك ولم تتمكّن من امتثالها على وجه العلم ولم ينصب لك طريقا لحال عدم تمكّن العلم فهل تتوقّف عن العمل؟ أو ترى نفسك مكلّفا بتكليف عقلي نازل وهو الموافقة على مقدار الظن من دون أن تنسب إلى مولاك تكليفا بالاحتياط الطريقي على تقدير الالتفات، بمعنى أنّه لو التفت على هذه الحالة لأمرني بالاحتياط، نظير ما تنسبه في حال غرق ابنه، هذا كلّه على المبنى المختار.

وأمّا على مبنى المولى الجليل محمّد كاظم الطوسي قدّس سرّه حيث يقول بأنّ العلم الإجمالي بالتكاليف يصير منحلا بسبب ورود الترخيص في بعض الأطراف ويكون متبدّلا بالشكّ البدوي فقد يقال: إنّه يتعيّن حينئذ القول بالكشف؛ إذ لا يبقى حينئذ مورد قابل لحكم العقل، فإنّ مورد حكم العقل بالتنجيز ولزوم الامتثال صورة وجود العلم، فإذا انتفى العلم وارتفع من البين مورد اقتضاء الامتثال والتنجيز العقلي، فلا يبقى مجال للحكومة العقليّة ويخرج الأمر عن يد العقل.

وإذن فلا بدّ من الرجوع إلى الشرع، وإذا أحرزنا من الشرع بواسطة الإجماع أنّ الوقائع المشتبهة لكثرتها لا يجوز لنا إهمالها والاستراحة من جهتها كشف ذلك لنا من وجوب الاحتياط، ولو اقتصر على هذا الإجماع يلزم جواز الاقتصار على المشكوكات والموهومات، وحيث لا يقول به أحد فهنا إجماع آخر على عدم الاكتفاء بالمشكوكات والموهومات، فينتج الإجماعان أنّ الشارع جعل طريقا إلى الواقعيات وهو وإن لم يتعيّن بدليل شرعي، لكن يمكن إحراز تعيينه في خصوص المظنونات بسكوت الشرع وعدم تعيينه في غيرها، فإنّ عدم تعيينه دليل على تعيينه في ما هو أقرب بنظرنا إلى الواقع وهو المظنونات، وعلى هذا فيصير حجيّة الظنّ شرعية لا عقليّة.

وكذلك الكلام بناء على قول من يدّعي أنّ العلم الإجمالي لا يكون منجّزا بل حاله حال الشكّ البدوي، كما يظهر من بعض كلمات صاحب القوانين قدّس سرّه، فبين هذين القولين تناف مع القول بالحكومة، ولا يمكن جمعهما معه، هذا.

ولكن يمكن أن يقال بعدم المنافاة (3) وإمكان القول مع ذلك بالحكومة كما هو مختار المولى المتقدّم قدّس سرّه، وتوضيحه أن يقال: إنّا بعد احراز القطع من الإجماع أو الضرورة بأنّ الشارع لا يرخّصنا في ترك التعرّض للوقائع المشتبهة وإهمالها نستكشف من ذلك أنّ للشارع اهتماما بالواقعيات، بمعنى أنّها على فرض وجودها في ضمن هذه الأطراف التي ليست موردا للترخيص يهتمّ الشارع بها، ومع إحراز الاهتمام يكون الاحتمال أيضا منجّزا بحكم العقل، ولا يبقى مجال للبراءة العقليّة كما في باب الدماء والفروج حيث لا تجري البراءة فيها لأجل اهتمام الشرع فيها.

وبالجملة، فمع إحراز الاهتمام من القطع المذكور لا يبقى مجال لدعوى الإجماع الثاني ولا لاستكشاف جعل الشارع إيجاب الاحتياط الطريقي، بل يستقلّ العقل بوجوبه وتقرير حكومته حينئذ بأنّ الوقائع المهتمّة بنظر الشارع يجب أوّلا بحكم العقل ولو لم يتعلّق العلم بها، بل كان الموجود مجرّد احتمالها امتثالها بطريق القطع، يعني يقطع امتثالها على تقدير وجودها، وإذا تنزّلنا عن الامتثال القطعي بأدّلة الحرج وجب الاقتصار على مقدار دفع الحرج والاحتياط في غيره، فنتنزّل من‏ الامتثال القطعي إلى الامتثال الاطمئناني، ويكون الثاني متعيّنا بعد الأوّل بحكومة العقل واستقلاله.

________________

(1) وهم ودفع، أمّا الأوّل فهو أنّه ما معنى هذا النزاع مع تسليم الجانبين أنّ مرحلة الامتثال غير قابلة لحكم الشرع، وإنّما المتصرّف فيه العقل، فكيف يمكن أن يستكشف العقل جعل الشرع في ما لا يقبل الجعل، أمّا الثاني فهو أنّ تصرّف الشرع يمكن على نحوين، الأوّل: أن يقوم الشرع في مقام العقل ويحكم ما حكمه العقل من تعيين وظيفة-- امتثال الواقعيات في حال الانسداد، وهذا ما تسالموا على عدم قابليّته للجعل، ولو ورد في لسان الشرع يحمل على الإرشاد، والثاني أن يتصرّف الشرع في موضوع حكم العقل ويجعله أوسع أو أضيق، فكما أنّ الأوامر والنواهي الواقعيّة موضوعات لاستقلال العقل فيها بوجوب الامتثال، كذلك عند الانسداد يجعل أمرا ونهيا في عرض تلك الأوامر والنواهي حتّى يصير موضوعا لذلك الحكم العقلي في عرضها، وهذا لا شبهة لأحد في إمكانه، وما وقع البحث في المقام في وجوده وعدمه هو هذا. منه قدس سره الشريف.

(2) الحقّ اختصاص الجواب عن إشكال مناقضة الظاهري مع الواقعي بتعدّد الرتبة بالشبهات البدويّة، أمّا في موارد العلم الإجمالي فللتوفيق ورفع المناقضة مسلكان سلكهما شيخنا الاستاد دام بقاه في بحثه، أحدهما أنّ الشرع يقوم مقام العقل ويظهر ما لا يدركه العقل، فكما أنّ العقل لو أدرك مفسدة أهمّ في الموافقة القطعيّة يحكم بسقوطها، كذلك لا مانع لو لم يدرك، ولكن الشرع بما هو عقل كامل يقوم مقام عقل المكلّف ويبيّن له ما كان عقله يريد ويرشد لو كان يدرك تلك المفسدة، ولا مناقضة بين حكمه في هذه النظرة مع حكمه الصادر عنه بالنظرة المولويّة والشارعيّة، كالمفتي بحرمة العصير الذي يرشد العوام باعتبار كونه خبرة إلى الأعلم منه، المفتي بحليّته، فإنّ إرشاده إلى تقليد ذلك الأعلم حتى في مسألة العصير لا يناقض فتواه وحكمه بحرمة العصير واعتقاده بخطاء رأى الأعلم المذكور، لأنّ الثاني من حيث كونه مفتيا، والأوّل من حيث كونه خبرة ومرشدا.

والمسلك الثاني: سلّمنا عدم قبول مرحلة الامتثال لتصرّف الشرع حتى بمثل هذا التصرّف الذي مرجعه إلى تنزيل نفسه منزلة العقل، وإلغاء جنبة المولويّة وإصدار الحكم الإرشادي، ولكن نقول: لفعليّة الواقع مراتب، فمرتبة منها هي الفعليّة التامّة من جميع الجهات أعني من الجهات الراجعة إلى قيود نفس ما هو محصّل الغرض بحيث كان مع انتفائها المقتضى ناقصا، ومن الجهات الأخر الطارئة بملاحظة المزاحمات وملاحظة الكسر والانكسار الحاصلة في طريق امتثال الحكم الصادر على طبق محصّل الغرض، مثل الحرج اللازم عند الإتيان بجميع الأطراف والمحتملات، ومرتبة اخرى هي الفعليّة-- من خصوص الجهات الراجعة إلى تحصيل الغرض ورفعها من حيث الجهات الطارئة في مرحلة الامتثال بناء على ما هو الظاهر من شمول دليل نفي الحرج للحرج في مقام الامتثال وعدم اختصاصه بالحرج في نفس الواقع؛ إذ حينئذ يحكم العقل بأنّ للمولى غرضين مطلقين قد تصدّى بمقام إخراجهما من جوارح العبد، فلا يجوز الاستراحة، بل يجب الإتيان بالمحتملات والأطراف بمقدار لا يلزم منه الحرج، وهو غاية الجمع بين الغرضين، ومن المعلوم أنّه يتعيّن جعل ترك الاحتياط في مظنونات العدم حتّى يحصل الاطمئنان بالجمع.

وبالجملة، على كلا المسكين المنجزّ هو العلم الإجمالي إمّا بالتكليف الفعلي من جميع الجهات وإمّا بالتكليف الفعلي من حيث نفسه والغير الفعلي من حيث طريق امتثاله، ولا فرق في منجزيّة العلم الإجمالي في حكم العقل بين أنّ يتعلّق بالتكليف الفعلي من جميع الجهات أو الفعلي من حيث الغرض، والشأني من حيث الغرض الآخر كما هو واضح، وبالجملة، الأساس هو منجزيّة العلم الإجمالي وعدم وجوب الاحتياط التام؛ فإنّ العقل كاف واف بلزوم الاحتياط الناقص على حسب مقدار دفع الحرج، وبعد استقلال العقل فمن الممكن بمكان من الإمكان إحالة الشرع أيضا إلى هذا الحكم وعدم نصب الوظيفة لهم، فكيف يمكن استنتاج كشف الحجيّة الشرعيّة من المقدّمات. منه قدّس سرّه الشريف.

(3) قد عرفت في ما تقدّم أنّ صرف استكشاف الاهتمام لا يوجب منجزيّة الاحتمال، و-- قياسه بالاغراض النفسانية يوجب عدم الفرق بين احتمال التكليف المهتمّ أو غير المهتمّ، ويأتي إن شاء اللّه تعالى في محلّه الفرق وأنّ العبد ليس مهمّه في نظر العقل تحصيل أغراض المولى، بل يدور مدار الحجّة، وقوله: ما علمت بإرادتك حجّة بين الموالي والعبيد وإن كان محتملا للإرادة المهتمّة وفرض واقعيّته، وإذن فمجرّد استكشاف الاهتمام من الإجماع الأوّل لا يوجب تنجيز الواقعيات وخروج العقاب عليها عن كونه بلا بيان وحجّة، فغاية ما يلزم من هذا الإجماع ولو مع ذلك الاستكشاف هو وجوب امتثال ما قام عليه الإجماع وهو يحصل بإتيان الموهومات والمشكوكات، فالطريق السالم عن المحذور أن يدّعي مدّع أنّا نستكشف بطريق اللّم من هذا الاهتمام المستكشف من الإجماع إيجاب الاحتياط الطريقي أو جعل الطريق حتى يصير المنجّز للواقعيات ذلك المجعول الطريقي، ولا يخفي أنّه على هذا يصير حجيّة الظن شرعيّة لا عقليّة، غاية الأمر أنّ الاحتياط أو الطريق الذي جعله الشارع يعيّنه العقل في الظنّ. منه قدّس سرّه الشريف.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.