هل يكتفى فى مقام الامتثال بالاتيان على وجه الإجمال فى التوصّليات والتعبّديات؟ |
1996
08:46 صباحاً
التاريخ: 13-7-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
2319
التاريخ: 8-8-2016
4416
التاريخ: 8-8-2016
2878
التاريخ: 26-8-2016
1795
|
على تقدير القول بأنّ العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعيّة، فهل يكتفى في مقام الامتثال بالإتيان على وجه الإجمال مع التمكّن من تعيين مورد التكليف تفصيلا، كمن علم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة وهو يتمكّن من تعيين أنّ أيّهما هو الواجب عليه بالاستفتاء من العالم مثلا ومع ذلك أتى بها بدون تعيين، وكمن اشتبه عليه القبلة بين أربع جهات، فصلّى إليها مع إمكان تشخيص القبلة في إحداها.
والكلام يقع تارة في التوصّليات واخرى في التعبّديات.
أمّا التوصّليات فلا كلام في الاكتفاء بهذا النحو من الامتثال فيها، فمن يعلم إجمالا باشتغال ذمّته لأحد رجلين فأدّى إليهما كان بريئا بلا إشكال.
وأمّا التعبديّات فإمّا يكون مورد الشبهة فيها عملا واحدا ويدور أمره بين الوجوب والإباحة وإمّا يكون عملا واحدا ويدور بين الوجوب والاستحباب، وإمّا يكون عملا واحدا معلوم الوجوب ويدور أمره بين الأقلّ والأكثر، ثمّ أمر الزيادة المشكوكة إمّا دار بين الوجوب والإباحة وإمّا، بين الوجوب والاستحباب.
وإمّا يكون مورد الشبهة عملين، فالاحتياط في القسم الأخير مستلزم للتكرار دون ما سبقه، فإن قلنا بأنّه يعتبر في الامتثال الإتيان بداعويّة الأمر ففي ما يكون الأمر دائرا بين الوجوب والإباحة لم يحصل الامتثال؛ لأنّ نفس الأمر لم يصر داعيا، بل احتماله.
وإن اعتبرنا مع ذلك أن يكون وجه الأمر معلوما عند الفاعل من الوجوب أو الندب ويقصده إمّا وصفا وإمّا غاية وإمّا معا على الخلاف، بأن يأتى بالفعل الفلاني الواجب لوجوبه، ففي ما يكون الأمر دائرا بين الوجوب والاستحباب لم يحصل الامتثال؛ لأنّه وإن كان داعي الأمر فيه متمشّيا، إلّا أنّ قصد الوجه لعدم معلوميّته غير متمشّ.
وإن اعتبرنا مع ذلك قصد التمييز بأن يكون الفعل المأمور به حين الإتيان مميّزا عن غيره ففي ما يدور الواجب بين عملين لم يحصل الامتثال؛ فإنّه وإن كان يشتمل على قصد الأمر وعلى قصد وجهه، لوضوح إمكان أن يأتي بالعملين بداعي الواجب الذي في البين بوصف وجوبه ولعلّة وجوبه، لكنّ التمييز حين الإتيان مفقود.
فنقول: مقتضى القاعدة جواز الاكتفاء بهذا النحو من الامتثال، فعلى من يدّعي العدم إثبات المانع إمّا من العقل أو النقل.
أمّا من جهة العقل فربّما يقال: إنّ العبادة ما يعتبر فيه وقوعه من المكلّف بحيث صار مقرّبا له، وهذا ممّا إشكال فيه، بخلاف التوصّلي، فإنّه يجزى ويسقط أمره وإن لم يقع على وجه مقرّب، وكلّ عبادة ولو صدرت من الفاسق لا محالة تكون مقرّبة، فإنّا لا نعني بمقرّبيته أن يصير العبد ذا منزلة عظيمة عند المولى ويصل مرتبه الجبرئيل، بل المقصود أن يكون فاعل الفعل غير مساو مع تاركه، وهذا له مراتب مختلفة لا تحصى، ولا يلازم القبول الذي هو بمعنى خرق الحجب.
فعبادة شارب الخمر وإن كان يمنع شربه عن خرقها الحجب ولكنّه غير مساو مع من يترك هذه العبادة، فالفعل المأمور به ما لم يكن بداعوية الأمر، أو كان معها وتجرّد عن قصد الوجه أو اشتمل عليهما وتجرّد عن قصد التمييز لا يصير مقرّبا للفاعل؛ ولهذا قيل: إنّ من علم بوجوب أمر عليه بين عدّة امور وأتى بجميعها كان مستهزئا بأمر المولى وعابثا، وكذلك من لم يعلم بالأمر وأتى برجائه أو لم يعلم بوجوبه وأتى برجاء الوجوب.
وأمّا من جهة النقل فللإجماع على الاعتبار في كلّ من المراحل الثلاث، والجواب أمّا عن الإجماع فواضح، فإنّ النزاع كما ترى إنّما هو في منافاة عدم الامور الثلاثة مع العباديّة والمقرّبية عقلا وعدمها، فالإجماع لو كان محقّقا لم يعبأ به في مثل هذه المسألة؛ لعدم كشفه عن رأى المعصوم، كيف وهو في المقام منقول.
وأمّا عمّا ذكر من المنافاة للقرب فبأنّه لا إشكال أنّ من علم بأنّ الفعل الفلاني إمّا واجب عبادي، وإمّا مباح فأتى به برجاء كونه واجبا قد تحقّق منه الإطاعة والانقياد ويكون حسنا، بمعنى أنّه غير مساو مع من يترك هذا الفعل قطعا.
وكذلك الكلام بعينه في من يأتى بالفعل الذي علم إجمالا بوجوبه أو استحبابه برجاء أنّه واجب؛ فإنّه لا يعدّ مساويا مع تاركه بلا ريب.
وأمّا في ما كان الاحتياط مستلزما للتكرار، فإن لم يكن في البين داع عقلائى كمن أمره المولى بشيء وتردّد عنده بين أشياء، وهو متمكّن من أن يستعلم من المولى فلم يستعلم وأتى بجميع هذه الأشياء الكثيرة، لكون واحد منها متعلّقا لغرض المولى فهذا لا كلام فيه، فإنّه يعدّ مستهزئا ولاغيا عابثا.
وأمّا إن كان له داع عقلائي إلى التكرار كما لو عرض له الشكّ في قلب الليل وتوقّف الاستعلام على إيقاظ العالم وهو حرج عليه، فإنّ إتيانه حينئذ بكلا الطرفين حسن مرغوب وهو مع غيره التارك غير متساويين قطعا، فيكون مجزيا وموجبا لسقوط الأمر، كما أنّه في القسم الأوّل لو كان الأمر في الواقع موجودا أجزأ عنه الإتيان المذكور، وإن لم يكن موجودا فقد تحقّق منه الانقياد.
وبالجملة، فبطلان الدعوى في هذه المراحل الثلاث استنادا إلى الإجماع أو دليل العقل المذكورين واضح لا يحتاج إلى البيان.
والذي يمكن الاستناد إليه في إثبات الدعوى في كلّ من المراحل ما أشار إليه شيخنا المرتضى في رسائله، وهو أن يقال: إنّه لا أقلّ من تحقّق الاحتمال لأن يكون الإتيان بداعي الأمر دخيلا في غرض المولى، وكذا من المحتمل أن يكون الغرض متعلّقا بالمقيّد بداعي الوجه، وكذا أن يكون الغرض هو التقييد بداعي التمييز، وإذا جاء الاحتمال في دخل شرط أو شطر في متعلّق الغرض فلا يمكن رفعه إلّا بأحد أمرين:
أصالة البراءة وأصالة الإطلاق، وكلاهما في المقام مفقود، فلا إطلاق في البين، والأصل في خصوص هذه القيود هو الاحتياط وإن قلنا بكون الأصل في مورد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في القيود الأخر هو البراءة.
أمّا الأوّل: فلأنّ الإطلاق والتقييد توأمان، وإمكان الأوّل فرع إمكان الثاني، ففي أعتق الرقبة يمكن التقييد بالمؤمنة، فيؤخذ مع اجتماع شرائط الإطلاق به في رفعه، ولكنّ التقيّد في هذه القيود غير ممكن، ووجه ذلك أنّ القيود على قسمين:
قسم لا يحدث بالأمر، بل له الواقعيّة مع قطع النظر عن الأمر كقيد المؤمنة في الرقبة؛ فإنّه غير متوقّف تحقّقه وواقعيّته على وجود الأمر بالعتق، فهذا يمكن أخذه في متعلّق الأمر على وجه الإطلاق وعلى وجه التقييد.
وقسم لا يحدث إلّا بالأمر ولا واقعيّة وتحقّق له قبل وجود الأمر، وذلك مثل داعي الأمر وداعي وجه الأمر وداعي تمييز المأمور به عن غيره، فهذه تكون متأخّرة في الرتبة عن الأمر، فلا يعقل أخذها في متعلّقه لا إطلاقا ولا تقييدا، وإذا لم يمكن الأخذ بنحو فاللفظ بالنسبة إليها مهمل، قال شيخنا المرتضى: وليس هذا تقييدا في دليل العبادة حتّى يدفع بإطلاقه.
وأمّا الثاني: فلأنّ وجه إجراء البراءة في القيود الأخر أنّ الشكّ كان فيها في التكليف بحسب مرحلة أصل الثبوت بمعنى أنّه شكّ في أصل ثبوت التكليف بالنسبة إلى الزائد المشكوك، وأمّا هنا لا شبهة بحسب مرحلة الثبوت، بل الحال معلوم والمأمور به بحدوده وقيوده معلوم، وإنّما الشكّ واقع بعد عدم الأخذ في متعلّق الأمر قطعا وكونه من هذه الجهة عامّا في دخل تلك القيود في الغرض، فيكون الغرض أخصّ ممّا تعلّق الأمر به؛ لعدم إمكان أخذ القيد فيه، فيشكّ بعد الإتيان بدون هذا القيد في حصول الغرض وعدمه، وبذلك يشكّ في سقوط الأمر وعدمه؛ إذ سقوط الأمر منوط بحصول الغرض الباعث إليه.
وبالجملة، فالشكّ واقع في مرحلة السقوط بعد معلوميّة ثبوت الأمر، ومن المعلوم أنّه مع ذلك لا مجرى للبراءة، بل الحقيق هو الاحتياط. هذا غاية تقريب الدعوى.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|