المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصحافة العسكرية العالمية والعربية
2024-11-24
الرقابة على الصحافة العسكرية
2024-11-24
الأدوات الصحفية للمحرر العسكري
2024-11-24
اخذ المشركون لمال المسلم
2024-11-24
حكم الغنائم في البلاد المفتوحة
2024-11-24
احكام الاسارى
2024-11-24



تفسير الآية (54-57) من سورة يوسف  
  
11462   11:47 صباحاً   التاريخ: 8-7-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يوسف /

 

قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف: 54 - 57]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} معناه: أن الملك لما تبين له أمانة يوسف وبراءته من السوء وعلمه أمر بإحضاره فقال: ائتوني به { أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} أي: أجعله خالصا لنفسي أرجع إليه في تدبير مملكتي وأعمل على إشارته في مهمات أموري { فلما كلمه } هاهنا حذف معناه فلما جاء الرسول يوسف ودعاه خرج من السجن ودخل على الملك وكلمه وعرف فضله وأمانته وعقله لأنه استدل بكلامه على عقله وبعفته على أمانته { قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} أي: إنك عندنا ذو مكانة متمكن في المنزلة والقدر نافذ القول والأمر ظاهر الأمانة مأمون ثقة قال ابن عباس: يريد مكنتك من ملكي وجعلت سلطانك فيه كسلطاني وائتمنتك فيه قال الكلبي: أن رسول الملك جاءه فقال له: قم فإن الملك يدعوك وألق ثياب السجن عنك والبس ثيابا جددا فأقبل يوسف وتنظف من درن السجن ولبس ثيابه وأتى الملك وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة فلما رآه الملك شابا حدث السن قال: يا غلام هذا تأويل رؤياي ولم يعلمه السحرة ولا الكهنة قال: نعم فأقعده قدامه وقص عليه رؤياه.

 وروي أن يوسف لما خرج من السجن دعا لأهله وقال: اللهم اعطف عليهم بقلوب الأخيار ولا تعم عليهم الأخبار فلذلك يكون أصحاب السجن أعرف الناس بالأخبار في كل بلدة وكتب على باب السجن هذا قبور الأحياء وبيت الأحزان وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء قال وهب: ولما وقف بباب الملك قال :حسبي ربي من دنياي وحسبي ربي من خلقه عز جاره وجل ثناؤه ولا إله غيره ولما دخل على الملك قال: اللهم إني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بك من شره وشر غيره ولما نظر إليه الملك سلم عليه يوسف بالعربية فقال له الملك: ما هذا اللسان قال لسان عمي إسماعيل ثم دعا له بالعبرانية  فقال له الملك: ما هذا اللسان قال: لسان آبائي قال وهب: وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلما كلم يوسف بلسان أجابه بذلك اللسان فأعجب الملك ما رأى منه فقال له: إني أحب أن أسمع رؤياي منك شفاها.

 فقال يوسف: نعم أيها الملك رأيت سبع بقرات سمان شهب غر حسان كشف لك عنهن النيل فطلعن عليك من شاطئه تشخب أخلافهن لبنا فبينا تنظر إليهن ويعجبك حسنهن إذ نضب النيل فغار ماؤه وبدأ يبسه فخرج من حمئة ووحلة سبع بقرات عجاف شعث غبر مقلصات البطون ليس لهن ضروع ولا أخلاف ولهن أنياب وأضراس وأكف كأكف الكلام وخراطيم كخراطيم السباع فاختلطن بالسمان فافترستهن افتراس السبع فأكلن لحومهن ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن وتمششن مخهن فبينا أنت تنظر وتتعجب إذا سبع سنابل خضر وأخر سود في منبت واحد عروقهن في الثرى والماء فبينا أنت تقول في نفسك أنى هذا وهؤلاء خضر مثمرات وهؤلاء سود يابسات والمنبت واحد وأصولهن في الماء إذ هبت ريح فذرت الأرفات من اليابسات السود على الثمرات الخضر فاشتعلت فيهن النار وأحرقتهن وصرن سودا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا ثم انتبهت من نومك مذعورا .

فقال الملك: والله ما شأن هذه الرؤيا وإن كانت عجبا بأعجب مما سمعته منك فما ترى في رؤياي أيها الصديق فقال يوسف: أرى أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين المخصبة وتبني الأهراء والخزائن فتجمع الطعام فيها بقصبة وسنبله ليكون قصبه وسنبله علفا للدواب وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك من الطعام الذي جمعته لأهل مصر ومن حولها ويأتيك الخلق من النواحي فيمتارون منك بحكمك ويجتمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد ذلك فقال الملك: ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه ويكفي الشغل فيه فعند ذلك { قال} يوسف { اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} الألف واللام في الأرض للعهد دون الجنس يعني: اجعلني على خزائن أرضك حافظا وواليا واجعل تدبيرها إلي .

فـ { إني حفيظ } أي: حافظ لما استودعتني لحفظه عن أن تجري فيه خيانة { عليم } بمن يستحق منها شيئا ومن لا يستحق فأضعها مواضعها عن قتادة وابن إسحاق والجبائي وقيل: حفيظ عليم أي: كاتب حاسب عن وهب وقي:ل حفيظ للتقدير في هذه السنين الجدبة عليم بوقت الجوع حين يقع عن الكلبي وقيل حفيظ للحساب عالم بالألسن وذلك أن الناس يفدون من كل ناحية ويتكلمون بلغات مختلفة عن السدي وفي هذا دلالة على أنه يجوز للإنسان أن يصف نفسه بالفضل عند من لا يعرفه فإنه عرف الملك حاله ليقيمه في الأمور التي في إيالتها صلاح العباد والبلاد ولم يدخل بذلك تحت قوله سبحانه {فلا تزكوا أنفسكم}.

 قالوا: فقال الملك: ومن أحق به منك فولاه ذلك وقيل: أن الملك الأكبر فوض إليه أمر مصر ودخل بيته وعزل قطفير وجعل يوسف مكانه وقيل: إن قطفير هلك في تلك الليالي فزوج الملك يوسف راعيل امرأة قطفير العزيز فدخل بها يوسف فوجدها عذراء ولما دخل عليها قال: أليس هذا خيرا مما كنت تريدين وولدت له أفرائيم وميشا واستوثق ليوسف ملك مصر وقيل: أنه لم يتزوجها يوسف وأنها لما رأته في موكبه بكت وقالت الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا والعبيد بالطاعة ملوكا فضمها إليه وكانت من عياله حتى ماتت عنده ولم يتزوجها .

وفي تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم قال: لما مات العزيز وذلك في السنين الجدبة افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت الناس فقالوا لها: ما يضرك لوقعدت للعزيز وكان يوسف يسمى العزيز وكل ملك كان لهم سموه بهذا الاسم فقالت: أستحي منه فلم يزالوا بها حتى قعدت له فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه زليخا وقالت سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا والعبيد بالطاعة ملوكا فقال لها: يوسف أ أنت تيك قالت نعم وكان اسمها زليخا فقال لها: هل لك في قالت: دعني بعد ما يئست أ تهزأ بي قال: لا قالت: نعم قال: فأمر بها فحولت إلى منزله وكانت هرمة فقال لها يوسف: ألست فعلت بي كذا وكذا قالت: يا نبي الله لا تلمني فإني بليت في بلاء لم يبل به أحد قال: وما هو قالت: بليت بحبك ولم يخلق الله لك نظيرا في الدنيا وبليت بأنه لم تكن بمصر امرأة أجمل مني ولا أكثر مالا مني وبليت بزوج عنين فقال لها يوسف: فما حاجتك قالت: تسأل الله أن يرد علي شبابي فسأل الله فرد عليها فتزوجها وهي بك.

ر وروي عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال رحم الله أخي يوسف لولم يقل اجعلني على خزائن الأرض لولاه من ساعته ولكنه أخر ذلك سنة قال ابن عباس: فأقام في بيت الملك سنة فلما انصرمت السنة من يوم سأل الإمارة دعاه الأمير فتوجه ورداه بسيفه وأمر بأن يوضع له سرير من ذهب مكلل بالدر والياقوت ويضرب عليه كلة من استبرق ثم أمره أن يخرج متوجا لونه كالثلج ووجهه كالقمر يرى الناظر وجهه في صفاء لون وجهه فانطلق حتى جلس على السرير ودانت له الملوك فعدل بين الناس فأحبه الرجال والنساء وذلك قوله عز اسمه { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} أي: ومثل ذلك الإنعام الذي أنعمنا عليه أقدرنا يوسف على ما يريد في الأرض يعني أرض مصر.

 { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} أي: يتصرف فيها حيث يشاء وينزل منها حيث يشاء { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} أي: نخص بنعم الدين والدنيا من نشاء { ولا نضيع أجر المحسنين } أي: المطيعين وقيل الصابرين عن ابن عباس وقيل: أنه دعا الملك إلى الإسلام فأسلم عن مجاهد وغيره قالوا: وأسلم أيضا كثير من الناس فهذا في الدنيا { ولأجر الآخرة } أي: ثواب الآخرة { خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} لخلوصه عن الشوائب والأقذار وفي هذه إشارة إلى أنه سبحانه يؤتي يوسف في الآخرة من الثواب والدرجات ما هو خير مما آتاه الله في الدنيا من الملك والنعمة .

سؤال :قالوا كيف جاز ليوسف أن يطلب الولاية من قبل الكفرة الظلمة؟ وجوابه لأنه علم أنه يتمكن بذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضع الحقوق مواضعها وقد جعل الله سبحانه جميع ذلك له من جهة كونه نبيا إماما وكان يفعل ذلك من قبل الله تعالى وإنما سأل الولاية ليتمكن من الأمور التي له أن يفعلها وأيضا فإنه علم أنه سبب يتوصل به إلى الدعاء إلى الخير وإلى رؤية والديه وإخوته وفي الآية دلالة على أن ذلك التمكين والملك والتدبير كان بلطف الله سبحانه وفضله وفيها دلالة أيضا على جواز تولي القضاء من جهة الباغي والظالم إذا يتمكن بذلك من إقامة أحكام الدين.

 وفي قوله { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} دلالة على أن تصرفه كان باختياره من غير رجوع إلى الملك وأنه صار بحيث لا أمر عليه وفي كتاب النبوة بالإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن بنت إلياس قال سمعت الرضا (عليه السلام) يقول وأقبل يوسف على جمع الطعام فجمع في السبع السنين المخصبة فكبسه في الخزائن فلما مضت تلك السنون وأقبلت المجدبة أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في مملكة يوسف وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جوهر إلا صار في مملكته وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا ماشية إلا صارت في مملكته وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق بمصر عبد ولا أمة إلا صار في مملكته وباعهم في السنة الخامسة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في مملكته وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلا صار في مملكته وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر إلا صار عبد يوسف فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم.

 وقال الناس: ما رأينا ولا سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطى هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا ثم قال يوسف للملك: أيها الملك ما ترى فيما خولني ربي من ملك مصر وأهلها أشر علينا برأيك فإني لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون بلاء عليهم ولكن الله تعالى أنجاهم على يدي قال له الملك :الرأي رأيك قال: يوسف إني أشهد الله وأشهدك أيها الملك إني قد أعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ورددت عليك أيها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي ولا تحكم إلا بحكمي قال له الملك: إن ذلك لزيني وفخري أن لا أسير إلا بسيرتك ولا أحكم إلا بحكمك ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ولقد جعلت سلطانا عزيزا لا يرام وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسوله فأقم على ما وليتك فإنك لدينا مكين أمين وقيل: إن يوسف (عليه السلام) كان لا يمتلىء شبعا من الطعام في تلك الأيام المجدبة! فقيل له: تجوع وبيدك خزائن الأرض فقال (عليه السلام) أخاف أن أشبع فأنسى الجياع !.

_______________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج5،ص416-421.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ  أَمِينٌ } . بعد أن شهدت امرأة العزيز والنسوة على أنفسهن ، وعرف الناس جميعا ان يوسف منزّه عن الأغراض والعيوب ، بعد هذا رضي يوسف بالخروج من السجن ، وطلبه الملك ليكون زعيما في مملكته وعونا له على تدبيرها وإدارتها .

ولما اجتمع به ، وسمع منه وقع حبه واحترامه في قلبه ، وقال له فيما قال : أنت محترم عندنا ومؤتمن على كل شيء في الدولة ، وما قال الملك هذا إلا حين أيقن بمقدرته وعلمه وحكمته . وقيل إن يوسف كان عمره آنذاك 30 سنة ، وفي « مجمع البيان » ان يوسف سلم على الملك بالعربية ، ولما سأله من أين لك هذا اللسان ؟

قال : هو لسان عمي إسماعيل ، وفي تفسير المنار ان ملك مصر كان في عهد يوسف من ملوك العرب المعروفين بالرعاة « الهكسوس » ( 2) وقال الطبري ان هذا الملك كان اسمه الوليد بن الريان .

{ قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } . بعد أن فوض الملك الأمر ليوسف في كل ما يريد ويختار من المناصب اختار الولاية على خزانة الدولة واقتصادها ( 3 ) ، اختار هذه الولاية بعد أن خيّر ، ولم يطلبها ابتداء كي يقال :

كيف طلب الولاية . . وعلى افتراض انه طلبها ابتداء فلم يطلبها لمصلحته الخاصة ، بل للصالح العام ، وليحفظ للمستضعفين حقوقهم وبالخصوص في سني القحط والمجاعة . . لقد علم يوسف ان البلاد مقبلة على بلاء وشدة ، فإذا لم يكن صاحب الخزانة حفيظا عليها عليما بشؤونها ضاعت حقوق الناس بخاصة الفقراء والمساكين . .

هذا إلى أن المال عصب الأمة وحياتها ، فإذا لم يكن زمامه بيد الأكفاء علما وخلقا كان مصير الأمة إلى الهلاك والدمار ، حتى في سني الخصب والرخاء .

أما إذا كانت مقادير الأمة بيد الأكفاء والأمناء فإنهم يقودونها إلى خيرها وصلاحها دنيا وآخرة ، وقد نقل كثيرون ان يوسف حين تولى أمر الخزانة ، ورأى الناس من عدله وحسن تدبيره ما صان لكل ذي حق حقه آمنوا برسالته ،   حتى الملك آمن وشهد ان لا إله الا اللَّه وان يوسف رسول اللَّه ، قال إسماعيل حقي في « روح البيان » :

« قال مجاهد : أسلم الملك على يد يوسف ، وجمع كثير من الناس » ، وعقّب صاحب « تفسير البيان » على قول مجاهد بهذه الكلمة : « إذا كان الإحسان إلى يوسف والإكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) وذب عنه ما دام حيا وهوعمه أبوطالب ، فالأصح انه ممن أحياه اللَّه للايمان ، كما سبق في المجلد الأول » . وسبق الكلام عن اسلام أبي طالب عند تفسير الآية 113 من سورة التوبة .

{ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } . أحفظ المال من الإسراف والضياع ، وأعلم المستحقين له من غيرهم ، وأضع كل شيء في موضعه . وعن الإمام جعفر الصادق أنه قال : يجوز للرجل أن يزكي نفسه إذا اضطر إلى ذلك ، فلقد قال يوسف :

{ اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم } .

وفي بعض التفاسير : « لم يقل يوسف للملك : عشت يا مولاي ، أنا عبدك الخاضع ، كما يقول المتملقون للطواغيت ، وانما طالب بما يعتقد انه قادر على النهوض به من أعباء الأزمة ، وصيانة الأرواح من الموت ، والبلاد من الخراب . .

فيا ليت المتملقين للطغاة يقرؤون القرآن ليعرفوا ان الكرامة والإباء والاعتزاز يدر من الربح أضعاف ما يدر التمرغ والتزلف والانحناء » . قال الرازي : روي أن الملك قال ليوسف : « أحب ان أشركك في كل شيء الا في أهلي والأكل معي . فقال له يوسف : لا آكل معك وأنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ».

{ وكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ ولا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } . صبر يوسف على إلقائه في البئر ، وعلى بيعه في سوق العبيد ، وخدمته في بيت العزيز ، وعلى التهمة بالخيانة ، والسجن ، والأسر ، صبر على ذلك وأكثر من ذلك ، صبر واحتسب وتوكل على اللَّه . . فما ذا كانت النتيجة ؟ . لقد خرج من السجن خروج الأبطال من معارك النصر . . خرج ليحكم في الأرض مطلق اليد مسموع الكلمة ، نافذ السلطان . . وهكذا يوفّى الصابرون

أجرهم في الدنيا { ولأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ } . وأجر الآخرة الجنة التي « لا ينقطع نعيمها ، ولا يظعن مقيمها ، ولا يهرم خالدها ، ولا يبأس ساكنها » كما قال الإمام علي ( عليه السلام ) . . وأين من هذا النعيم الدائم الذي لا يشوبه بؤس ولا هرم ذلك الملك الزائل المشوب بالأتعاب والآلام ؟ . وفي بعض الروايات ان امرأة العزيز أتت يوسف في السنين العجاف تطلب منه قوتا ، وقد مات زوجها ورماها الدهر بالخطوب ، ونال منها ما نال ، وان يوسف لما رآها قال لها :

ما الذي أوصلك إلى ما أرى ؟ . فقالت له : سبحان من جعل الملوك بمعصيته عبيدا ، وجعل العبيد بطاعته ملوكا .

__________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 329-332.

2 - قرأت في جريدة « اخبار اليوم » المصرية تاريخ 25 - 1 - 1969 ان بعثة جامعة فيينا المكونة من 6 من علماء الآثار أعلنت ان الهكسوس كانوا عربا .

3- في مصر يسمون وزير المالية بوزير الخزانة : وغير بعيد ان يكون مصدر التسمية قول يوسف :

« اجعلني على خزائن الأرض » .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} يقال: استخلصه أي جعله خالصا، والمكين صاحب المكانة والمنزلة، وفي قوله:{فلما كلمه} حذف للإيجاز والتقدير: فلما أتي به إليه وكلمه قال إنك اليوم{إلخ} وفي تقييد الحكم باليوم إشارة إلى التعليل، والمعنى أنك اليوم وقد ظهر من مكارم أخلاقك في التجنب عن السوء والفحشاء والخيانة والظلم، والصبر على كل مكروه وصغار في سبيل طهارة نفسك، واختصاصك بتأييد من ربك غيبي وعلم بالأحاديث والرأي والحزم والحكمة والعقل لدينا ذومكانة وأمانة، وقد أطلق قوله:{مكين أمين} فأفاد بذلك عموم الحكم.

والمعنى: وقال الملك ائتوني بيوسف أجعله خالصا لنفسي وخاصة لي فلما أتي به إليه وكلمه قال له إنك اليوم وقد ظهر من كمالك ما ظهر لدينا ذو مكانة مطلقة وأمانة مطلقة يمكنك من كل ما تريد ويأتمنك على جميع شئون الملك وفي ذلك حكم صدارته.

قوله تعالى:{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} لما عهد الملك ليوسف أنك اليوم لدينا مكين أمين وأطلق القول سأله يوسف (عليه السلام) أن ينصبه على خزائن الأرض ويفوض إليه أمرها، والمراد بالأرض أرض مصر.

ولم يسأله ما سأل إلا ليتقلد بنفسه إدارة أمر الميرة وأرزاق الناس فيجمعها ويدخرها للسنين السبع الشداد التي سيستقبل الناس وتنزل عليهم جدبها ومجاعتها ويقوم بنفسه لقسمة الأرزاق بين الناس وإعطاء كل منهم ما يستحقه من الميرة من غيره حيف.

وقد علل سؤاله ذلك بقوله:{إني حفيظ عليم} فإن هاتين الصفتين هما اللازم وجودهما فيمن يتصدى مقاما هو سائله ولا غنى عنهما له، وقد أجيب إلى ما سأل واشتغل بما كان يريده كل ذلك معلوم من سياق الآيات وما يتلوها.

قوله تعالى:{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} التمكين هو الإقدار والتبوء أخذ المكان.

والإشارة بقوله:{كذلك} إلى ما ساقه من القصة بما انتهى إلى نيله (عليه السلام) عزة مصر، وهو حديث السجن وقد كانت امرأة العزيز هددته بالصغار بالسجن فجعله الله سببا للعزة، وعلى هذا النمط كان يجري أمره (عليه السلام) أكرمه أبوه فحسده إخوته فكادوا به بإلقائه في غيابة الجب وبيعه من السيارة ليذلوه فأكرم الله مثواه في بيت العزيز، وكادت به امرأة العزيز ونسوة مصر ليوردنه مورد الفجور فأبان الله عصمته ثم كادت به بالسجن لصغاره فتسبب الله بذلك لعزته.

وللإشارة إلى أمر السجن وحبسه وسلبه حرية الاختلاط والعشرة، قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} أي رفعنا عنه حرج السجن الذي سلب منه إطلاق الإرادة فصار مطلق المشية له أن يتبوأ في أي بقعة يشاء فهذا الكلام بوجه يحاذي قوله تعالى السابق فيه حين دخل بيت العزيز ووصاه امرأته:{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ }.

وبهذه المقايسة يظهر أن قوله هاهنا:{نصيب برحمتنا من نشاء} في معنى قوله هناك:{والله غالب على أمره} وإن المراد أن الله سبحانه إذا شاء أن يصيب برحمته أحدا لم يغلب في مشيته ولا يسع لأي مانع مفروض أن يمنع من إصابته.

ولو وسع لسبب أن يبطل مشية الله في أحد لوسع في يوسف الذي تعاضدت الأسباب القاطعة وتظاهرت لخفضه فرفعه الله ولإذلاله فأعزه الله، إن الحكم إلا لله.

وقوله:{ولا نضيع أجر المحسنين} إشارة إلى أن هذا التمكين أجر أوتيه يوسف (عليه السلام)، ووعد جميل للمحسنين جميعا أن الله لا يضيع أجرهم.

قوله تعالى:{ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} أي لأولياء الله من عباده فهو وعد جميل أخروي لأوليائه تعالى خاصة وكان يوسف (عليه السلام) منهم.

والدليل على أنه لا يعم عامة المؤمنين الجملة الحالية:{وكانوا يتقون} الدالة على أن هذا الإيمان وهوحقيقة الإيمان لا محالة كان منهم مسبوقا بتقوى مستمر حقيقي وهذا التقوى لا يتحقق من غير إيمان فهو إيمان بعد إيمان وتقوى وهو المساوق لولاية الله سبحانه قال تعالى{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }: يونس: 64.

___________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي، ج11،ص168-169.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

يوسف أميناً على خزائن مصر:

رأينا أنّ يوسف ـ هذا النّبي العظيم ـ ثبتت براءته أخيراً للجميع، وحتّى الأعداء شهدوا بطهارته ونزاهته، وظهر لهم أنّ الذنب الوحيد الذي أودع من أجله السجن لم يكن غير التقوى والأمانة التي كان يتحلّى بهما.

إضافةً إلى هذا فقد ثبت لهم أنّ هذا السجين منهل العلم والمعرفة والنباهة وطاقة فذّة وعالية في الإدارة، حيث أنّه حينما فسّر رؤيا الملك (وهو سلطان مصر) بيّن له الطرق الكفيلة للخلاص من المشكلة الإقتصادية المتفاقمة القادمة.

ثمّ يستمر القرآن بذكر القصّة فيقول: { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} وهكذا أمر الملك بإحضاره لكي يجعله مستشاره الخاص ونائبه في المهمّات فيستفيد من علمه ومعرفته وخبرته لحلّ المشاكل المستعصية.

ثمّ أرسل الملك مندوباً لزيارته في السجن، فدخل عليه وأبلغه تحيات الملك وعواطفه القلبية تجاهه ثمّ قال له: إنّه قد لبّى طلبك في البحث والتحقيق عن نساء مصر وإتّهامهنّ إيّاك، حيث شهدنّ جميعهنّ صراحةً ببراءتك ونزاهتك فالآن لا مجال للتأخير، قم لنذهب إلى الملك.

فدخل يوسف على الملك وتكلّم معه فعندما سمع من يوسف الأجوبة التي تحكي عن علمه وفراسته وذكائه الحادّ، إزداد حبّاً له وقال: إنّ لك اليوم عندنا منزلة رفيعة وسلطات واسعة وإنّك في موضع ثقتنا وإعتمادنا { فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} فلابدّ أن تتصدّى للمناصب الهامّة في هذا البلد، وتهتمّ بإصلاح الأُمور الفاسدة، وإنّك تعلم (حينما فسّرت الرؤيا) بأنّ أزمة إقتصادية شديدة سوف تعصف بهذا البلد، وفي تصوّري إنّك الشخص الوحيد القادر على أن يتغلّب على هذه الأزمة.

فاختار يوسف منصب الأمانة على خزائن مصر، وقال إجعلني مشرفاً على خزائن هذا البلد فإنّي حفيظ عليم وعلى معرفة تامّة بأسرار المهنة وخصائصها { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.

كان يوسف يعلم أنّ جانباً كبيراً من الإضطراب الحاصل في ذلك المجتمع الكبير المليء بالظلم والجور يكمن في القضايا الإقتصادية، والآن وبعد أن عجزت أجهزة الحكم من حلّ تلك المشاكل وإضطرّوا لطلب المساعدة منه، فمن الأفضل له أن يسيطر على إقتصاد مصر حتّى يتمكّن من مساعدة المستضعفين وأن يخفّف عنهم ـ قدر ما يستطيع ـ الآلام والمصاعب ويستردّ حقوقهم من الظالمين. ويقوم بترتيب الأوضاع المترديّة في ذاك البلد الكبير، ويجعل الزراعة وتنظيمها هدفه الأوّل وخاصّةً بعد وقوفه على أنّ السنين القادمة هي سنوات الوفرة حيث تليها سنوات المجاعة والقحط، فيدعوالناس إلى الزراعة وزيادة الإنتاج وعدم الإسراف في إستعمال المنتوجات الزراعية وتقنين الحبوب وخزنها والإستفادة منها في أيّام القحط والشدّة.

وهكذا لم ير يوسف بُدّاً من توليّة منصب الإشراف على خزائن مصر.

وقال البعض: إنّ الملك حينما رأى في تلك السنة أنّ الأُمور قد ضاقت عليه وعجز عن حلّها، كان يبحث عمّن يعتمد عليه وينجّيه من المصاعب، فمن هنا حينما قابل يوسف ورآه أهلا لذلك أعطاه مقاليد الحكم بأجمعها وإستقال هو من منصبه.

وقال آخرون: إنّ الملك جعله في منصب الوزير الأوّل بديلا عن (عزيز مصر).

والإحتمال الآخر هو أنّه بقي مشرفاً على خزائن مصر ـ وهذا ما يستفاد من ظاهر الآية الكريمة، إلاّ أنّ الآيتين (100) و(101) واللتين يأتي تفسيرهما بإذن الله تدلاّن على أنّه أخيراً إستقلّ باُمور مصر ـ بدل الملك وصار هو ملكاً على مصر.

وبرغم أنّ الآية رقم (88) تقول: إنّ إخوة يوسف حينما دخلوا عليه نادوه باسم {ياأيّها العزيز} وهذا دليل على أنّه استقلّ بمنصب عزيز مصر، لكن نقول: إنّه لا مانع من أن يكون يوسف قد إرتقى سلّم المناصب تدريجاً حيث كان في أوّل الأمر مشرفاً على الخزائن، ثمّ جُعل الوزير الأوّل، وأخيراً صار ملكاً على مصر.

ثمّ يقول الله سبحانه وتعالى مُنهياً بذلك قصّة يوسف (عليه السلام): { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ }.

نعم إنّ الله سبحانه وتعالى ينزل رحمته وبركاته ونعمه المادية والمعنوية على من يشاء من عباده الذين يراهم أهلا لذلك { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}.

وأنّه سبحانه وتعالى لا ينسى أن يجازي المحسنين، وإنّه مهما طالت المدّة فإنّه يجازيهم بجزائه الأوفى { وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.

ولكن لا يقتصر سبحانه وتعالى على مجازاة المحسنين في الدنيا، بل يجازي المتّقين والمحسنين بأحسن من ذلك في الآخرة وهو الجزاء الأوفى { وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

________________________

1- تفسير الامثل،مكارم الشيرازي،ج6،ص311-313.

                 

 

 

 

 

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .