المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



تفسير الآية (63-69) من سورة الاحزاب  
  
3182   04:20 مساءً   التاريخ: 17-4-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأحزاب /

قال تعالى : {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا } [الأحزاب : 63 - 69] 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

قال سبحانه {يسئلك} يا محمد {الناس عن الساعة} يعني القيامة {قل إنما علمها عند الله} لا يعلمها غيره {وما يدريك} يا محمد أي أي شيء يعلمك من أمر الساعة ومتى يكون قيامها أي أنت لا تعرفه ثم قال {لعل الساعة تكون قريبا} أي قريبا مجيئها ويجوز أن يكون أمره أن يجيب كل من يسأله عن الساعة بهذا فيقول لعل ما تستبطئه قريب وما تنكره كائن ويجوز أن يكون تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) أي فاعلم أنه قريب فلا يضيقن صدرك باستهزائهم بإخفائها {إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا} أي نارا تستعر وتلتهب {خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا} أي وليا ينصرهم يدفع عنهم {يوم تقلب وجوههم في النار} العامل في {يوم تقلب} قوله {وأعد لهم سعيرا} والتقليب تصريف الشيء في الجهات ومعناه تقلب وجوه هؤلاء السائلين عن الساعة وأشباههم من الكفار فتسود وتصفر وتصير كالحة بعد أن لم تكن وقيل معناه تنقل وجوههم من جهة إلى جهة في النار فيكون أبلغ فيما يصل إليها من العذاب .

{يقولون} متمنين متأسفين {يا ليتنا أطعنا الله} فيما أمرنا به ونهانا عنه {وأطعنا الرسولا} فيما دعانا إليه {وقالوا ربنا إنا أطعنا} فيما فعلناه {سادتنا وكبرائنا} والسيد المالك المعظم الذي يملك تدبير السواد الأعظم وهو الجمع الأكثر قال مقاتل هم المطعمون في غزوة بدر(2) ، وقال طاووس هم العلماء والوجه أن المراد جميع قادة الكفر وأئمة الضلال {فأضلونا السبيلا} أي أضلنا هؤلاء عن سبيل الحق وطريق الرشاد {ربنا آتهم ضعفين من العذاب} بضلالهم في نفوسهم وإضلالهم إيانا أي عذبهم مثلي ما تعذب غيرهم {والعنهم لعنا كبيرا} مرة بعد أخرى وزدهم غضبا إلى غضبك وسخطا إلى سخطك .

ثم خاطب سبحانه المظهرين للإيمان فقال {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} أي لا تؤذوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) كما آذى بنو إسرائيل موسى فإن حق النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يعظم ويبجل لا أن يؤذي واختلفوا فيما أوذي به موسى على أقوال ( أحدها ) أن موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل أنت قتلته فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنه قد مات وبرأه الله من ذلك عن علي (عليه السلام) وابن عباس واختاره الجبائي ( وثانيها ) أن موسى كان حييا ستيرا يغتسل وحده فقالوا ما يستتر منا إلا لعيب بجلده إما برص وإما أدرة فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنو إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا رواه أبو هريرة مرفوعا وقال قوم إن ذلك لا يجوز لأن فيه إشهار النبي وإبداء سوأته على رءوس الأشهاد وذلك ينفر عنه ( وثالثها ) أن قارون استأجر مومسة(3) لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه الله تعالى من ذلك على ما مر ذكره عن أبي العالية ( ورابعها ) أنهم آذوه من حيث أنهم نسبوه إلى السحر والجنون والكذب بعد ما رأوا الآيات عن أبي مسلم {وكان عند الله وجيها} أي عظيم القدر رفيع المنزلة يقال وجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر قال ابن عباس كان عند الله خطيرا لا يسأله شيئا إلا أعطاه .

_____________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص183-185 .

2- وهو على ما ذكره المؤرخون اثنا عشر نفرا من كبراء قريش : عباس بن عبد المطلب ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وابي بن خلف ، حكيم بن حزام ، ونضر بن الحارث ، وزمعة بن الاسود ، وابو جهل وابو البختري ابنا هشام ، وحارث بن عامر بن نوفل ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، فكل يوم كان كفيل اطعام المشركين واحد منهم .

3- امرأة مومسة اي : فاجرة .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

{يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} . تقدم مثله في الآية 187 من سورة الأعراف ج 3 ص 431 .

{إِنَّ اللَّهً لَعَنَ الْكافِرِينَ وأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا ولا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهً وأَطَعْنَا الرَّسُولَا} .

يساق الكافرون والعصاة غدا إلى عذاب الحريق ، ولا ناصر لهم ولا عاذر ، فيعضون يد الندامة على ما فرطوا من معصية اللَّه والرسول . . ولكن (ندم البغاة ولات ساعة مندم) . وتقدم مثله في الآية 27 من سورة الفرقان ج 5 ص 464 .

{وقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ والْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} . المراد بالسادة والكبراء زعماء الدين والدنيا ، وباللعن الخزي . . وقد أحال الضعفاء الذنب على القادة من الطرفين ، وطلبوا من اللَّه ان يضاعف لهم العذاب . . ومن دقق التاريخ رأى أن الأمة الجاهلة يقودها - في الغالب - الطغاة والعتاة ، أما أهل الوعي والمعرفة فإنهم لا يأتمنون على مصالحهم إلا الأمناء المخلصين . وتقدم مثله في الآية 38 من سورة الأعراف ج 3 ص 326 .

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} . الذين آذوا موسى (عليه السلام) هم بنو إسرائيل ، ما في ذلك ريب ، حيث وصفوه بما يتنزه عنه الأنبياء . . وتشير الآية إلى أن بعض الصحابة قد آذى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم) ونسبه إلى ما هو بريء منه ، فنهى سبحانه المسلمين عن ذلك . وفي بعض الروايات : ان رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قسم ذات يوم قسما ، فقال له رجل من الأنصار : ان هذه القسمة ما أريد بها وجه اللَّه ، فاحمر وجهه ثم قال : رحمة اللَّه على موسى ، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص242-243 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

آيات تذكر شأن الساعة وبعض ما يجري على الكفار من عذابها وتأمر المؤمنين بالقول السديد وتعدهم عليه وعدا جميلا ثم تختتم السورة بذكر الأمانة .

قوله تعالى : {يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} تذكر الآية سؤال الناس عن الساعة وإنما كانوا يريدون أن يقدر لهم زمن وقوعها وأنها قريبة أو بعيدة كما يومىء إليه التعبير عنها بالساعة فأمر أن يجيبهم بقصر العلم بها في الله سبحانه وعلى ذلك جرت الحال كلما ذكرت في القرآن .

وقوله : {وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} زيادة في الإبهام وليعلموا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل غيره في عدم العلم بها وليس من الستر الذي أسره إليه وستره من الناس .

قوله تعالى : {إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا} لعن الكفار إبعادهم من الرحمة ، والإعداد التهيئة ، والسعير النار التي أشعلت فالتهبت ، والباقي ظاهر .

قوله تعالى : {خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا} الفرق بين الولي والنصير أن الولي يلي بنفسه تمام الأمر والمولى عليه بمعزل ، والنصير يعين المنصور على بعض الأمر وهو إتمامه فالولي يتولى الأمر كله والنصير يتصدى بعضه ، والباقي ظاهر .

قوله تعالى : {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} تقلب وجوههم في النار تحولها لحال بعد حال فتصفر وتسود وتكون كالحة أو انتقالها من جهة إلى جهة لتكون أبلغ في مس العذاب كما يفعل باللحم المشوي .

وقولهم : {يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} كلام منهم على وجه التحسر والتمني .

قوله تعالى : {وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} السادة جمع سيد وهو- على ما في المجمع ، - المالك المعظم الذي يملك تدبير السواد الأعظم وهو الجمع الأكثر ، والكبراء جمع كبير ولعل المراد به الكبير سنا فالعامة تطيع وتقلد أحد رجلين إما سيد القوم وإما أسنهم .

قوله تعالى : {ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا} الضعفان المثلان وإنما سألوا لهم ضعفي العذاب لأنهم ضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم ، ولذلك أيضا سألوا لهم اللعن الكبير .

قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها} نهي عن أن يكونوا كبعض بني إسرائيل فيعاملوا نبيهم بمثل ما عامل به بنو إسرائيل من الإيذاء وليس المراد مطلق الإيذاء بقول أو فعل وإن كان منهيا عنه بل قوله : {فبرأه الله} يشهد بأنه كان إيذاء من قبيل التهمة والافتراء المحوج في رفعه إلى التبرئة والتنزيه .

ولعل السكوت عن ذكر ما آذوا به موسى (عليه السلام) يؤيد ما ورد في الحديث أنهم قالوا : ليس لموسى ما للرجال فبرأه الله من قولهم وسيوافيك .

وأوجه ما قيل في إيذائهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه إشارة إلى قصة زيد وزينب ، وإن يكن كذلك فمن إيذائه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما في كثير من روايات القصة من سردها على نحولا يناسب ساحة قدسه .

وقوله : {وكان عند الله وجيها} أي ذا جاه ومنزلة والجملة مضافا إلى اشتمالها على التبرئة إجمالا تعلل تبرئته تعالى له وللآية وما بعدها نوع اتصال بالآيات الناهية عن إيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص279-280 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1)

يسألون أيّان يوم القيامة ؟!

كانت الآيات السابقة تتحدّث عن مؤامرات المنافقين والأشرار ، وقد اُشير في هذه الآيات التي نبحثها إلى واحدة اُخرى من خططهم الهدّامة ، وأعمالهم المخرّبة ، حيث كانوا يطرحون أحياناً هذا السؤال : متى تقوم القيامة التي يخبر بها محمّد ويذكر لها كلّ هذه الصفات ؟ وذلك إمّا استهزاءً ، أو لزرع الشكّ فيها في قلوب البسطاء ، فتقول الآية : {يسألك الناس عن الساعة} .

ويحتمل أيضاً أن يكون بعض المؤمنين قد سأل النّبي (صلى الله عليه وآله) هذا السؤال بدافع من حبّ الإستطلاع ، أوللحصول على معلومات أكثر حول هذا الموضوع .

غير أنّ ملاحظة الآيات التي تلي هذه الآية ترجّح التّفسير الأوّل ، والشاهد الآخر لهذا الكلام ما ورد في الآيتين 17 ـ 18 / سورة الشورى في هذا الباب ، حيث تقولان : {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى : 17 ، 18] .

ثمّ تقول الآية ـ مورد البحث ـ في مقام جوابهم : {قل إنّما علمها عند الله} ولا يعلمها حتّى المرسلون والملائكة المقرّبون .

ثمّ تضيف بعد ذلك : {وما يدريك لعلّ الساعة تكون قريباً} .

وبناءً على هذا يجب أن نكون مستعدّين دائماً لقيام القيامة ، وهذه هي الحكمة من كونها خافية مجهولة لئلاّ يظنّ أحد أنّه في مأمن منها ، ويتصوّر أنّ القيامة بعيدة فعلا ، ويعتبر نفسه في معزل عن عذاب الله وعقابه .

ثمّ تطرّقت الآية إلى تهديد الكافرين ، وتناولت جانباً من عقابهم الأليم ، فقالت : {إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون وليّاً ولا نصيراً} .

الفرق بين «الولي» و«النصير» هنا هو : أنّ «الولي» من يتولّى القيام بكلّ الأعمال وتنفيذها ، أمّا «النصير» فهو الذي يعين على الوصول إلى الهدف المطلوب . إلاّ أنّ هؤلاء الكافرين لا وليّ لهم في القيامة ولا نصير .

ثمّ بيّنت جزءاً آخر من عذابهم الأليم في القيامة فقالت : {يوم تقلّب وجوههم في النهار} وهذا التقليب إمّا أن يكون في لون البشرة والوجه حيث تصبح حمراء أو سوداء أحياناً ، أومن جهة تقلّبهم في النار ولهيبها حيث تكون وجوههم في مواجهة النار أحياناً ، وأحياناً جوانب اُخرى {نعوذ بالله من ذلك} .

هنا ستنطلق صرخات حسرتهم ، و{يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} فإنّا لوكنّا أطعناهما لم يكن ينتظرنا مثل هذا المصير الأسود الأليم .

{وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السبيلا} (2) .

(السادة) جمع «سيّد» ، وهو المالك العظيم الذي يتولّى إدارة المدن المهمّة أو الدول ، و«الكبراء» جمع «كبير» وهو الفرد الكبير سواء من ناحية السنّ ، أو العلم ، أو المركز الإجتماعي وأمثال ذلك . وبهذا فإنّ السادة إشارة إلى رؤساء البلاد العظام ، والكبراء هم الذين يتولّون إدارة الاُمور تحت إشراف اُولئك السادة ، ويعتبرون معاونين ومشاورين لهم ، وكأنّهم يقولون : إنّنا قد جعلنا طاعة السادة محل طاعة الله ، وطاعة الكبراء مكان طاعة الأنبياء ، فابتلينا بأنواع الإنحرافات والتعاسة والشقاء .

من البديهي أنّ معيار السيادة وكون الشخص كبيراً بين اُولئك الأقوام هو القوّة والسيطرة ، والمال والثروة الغير مشروعة ، والمكر والخداع . وربّما كان إختيار هذين التعبيرين هنا من أجل أنّهم يحاولون توجيه عذرهم ويقولون : لقد كنّا تحت تأثير العظمة الظاهرية لاُولئك .

هنا تثور ثائرة هؤلاء الجهنميين الضالّين ، ويطلبون من الله سبحانه أن يزيد في عذاب مضلّيهم وعقابهم أشدّ عقاب فيقولون : {(ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً} ـ عذاب لضلالهم وعذاب لإضلالهم ـ .

من المسلّم أنّ هؤلاء يستحقّون العذاب واللعن ، وإستحقاقهم للعذاب المضاعف واللعن الكبير بسبب سعيهم في سبيل إضلال الآخرين ، ودفعهم إلى طريق الإنحراف .

والطريف ما ورد في الآية 38 من سورة الأعراف ، من أنّ هؤلاء المتّبعين الضالّين عندما يطلبون عذاب الضعف لسادتهم وأئمّتهم ، يقال : {لكلّ ضعف ولكن لا تعلمون} (3) .

إنّ كون عذاب أئمّة الكفر والضلال مضاعفاً واضح ، لكن لماذا يكون عذاب من اتّبعهم مضاعفاً؟

إنّ سبب ذلك هو أنّهم استحقّوا عذاباً لضلالتهم ، والعذاب الآخر لمعونة الظالمين ومؤازرتهم ، لأنّ الظالمين لا يقدرون على أن يستمرّوا في عمل ما لوحدهم مهما كانت لهم من قوّة ، إلاّ أنّ أتباعهم هم الذين يؤجّجون نار حروبهم ، ويسجرون أتون ظلمهم وكفرهم ، وإن كان عذاب أئمّة الكفر ـ إذا ما قورن بعذاب المتّبعين ـ أشدّ وآلم بدون شكّ .

وقد كان لنا بحث مفصّل في هذا الباب في الآية (30) من هذه السورة .

 

وقوله تعالى : {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهاً

بماذا رموا موسى (عليه السلام) واتّهموه ؟

بعد البحوث التي مرّت في الآيات السابقة حول وجوب إحترام مقام النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وترك كلّ ما يؤذيه والإبتعاد عنه ، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب للمؤمنين ، وقالت : {يا أيّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيهاً} .

إنّ إختيار موسى (عليه السلام) من جميع الأنبياء الذين طالما اُوذوا ، بسبب أنّ المؤذين من بني إسرائيل قد آذوه أكثر من أي نبي آخر ، إضافةً إلى أنّ بعض أنواع الأذى التي رآها كانت تشبه أذى المنافقين لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) .

وهناك بحث بين المفسّرين في المراد من إيذاء موسى (عليه السلام) هنا؟ ولماذا ذكره القرآن بشكل مبهم؟ وقد ذكروا إحتمالات عديدة في تفسير الآية ، ومن جملتها :

1 ـ إنّ موسى وهارون (عليهما السلام) قد ذهبا إلى جبل ـ طبق رواية ـ وودّع هارون الحياة ، فأشاع المرجفون من بني إسرائيل أنّ موسى (عليه السلام) قد تسبّب في موته ، فأبان الله سبحانه حقيقة الأمر ، وأسقط ما في يد المرجفين .

2 ـ كما أوردنا مفصّلا في ذيل الآيات الأخيرة من سورة القصص ، فإنّ قارون المحتال أراد أن يتملّص من قانون الزكاة ، ولا يؤدّي حقوق الضعفاء والفقراء ، فعمد إلى بغيّ واتّفق معها على أن تقوم بين الناس وتتّهم موسى (عليه السلام) بأنّه زنى بها ، إلاّ أنّ هذه الخطّة قد فشلت بلطف الله سبحانه ، بل وشهدت تلك المرأة بطهارة موسى (عليه السلام) وعفته ، وبما أراده منها قارون .

3 ـ إنّ جماعة من الأعداء اتّهموا موسى (عليه السلام) بالسحر والجنون والإفتراء على الله ، ولكن الله تعالى برّأه منها بالمعجزات الباهرات .

4 ـ إنّ جماعة من جهّال بني إسرائيل قد اتّهموه بأنّ فيه بعض العيوب الجسمية كالبرص وغيره ، لأنّه كان إذا أراد أن يغتسل ويستحمّ لا يتعرّى أمام أحد مطلقاً ، فأراد أن يغتسل يوماً بمنأى عن الناس ، فوضع ثيابه على حجر هناك ، فتدحرج الحجر بثيابه ، فرأى بنو إسرائيل جسمه ، فوجدوه مبرّأً من العيوب .

5 ـ كان المعذرون من بني إسرائيل أحد عوامل إيذاء موسى (عليه السلام) ، فقد كانوا يطلبون تارةً أن يريهم الله عزّوجلّ «جهرةً» ، واُخرى يقولون : إنّ نوعاً واحداً من الطعام ـ وهو «المنّ والسلوى» ـ لا يناسبنا ، وثالثة يقولون : إنّنا غير مستعدّين للدخول إلى بيت المقدس ومحاربة «العمالقة» . إذهب أنت وربّك فقاتلا ، وافتحاه لنا لندخله بعد ذلك!

إلاّ أنّ الأقرب لمعنى الآية ، هو أنّها بصدد بيان حكم كلّي عام جامع ، لأنّ بني إسرائيل قد آذوا موسى (عليه السلام) من جوانب متعدّدة . . ذلك الأذى الذي لم يكن يختلف عن أذى بعض أهل المدينة (لنبيّنا (صلى الله عليه وآله)) كإشاعة بعض الأكاذيب وإتّهام زوج النّبي بتهم باطلة ، وقد مرّ تفصيلها في تفسير سورة النور ـ ذيل الآيات 11 ـ 20 ـ والإعتراضات التي اعترضوا بها على النّبي (صلى الله عليه وآله) في زواجه بزينب ، وأنواع الأذى والمضايقات التي كانوا يضايقونه بها في بيته ، أو مناداته باُسلوب خال من الأدب والأخلاق ، وغير ذلك .

وأمّا الإتّهام بالسحر والجنون وأمثال ذلك ، أو العيوب البدنية ، فإنّها وإن اتُّهم موسى بها ، إلاّ أنّها لا تتناسب مع (يا أيّها الذين آمنوا) بالنسبة لنبيّنا (صلى الله عليه وآله) إذ لم يتّهم المؤمنون موسى (عليه السلام) ولا نبيّنا (صلى الله عليه وآله) بالسحر والجنون . وكذلك الإتّهام بالعيوب البدنية ، فإنّه على فرض كونه قد حدث بالنسبة لموسى (عليه السلام) ، وأنّ الله تعالى قد برّأه ، فليس له مصداق أو حادثة تؤيّده في تاريخ نبيّنا (صلى الله عليه وآله) .

وعلى أيّة حال ، فيمكن أن يستفاد من هذه الآية أنّ من كان عند الله وجيهاً وذا منزلة ، فإنّ الله سبحانه يدافع عنه في مقابل من يؤذيه ويتّهمه بالأباطيل ، فكن طاهراً وعفيفاً ، واحفظ وجاهتك عند الله ، فإنّه تعالى سيظهر عفّتك وطهارتك للناس ، حتّى وإن سعى الأشقياء والمسيؤون إلى اتّهامك وتحطيم منزلتك وتشويه سمعتك بين الناس .

وقد قرأنا نظير هذا المعنى في قصّة «يوسف» الصدّيق الطاهر ، وكيف برّأه الله سبحانه من تهمة امرأة عزيز مصر الكبيرة والخطيرة .

وكذلك في شأن «مريم» بنت عمران اُمّ عيسى (عليه السلام) ، حيث شهد وليدها الرضيع بطهارتها وعفّتها ، وقطع بذلك ألسن المتربّصين بها من بني إسرائيل ، والذين كانوا يسعون لإتّهامها وتلويث سمعتها .

والجدير بالذكر أنّ هذا الخطاب لم يكن مختّصاً بالمؤمنين في زمان النّبي (صلى الله عليه وآله) ، بل من الممكن أن تشمل الآية حتّى اُولئك الذين سيولدون بعده ويقومون بعمل يؤذون روحه الطاهرة به ، فيحتقرون دينه ويستصغرون شأنه ، وينسون مواريثه ، ولذلك جاء في بعض الرّوايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) : «يا أيّها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي والأئمّة صلوات الله عليهم . . .» (4) .

وآخر كلام في تفسير هذه الآية هو : أنّه بعد ملاحظة أحوال الأنبياء العظام الذين لم يكونوا بمأمن من جراحات ألسن الجاهلين والمنافقين ، يجب أن لا نتوقّع أن لا يبتلى المؤمنون والطاهرون بمثل هؤلاء الأفراد ، فإنّ الإمام الصادق (عليه السلام) يقول : «إنّ رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط . .» ثمّ يضيف الإمام في نهاية هذا الحديث : «ألم ينسبوا إلى موسى أنّه عنين وآذوه حتّى برّأه الله ممّا قالوا ، وكان عند الله وجيهاً» (5) .

________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص485-490 .

2 ـ إنّ الألف في «الرسولاً» و«السبيلاً» هي ألف الإطلاق ، ولتناسق آخر الآيات ، وإلاّ فإنّ التنوين لا يجتمع مع الألف واللام مطلقاً .

3 ـ ممّا يستحقّ الإنتباه أنّه قد ورد «الضعفان» في الآيات مورد البحث ، و«الضعف» في آية سورة الأعراف ، إلاّ أنّه بالتدقيق في معنى الضعف يتّضح أنّ لكليهما معنىً واحداً .

4 ـ نور الثقلين ، المجلّد 4 ، ص308 .

5 ـ نور الثقلين ، المجلّد 4 ، ص309 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .