أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-8-2022
2475
التاريخ: 2-04-2015
4029
التاريخ: 20-3-2016
3902
التاريخ: 22-3-2016
3433
|
لا يخفى كثرة الاخبار الواردة في ذكر بكاء الملائكة و الأنبياء و الاوصياء عليهم السّلام و سكان السماء و الارض من الجن و الانس و الوحش و الطير، في مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) و كثرة ما نقل في أحوال الاشجار و الجبال و النباتات و البحار عند استشهاده (عليه السلام) و كثرة أشعار و مراثي الجنّ فيه ، و انّ مصيبته أعظم المصائب.
وأيضا في فضل زيارته (عليه السلام) و انّ بقعة كربلاء أشرف البقاع و في فوائد تربته الشريفة و بيان جور الجائرين لمحو آثار قبره المنوّر و المعاجز التي ظهرت منه ، و بيان ثواب لعن قاتليه و كفرهم و شدّة عذابهم و انّهم لم يسعدوا بالدنيا و نعيمها.
ولو لا البناء على الاختصار ، لذكرت جملة منها تبرّكا و تيمّنا ، و لا يخفى أن هذه الوقائع و الآثار المنقولة من انقلاب أحوال العالم بأسرها عند شهادته (عليه السلام) لا تكون مستبعدة و غريبة لدى أرباب الاديان و الملل القائلين بالمبدإ، و المعترفين بالمعاجز و الكرامات.
ولو رجع المتتبع الخبير الى كتب السير و التأريخ لأذعن انّ وقائع سنة (61) للهجرة - سنة استشهاد الحسين (عليه السلام) - خارجة عن العادة ، و قد ذكر جملة منها أهل التاريخ الذين لم يتهموا بالتشيع و الكذب و الافتراء ، كما اتهم علماؤنا.
فذكر بن الأثير الجزري صاحب كتاب كامل التواريخ (المعروف بالاتقان و الاعتبار لدى المؤرخين) بشكل قاطع في وقائع سنة احدى و ستين انّه : و مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع .
و كثيرا ما توجد امثال هذه العبارة في الكتب المعتبرة.
وقال الفاضل الاديب الاريب اعتماد السلطنة في كتاب (حجة السعادة في حجّة الشهادة):
قد اضطربت الارض و ما فيها سنة (61) التي قتل الحسين (عليه السلام) فيها ، و قد ظهرت حمرة في ممالك أوروبا و آسيا ، و انقطع حبل الصلح و السلم و ثارت الفتن و الاحقاد.
ومستند هذا الكتاب المذكور، هو الكتب العتيقة في تاريخ ممالك الدنيا بلغات شتى فجمعها المؤلف المذكور و ترجمها الى الفارسية فليراجع.
ويكفينا في هذا المقام، تجدد مجالس العزاء و المأتم و استمرارها الى يوم القيامة ، بشكل أحسن و أجود ، ولم تندرس هذه المجالس و لم تنس كما ورد في الاخبار الكثيرة و كما قالت عقيلة الهاشميين رضيعة ثدي النبوة ، زينب الكبرى في خطبتها عند يزيد لعنه اللّه : «فكد كيدك واسع سعيك و ناصب جهدك فو اللّه لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا».
وقال البعض انّ هذا الكلام من معاجزها الباهرة ، فقد نصب لواء العزاء من زمن الديالمة الى الآن ، في شرق العالم و غربه ، و نرى حزن الشيعة ، و تجدد آلامهم عند حلول عاشوراء ، و اقامتهم لمجالس العزاء في شتى أنحاء العالم و لبسهم السواد.
قال بعض المؤرخين : انّ معزّ الدولة الديلمي أمر أهل بغداد يوم عاشوراء سنة (352)هـ بإقامة مجالس العزاء لسيد الشهداء و أمر النساء ان ينشرن شعورهنّ و يشققن جيوبهنّ ، و أمر بتعطيل الدكاكين و الاسواق و عدم الطبخ ، فخرجت نساء الشيعة مسودات وجوههنّ ، لاطمات نائحات ، فكان هذا دأبهم كل سنة و قد عجز أهل السنة عن منعهم لكون السلطان مع الشيعة ، و من الغريب تأثير هذه المجالس حتى في قلوب غير المسلمين أو الذين لا يبالون بأحكام الشرع.
و لقد رأيت في كتاب تحفة العالم تأليف الفاضل البارع السيد عبد اللطيف التستري (حسب ما أظن) شرحا عجيبا لمجالس العزاء لدى عبدة النار في الهند و التي يقيمونها في عاشوراء.
وقال الشيخ الجليل المحدث الفاضل الحاج ميرزا محمد القمي رحمه اللّه في كتاب الاربعين ما مضمونه : انّي كنت في ايام عاشوراء سنة (1322) في طريق كربلاء ، فكنت في اليعقوبية و اكثر سكانها من ابناء العامة بل من متعصبيهم ، فسمعت في الليل صوت التعزية و النياح و صياح الاطفال فسألت طفلا من تلك القرية عن الخبر؟.
فقال لي بلسان عربي : ينوحون على سيد المظلومين ، فقلت : من هو سيد المظلومين؟ , قال: سيدنا الحسين (عليه السلام).
وكنت بقية ايام عاشوراء في كردستان فرأيت أهل القرى والأرياف الذين لا علم لهم بمراسم الشيعة ، يقيمون مجالس العزاء في ايام عاشوراء و يصيحون : يا حسين يا حسين.
وأعجب من هذا تأثير مصيبته (عليه السلام) في الجمادات والنباتات والحيوانات كما دلّت الاخبار الكثيرة بتألم جميع موجودات العالم عند قتل الحسين (عليه السلام) وقد بكت جميعها عليه ، وانقلبت أحوال العالم ، للارتباط الوثيق و العميق بينها و بين خليفة اللّه ، بحيث لم يمكن انكارها و اعترف بها العدو و الصديق و الكافر و المؤمن ، و لما كان استيفاء جميع هذه الاخبار، يستدعي وضع كتاب مستقل ، لم نذكرها بل نشير الى جزء يسير منها : روي عن الباقر (عليه السلام) انّه قال : بكت الانس و الجن و الطير و الوحش على الحسين بن عليّ (عليه السلام) حتى ذرفت (أي سالت) دموعها .
وعن الصادق (عليه السلام) قال : انّ ابا عبد اللّه لما مضى بكت عليه السماوات السبع و ما فيهن ، و الأرضون السبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ ، و ما ينقلب في الجنّة و النار من خلق ربنا ، و ما يرى و ما لا يرى ، بكى على ابي عبد اللّه (عليه السلام) الّا ثلاثة أشياء ، لم تبك عليه البصرة و لا دمشق و لا آل عثمان عليهم لعنة اللّه .
وقد مضى اخبار الصادق (عليه السلام) زرارة ببكاء السماء و الارض على الحسين (عليه السلام) اربعين صباحا بالدم.
وروى الصدوق رحمه اللّه عن رجل من أهل بيت المقدس انّه قال : و اللّه لقد عرفنا أهل بيت المقدس و نواحيها عشيّة قتل الحسين بن عليّ ، (فقيل له:) و كيف ذلك؟ .
قال : ما رفعنا حجرا و لا مدرا و لا صخرا الّا و رأينا تحتها دما يغلي و احمرّت الحيطان كالعلق و مطرنا ثلاثة أيام دما عبيطا و سمعنا مناديا ينادي في جوف الليل يقول:
أترجو أمّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب
وأشار عليّ بن الحسين (عليه السلام) في خطبته حينما قدم المدينة الى بكاء جميع الموجودات و انقلاب المخلوقات ، و يؤيد هذا المعنى ما ورد في بعض زياراته (عليه السلام) و أيضا ما ورد من طرق العامة في ظهور العجائب و الغرائب عند قتله (عليه السلام) ، و من رواياتهم في تفسير قوله تعالى : {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ } [الدخان : 29] , انّه : لما قتل الحسين بن علي (عليه السلام) بكت السماء و بكاؤها حمرتها .
وقال ابن عبد ربه الاندلسي بعد ذكره لوفود محمد بن مسلم الزهري على عبد الملك بن مروان ، فسأله عبد الملك : ما أصبح ببيت المقدس الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن عليّ؟.
قلت : لم يرتفع تلك الليلة التي صبيحتها قتل عليّ بن أبي طالب و الحسين بن عليّ ، حجر في بيت المقدس الّا وجد تحته دم عبيط .
وروى في كامل الزيارات مثله عن الامام الباقر (عليه السلام)، حيث قال الامام تلك المقالة لهشام بن عبد الملك.
وروى ابن عبد ربه أيضا انّه : كان في عسكر الحسين (عليه السلام) طيب فنهب فما استعملته امرأة الّا أصيبت بالبرص.
وحكاية كتابة الكف «أ ترجو أمة قتلت حسينا» و حكاية صيرورة الدراهم التي أعطاها الراهب لحملة رأس الحسين (عليه السلام) خزفا التي رواها علماء العامة ، و حكاية رثاء الجن على الحسين (عليه السلام) اكثر من أن تحصى و جاء في تذكرة السبط و غيرها سماع أمّ سلمة ليلة قتل الحسين (عليه السلام) نوح الجن عليه: «ألا يا عين فاحتفلي بجهد» .
و سماع الزهري نوحهم أيضا بهذه الابيات:
نساء الجن يبكين نساء الهاشميات و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات
و يلبسن ثياب السود بعد القصبيات
وأيضا ورد في مراثيهم:
مسح النبي جبينه و له بريق في الخدود أبواه من عليا قريش جدّه خير الجدود
وذكر ابن الجوزي في التذكرة و غيره عن ابن سعد في الطبقات : انّ هذه الحمرة لم تر في السماء قبل أن يقتل الحسين.
قال جدّي أبو الفرج في كتاب التبصرة : لما كان الغضبان يحمر وجهه عند الغضب ، فليستدل بذلك على غضبه ، و انّه أمارة السخط ، و الحق سبحانه ليس بجسم ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الافق و ذلك دليل على عظم الجناية .
وفي بعض كتب العامة انّه لما قتل الحسين مكث شهرين أو ثلاثة كأنّما لطخت الحيطان بالدم و مطرت السماء و بقي أثره في الثياب .
وقال ابراهيم بن محمد البيهقي في كتاب المحاسن و المساوي - و قد ألّف قبل اكثر من ألف سنة- : قال محمد بن سيرين : «ما رؤيت هذه الحمرة في السماء الّا بعد ما قتل الحسين (عليه السلام) و لم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر الّا أصابها وضح ، فكتب ملك الروم الى ملك العرب: قتلتم نبيا أو ابن نبي؟ .
وعن ابن سيرين أيضا انّه : وجد حجر قبل مبعث النبي (صلى الله عليه واله) بخمسمائة سنة ، عليه مكتوب بالسريانية فنقلوه الى العربية فاذا هو:
أ ترجوا أمة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب
و قال سليمان بن يسار رأيت صخرة مكتوبا عليها:
لا بد أن ترد القيامة فاطمة و قميصها بدم الحسين ملطخ
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه و الصور في يوم القيامة ينفخ
و في مجموعة الشيخ الصدوق و الكشكول و زهر الربيع انّه وجد عقيق أحمر مكتوب عليه:
انا درّ من السماء نثروني يوم تزويج والد السبطين
كنت انقى من اللجين بياضا صبغتني دماء نحر الحسين
وقال السيد الجزائري في زهر الربيع : رأيت حصاة صغيرة صفراء في شوشتر قد اخرجت من الارض و مكتوب عليها : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لا إله الّا اللّه محمد رسول اللّه عليّ وليّ اللّه لما قتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كتب بدمه على ارض حصباء ، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
ولم تكن هذه القضايا عجيبة لوقوع نظيرها في زماننا هذا كما اخبرنا الشيخ المحدث الجليل المرحوم ثقة الاسلام النوري طاب ثراه عن شيخه عبد الحسين الطهراني رحمه اللّه انّه : لما ذهب الى الحلّة رأى شجرة قطعت مكتوب فيها : لا إله الّا اللّه محمد رسول اللّه عليّ وليّ اللّه.
وذكر هذه القضية العالم الفاضل الاديب الماهر الحاج ميرزا أبو الفضل الطهراني بواسطة والده المحقق عن المرحوم شيخ العراقيين الشيخ عبد الحسين ثم قال بعده : و رأيت في طهران الماسا صغيرا لا يبلع حجمه نصف العدس و منقوش في باطنه بصورة يقطع الناظر بعدم صناعته بيد البشر، لفظ عليّ (عليه السلام) بالياء المعكوسة ، في جنبه لفظ كأنه الياء فيصير المجموع يا علي و كثرت هذه القضايا في كتب السير و التأريخ.
وفي بعض كتب العامة انّه سمع هاتف في الليلة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام) يقول : أيّها القاتلون جهلا حسينا الى آخر الابيات ، و في بعض الأحاديث انّ السماء بكت دما عند قتل الحسين (عليه السلام) و انّ السماء اسودت بكسوف الشمس بحيث ظهرت الكواكب و لم ترفع صخرة الّا و تحتها دم يغلي.
وفي رواية ابن حجر انّ السماء بكت سبعة أيام و احمرّت ، و نقل ابن الجوزي عن ابن سيرين انّه قال : لما قتل الحسين اظلمت الدنيا ثلاثة ايام ثم ظهرت هذه الحمرة .
وروي في ينابيع المودة عن جواهر العقدين للسمهودي انّه : خرج جمع لغزو الروم فوجدوا خطا على كنيسة و هو : «أ ترجو أمة قتلت حسينا ...» فسألوا عن كاتبه ، فقيل : لم يعلم ، و روي في ذلك الكتاب أيضا قضايا عديدة عن مقتل ابي مخنف من نوح الجن و رثائها و سير أهل البيت عليهم السّلام الى الشام ثم قال:
لما وصلوا الى دير الراهب ، وضع حامل الرأس ، الرأس على الرمح ، فسمعوا صوت هاتف يقول:
و اللّه ما جئتكم حتى بصرت به بالطف منعفر الخدّين منحورا
و حوله فتية تدمى نحورهم مثل المصابيح يغشون الدجى نورا
كان الحسين سراجا يستضاء به اللّه يعلم انّي لم أقل زورا
ونقل عن شرح الهمزية لابن حجر ما مضمونه : و من الآيات الظاهرة يوم قتل الحسين (عليه السلام) انّ السماء بكت دما بحيث امتلأت الاواني بالدم و اظلمت الدنيا حتى رؤيت النجوم و زعم الناس قيام الساعة ، و تصادمت النجوم و اختلطت ، و لم يرفع حجر الّا و قد وجد تحته دم عبيط ، و بقيت الدنيا مظلمة ثلاثة أيام ثم ظهرت هذه الحمرة ، و قيل انّها مكثت ستة أشهر و ذكر السيوطي نحوه في تاريخ الخلفاء ثم قال : و صار الورس الذي في عسكرهم رمادا ، و نحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران و طبخوها فصارت مثل العلقم , (و قد ذكر هذا المطلب البيهقي في المحاسن و المساوئ) و قد كثرت هذه الحكايات و الغرائب في كتب أهل السنة بحيث لا يمكن احصاؤها
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|