أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
1587
التاريخ: 2-03-2015
2759
التاريخ: 2-03-2015
3728
التاريخ: 2-03-2015
37971
|
و الثانية كوفية، رائدها أبو جعفر الرؤاسي، و أبو مسلم معاذ الهرّاء و منظّرها عليّ بن حمزة الكسائي، و اكتملت قواعدها على يد أبي زكريا يحيى بن زياد الفراء.
و ساعد على تركيز هذا التقسيم، ما كان يروى من تنافس بين القطرين و بين الأئمة فيهما، كما أظهر هذا التنافس جوا من المناظرات، و الخلاف الذي يتناول أولا بعض الجزئيات المحدودة، ثم يتصاعد بعد ذلك ليصل إلى درجة خلاف مذهبي شامل.
مع أن مناظرة سيبويه و الكسائي، التي أقامت الدنيا و أقعدتها لا تعدو أن تكون خلافا في تقدير صحة الاستعمال في قولهم: «كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور، فإذا هو هي» ، أو فإذا هو إياها، ثم يأتي التقدير بعد سواء عند من يعتقد أن «هي» خبر لمبتدأ، أو عند الذين يقولون بأن «هو» ضمير فصل، ينصب ما بعده (إياها) بفعل مقدر (وجدت)(1). ثم تطورت فروع هذا الخلاف، فكانت المساجلات الأدبية بين الكسائي و اليزيدي، و الجدل بين ثعلب و المبرد، حتى انته الأمر إلى أبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري الذي جمع في كتاب الإنصاف مائة و إحدى و عشرين مسألة من هذا الخلاف.
و حينما نمعن النظر في هذين المذهبين فإننا نجد التباين بين المدرستين أقل مما يتصوره المؤرخون، حيث أن أكثرها يعود إلى العوامل التقديرية التي عللوا بها الإعراب مع أنهم متفقون غالبا في حكم الإعراب نفسه.
فمن ذلك أن البصريين يعتقدون أن الظرف، و الجار و المجرور، يرفعان الاسم الذي بعدهما. و هو عند البصريين مبتدأ. و لقد وافق المبرد الكوفيين في هذا الرأي (2). و يرى نحاة الكوفة أن المفعول منصوب بالفعل و الفاعل اللذين قبله، بينما يكتفي البصريون بالفعل وحده ناصبا. و حينما نقول «زيدا أكرمته» فكلمة «زيد» معمول للفعل الظاهر عند الكوفيين، أما ناصبه عند البصريين فهو فعل سابق مقدر. و اختلفوا في ناصب المستثنى
ص100
بعد «إلا» ، إذ يقرر الكوفيون أن «إلا» هي عامل النصب هنا، و أيدهم المبرد و الزجاج في هذا الرأي (3)، لكن سائر البصريين يقدرون فعلا متوسطا بين «إلا» و بين المستثنى. و نشير هنا أن للفراء رأيا في «إلا» لا يخلو من طرافة، فهو يعتقد أنها مركبة من «إنّ» و «لا» ، ثم خففت «إنّ» و أدغمت في «لا» فصارت عامل نصب في الإيجاب مراعاة لعمل «إنّ» ، و عطفوا بها في النفي اعتبارا ل (لا)(4) و ينكر البصريون هذا النوع من الإعمال المركب. و هم في كل هذه الأمثلة متفقون على الصيغة النحوية في الإعراب.
و من الجدير بالذكر، أنه في عدة حالات نرى بعض أئمة البصريين يشاطر الفريق الآخر رأيه، فقد لاحظنا مثلا أن المبرد يؤيد قولهم في عامل رفع المبتدأ و نصب المستثنى ب (إلا) كما يؤيدهم في منع تقديم خبر (ليس) (5).
و نرى إمام الكوفيين عليا بن حمزة الكسائي يوافق البصريين في منع ترخيم الاسم إذا كانت أحرفه لا تزيد على ثلاثة(6) و على أن «نعم» و «ليس» من الأفعال(7) و أن المنادى العلم المفرد مبني، و ليس معربا بحذف التنوين حسب ما يراه جمهور الكوفيين(8).
و هناك رأي سائد يعتقد أن أهل الكوفة أخذوا نماذج اللغة عن أكلة الصواريز و باعة الكواميخ، دون تحري الأفصح، فاتسعوا في القياس على أمثلة رويت عمن لا يوثق بعربيتهم، بيد أنه لا بد من أخذ هذه النظرية بشيء من الحذر لقلة أسس الخلاف بين الاتجاهين.
صحيح أننا نجد في مسائل الخلاف المحصورة نوعا من المرونة في القياس و في تركيب الجملة عند الكوفيين، فيجوز عندهم صوغ أفعل التفضيل من البياض و السواد. بلفظ «ما أبيضه» و «و ما أسوده» و يجيزون الفصل بين المضاف و المضاف إليه بفاصل و لو لم يكن ظرفا، أو جارا و مجرورا، كما لا يمانعون في توكيد النكرة إذا كانت تدل على زمان معين، و يبيحون إضافة الشيء إلى نفسه إن اختلف اللفظ مثل «حق اليقين» ، و «حب الحصيد» . و يجوز لديهم أن يعطف الاسم على الضمير المخفوض و بذلك فسروا قوله تعالى: (لٰكِنِ اَلرّٰاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ مٰا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ اَلْمُقِيمِينَ اَلصَّلاٰةَ ) (النساء- الآية 162) ، فقالوا: (إن المقيمين في محل
ص101
الخفض عطفا على ضمير (منهم) ) أما أجازوا العطف على ضمير الرفع المتصل، و على هذا حملوا قوله تعالى: (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوىٰ وَ هُوَ بِالْأُفُقِ اَلْأَعْلىٰ ) (النجم- الآيتان 6،7)، قائلين أن (هو) عطف على ضمير (استوى) . و الضمير الأول يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و الثاني يعني جبريل عليه السّلام، كما اعتبروا أيضا قول جرير:
فحينما نرى حصر مسائل الخلاف، و عدم تأثير أكثرها في الفروع، و تداخل الآراء بين الجانبين نتبين أن عبارة الدكتور شوقي ضيف في وصف هاتين المدرستين أقرب إلى الصواب حيث قال إنها (أفنان دوحة واحدة) .
و من النادر أن نجد بينهم خلافا في حكم الإعراب، مثل ما أشرنا إليه في «المسألة الزنبورية» ، و نرى مثالا آخر، و هو أن الكوفيين يرون وجوب نصب الصفة إذا كانت خبرا بعد الظرف المكرر، في مثل قوله تعالى: (وَ أَمَّا اَلَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي اَلْجَنَّةِ خٰالِدِينَ فِيهٰا) (هود-الآية 108) ، و يجوز الرفع عند البصريين (11).
أما اختلافهم في المصطلحات، فهو أمر شكلي، لأن نشأة كل علم تستدعي وضع تعريفات أولية، تتطور حسب اتجاهات العلماء، و قد رأينا أن سيبويه في الكتاب، كانت له مصطلحاته الخاصة، و لكن إذا عرفت المقاصد، فلا عبرة بالألفاظ. و جل الألفاظ المتعارف عليها اليوم من عهد ابن مالك، من أصل بصري، ما سوى «النعت» و «عطف النسق» ، و في القائمة الآتية نذكر أهم اصطلاحات الكوفيين، و الذي يظهر أن أغلبها من وضع الفراء (12):
1. الخلاف: عامل ينصب الخبر في نحو: زيد أمامك.
2. الصرف: عامل ينصب المفعول معه في نحو: جاء زيد و طلوع الشمس.
3. التقريب: مثل: هذا زيد قائما.د
ص102
4. الفعل الدائم: اسم الفاعل.
5 .الكناية: الضمير.
6. المجهول: ضمير الشأن.
7. القطع: الحال في نحو: رأيت زيدا ظريفا.
8. العماد: ضمير الفصل.
9. شبه المفعول: المفعول المطلق، و الظرف، و المفعول به.
10. الصفة أو المحل: الظرف.
11. الترجمة: البدل.
12. التفسير: التمييز.
13. النعت: الصفة.
14. لا التبرئة: التي لنفي الجنس.
ص103
________________________
(1) راجع الزبيدي طبقات النحويين، ص 68.
(2) ابن الأنباري: الإنصاف، ص 51.
(3) ابن الأنباري: الإنصاف، ص 561.
(4) المصدر نفسه، ص 261.
(5) المصدر نفسه، ص 160.
(6) المصدر نفسه، ص 357.
(7) المصدر نفسه، ص 97.
(8) المصدر نفسه، ص 323.
(9) ابن الأنباري: الإنصاف، ص 148،427،364451،436،463،474.
(10) المصدر نفسه، ص 488.
(11) المصدر نفسه، ص 258.
(12) راجع شوقي ضيف: المدارس النحوية، ص 195.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكريّة يطلق دورة في البرمجيات لتعزيز الكفاءات التقنية للناشئة
|
|
|