الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الاستعارة التمثليّة
المؤلف:
عبد الرحمن الميداني
المصدر:
البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها
الجزء والصفحة:
ص662-665
26-03-2015
13987
الاستعارة أنها تكون في المفرد وتكون في المركّب، وأن الاستعارة في المركب تسمّى "الاستعارة التمثيليّة".
الاستعارة في المركب: هي كما سبق بيانُه في المقدِّمة استعارة يكون اللّفظ المستعار فيها لفظاً مُرَكَّباً، وهذا اللّفظ المركب يستعمل في غير ما وُضِعَ له في اصطلاح به التخاطب، لعلاقة المشابهة بين المعنى الأصليّ، ويسمّى "الاستعارة التمثيليّة" وقد يطلق عليه "الاستعارة على سبيل التمثيل" .
وهذه الاستعارة يستعملها الناس في مخاطباتهم وأمثالهم الدارجة، في فصيح الكلام العربي، وفي اللِّسان العامّي الَّذي يتخاطبُ عامَّةُ الناس به، ويُسْتَعْمَل أيضاً في غير العربيَّة من اللُّغات الإِنسانيَّة الأخرى.
* فمن العاميّ قول الناس إذا رأَوا صاحب صنعه أَوْ مَهْنة يُهْمِلُ أشياءه الخاصة التي يصنع مثلها لغيره بإتقان: "بابُ النجَّار مخلَّع" أو "السّكافي حافي والحايك عريان".
وهذه الاستعارة قائمة على تشبيه حال هذا المُهْمِل لأشيائه الخاصة بحال النجّار الذي يصنع الأبواب المتقنة للناس مقابل ما يناله من أجر، ويُهْمِلُ باب داره إهمالاً مثيراً للانتقاد والتلويم، أو تشبيه حاله بحال الإِسْكاف الذي يُصْلح أحذية الناس ويمشي حافيّاً مُهْمِلاً إصلاحَ حِذَائه، أو تشبيه حاله بحال الحائك الذي يحيك الثياب للناس ويبيعها لهم، ويمشي هو كالعريان، بثيات مُمَزَّقة رثَّة.
* وقول العامة إذا رأوْا إنساناً يعالج أمراً لا جدوى منه: "يَنْفُخُ في قِرْبة مَخْرُومَة".
الأمثلة من الفصيح:
(1) قول المتنبّي يصف الذي يَعِيب الشعر الرائع بسبب خَلَلٍ ذوقيّ لَدَيّه، يَجْعَلُهُ يرى الجميل قبيحاً، والكامل ناقصاً، والحسن سيِّئاً:
*وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ * يَجِدْ مُرّاً بِهِ الْمَاءَ الزُّلالَ*
هذا الكلام الذي يدلُّ معناه الأصلي على أنَّ المريض الذي يُفْرِزُ فَمُهُ مُفْرَزاتٍ مُرَّةً، يَجدُ الماءَ الزُّلال مُرّاً في فمه، وليس ذلك من مرارة الماء، بل من الأشياء المرَّة الَّتي يُفْرِزُها فَمُه.
لكنَّ المتنّبي استعار هذا الكلام على طوله للدلالة به على حال من ليس لديه ملكة إدْراك الشعر الرائع النفيس، فهو بسبب ذلك يَعِيبُ الحسَنَ الجيّد منه، ويَنْتَقِدُه بغير فهم، ولا حُسْنِ تَذَوُّق.
(2) قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُلْدَغُ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتَيْن" هذه العبارة النبوية تُسْتَعْمَل على سبيل "الاستعارة التمثيليّة" للتحذير من تكرار العمل الذي جَرَّ مُصِيبة في نفسٍ أو مالٍ، أو أفضى إلى أمْرٍ غير محمود.
(3) إذا رأى الناس اجتماع جمهورٍ غفيرٍ على عالمٍ أو واعظٍ أو زعيم، أو كثرةَ إقبالهم على سوقٍ من أسواق التجارة، تمثّل قائلهم بقول الشاعر:
*"والْمَوْرِدُ الْعَذْبُ كَثيرُ الزِّحَام"*
هذا القول يُسْتَخْدَمُ على سبيل "الاستعارة التمثيليّة" مراداً به غير معناه الأصلي الذي قاله الشاعر للدلالة به عليه.
(4) ويقال فيمن يعمل عملاً لا جدوى منه، ويَبْذُلُ فيه جَهْداً ضائعاً:
* "ينْفُخُ في رماد".
* "تَضْرِبُ في حَدِيدٍ بارِد".
* "يَحْرُثُ في البحر".
فتُسْتَعَارُ هذه الجمل وأمثالُها للدلالة بها على أنَّ العامل الَّذي يُتَحَدَّثُ عنه يَعْمَلُ عملاً ضائعاً عَدِيمَ الأَثَرِ والنفع.
(5) ويُقال فيمن يَغْتَرُّ بمَنْ لا خير فيه، ولا نَفْعَ يُرْجَى لديه:
* "يَسْتَسْمِنُ ذَا وَرَمٍ".
أو قول المتنبي:
*أُعِيذُهَا نَظَرَاتٍ مِنْكَ صَادِقَةً * أَنْ تَحْسَبَ الشَّحْمَ فِيمَنْ شَحْمُهُ وَرَمُ*
(6) ويُقال لِمَنْ يُدْعَى لتحصيل مطلوبه ضِمْنَ العاملين الكثيرين الذين يعملون في أَمْرٍ مَا ليَحْصُلوا منه على مطلوبهم المماثل لمطلوبه:
"أَدْلِ دَلْوَكَ في الدِّلاَء".
مع أنه لا دلْوَ ولا بئر.
(7) ويُقالُ لِمَنْ يُنْصَحُ بأنْ يَتَّخِذَ من وسائل القوة مَا يَصْلُح لتحقيق تَغَلُّبه على الصِّعاب الشديدة الَّتي تواجهه:
"إِنَّ الحَدِيدَ بِالْحَدِيدِ يُفْلَحُ".
يُفْلَحُ: أي: يُشَقُّ ويقطع.
(8) ويقال لمن يعمل جاهداً في إقامة الفروع قبل العمل بتأسيس الأصول:
"مَنْ بَنَى على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَبِنَاؤُه مُنْهَارٌ".
أو "قَبْلَ أَنْ ترفع بناءَكَ أَرْسِ أُسُسَه ودَعَائِمه".
(9) ويقال لمن يَتْرُكُ العملَ زاعماً أنَّ التوكُّلَ على الله يكفيه، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين سأله: أأعْقِلُ ناقتي يا رسول الله أم أتوكّل:
"اِعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ".
(10) ويقال لمن يَنَالُ جَزَاءَ عَمَلِه الذي كان قد عمله خيراً أو شراً:
"يَحْصُدُ ما زرع".
أو "يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نفخ".
أَوْكَتَا: أي: شَدَّتَا الصُّرَّةَ أو القِرْبَةَ بالْوِكاء، وَهُوَ الخيطُ الذي يُشَدُّ به نَحْوُ فَمِ القِربة:
(11) ويقال لمن يَنْقُل كلُّ ما يَسْمَع، أو يُدَوِّن في مؤلَّفَاتِه كلَّ ما يَطَّلعُ عليه دون تحقيق ولا تحرير ولا تمييز.
"حَاطِبُ لَيْلٍ".
إلى غير ذلك من أمثلة كثيرة جدّاً.
تنبيه:
حين تجري العبارة مجرى الأمثال، وتغدو مثلاً، فإنَّها تُسْتَعار بلفظها دون تغيير، فيخاطَبُ بها المفرد والمذكر وفروعهما: "المؤنث - المثنى - الجمع" وفق صيغتها التي وردت دون تبديلٍ ولا تعديل.
ومنها الأمثال التالية:
(1) قوله: "أحَشَفاً وَسُوءَ كِيلَة".
الْحَشَفُ: التمْر الرديء الذي فَقَدَ خصَائصه.
الكِيلَةُ: هَيْئة الكَيْل.
هذا مثل يضرب لمن يظلم من جهتين.
(2) قولهم: "إنَّ الْبَغَاثَ بِأرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ".
البَغَاث: طائر أبْغَثُ اللَّون، أي: فيه بُقَعٌ بيضٌ وسود، والْبَغَاثُ نوعٌ من الطير أصغر من الرَّخَم بطيء الطيران وهو ممّا يُصاد، الواحدة منه "بَغَاثَة".
يَسْتَنْسِرُ: أي: يصير كالنّسْر فلا يُستطاع صَيْدُه.
هذا مَثَلٌ يُضْرَبُ ويرادُ به الدلالة على أنّ من نزل بأرضنا وجاورنا قَوِيَ بِنَا وَعَزّ.
(3) قولهم: "الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ".
هذا مثلٌ يُضْرَبُ لمن فرَّط بطلب حاجته عند تمكُّنه منها، ثمَّ طلبها بَعْدَ فواتِ أوانها.
وأصل المثل أنّ امرأة طَلَبْتْ من زوجها ذي اليسار الطَّلاق، وكان ذلك في زمن الصَّيف، فطلَّقها، فتزوّجَتِ ابْنَ عمّها، وكان شابّاً مُعْدِماً، فمرَّت في الشتاء بأرضها إبلُ زَوْجها السابق، فأرسَلَتْ خادِمَها إليه تطلُبُ منه لَبَناً، فقال: "الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَن" فسَارَتْ عبارتُه مثلاً.
(4) قولهم: "أَنْ تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ".
هذا مثَلٌ يُضْرَبُ لمَنْ له ذِكْرٌ في النّاسِ كبير، ولكن ليس له جسْمٌ يملأُ عَيْنَ الناظر إليه.
قاله "النعمانُ بن المنذر" أو "المنذر بن ماء السّماء" في رجُلٍ سَمعَ بذكْرِه ينتهي نسَبُه إلى "مَعَدِّ" وتصغيره "مُعَيْد" فلمّا رآه اقْتَحَمَتْهُ عَيْنُه، أي: ازدَرَتْه، فقال كَلِمَتَهُ: فذهبت مثلاً.
قالوا: فقال الرَّجُلُ للمنذر بن ماء السماء: أبَيْتَ اللَّعْنَ، إنَّ الرّجَالَ لَيْسُوا بِجُزُرٍ تُرادُ مِنْهَا الأَجْسَام.
الاكثر قراءة في البيان
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
