أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2016
1822
التاريخ: 2023-09-21
1177
التاريخ: 18-5-2016
1694
التاريخ: 5-6-2016
5224
|
بالرغم من أنّه يصعب على اُولئك الذين شهدوا وعاشوا في ظلّ حكم الطواغيت الظلمة والعتاة المتجّبرين، قبول هذه الحقيقة بسهولة، وهي أنّ كلّ هذه الحكومات على خلاف نواميس الخلقة، وقوانين عالم الخلقة، وأنّ ما ينسجم معها هو حكم الصالحين المؤمنين، إلاّ أنّ التحليلات الفلسفيّة تنتهي إلى أنّ هذه حقيقة واقعيّة، وبناءً على هذا فإنّ جملة {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] قبل أن تكون وعداً إلهيّاً، فإنّها تعتبر قانوناً تكوينيّاً.
توضيح ذلك: إنّ عالم الوجود ـ على حدّ علمنا ـ مجموعة من الأنظمة والقوانين تحكم جميع أرجاء هذا العالم وهي بذاتها دليل على وحدة هذا النظام وإرتباط أجزائه. وجود النظم والقانون في عالم الوجود والخلق تعتبر من أهمّ مسائل هذا العالم، فمثلا: إذا وجدنا مئات العقول الالكترونية القوّية قد انضمّ بعضها إلى بعض لإعداد الرحلات الفضائية لروّاد الفضاء بالمحاسبات الدقيقة، وكانت حساباتها صحيحة تماماً حيث تنزل المركبة الفضائية في المكان المقترح لها على سطح القمر، مع أنّ كوكبي القمر والأرض يتحرّكان كلاهما بسرعة، فينبغي أن نعرف أنّ هذا الحدث العظيم مدين لنظام المجموعة الشمسية وأقمارها الدقيق، لأنّهم إذا إنحرفوا عن مسيرهم الدقيق المنتظم بمقدار 1% من الثّانية، لما كان معلوماً مصير رجال الفضاء!
وننتقل من العالم الكبير إلى عالم أصغر وأصغر وصغير جدّاً، فهنا ـ وخاصّةً في الكائنات الحيّة ـ سيتّخذ النظام معنى أكثر حيويّة، ولا محل للفوضى فيه مطلقاً، فإنّ إختلال النظام في خلية واحدة في دماغ الإنسان كاف لأن يبدّل نظم حياته إلى إضطراب مؤسف.
وجاء في أخبار الصحف: إنّ شاباً جامعياً قد نسي كل ماضيه تقريباً على أثر هزّة دماغية شديدة في حادثة سير! مع أنّه كان سالماً من حيث الجهات الاُخرى، فلم يعرف أخاه ولا اُخته كما كان يتضايق عندما تحتضنه اُمّه وتقبّله، ويتساءل: ماذا تفعل معي هذه المرأة الأجنبية؟ فيذهبون به إلى مسقط رأسه، وإلى الغرفة التي نشأ فيها، فكان ينظر إلى أعماله اليدوية، ولوحاته الفنية، إلاّ أنّه يقول: إنّي أرى هذه الغرفة واللوحات لأوّل مرّة! ربّما كان يعتقد أنّه قد قدم من كوكب آخر، فكلّ شيء جديد بالنسبة له.
ربّما توقّفت بعض خلاياه من بين عدّة مليارات من الخلايا المخيّة، وهي التي تربط ماضيه بحاضره، ولكن أي أثر مرعب تركه هذا الإختلال الجزئي؟!
هل يستطيع المجتمع الإنساني بإنتخابه اللانظام والفوضى والظلم والجور والشقاء أن يعزل نفسه عن تيار نهر عالم الخلقة العظيم، والذي يسير كلّه ببرنامج منظّم؟
ألا تجعلنا مشاهدة الوضع العام للعالم نفكّر في أنّ البشر أيضاً يجب أن يخضعوا لنظام عالم الوجود، شاؤوا أم أبوا، ويقبلوا القوانين المنتظمة العادلة، ويعودوا إلى مسيرهم الأصيل ويكونوا منسجمين وهذا النظام.
إذا ألقينا نظرة على بناء أجهزة بدن الإنسان المختلفة المعقّدة، إبتداءً من القلب والمخ إلى العين والاُذن واللسان، إلى بصيلة الشعر، سنراها جميعاً خاضعة لقوانين وأنظمة وحسابات دقيقة، وإذا كان الأمر كذلك في البدن، فكيف تقدر البشرية أن تستقرّ بدون اتّباع ضوابط ومقرّرات ونظام صحيح وعادل؟
إنّنا نريد بقاء البشرية، ونسعى لذلك، غاية ما في الأمر أنّ مستوى وعي مجتمعنا لم يصل إلى ذلك الحدّ بحيث نعلم أنّ إستمرارنا في هذا الطريق الحالي سينتهي إلى فنائنا، ولكن سنثوب إلى عقولنا تدريجيّاً، ويحصل لنا هذا الإدراك والرشد الفكري.
نحن نريد منافعنا ومصالحنا، ولكنّنا إلى الآن لا نعلم أنّ إستمرار الوضع الحالي سيدمّر مصالحنا ويجعلها هباءً منثوراً، ولكنّا نضع نصب أعيننا الأرقام والإحصائيات الحيّة الناطقة عن سباق التسلّح مثلا، وسنرى أنّ نصف القوى الفكرية والجسمية للمجتمع البشري، ونصف الثروات ورؤوس الأموال الضخمة تهدر في هذا المجال! ولا تهدر فحسب، بل إنّها تسعى إلى فناء وإتلاف النصف الثّاني!
وتزامناً مع إرتفاع سطح وعينا سنرى بوضوح أنّنا يجب أن نعود إلى نظام عالم الوجود العام، ونضمّ صوتنا إليه، ونتّحد معه.
وكما أنّنا جزء من هذا الكلّ فعلا، فيجب أن نكون كذلك من الناحية العملية حتّى نستطيع أن نصل إلى أهدافنا في جميع المجالات.
والنتيجة هي: إنّ نظام الخلقة سيكون دليلا واضحاً على قبول نظام إجتماعي صحيح في المستقبل، في عالم الإنسانية، وهذا هو الذي يستفاد من الآية مورد البحث، والأحاديث المرتبطة بقيام المصلح العالمي العظيم، المهدي الموعود (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ممّا يستحقّ الإنتباه أنّ هذا البحث قد كتب في ليلة الخامس عشر من شعبان سنة 1402، والمصادف للميلاد السعيد للإمام المهدي صاحب الزمان (عليه السلام)، فالحمد لله على هذا التقارن.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|