تحليل متطلبات التحول نحو (الموازنة الذكيـة) 
الرؤية العامة : قبل الولوج وفي وضع تصورات عن آليات الدخول نحو النماذج المحدثة للموازنة العامة نتطرق الى الأهداف الرئيسية للمالية العامة في العراق ونقاط الضعف في الموازنة العامة ليتسنى لنا وضع الأطر الرئيسية لعملية الاصلاح الموازني من خلال المخطط الآتي : 

     
اولاً : الخلاصة التحليلية The analytical summary :    
من واقع معطيات البحث والتي تناولت مواضيع مترابطة منها ادارة الموازنات العامة وتأثيرات ريعية الموارد ، سيما (النفط والغاز) على عملية اعداد الموازنة في الدول الريعية (سيما العراق) ، وتم التحديد حصراً في الدول التي تعيش حالة التحول   الى اقتصاد السوق ، اذ ان عملية التحول الى اقتصاد السوق تستلزم تغييرات جذرية في الهيكل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومنها الموازنة العامة لما لها من دور محوري ، اذ انها تشكل مرتكزاً اقتصادياً مهماً كونها الوثيقة الرئيسية التي من خلالها يتحدد حجم القطاع العام والقطاع الخاص ودور الدولة والتغيرات الحاصلة في ادواتها المالية . 
ونظراً لمعاناة الدول الريعية من الافرازات السلبية لعوائد (الريع) النفطي وقطاعه على باقي قطاعات الاقتصاد الوطني الامر الذي يحتم انجرار الاقتصاد الوطني نحو التكاسل وكذلك يؤدي من ناحية اخرى الى رفع قيمة العملية الوطنية مما يؤدي الى رفع اسعار المنتجات الوطنية وافتقادها الميزة التنافسية في الاسواق الدولية ، لذلك يتحول القطاع (الريعي)   النفطي الى المساهم الاكبر في الناتج المحلي الاجمالي ويشكل نسبة كبيرة تتجاوز في بعض الدول 90% من الايرادات العامة ، الامر الذي ينسحب بشكل اوتوماتيكي على عملية اعداد الموازنة ، اذ انها تتحول الى آلية احتواء تلقائي سلبي فهي تستوعب اي حجم من الاموال وبشكل عشوائي ولا يخفى  ان ذلك ينسحب على طريقة الانفاق العام للدولة ويشجع نوازع الهدر والتبذير والاسراف والفساد الاداري والمالي ، ومن حيثيات الواقع الاقتصادي يشكل خسارة فادحة ويناقض هدف التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية النادرة ، وكذلك يناقض ضياع الفرصة التاريخية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية . 
ومن اجل بناء انموذج عراقي يتعامل وفق معطيات العصر الحديث ويستفيد من العوائد المالية الريعية للنفط والغاز ويتخلص من آثار المرض الهـولندي وعقدة الاحادية الاقتصادية وينطلق الى فضاء التنوع الانتاجي معززاً بذلك ناتجه المحلي الاجمالي ، من خلال اعتماد انموذج الموازنة الصفرية وبنائها وفق نظام الأتمتة الذكية ودمجها مع التخطيط الستراتيجي لخطة التنمية الوطنية والستراتيجيات الاخرى مثل استراتيجية التخفيف من الفقر واستراتيجية السكن واستراتيجية التعليم والزراعة ولكي تعمل بشكل متناغم ومتناسق ضمن فرقة واحدة ربما يكون من المناسب تسميتها (المتناسقة الاقتصادية) ومن خلال السيطرة الالكترونية ونظام تأشير الخلل والقصور بشكل مباشر ومن خلال شبكة الانترنت التي ترتبط بها كل دوائر الحكومة (الذكية) وكذلك اعتماد اسلوب البرامج في اعداد الموازنة الصفرية ، التي تستلزم قراءة دقيقة للبرامج المنفذة في السنة المالية السابقة وعندها يتم تحديد البرامج الناجحة ومواصلتها وتأشير البرامج الفاشلة والغاؤها وبذلك يتحقق هدف التخصيص الامثل للموارد الاقتصادية النادرة ، وكذلك يحقق لنا الارتباط بين الموازنة العامة واستراتيجية التنمية الاقتصادية والستراتيجيات الاخرى(الستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر ⁽¹⁾، مبادرة الاسكان ، المبادرة الزراعية ، المبادرة التعليمية ، المبادرة الصناعية وغيرها الكثير بعد تحويلها الى استراتيجيات محددة الأهداف والادوات) ، هدف الارتباط بين وظائف التخصيص والتوزيع والتخطيط والتنفيذ والرقابة (الذكية) بواسطة الاتمتة ويوفر الجهد والوقت والتكاليف وكذلك يجنب البلاد سلبيات اعداد الموازنة العامة في كل عام والتأخير في الاعداد والمصادقة والتنفيذ من خلال تغيير قانون الموازنة العامة وجعل هناك امكانية لإعدادها على مدى مدة الاستراتيجية التنموية ولا يتعارض مع مبدأ سنوية الموازنة كون اعدادها وفق الاسلوب الصفري الذي يتيح امكانية التعديل واضافة المخصصات والإلغاء للبرامج بشكل سنوي ويحقق بذلك هدف الاستقرار الاقتصادي والمالي وعدم تعريض الاقتصاد الوطني الى صدمات في حالة تأخر اقرار الموازنة بشكل سنوي او عدم اقراراها دفعة واحدة وصولاً الى الغاء موازنة سنة 2014 وبالاستعاضة عنها بموازنة نقدية لا موازنة مالية كونها متحققة ولسيت متوقعة والإكتفاء بإعداد بيان للحساب الختامي لسنة 2014 .    

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ الستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر ، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، اللجنة العليا لسياسات التخفيف من الفقر ، بغداد ، 2009م .