المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



بعد عودة محمد عبده من المنفى  
  
718   02:02 صباحاً   التاريخ: 15-12-2019
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : في الأدب الحديث
الجزء والصفحة : ص:294-295ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 988
التاريخ: 1-10-2019 1074
التاريخ: 15-12-2019 1690
التاريخ: 24-03-2015 2489


عاد محمد عبده إلى مصر, فوجد الأمور قد تغيَّرَت, وصار الحل والعقد بيد الإنجليز، ولم يعد الخديو صاحب الأمر والنهي كما كان من قبل، ورأى لزامًا عليه وهو المصلح ذو المشروعات الحية في النهوض بالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية أن يعتمد على سلطةٍ تؤيده وتهيئ له الاستمرار في إصلاحاته، فسالم الخديو -على الرغم منه- واستعان بالإنجليز على الإصلاح المنشود، ولا تعجب بعد هذا إذا صار جمال الدين حانقًا عليه, ويرى فيه الرجل الذي تنكَّر لمبادئه ومَدَّ يده لأعدائه يهادنهم ويسالمهم, ورث محمد عبده من جمال الدين آراءه الإصلاحية الاجتماعية، وورث عبد الله نديم وسعد زغلول ومصطفى كامل آراءه السياسية.
 

(1/294)

وقد ظل محمد عبده متمسكًا بسياسة التقرب من الإنجليز والاستعانة بهم حتى آخر حياته، وكان هذا مثار الطعن فيه والغض من شأنه، ولكنه كان يصدر فيه عن عقيدة وجرأة، فقد استُفْتِيَ مرةً في الاستعانة بالأجانب فكان من فتواه "قد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة المسلمين" ونسي قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} .
وأمل محمد عبده بعد عودته أن يرجع إلى التدريس بدار العلوم ويتصل بالنشء، ويربي طائفة من الشباب يعدهم للغد، يحملون بعده راية الإصلاح؛ ولكن أبى عليه توفيق ذلك(1)، وعُيِّنَ قاضيًا أهليًّا، ثم مستشارًا في محكمة الاستئناف، ووجد نفسه في بيئةٍ غريبةٍ عنه, تدل بمعرفتها للغة الفرنسية والقوانين الأجنبية, فدفعته نفسه الطموح إلى أن يكمل هذا النقص، وبدأ يتعلم الفرنسية(2) وهو في سن الأربعين أو ما قاربها، وقد استطاع بعد مدة أن يتقنها, وترجم منها كتاب التربية لسبنسر بعد أن نقل من الإنجليزية إلى الفرنسية، وروى لطفي السيد أن محمد عبده هو الذي كان يجلو لإخوانه المصريين ما غمض عن عبارات الفيلسوف "تين" في كتابه المشهور عن "الذهن".
وقد رأى الأستاذ الإمام فائدة تعلم اللغة الأجنبية ولمسها, وفي ذلك يقول: "ثم إن الذي زادني تعلقًا بتعلم لغة أوربية هو أني وجدت أنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنه على شيء من العلم يتمكن به من خدمة أمته، ويقتدر به على الدفاع عن مصالحها كما ينبغي, إلّا إذا كان يعرف لغة أوربية, كيف لا! وقد أصبحت مصالح المسلمين مشتبكة مع مصالح الأوربيين في جميع أقطار الأرض، وهل يمكن مع ذلك لمن لا يعرف لغتهم أن يشتغل للاستفادة من خيرهم, أو للخلاص من شر الشرار منهم؟ "

(1/295)

واشتهر محمد عبده بعدله في القضاء، ونظره إلى روح القانون، وعدم تقيده بالقالب والألفاظ، وقد ساعدته دراسته للشريعة الإسلامية في هذا كل المساعدة .
 

 

__________
(1) المنار ج8 ص467, وتاريخ الأستاذ الإمام ج3 ص242.
(2) روى أن المعلم أتى له بكتابٍ في قواعد اللغة الفرنسية فقال له: ليس عندي وقت لأن أبتدئ، وإنما عندي وقت لأن أنتهي": قال ناول المعلم كتاب "لألكسندر ديوما" وقال له: أنا أقرأ وأنت تصلح لي النطق وتفسر لي الكلام, وما عدا ذلك فهو عليّ، والنحو يأتي في أثناء العمل, وهكذا أتممت الكتاب، وكتابًا بعده وثالثًا عقبه، وكنت أطالع وحدي بصوتٍ مرتفعٍ كلما وجدت نفسي في بيتي خاليًا, فتعلمت مبادئ اللغة الفرنسية، وحصلت منها ما يمكنني من القراءة والفهم, ولكن ما كنت أستطيع الكلام".

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.